الحلقة السادسة صلي صح 2024.

خليجية

السجود الأول

ثم بعد هذا الحمد والثناء والاعتدال والطمأنينة بعد الركوع ينحط ساجدا قائلا : الله أكبر من دون رفع اليدين لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم عدم الرفع في هذا المقام
فيسجد على أعضائه السبعة جبهته وأنفه هذا عضو وكفيه وعلى ركبتيه وعلى أصابع رجليه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة وأشار بيده على أنفه واليدين والركبتين وأطراف القدمين)) رواه البخاري في ( الأذان ) برقم ( 770 ) ، ومسلم في ( الصلاة ) برقم ( 758 ).

خليجية

هذا هو المشروع وهو الواجب على الرجال والنساء جميعا أن يسجدوا على هذه الأعضاء السبعة الجبهة والأنف هذا عضو واليدين
ويمد أطراف أصابعه إلى القبلة ضاما بعضهما إلى بعض
والركبتين وأطراف القدمين يعني على أصابع القدمين باسطا الأصابع على الأرض معتمدا عليها وأطرافها إلى القبلة هكذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم .
خليجية

[COLOR=Navy] والأفضل أن يقدم ركبتيه قبل يديه عند انحطاطه للسجود[/COLR] هذا هو الأفضل ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يقدم يديه ولكن الأرجح أن يقدم ركبتيه ثم يديه لأن هذا ثبت من حديث وائل بن حجر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وجاء في حديث آخر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((لا يبرك أحدكم كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه)) رواه الإمام أحمد في ( باقي مسند المكثرين من الصحابة ) برقم ( 8598 ) ، وأبو داود في ( الصلاة ) برقم ( 714 ) .
فأشكل هذا على كثير من أهل العلم فقال بعضهم يضع يديه قبل ركبتيه وقال آخرون بل يضع ركبتيه قبل يديه ، وهذا هو الذي يخالف بروك البعير لأن بروك البعير يبدأ بيديه فإذا برك المؤمن على ركبتيه فقد خالف البعير وهذا هو الموافق لحديث وائل بن حجر وهذا هو الصواب أن يسجد على ركبتيه أولا ثم يضع يديه على الأرض ثم يضع جبهته أيضا على الأرض هذا هو المشروع فإذا رفع رفع وجهه أولا ثم يديه ثم ينهض هذا هو المشروع الذي جاءت به السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الجمع بين الحديثين ،
وأما قوله في حديث أبي هريرة : ((وليضع يديه قبل ركبتيه)) فالظاهر والله أعلم أنه انقلاب كما ذكر ذلك ابن القيم رحمه الله إنما الصواب أن يضع ركبتيه قبل يديه حتى يوافق آخر الحديث أوله وحتى يتفق مع حديث وائل بن حجر وما جاء في معناه ،
خليجية

وفي هذا السجود يقول سبحان ربي الأعلى ويكررها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك ، ولكن إذا كان إماما فإنه يراعي المأمومين حتى لا يشق عليهم أما المنفرد فلا يضره لو أطال بعض الشيء وكذلك المأموم تابع لإمامه يسبح ويدعو ربه في السجود حتى يرفع إمامه ، والسنة للإما والمأموم والمنفرد الدعاء في السجود ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم)) رواه مسلم في الصلاة برقم ( 738 ) ، وأبو داود في ( الصلاة ) برقم ( 742 ) .
أي حري أن يستجاب لكم ، وجاء في الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا))رواه مسلم في ( الصلاة ) برقم ( 738 ). فالقرآن لا يقرأ لا في الركوع ولا في السجود ، إنما القراءة في حال القيام في حق من قدر ، وفي حال القعود في حق من عجز عن القيام يقرأ وهو قاعد أما الركوع والسجود فليس فيهما قراءة وإنما فيهما تسبيح للرب وتعظيمه وفي السجود زيادة على ذلك وهو الدعاء فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في سجوده فيقول : ((اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره)) رواه مسلم في ( الصلاة ) برقم ( 745 ) ، وأبو داود في ( الصلاة ) برقم ( 744 ) .
خليجية

فيدعو بهذا الدعاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو به كما رواه مسلم في صحيحه ، وثبت في صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول ((أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه مسلم في ( الصلاة ) برقم ( 744 ) وأحمد في ( باقي مسند المكثرين ) برقم ( 9083 ).
وهذا يدلنا على شرعية كثرة الدعاء في السجود من الإمام والمأموم والمنفرد ويدعو كل منهم في سجوده مع التسبيح أي مع قوله : سبحان ربي الأعلى ومع قوله : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي؛ لما سبق في حديث عائشة رضي الله عنها عند الشيخين البخاري ومسلم رحمة الله عليهما قالت : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)رواه البخاري في ( الأذان ) برقم ( 752 و 775 ) وفي ( المغازي ) برقم ( 3955 ) ورواه مسلم في ( الصلاة) برقم ( 746 ).
خليجية

ويشرع في السجود مع العناية بالدعاء بالمهمات في أمر الدنيا والآخرة ولا حرج أن يدعو لدنياه كأن يقول : اللهم ارزقني زوجة صالحة أو تقول المرأة اللهم ارزقني زوجا صالحا أو ذرية طيبة أو مالا حلالا أو ما أشبه ذلك من حاجات الدنيا ويدعو بما يتعلق بالآخرة وهو الأكثر والأهم كأن يقول : اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره اللهم أصلح قلبي وعملي وارزقني الفقه في دينك اللهم إني أسألك الهدى والسداد ، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم اغفر لي ولوالدي وللمسلمين اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار ، وما أشبه هذا الدعاء ، ويكثر في سجوده من الدعاء ولكن بغير إطالة تشق على المأمومين فيراعيهم إذا كان إماما ويقول مع ذلك في سجوده : سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي ، كما تقدم مرتين أو ثلاثا كما فعله المصطفى عليه الصلاة والسلام .
خليجية

الجلوس بين السجدتين
ثم يرفع من السجدة قائلا الله أكبر ويجلس مفترشا يسراه ناصبا يمناه ويضع يده اليمنى على فخذه اليمنى أو على الركبة باسط الأصابع على ركبته ويضع يده اليسرى على فخذه اليسرى أو على ركبته اليسرى ويبسط أصابعه عليها هكذا السنة
ويقول رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، رب اغفر لي ، كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقوله ، ويستحب أن يقول مع هذا : اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني ، لثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم ، وإذا قال زيادة فلا بأس كأن يقول اللهم اغفر لي ولوالدي اللهم أدخلني الجنة وأنجني من النار اللهم أصلح قلبي وعملي ونحو ذلك ، ولكن يكثر من الدعاء بالمغفرة فيما بين السجدتين كما ورد عن النبي .

خليجية

رواية انت لي كاملة من البداية حتى النهاية,الحلقة 8 2024.

انت لي : الحلقة الثامنة

ذات يوم …
و فيما كنا أنا و نديم و بعض شركاء الزنزانة نسلي أنفسنا باللعب بالحصى ، و هي لعبة سخيفة اخترعناها من أجل قطع الوقت الذي لا ينتهي ، و كنا نسر أو نتظاهر بالسرور أو نقنع أنفسنا به ، فتح الباب و دخل مجموعة من العساكر .

توقفنا جميعا عن اللعب ، و انسابت أنظارنا نحوهم . لم نكن نشعر بأي طمأنينة لدى دخول إي منهم … فمجيئهم ينذر بالشر و الخطر

بدأ العساكر يجولون بأبصارهم فيما بيننا بازدراء و تقزز . ثم تقدم أوسطهم خطوة للأمام و قال :

" نديم وجيه "

و جعل ينقل بصره من واحد لآخر …

نديم أجاب بعد برهة :

" أنا "

استدار العسكري إلى رفاقه و أومأ إليهم

تقدّم اثنان منهم و أقبلا نحو نديم … و قالا بحدة :

" انهض "

نهض نديم ببرود ، فإذا بهما يطبقان عليه بشراسة و يقودانه نحو الباب …
نديم سار معهما دون مقاومة ، فيما كانت أفئدتنا وجلة متوقعة شرا .
لم ينبس أحدنا ببنت شفة ، و بقينا في صمت رهيب و نحن نراقب نديم بقلق ، فيستدير هذا الأخير ليلقي علينا نظرة و يبتسم …
خرج العساكر بنديم و أقفلوا الباب و بقينا في صمت فظيع لبضع دقائق …
كنت أنا أول من أصدر صوتا اخترق جدار الصمت الموحش حين قلت :

" إلى أين أخذوه ؟ "

هز البقية رؤوسهم في حيرة و تساؤل …

مضت ساعتان أو أكثر و نحن في هدوء و قلق … في انتظار عودة نديم و بدا أنه لن يعود ..
بدأت أذرع الزنزانة ذهابا و جيئة و أنا أدعو الله ألا يكون نديم قد أعدم …
و بينما أنا كذلك ، إذا بالباب يفتح مجددا ، و يدخل اثنان من العساكر يحملان نديم و يلقيان به أرضا ، ثم ينصرفان …

أقبلنا بسرعة نحو نديم فإذا بالدماء تلطخ جسمه و ملابسه…
و إذا بالجروح و الكدمات الملتهبة تغطي جسده …

" نديم ! ماذا فعلوا بك ؟؟ "

صرخت في ذعر و أنا أرفع رأسه و أسنده على ركبتي …
لم يكن نديم بقادر على الكلام من شدة الإعياء
و كان جليا لنا أنه تعرض لتعذيب شديد …
تناوبنا جميعا في العناية به حتى بدأت الحياة تجري في عروقه .
أخبرنا فيما بعد بأنهم أوسعوه ضربا من أجل الإدلاء بمعلومات لا علم له بها …
و أنهم في طريقهم لإعدامه حتما

في اليوم التالي ، حضر العساكر أيضا ، و ما أن دخلوا السجن حتى ارتعشت قلوبنا جميعا و اشرأبت أعناقنا و تعلقت أبصارنا بهم في حالة لا توصف من الذعر
في تلك اللحظة كنت أجلس جوار نديم أنظف بعض جروحه و بلا شعور مني أمسكت بذراعه بقوة خشية أن يأخذوه …

هتف أحدهم :

" معتز أنور "

انتفضنا جميعا ، و كان معتز ، و هو أحد زملاء الزنزانة ، و أحد مجرمي السياسة، أكثرنا انتفاضا و ذعرا

صرخ معتز بفزع :

" لا "

و تقدم العساكر نحوه ، و هو يتراجع للوراء و يداه ترتجفان و العرق يغرق جسمه الهزيل …
تقدم العساكر بلا رحمة و أمسكوا به و هو يصرخ و يقاوم في عجز ، و قادوه خارجا .
و ما هي إلا ساعة و نصف الساعة ، حتى أعيد إلينا بحالة سيئة ، مليئا بالجروح و الكسور أيضا .

أصبحنا نعيش حالة مستمرة من الخوف الشديد ، و لم يستطع أحدنا النوم بعدها . و أصبحنا لمجرد سماعنا لأي صوت يصدر من ناحية الباب ، يركبنا الفزع المهول

و جاء اليوم التالي ، و جاء العساكر مجددا …
كنا جميعا متكومين قرب بعضنا البعض ، و أعيننا محدقة بهم ، و كل منا في خشية من أن يكون التالي …

" وليد شاكر "

عندما نطق باسمي صعقت ، بل و صعق جميع من معي …
أخذ قلبي يخفق بعنف ، و أنا أراقب العساكر يتقدمون نحوي خطوة خطوة

صرخت :

" لكنني لست على علاقة بالسياسة "

لم أكد أنهي جملتي إلا و العساكر قد أمسكوا بي …
حاولت سحب يدي من بين أيدهم بكل ما استطاعت عضلاتي إمدادي به القوة …
و فشلت …

" أنا هنا لجريمة قتل … لا شأن لي بالسياسة "

حاولت مستميتا التخلص منهم و مقاومتهم دون جدوى
قادوني عنوة نحو الباب و لم يستطع أحد زملائي النطق بكلمة واحدة
و أنا أسحب إلى الخارج نظرت إلى نديم و قلت :

" ماذا سيفعلون بي ؟ ما الذي فعلته أنا ؟ "

نديم أغمض عينيه بقوة ، في أسف و ألم و كأنه يقول : أرثي لك ، ويل لك مما ستلقى …

و لقيت ، ما لم ألقه في حياتي مطلقا …

لقيت…

أصنافا من العذاب التي أتوجع و أتلوّى من مجرد ذكرها …
عذابا … ينسي المرء اسمه و جنسه
تمنيت ساعتها ، لو أن أمي لم تلدني
لو أنني قتلت نفسي يوم قتلت عمّار
لو أن الله خلقني بلا أعصاب و إحساس …
و لا قلب …
و لو أن الدنيا خلت من اسم العذاب
و اسم السجون
و حتى من اسم رغد …

الأوقات الوحيدة في حياتي كلها ، التي تمنيت فيها لو أن رغد لم تكن … و لم توجد …

أصبت بكسر في أنفي جعل شكله يتغير و تظهر انحناءة صغيرة أعلاه .

بقيت ممدا على سريري بلا حراك ليومين ، كان فيها من بقى من زملائي سالما يعتني بي ، و بنديم و معتز ، و اثنين آخرين …

بعدها بأيام ، علمنا من الحارس أن اسمي قد أدرج خطأ ضمن قائمة المجرمين السياسيين !
مجرد خطأ … !

كان ذلك بعد عدة أشهر من زيارة سيف الأولى و قبل أشهر أخرى من زيارته التالية و التي ابتدأها بقول :

" وليد ! ماذا فعلت بأنفك !؟ "

سردت على سيف ما حصل ، و وعدني بان يتم ذكر هذا في ملفي .
عندما سألته عما جد في موضوعي أخبرني بأن والده لا يزال يدرس الأمر ، و لدى سؤالي عن أهلي قال :

" اختفوا ! "

زاد ذلك ضيقي و إحباطي الشديدين و قضى على بقايا الأمل بالخروج من هذا المكان …
بدأت أؤمن بأنهم قد قتلوا جميعا في الحرب … و إن كان الأمر كذلك ، فإنني لا أرغب في الخروج …
بل أرغب في الموت ….
أحقا لم يعد لأهلي أي وجود ؟؟
أماتوا ؟
أم تخلوا عني ؟
أم ماذا ؟؟
و رغد ؟؟
ماذا حل برغد ؟؟

في تلك الليلة ، رأيت كابوسا أفزعني …

رغد و سامر يلهوان بالدراجة الهوائية ، ثم يهويان في حفرة مليئة بالجمر المتقد
ثم تشتعل النيران و تكبر ، و تحرق منزلنا …
و آتي صارخا أحاول إخراج رغد من الحفرة …
و أمد يدي فإذا بي أخرج حزاما طويلا تأكله النيران …
و أقرب وجهي من الحفرة ، فإذا بي أرى وجه عمّار في الداخل ، يبتسم ثم يقهقه
و أسمع صراخا يدوي السماء
صراخ رغد …

" و ليـــــــــد … أنا خائفة … تعال "

أفقت من نومي مذعورا ، و العرق يبلل ملابسي و فراشي ، كما تبلل الدموع وجهي المفزوع …

كنت أرتجف ، و أتنفس بصعوبة بالغة … و بلا إدراك اهتف

" رغد … رغد "

صديقي نديم أقبل نحوي و أخذ يهدئني و يطمئنني …

" هوّن عليك يا وليد … لم يكن إلا كابوسا "

لم أشعر بنفسي و أنا ارتمي على صدر نديم و أبكي بقوة و أهذي …

" أريد العودة لأهلي … دعوني أراهم و لو مرة واحدة ثم اقتلوني … لا أريد الموت قبل ذلك … أريد أن أحقق أحلامي …
أريد أن أكمل دراستي …
أريد العودة إلى رغد …
كان يجب أن أقتله …
انتظريني يا رغد فأنا قادم … "

و نهضت كالمجنون … و توجهت نحو الباب و أخذت أضربه بعنف و أصرخ :

" أخرجوني من هنا … أخرجوني من هنا أيها الأوغاد "

لحق بي نديم ليمنعني من إثارة مشكلة ألا أنني أبعدته عني بركلة قوية من رجلي … و ظللت أركل الباب بشدة و أنا مستمر في الصراخ …

حضر مجموعة من الحراس و فتحوا الباب ، ثم انهالوا علي ضربا بعصيهم حتى شلوا حركتي … و انصرفوا …
لم يجرؤ أحد السجناء على فعل شيء حتى لا يلقى ذات المصير
و منع عني الطعام في اليوم التالي
تدهورت صحتي الجسدية و النفسية بشدة بعد تلك الليلة ، و قضيت عدة أسابيع طريح الفراش …
و ربما هذا ما منع العساكر من تطبيق نظام التعذيب اليومي على جسدي …
إلا إن أدركوا أنهم كانوا مخطئين !
جسدي ، و الذي كان ضخما و قويا ، تحول إلى عظام متراكمة فوق بعضها البعض
بلا حول و لا قوة …

بعد فترة وجيزة ، صدر قرار يمنع زيارة السجناء ، و لم يعد سيف للظهور مجددا

و انتهى أملي الوهمي بالخروج من هنا ….

و استسلمت أخيرا لحياة السجون ….

حاولت أن أصف لكم بعض الذي قاسيته في ذلك السجن الذي قضيت فيه فترة شبابي اليافع … و التي ضاعت سدا …
فترة جافة قاسية أكسبتني جفافا و خشونة لم أولد بهما و لم أتربى عليهما
و غيرت في بعض طباعي ، و بدأت أدخن السجائر
كان الحارس يتصدق علينا بسيجارة واحدة ، ندور بها فيما بين شفاهنا جميعا …
و تقتسم همومنا و نقتسم سمومها ….

و مر عام آخر …
و أكثر …
ألمّ المرض بصديقي نديم من جراء التعذيب المستمر …
كان على فراشه ، و كنت اعتني بجروحه و إصاباته التي لم شملت حتى أطراف أصابعه …

" وليد .. "

" نعم يا عزيزي ؟ "

" يجب أن تخرج من هنا … "

قال نديم ذلك ثم رفع يده و مسح على رأسي ، ثم وضعها فوق كتفي .

" يجب أن تخرج من هنا يا وليد و إلا لقيت حتفك "

" إنني هالك لا محالة … لا جدوى و لا أجمل … "

" افعل شيئا يا وليد و غادر هذا المكان … إنك لا زلت شابا صغيرا … "

كنت الأصغر سنا بين الجميع ، و أكثرهم تذمرا و شكوى ، و بكاءا ، إلا أنني هدأت و استسلمت لما فرضته الأقدار علي … و لم يعد الأمر يفرق معي …
ابتسمت ابتسامة استهتار و سخرية ، و يأس …
نديم كان ينظر إلي بعين عطف شديد و محبة أخوية … قال :

" اسمعني يا وليد …
لدي مزرعة في المدينة الشمالية ، حيث كنت أعيش مع ابنتي و زوجتي … متى ما خرجت من هنا … فاذهب إليهما و أخبرهما بأنني كنت أفتقدتهما كثيرا و أنني بقيت على أمل العودة إليهما دون يأس لآخر لحظة في حياتي … "

" نديم … "

قاطعني قائلا :

" لا تنس ذلك يا وليد … و إن احتاجتا مساعدة منك … فأرجوك … ابذل ما باستطاعتك "

أقلقتني الطريقة التي كان نديم يتحدث بها ، هززت رأسي و قلت :

" لماذا تقول ذلك يا نديم …؟ "

و انتظرت أن يجيب

لكنه لم يجب …

و تحركت يده الممدودة على كتفي ، ثم هوت للأسفل … و ارتطمت بالفراش … و سكنت سكون الموت …

إنا لله … و إنا إليه راجعون ….

بعد سنتين من ذلك …
و في أحد الأيام …
و فيما أنا مضطجع على سريري بكسل و عدم إكتراث ، أدخن بقايا السيجارة بلا مبالاة ، و انظر إلى السقف و أرى الحشرات تتجول دون أن يثير ذلك أي اهتمام لدي …
إذا بالباب يفتح ، ثم يدخل بعض الضباط
معظم زملائي وقفوا في قلق …
أما أنا ، فلم أحرك ساكنا … و بقيت أراقب سحابة الدخان التي نفثتها من صدري ترتفع للأعلى … و تتلاشى …

" وليد شاكر "

هتف أحد الضباط …
فقمت بتململ و التفت إليه ببرود
لم يعد يهمني إن كان لدي أي درس جديد في الضرب أو غيره …

عاد الضابط يهتف بحدّة :

" وليد شاكر "

نهضت عن فراشي و وقفت ازاء الضباط و أجبت بضجر :
" نعم ؟ "
و أقبل بعضهم نحوي ، فرميت بالسيجارة أرضا و سحقتها باستسلام …
أمسكوا بي و قادوني نحو الباب ، فسرت بخضوع تام …
عندما صرت أمام الضابط الذي ناداني ، رمقني بنظرة احتقار شديدة
و هي نظرة قد اعتدت عليها و لم تعد تؤثر بشعوري …

قال :

" وليد شاكر ؟ "
أجبت :
" نعم أنا ، و لا علاقة لي بالسياسة ، أرجو أن تتاكد من ذلك جيدا "
رفع الضابط يده و صفعني على وجهي صفعة قوية كادت تكسر فكي …

ثم قال :

" هذه تذكار "

التفت إلى زملائي و عيني تقدح بالشر ، و قابلتني نظراتهم بالتحذير …
فكتمت ما في صدري ، ثم قلت :

" ثم ماذا ؟ "

ابتسم الضابط ابتسامة خبيثة دنيئة ، ثم قال :

" لاشيء ! فقط … أفرجنا عنك "

رووووووووووووووعه

الحلقة الاولى من كتاب اصنعيها بنفسك للعناية 2024.

تستخدم معظم الوصفات المشار اليها فى هذه الحلقات واحدة من طرق الاستخلاص التالية:-

اولا النقع:
1-توضع حفنة من العشب الطازج او 25جم من العشب الجاف فى وعاء.

2-يسخن3/4 (ثلاثة ارباع)من ماء مقطر حتى الغليان.

3-يصب الماء المغلى فورا على العشب ثم التغطية يستمر النقع لمدة 30 دقيقة.

4-يصفى و يخزن فى الثلاجة لمدة 3 ايام.

ثانيا الاستخلاص بالغلى:
1-يوضع 25جم من العشب فى وعاء (غير مصنوع من النحاس او الالومنيوم).

2-يضاف 570سم مكعب ماء مقطر ثم التسخين حتى الغليان.

3-يترك على نار هادئة ليغلى لمدة 30 دقيقة اذا لاحظت تبخر اكثر من نصف كمية الماء تضاف كمية اضافية من الماء المقطر حتى يصل الى نصف الكمية وهى(275 سم مكعب).

4-التبريد ثم التصفية و يعبأ فى زجاجة و يحفظ فى الثلاجة و يستخدم فى غضون ايام.

ثالثا الانحلال بالنقع:
تستخدم هذه الطريقة مع الاعشاب التى يخشى ان تفقد جزءا من قيمتها اثناء التسخين.

1- يملأ برطمان بالعشب المفرى الطازج ثم يغطى بزيت نباتى او كحول نقى ثم غلق البرطمان باحكام و يحفظ فى مكان هادئ مظلل لمدة اسبوعين مع رج البرطمان يوميا.

2-التصفية ثم اضافة كمية اخرى من العشب المفرى و تكرر العملية حيث يكتسب السائل رائحة العشب ثم التصفية و التخزين لحين الاستخدام.

رابعا الهرس:
تسحق و تهرس الياف و بذور العسب و يستخدم لتنفيذ هذه العملية الخلاط الكهربى.

كريمات و لوسيونات الجلد .

تعتمد معظم كريمات الجلد على مجموعة من الشموع المنصهرة و لزيوت و ماء الزهور المختلفة و يجب ان تكون درجة حرارة كل هذه المكونات متماثلة عند التفكير فى خلطها .

تصهر جميع الشموع معا فى درجة حرارة هادئة و تدفأ الزيوت ثم تخلط مع الشموع .

واخيرا ينقط ماء الزهور تدريجيا و ببطء ثم يترك الخليط ليبرد.

يمكن حساب نسبة مكونات الكريمات بسهولة.لكى تحصلى على كريم صلب تضاف كميات اكبر من شمع النحل و للحصول على كريم طرى تضاف كميات اكبر من الزيوت.

انواع الكريمات .

اولا: كريمات التنظيف:

كريمات التنظيف اكثر كفاءة عن الصابون فى التنظيف حيث يتم التخلص من الاوساخ الثقيلة و اثار المكياج القديم عندما يدلك الجلد بكريم التنظيف.

ثانيا:كريم مقوى:

وهو كريم مفيد فى انعاش الجلد و يشد المسام.

ثالثا:كريم الترطيب:

بعد تنظيف الجلد و تقويته يصبح الخلد جاهزا لتغطيته بغشاء رقيق من كريم الترطيب للحماية و للاحتفاظ برطوبة الجلد الطبيعية.

و تابعوا باقى الحلقات اكيد هتفيدكو انا كل يوم هنزل حلقة و لاقيت اعجاب هنزل اكثر شجعونى:a5bdf2b232::a5bdf2b232: :a5bdf2b232::a5bdf2b232:

خليجية
شكرا لمرورك العطر
انا اسفة يا بنات مش هقدر انزل الحلقة الثانية قريبا لان النت هيفصل انا متاسفة بس انتظرونى الكتاب مليان وصفات روعة

انت لي كامله الحلقة العشرون الجزء الثاني 2024.

انت لي : الحلقة 20 الجزء الثاني

وصلنا إلى المزرعة و طلب مني العجوز أن أوقف السيارة في الداخل ، إمام المنزل مباشرة
قام الاثنان بمساعدة السيدة على السير حتى دخلوا المنزل ، و أنا واقف أراقب إلى جانب سيارتي … بعد قليل حضر العجوز و ناداني :
" تفضل بالدخول يا … ما قلت اسمك ؟ "
" وليد … وليد شاكر أيها العم "
" تفضل يا وليد شاكر "

ترددت قليلا ، إلا أنني آثرت البقاء معهم لبعض الوقت ، إذ لابد أنهم يودون معرفة شيء من تفاصيل موت نديم ، رحمه الله
المنزل كان صغيرا و بسيطا ، و أثاثه عادي و قديم ، ما يعطي الزائر انطباعا عن المستوى المادي البسيط الذي تعيش به هذه العائلة الصغيرة .
أخذني العجوز إلى الصالة الرئيسية في المنزل ، و بعد أن جلست بدأ يرحب بي …

" أهلا بك … نحن شاكرون لك صنيعك النبيل "
قلت :
" لا داعي لأي شكر أيها العم ، لم أفعل شيئا "
قال :
" و كيف تشعر الآن ؟؟ هل تحسنت ؟؟ "
" كثيرا و لله الحمد ، كل ما في الأمر أنني قضيت ساعات طويلة بلا نوم و لا طعام لذا داهمني الدوار و الإعياء ! "

قال :
" نعم أجل … الطعام "

و نهض و ذهب إلى غرفة مجاورة ، و عاد مع الفتاة …
الفتاة ألقت تحية علي ، و نطقت ببعض كلمات الترحيب ، ثم استأذنت …
و أخذنا أنا و العجوز نتحدث عن أمور متفرقة ، أتى ذكر نديم و مأساة وفاته في معرضها …

" لقد كنا نتوقع ذلك ، فجميع من سجنوا معه بلغتنا أنباء وفاتهم ، كل هذه السنين و نحن لسنا على يقين من حياته أو موته … ليندا لم تفقد الأمل في عودته ذات يوم "

كم شعرت بالأسى … لأجل هذه العائلة البائسة … التي عاشت محرومة من معيلها كل تلك السنين ، و بعد كل هذا الانتظار تكتشف أنه مات !
كيف يفعلون هذا ؟؟ يسجنونه و يعذبونه و يقتلونه ، ثم لا يخبرون أهله بأنه مات ؟؟
قلت :
" يوم وفاته … طلب مني نديم أن أزور عائلته و أطمئن على أحوال أهله … كان ذلك قبل سنين … أربع تقريبا … إلا أنني … "
العجوز كان يراقبني باهتمام شعرت معه بالخجل ، و برغبة في الاختفاء في الحال !
قال :
" هانحن نعيش حياتنا و الحمد لله .. أدعوه أن يحفظ لي صحتي و قوتي لأرعى أختي و ابنتها "

و هنا دخلت ( ابنتها ) تحمل صينية ملأى بالطعام …
وضعت الصينية على الطاولة الماثلة أمامي و عادت ترحب بي … ثم قالت :
" تفضل يا سيد وليد "
و انصرفت
شعرتُ بالخجل … فأنا وسط عائلة غريبة علي … أناس لم يسبق لي رؤيتهم قبل اليوم … و هم على ما يبدو كرماء !

" تفضل يا بني … طعام خفيف لحين موعد العشاء "

دهشت ! قلت :
" العشاء !؟ "
" نعم .. فأنت ستتناول عشاءك معنا هذه الليلة "
" أوه كلا … إنني … إنني سأنصرف بعد قليل "

و أصر العجوز على استضافتي ليس فقط على العشاء ، بل و للمبيت عندهم هذه الليلة !
العشاء كان لذيذا جدا ، علمت أن الفتاة هي التي أعدته ! كما علمت أن حالة السيدة قد تحسنت كثيرا ، و لذا فإنها و ابنتها كذلك شاركتانا الجلسة و الأحاديث بعد الوجبة .
الثلاثة يبدون متشابهين في المظهر ! جميعهم من السلاسة الشقراء !
السيدة كانت تمطرني بالأسئلة عن نديم و ما حصل معه ، و أنا أحاول الإجابة بالقليل الذي لا يسبب لها انتكاسة ، إلا أنها مع ذلك أخذت تبكي ، و تبعتها ابنتها …
قالت الابنة بانفعال و هي لا تملك منع نفسها عن البكاء :
" أرجوك يا أمي توقفي عن البكاء … كنت تعرفين أنه لن يعود … جميعنا نعلم أنهم و لا شك قتلوه … الظلمة القساة الحقرة … الأوغاد المجرمون … احرقهم يا رب جميعا … انتقم منهم فأنت العزيز ذو الانتقام … و افعل بهم ما فعلوه بنا … و أفظع "

أما أنا فقد كنت أردد دعوتها عليهم في صدري …
يا رب انتقم منهم جميعا …
عاد بي شريط الذكريات إلى سنين السجن … و عذاب السجن … و الزنزانة … و الطعام الرديء … و الأسرّة المهترئة … و الحشرات ! … و الرائحة العفنة … التي اختزنت في ذاكرة أنفي ! أكاد أشمها !
رفعت يدي إلى أنفي كمن يريد منع رائحة كريهة من التسلل إلى تجويف أنفه ، فلامست أصابعي الحفرة الصغيرة التي تركها السجن علامة عليه … شعرت بنار تتأجج في صدري … نار كنت أخالها قد خمدت بعد هذه الشهور التي قضيتها خارج السجن … إلا أنني … و أنا أرى المناحة و البؤس و الدموع المنسكبة من أعين الأرملة و اليتيمة … و أتذكر نديم و هو يحتضر … و الكدمات و الجروح التي كانت تغطي جسمه أكثر من شعيرات جلده … عقدت العزم على ألا تواتيني فرصة للنيل منهم إلا و اقتنصتها …
و من خلال الساعات التي قضيتها في تبادل الأحاديث معهم ، شعرت بقربي لهم و قربهم مني … و كأنني وسط عائلتي ، و كأنني أعرفهن من سنين …
لقد ألفت ُ هذه العائلة و أحببتها في الله !
في اليوم التالي ، و رغم أنني نمت باكرا كما نامت العائلة ، استيقظت قرابة الساعة الحادية عشرة …
كنت قد نمت في غرفة صغيرة في الطابق السفلي للمنزل مفترشا فراشا أرضيا بسيطا و ملتحفا ببطانية ثقيلة .
على الأقل ، وفرت كلفة ليلة واحدة كنت سأبيتها في فندق أو ما شابه …
نهضت و خرجت من الغرفة و أنا أتنحنح …
بعد قليل ، كنت أقف في الصالة الرئيسية وحيدا ، تلفت من حولي فلم أشعر بأي حركة توحي بوجود كائن حي على مقربة مني !
مضيت نحو المخرج ، و خرجت من المنزل راغبا في استنشاق الهواء العليل العابق برائحة الأشجار و الزهور …
كم كان منعشا و باعثا للنشاط !
أخذت أتجول سيرا حول المنزل و في ممرات المزرعة … و أتأمل الجمال الطبيعي من حولي ، و أستمع إلى غناء العصافير و أشاهد استعراضاتها الجميلة في السماء …
المكان كان غاية في الروعة … و أي امرئ يقضي هنا سويعات معدودة ، لا شك أنه سيخرج بنفس مبتهجة و نفسية مرتاحة !
فيما أنا أسير … وجدت السيدة و الفتاة على مقربة …
كانتا ترتديان ملابس سوداء … ربما حدادا على تأكيد موت نديم ، رحمه الله … و كانتا تسحبان صناديق مليئة بالثمار … تجرانها جرا … إلى حيث تقف سيارة حوض زرقاء ، يعلو حوضها الرجل العجوز ،و يقوم بترتيب صناديق الثمار المكشوفة ، التي ترفعها السيدة و الفتاة متعاونتين و تضعانها في الحوض .
تفعلان ذلك ، ثم تعودان لجر المزيد من الصناديق …
اقتربت من السيارة و ألقيت التحية على العجوز المنهمك في ترتيب الصناديق ، و يبدو أنه لم يسمع !
تبعت السيدتين إلى حيث وجدت مجموعة من الصناديق المليئة بالثمار تنتظر دورها للشحن في السيارة …
و هاهما تسيران نحوي و تجر كل واحدة منهما صندوقا جديدا …

" صـ باح الخير "
حييتهما فتركتا الصندوقين و ردتا التحية ، ثم قالت السيدة :
" هل نمت جيدا ؟ أتمنى ألا يكون الفراش قد أتعبك ؟؟ "
قلت :
" على العكس … نمت بعمق … شكرا لكم جميعا "
السيدة قالت مخاطبة ابنتها :
" أروى اذهبي و أعدي الفطور لضيفنا "

الفتاة نظرت إلى الصندوق ثم إلى أمها و قالت :
" حسنا "
و همت بالذهاب …
أنا قلت :
" شكرا لكن لا داعي لذلك … لا أشعر بالجوع الآن "
قالت السيدة :
" بلى ! سيكون فطورك جاهزا خلال دقائق ، و معذرة فأخي مشغول الآن لكن تصرف بحرية "
ثم التفتت إلى الفتاة و قالت :
" هيا أروى "

الفتاة ذهبت في طريقها إلى المنزل … و السيدة تابعت سحب صندوقها …
سرت أنا نحو الصندوق الآخر ، و حملته و نقلته إلى حوض السيارة … فيما هي لا تزال تجر صندوقها !
الآن انتبه العجوز إلي !

" صباح الخير أيها العم "
" أوه ! شاكر … نهضت إذن ! لابد أنك كنت متعبا جدا ! صباح الخير "
وضعت الصندوق في السيارة و قلت :
" كنت ، لكنني الآن بحالة ممتازة و الحمد لله . شكرا لكم . اسمي وليد أيها العم !"

سحب العجوز الصندوق ليصفه بنظام قرب أخوته ثم قال :
" أجل تذكرت ! وليد . سآخذ هذه إلى السوق ، أتفضل انتظاري أو مرافقتي ؟ "
نظرت ناحية السيدة المقبلة تجر الصندوق ، ثم إلى العجوز و قلت :
" أفضل مساعدتكم ! "

ثم بدأت بنقل الصناديق واحدا تلو الآخر … و طلبت من العجوز أن يطلب من السيدة أن ترتاح ، فقد عاشت أزمة قلبية يوم أمس !
أقبلت الفتاة بعد ذلك ، و رأتني أحمل أحد الصناديق … فتعجبت ! ثم قالت :
" طعامك جاهز أيها السيد … تفضل إلى المنزل "
و مضت نحو ما تبقى من الصناديق و جرّت أحدها …
وضعت ما بيدي في حوض السيارة ، و عدت ناحية الصناديق …
كانت الفتاة تجر صندوقها بجهد … قلت :
" دعي الأمر لي سيدتي أستطيع نقلها جميعا وحدي دون عناء "

فتركت صندوقها و تنحت جانبا ، فحملته و نقلته إلى السيارة ، و سارت هي من بعدي حتى صارت واقفة إلى جوار والدتها …
انتهيت من مهمتي ، فشكرني الجميع ثم قالت السيدة الأم :
" لقد برد فطورك ! أرجوك تفضل لتناوله "

شعرت بالخجل ، و نظرت نحو الأرض بحياء ، فنادت السيدة على العجوز
" إلياس … تعال لتكرم ضيفنا ! "

نزل العجوز أرضا ، و رافقنا نحو المنزل …
هناك جلست عند المائدة أتناول فطوري الشهي ، و إلى جانبي العجوز يشرب الشاي ، بينما السيدة و ابنتها تراقباننا عن بعد و تتابعان أحاديثنا !

في معرض الحديث ، قال العجوز :
" ليتني أعود لمثل شبابك و قوتك ! اخبرني … ماذا تعمل ؟؟ "
توقفت عن مضغ اللقمة الموجودة في فمي ، و ابتلعتها كما هي !
قلت :
" في الواقع أيها العم الطيب … أنا عاطل عن العمل ! "
دهش العجوز ، فأخبرته بأن تخرجي من السجن حال دون قبولي في الوظائف التي حاولت الالتحاق بها ، و أخبرته إنني هنا في المدينة الشمالية للبحث عن عمل …
قال :
" شبّان هذه الأيام يحبون الوظائف المكتبية و الإدارية التي لا تتطلب منهم سوى الجلوس و تقليب الأوراق ! سيصعب عليك العثور على وظيفة كهذه في هذه المدينة ! "
قلت :
" سأجرب ! فإن فشلت ، عدت ُ من حيث أتيت ! "
قال :
" إذن … ما هي خطتك الآن ؟؟ "
قلت :
" سأذهب إلى قلب المدينة ، استأجر شقة صغيرة ، و أبحث عن وظيفة … عسى الله أن يوفقني هذه المرة "
بعد ذلك رافقت العجوز إلى السوق ، حيث قام ببيع الثمار على أحد تجار الخضار و الفاكهة ، ثم عدنا إلى المزرعة ….
حينما وصلت ، و فيما أنا في طريقي إلى سيارتي ، لمحت السيدتين واقفتين عند الأشجار ، تقطفان الثمار و تجمعانها في السلات و الصناديق …
نظرت إلى العجوز السائر جواري و قلت :
" ألا يساعدكم أحد في العناية بهذه المزرعة ؟؟ "
قال :
" كلا ! نحن الثلاثة من يعتني بها ، لكننا نستأجر بعض العمال لقطف الثمار أو التنظيف أو ما إلى ذلك من حين لآخر ! "
يا للحياة الشاقة التي تعيشها هذه العائلة !
لو تعلم يا نديم … !
قلت :
" دعوني أساعدكم قبل المغادرة ! "
و بدأت العمل !
قطفنا كميات كبيرة من الثمار ، و وزعناها على الصناديق ، و تركناها قرب بعضها البعض ، لحين الغد ، حيث سيتم نقلها إلى السيارة من جديد …
بعد ذلك قمنا بجمع الأوراق و الثمار المتساقطة و تنظيف الأرض !
كل ذلك استغرق منا ساعات من العمل ، و كلما حاول العجوز ثنيي أو الاعتذار ، قلت له :
" هذا واجبي ، و نديم يستحق أكثر من ذلك "

بعد ذلك ، دخلنا إلى المنزل و من ثم تناولت وجبة الغداء المتأخرة مع العجوز الطيب … ، شكرته على حسن ضيافته و وعدته بالعودة لزيارتهم كلما أمكنني …
و خرجت من المنزل و ركبت سيارتي الواقفة أمام المنزل ، و سرت بها …
عبرت على مجموعة الصناديق ، و فكرت … في العناء الذي ستلاقيه السيدتان غدا في نقلها إلى السيارة الزرقاء … غدا و بعده و كل يوم … اعتقد أن من واجبي تقديم المزيد من المساعدة لهذه العائلة التي أوصاني صديقي الراحل بها خيرا
أوقفت السيارة و عمدت إلى الصناديق و جعلت انقلها إلى السيارة الزرقاء المركونة على مقربة ، واحدا تلو الآخر … دون علم أحد !
الشمس كانت على وشك المغيب … لم أكن أشعر بأي تعب أو إعياء يذكر ، كما و أن آلام معدتي قد اختفت تقريبا بعد العلاج السحري الذي وصفه لي الطبيب ! أو ربما العلاج السحري في هذه المزرعة الجميلة و مناظر الطبيعة الخلابة ، و الهواء المنعش …
كم أنا سعيد لأنني استطعت خلال الساعات الماضية طرد آلامي الجسدية و النفسية … و أفكاري المهمومة … بما فيها الخائنة رغد !
رغد …
ما تراك تفعلين الآن ؟؟؟
و ما تراك فعلت ِ بعد علمك برحيلي ؟؟
ما تراك فاعلة إن علمت ِ أنني لن أعود إليك مرة أخرى … و أنني في سبيل الابتعاد عنك مستعد لهجر أهلي للأبد ؟؟؟
" ماذا تفعل ! "
روعتُ فجأة حين سمعت صوتا آت ٍ من خلفي ، و استدرت بفزع !
كانت ابنة نديم !
كنت أحمل الصندوق على ذراعي و أسير نحو السيارة الزرقاء ، و أفكر برغد !
ثم وجدت نفسي في موقف لا أحسد عليه ، أمام ابنة نديم … تنظر نحوي بدهشة !
تتأتأتُ في الحديث ، قلت :
" أأأ … فكرت في … بما أنني لازلت هنا … يمكنني المساعدة قبل … معذرة فأنا لم أقصد سوءا ! "
و خفضت بصري نحو الأرض …
شعرت بثقل الصندوق فوق يدي ، فرفعته أكثر ، ثم اعتذرت ، و ذهبت إلى السيارة لأضعه فيها …
الفتاة تبعتني ، و أخذت تنظر إلى الصناديق الموضوعة في السيارة بتعجب !
قالت :
" لم كلّفت نفسك عناء كل هذا !؟ لم يكن واجبا عليك ذلك ! "
قلت :
" بلى … من واجبي و من دواعي سروري أيضا ! نديم كان صديقي الحميم في السجن … ليتني أملك أكثر من هذا لأفعله من أجله … و أجل عائلته "
الفتا قالت بعد صمت قصير :
" شكرا لك … أنت رجل نبيل "
و صمتت تارة أخرى ، ثم قالت :
" لماذا دخلت السجن ؟؟
و لما لم تجد مني جوابا ، قالت :
" اعتذر … تجاهل سؤالي إن كان يزعجك … "
أنا كنت في غاية الاضطراب ، هناك مواقف كثيرة في الحياة لا أعرف التصرف حيالها ، و هذا أحدها !
سرت إلى الصناديق و تابعت عملي بصمت و هدوء ، و إن كان داخلي متوترا مضطربا ، و الفتاة واقفة على مقربة !
متى تنقشعين !؟
يبدو أنها امرأة قوية و جريئة !
ربما لأن أمها ـ و كذلك خالها ـ من أصل بلدة أخرى … ذات طباع و شخصيات أخرى … غريبة و مختلفة عما تعودت أنا عليه !
بعد فراغي من نقل الصناديق ، قالت لي :
" شكرا لك يا سيد وليد … والدي يعرف كيف يختار أصدقاءه … "
قلت بخجل :
" العفو … سيدتي "
ثم ابتعدت و أنا أقول :
" مع السلامة "
~ ~ ~ ~ ~
" وقعت ِ أخيرا ! "
صاحت نهلة بصوتها العالي و هي تشير بإصبعها نحوي ، و تضيق الحصار علي !
تلفت من حولي و قلت :
" نهلة أرجوك ! اخفضي صوتك ! لابد أن أمي تسمعه في المطبخ !
نهلة أقبلت نحوي و هي لا تزال تمد بسبابتها نحوي حتى تكاد تفقأ عيني !
قال بحدة و مكر :
" اعترفي يا رغد … لن يجدي الإنكار أو المواراة ! أنت مهووسة بابن عمّك ! "
مددت يدي و أمسكت بعنقها و ضغطت عليه !
" سأخنقك ِ يا نهلة ّ "
نهلة الأخرى طوقت عنقي بيديها و قالت تمثل دور المخنوقة :
" سأنطق بالحق حتى النفَس الأخير … رغد تحب ابن عمّها وليد… دون أن تدرك اللهم إني بلّغت ، اللهم فاشهد ! "
و بالفعل كدتُ أخنق هذه الفتاة !
طرقُ على الباب منع جريمتي من الوقوع !
تركت عنق ابن خالتي و مضيت ُ لفتح الباب … كانت دانه !
" رغد … وليد على الهاتف ! إن كنت ِ ترغبين بإلقاء التحية ! "
حدّقت ُ بها لثوان شبة واعية لما قالت ، ثم انطلقت مسرعة إلى حيث كانت والدتي تمسك بسماعة الهاتف و تتحدث إلى وليد …
عندما رأتني أمي قالت له :
" بني … هذه رغد ترغب في التحدث معك "
و مدت السماعة إلي …
أخذت السماعة و ألصقتها في إذني و فمي ! بقيت صامتة لثانيتين ، ثم قلت :
" وليد ؟؟ "
أستوثق من كونه هو من على الطرف الآخر …
صوت وليد وصلني خافتا مترددا و هو يقول :
" مرحبا … صغيرتي "
بمجرد أن سمعت صوته ، انفجرت !
قلت بصرخة منطلقة مندفعة قوية حادة مجنونة :
" كذّاااااااااااااب "
و أعدت السماعة بسرعة إلى والدتي ، و جريت نحو غرفتي ، و صفعت الباب و أوصدته بانفعال !
نهلة أخذت تنظر إلي بذهول و استغراب …
" رغد !؟؟ "
صرخت بانفعال …
" رغد تكره وليد …. أفهمت ِ ؟؟ تكرهه … تكرهه … تكرهه
و لم أتمالك منع دموعي من الانسياب بغزارة من محجري …
و مضيت إلى سريري فجلست و سحبت الوسادة ، و غمرت وجهي فيها … حتى كدت اختنق
بعد قليل ، نهلة ربتت على كتفي و قالت :
" نعم … مفهوم "
تتمه
أبعدت أنا الوسادة عن وجهي و تنفست الصعداء … و سمحت لنظرات نهلة باختراقي مباشرة … الدموع كانت تجري بانسياب مبللة كل ما تصادفه في طريقها ..
" عزيزتي … "
ما أن قالت نهلة ذلك حتى انهرت تماما … و رميت برأسي في حضنها و طوقتها بذراعي باستسلام و أسى … قلت و أنا في غمرة الحزن … في لحظة صدق و اعتراف
" لماذا رحل دون وداعي ؟؟ لماذا كذب علي ؟؟ لماذا كذبوا كلهم علي ؟؟ أخبروني بأنه لن يعود … لكنه عاد … لكنه تركني … لم يعد يهتم بي … لأنني سأتزوج سامر … لكني لا أحب سامر … لا أحبه … "
و أبعدت ُ وجهي عن حضنها و نظرت إليها باستنجاد مرير …
" نهلة … أنا … لا أحب سامر … أنا … لا أريد أن أتزوج منه "
نهلة وضعت يدها بسرعة على فمي لكتم كلماتي ، و تلفتت ، ثم عادت تنظر إلي …
قالت :
" اخفضي صوتك … "

انت لي كامله الحلقة العشرون الجزء الثالث 2024.

انت لي : الحلقة 20 الجزء الثالث

شعرت باليأس و فقدِ الأمل … و طأطأت برأسي أرضا باستسلام لحكم القدر …
كيف لي أن أقول هذا … و لا تفصلني عن موعد الزفاف غير أسابيع ؟؟
لا يحق لي حتى مجرد التفكير … فقد قضي الأمر … و انتهى كل شيء …
بعدما هدأت من نوبة بكائي … و لزمت و نهلة الصمت لعدة دقائق ، قالت هي :
" رغد … لم يفت الأوان بعد … دعي أمي تتدخل و توقف هذا الزواج في الحال "
هززت رأسي نفيا و اعتراضا و قلت بعدها :
" لا … كلا كلا … نهلة إياك و الإقدام على هذا … "
لكن يا رغد … "

" أرجوك نهلة … لا تفسدي علي الأمور … لقد فات الأوان … و انتهى كل شيء … لا تضعيني في موقف كهذا مع أمي و سامر و الجميع … "
نهلة أمسكت بيدي و قالت :
" لكن… أنت لا تحبين سامر ! إنك لا ترغبين في الزواج منه ! كيف تربطين مصيرك به ؟ "
" قدري و نصيبي "
" و وليد ؟؟ "
وقفت ببطء … و استسلام … و أنا أتذكر تلك الليلة ، حين وعدني و أقسم بألا يرحل دون علمي ، ثم نقض الوعد و القسم … مستغفلا إياي بعلبة بوضا !
قلت :

" لم يعد له وجود … أو داع للوجود "
طُرق الباب مجددا ، فتوجهت لفتحه فإذا بها أمي …
أمي حملقت في عيني المحمرتين برهة ثم قالت :

" رغد … أهناك شيء ؟؟ "
واريت أنظاري تحت الأرض ، و قلت :

" لا … لا شيء "
و حين رفعت نظري إليها وجدتها تنظر إلي بتشكك …

هربت من نظراتها و نظرت إلى ابنة خالتي … و التي بدورها قالت :
" يجب أن أذهب الآن … "
و ذهبت إلى المرآة ترتب حجابها و عباءتها …

قلت :
" نهلة ! كلا لن تذهبي الآن ! "
قالت :
" لدى سارة دروس تستصعبها و هي تنتظرني لتعليمها الآن ! … "
قالت أمي :

" لا يزال الوقت مبكرا … ابقي للعشاء معنا "
ابتسمت نهلة و قالت و هي تحرك يدها عند نحرها :
" ستذبحني سارة إن تأخرت أكثر ! "
رافقتها إلى الباب الخارجي ، و قلت لها قبل أن تنصرف :
" نهلة … لا تذكري ما دار بيننا على مسمع من أحد … أرجوك "
نهلة ابتسمت ابتسامة مطمئنة ، ثم غادرت …
عندما عدت إلى غرفتي وجدت دانة هناك !
ما أن رأتني حتى بادرت بسؤالي :
" بربك رغد ! ماذا تقصدين من تصرفك الأحمق هذا ؟؟ لقد كادت السماعة أن تتصدع من صرختك ! أخشى أن تكوني قد أحرقت الأسلاك بين المدينتين ! "
لم يكن لدي مزاج مناسب للجدال مع دانة هذه الساعة ، قلت بنفس ٍ متضايقة:
" أخرجي دانة ، أريد البقاء وحدي "
دانة نظرت إلي باستنكار ، ثم قالت :
" لا تطاقين يا رغد ! متى أتزوج و أتخلص منك ! "
ثم مضت مغادرة ، و قبل أن تخرج قلت :
" قريبا يا ابنة عمي … ماذا بعد ؟؟ أهذا يكفي ؟؟ "
و صفعتُ الباب خلفها …
اعتقد أن تصرفاتي لم تكن لائقة لهذا اليوم ، بل و منذ رحيل وليد و أنا في حالة عجيبة … عصبية دائما ، حزينة دائما ، ضائقة الصدر … منعزلة في غرفتي … فاقدة الاهتمام بأي شيء من حولي حتى الرسم …
و مع مرور الأيام ازدادت حالتي سوءا … و بدأ العد التنازلي لموعد الزفاف … لموعد النهاية … لموعد الحلقة الأخيرة من مسلسل حياتي التعيسة …
لو كان لي أم … لو كان لي أم تخصني أنا … لا تكون هي أم سامر … لكنت أخبرتها بكل ما يختلج صدري من مشاعر …
لكنت أخبرتها بما أريد و ما لا أريد …
أمي هذه ، أم سامر خطيبي … العريس المتلهف للزفاف ، و إن حاولتْ التحدث معي ، أتحاشاها و اخفي في صدري ما لم أعد قادرة على كتمانه …
كيف لي أن أخبرها بأنني لا أريد أن أتزوج من ابنها ، الذي خطبت ُ له منذ أربع سنين !؟
كيف سيكون موقفي من سامر … و أبي …و الجميع …
و لماذا أفعل هذا بهم ؟؟
أيكون هذا جزاء من آووني و رعوني كل هذه السنين ، التي لم أشعر فيها أبدا بأنني يتيمة الأبوين …؟؟
عدا عن ذلك …
فأي رجل سأتزوج ما لم أتزوج سامر ؟؟ من سأعطيه ثقتي المطلقة مثله … ؟

حسام الذي لا يختلف عنه كثيرا ؟؟
أم … وليد …الذي …
الذي … لم أعد أعني له شيئا …؟؟
وليد … الكذاب !
كذاب !

كلمة قاسية هزتني و أربكتني حتى كدت معها أوقع هاتفي من يدي …
لها الحق بنعتي بهذه الصفة .. ألم أعدها ألا أرحل بدون علمها ثم رحلت ؟؟؟
لكن لماذا تأثرت ْ هي كثيرا من ذلك ؟؟
ماذا كان يفرق لديها … بقائي من رحيلي ؟؟
أم تظنني سأبقى أرعاها و أدللها كما كنت في السابق ، فيما هي زوجة لأخي !
الخائنان !
كنت في سيارتي في طريقي إلى الشقة الصغيرة التي استأجرتها ، و دفعت مبلغا لا بأس به لأجل ذلك ، على الرغم من نقودي المحدودة التي تتضاءل يوما بعد يوم .
بحت جاهدا عن وظيفة في هذه البلدة ، و كلما صادفت أعلانا عن وظيفة شاغرة في الصحف بادرت بالاتصال ، رغم أنني لا استوفي شيئا من الشروط المطلوبة …
كانت أيام سبعة قد انقضت منذ وصولي إلى هذه البلدة ، و هي فترة قصيرة طبعا ، إلا أنني شعرت بملل و وحدة قاتلين … و فكرت في العودة إلى مزرعة نديم !
إنني أشعر بأن أهل نديم هم أهلي … و إن لهم حق واجب علي … و علي تأديته …
لذا ، فإنني غادرت الشقة ، ذهبت إليهم … في اليوم التالي .
عندما وصلت ، كانت ابنة نديم هي أول من التقيت به …
الفتاة كانت جالسة بين مجموعة من الصناديق الخشبية ، منهمكة في إصلاح و تجبير كسورها بالمطرقة و المسامير !
ألقيت التحية فلم تسمعني ، فعدت أحيي بصوت مرتفع فانتبهت لي …
رمت الفتاة بالمطرقة جانبا و نهضت واقفة و قالت :
" مرحبا بك أيها السيد النبيل … "
هبطت ببصري أرضا و قلت :
" كيف أحوالكم ؟ "
" الحمد لله . ماذا عنك ؟ "
" بخير سيدتي . … هل العم إلياس موجود ؟ "
" خالي ذهب لجلب بعض الأشياء … سيعود قريبا … تفضل "
و أرادت مني أن اتبعها إلى المنزل ، لكنني قلت :
" سوف أنتظر العم … إذا لم يكن في ذلك ما يزعجكما ؟ "
قالت :
" لا بأس ، أهلا بك … سوف أخبر والدتي عن مقدمك "
و ذهبت مسرعة إلى المنزل …
أنا جعلت أتأمل طابور الصناديق المكسورة التي تنتظر دورها في التجبير !
إنها مهمة شاقة لا تناسب !
أليس كذلك ؟؟
بعد قليل أتت السيدة الأم مع ابنتها ، ترحب بي بحرارة و كأنها تعرفني منذ زمن !
شعرت بالخجل من ذلك ، و لكن يبدو أنه وضع مألوف لدى هذه العائلة الغريبة !
قلت و أنا أنظر ناحية الصناديق :
" دعاني أتولى ذلك "
طبعا السيدتان اعترضتا ألا أنني قلت :
" ريثما يعود العم إلياس "
و رغم أنها المرة الأولى التي أقوم فيها باستخدام المطرقة و المسامير ، ألا أنني أتقنت العمل !
في الواقع ، شعرت بالخزي من نفسي … فأنا عاطل عن العمل أتسكع في المدن و الشوارع ، بينما تقوم فتاة شابة في العشرينات بإصلاح كسور صناديق خشبية ، و قطف الثمار ، و حمل الصناديق الثقيلة ، و الحرث و الزرع و ما إلى ذلك …
أمر مخز بالفعل !
بعد قليل وصل العم إلياس و ما أن رآني حتى أسرع نحوي يريد أخذ المطرقة مني يدي …
قلت :
" مرحبا أيها العم الطيب ! لا تقلق … إنه عمل يسعدني كثيرا ! "
اعتقد أنه شعر بالخجل ، و رحب بي بحرارة تفوق حرارة ترحيب الأخريين ، و تمتم بعبارات الشكر و بسيل من الدعوات و الأماني !
أنهيت عملي خلال ساعة … أمطرني الجميع بكلمات الشكر اللانهائية … شعرت حينها بأنني شخص ذو قيمة و أهمية و قدرة على العمل و إفادة الآخرين … بعد شهور التفاهة و البطالة و التشتت التي قضيتها …
قال العجوز :
" أعطاك الله القوة و الصحة يا بني ، آمل أن تكون قد وفقت في العثور على وظيفة تلائمك ؟؟ "
قلت :
" ليس بعد ! "
قال :
" إذن ؟؟ "
قلت :
" هل … أجد عندكم عملا مقابل المأوى و الطعام فقط ، إلى أن أجد وظيفة ملائمة ؟؟ "
ستة أسابيع مضت منذ أن اقتحمت عالم الفلاحة ، و أصبحت مزارعا !

شيء لم أكن أحلم به أو أتخيله حتى يمر ببالي مرورا عابرا … فقد كنت أحلم بأن أصبح رجل أعمال مهم … مثل صديقي سيف …
في كل صباح ، كنت أقوم بحرث الأرض ، و زرع البذور ، و قطف الثمار و تنظيف المزرعة ، و إصلاح كل مكسور ، الصناديق … أنابيب المياه ، الأغصان !
و قبيل الظهيرة أذهب لبيع ثمار اليوم في سوق الفاكهة ، و حين أعود أتابع العمل في هذا الشيء أو ذاك … عمل شبه مستمر حتى غروب الشمس …

وجباتي الثلاث كنت أتناولها إما مع العم إلياس أو في الغرفة الجانبية التي خصصت لي ، خارج المنزل …
رغم أنه كان عملا شاقا ألا أنني سررت به كثيرا بل و وجدت فيه ذاتي التائهة … و تعلقت بعائلتي الجديدة كما تعلقت هي بي …
أما عن صحتي ، فقد تحسنت كثيرا مع تحسن نفسيتي ، و اختفت الآلام تقريبا و كسبت عدة أرطال من الوزن !
و أفضل ما في الأمر … أنني تقريبا أقلعت ُ عن التدخين !
اليوم تلقيت اتصالا من والدي يخبرني فيه بأنه و أمي سيسافران لأداء الحج بعد الغد ، و يرغبان في رؤيتي … أمر يتطلب مني العودة إلى المنزل رغما عني …
أمر ٌ و إن كان صعبا فإن علي تحمله من أجل رؤيتهما … ليلة واحدة فقط ثم أرحل عن ذلك المنزل و من به !
هكذا كان تفكيري قبل أن يقول أبي :
" و لأن سامر لا يستطيع أخذ إجازة لكونه حجز أجازته بعد عودتنا من أجل الزواج ، فلا بد من بقائك هنا حتى نعود ! "
قلبت الأفكار في رأسي و وجدتها مهمة يصعب علي تحملها ، فقلت :
لا أستطيع ذلك يا أبتي … سآتي من أجل تحيتكما فقط … "
قال :
" و من يبقى لرعاية المنزل و الفتاتين إذن ؟؟ "
أنا ؟؟
أ أعود أنا لأرعى تلك الخائنة من جديد ، و أعيش معها أيام استعدادها للزفاف ؟؟
لم تبق غير أسابيع ثلاثة عن ذلك الموعد المشؤوم ! إنني أفضل السفر إلى المريخ أو المشتري على العودة إليها … ومشاهدتها عروسا تودع العزوبية !
" لا يمكنني … يا أبي … "
" في حال كهذه … لا أملك غير تأجيل حجي للعام المقبل ! "
" أوه كلا أبي … مادمتما قد عقدتما العزم … فتوكلا على الله ! "
" و الفتاتان ؟؟ أ أتركهما وحدهما في البيت ؟؟ مستحيل طبعا "
أشياء كثيرة تبدو مستحيلة جدا ، ألا أنك حين توضع في وجه التيار ، تجد نفسك مضطرا لتنفيذها رغما عن أنفك ، مستقيما كان أو معقوفا !
خلاصة القول ، رضخت للأمر … و وافقت على العودة إلى جهنم …
كنت أرتب أشيائي في حقيبة سيارتي حين أقبل العم و معه الآنسة أروى ، ابنة نديم و وقفا يراقباني …
قال العم :

" نحن محزونون لفراقك … أرجوك أن تعود إلينا من جديد فوجودك عنى الكثير "
ابتسمت له بفرح ، و قلت :
" بالطبع سأعود يا عمي ، إن شاء الله … ما أن يعود والداي من الحج حتى أوافيكم من جديد … هنا عملي و في أي قطر من أقطار الأرض لن أجد الراحة كما أجدها هنا
و هي حقيقة أدركها … تماما
قالت أروى :
" نتمنى أن تحضر عائلتك لزيارتنا ذات يوم ! هلا ّ فعلت ؟؟ "
قلت :
" سأرى ما إذا كان ذلك ممكنا … "
قالت :
" أ لديك شقيقات ؟؟ "
قلت :
" نعم ، واحدة فقط ، و شقيق واحد فقط أيضا "
قالت :
" أحضرها لزيارتنا ذات يوم … سيعجبها المكان كثيرا "
" أنا واثق من ذلك … "
و أغلقت حقيبة سيارتي ، ثم فتحت الباب و قلت مودعا :
" نلتقي على خير إن شاء الله بعد أسبوعين … دعوا الأعمال الشاقة لأنجزها حين أعود "
و ابتسم العم ، و كذلك ابتسمت أروى … ثم لوّحت بيدها مودعة …
أروى نديم … فتاة قوية … شخصية مميزة تستحق التقدير … !
أجلس أمام التلفاز في غرفة الضيوف أشاهد برنامجا ترفيهيا ، عل ّ ذلك يفيد في طرد الأفكار التعيسة من رأسي …
تركت الجميع مجتمعين في غرفة المعيشة يتناقشون بشأن العرس ، و أنا أشاهد برنامجا سخيفا لا أهدف منه إلا شغل نفسي بشيء أبعد ما يكون عن … وليد .
في أي لحظة قد يصل …
لا لست أرتقب حضوره ، فلم يعد يهمني ذلك ، بل على العكس ، لازلت ألح على سامر ليبقى هو معنا خلال الأسبوعين اللذين سيغيبهما والداي … في الحج …
أقبل سامر الآن يحمل كأس عصير برتقال ، يقدمه لي !
" عروسي … تفضلي هذا "
أخذت العصير و شكرته و قلت :
" لم تحضره بنفسك ! ؟ "
ابتسم و قال :
" عروسي و أحب تدليلها ! لم تجلسين وحدك هنا ؟ إننا نشرب العصير في غرفة المعيشة و نتحدث بشأن الحفلة ! "
ازدردت شيئا من العصير ، ثم وضعته على المنضدة التي بجانبي و عدت أتابع البرنامج متظاهرة بالاهتمام و الاندماج …
سامر جلس على المقعد المجاور و أخذ يشاهد البرنامج بضع دقائق ، و أظنه استسخفه !
قال :
" لو كان باستطاعتي الحصول على إجازة أطول ، لكنت بقيت هذين الأسبوعين معك … "
قلت في نفسي :
ألا يكفي أنني عشت منذ طفولتي معك ، و سأقضي بقية حياتي معك … ؟؟ إنهما أسبوعان ليس إلا ! ألا تسأم منّي !!؟؟
الن أمسك بيدي و قال :
" ثلاثة أسابيع فقط … كم أنا متلهف لذلك الحين ! "
سحبت يدي من بين يديه و أمسكت بكأس العصير ، و رشفت رشفتين ، و أبقيته بين يدي حتى لا يعود لمسكي !
قال :
" فيم تفكرين ؟؟ "
التفت إليه أخيرا … إذ أنني طوال الوقت كنت أتظاهر بمتابعة البرنامج ، قلت :
" مندمجة مع التلفاز ! "
سامر هز رأسه تكذيبا ، و قال :
" بل أنت في مكان آخر ! "
لم أستطع نفي الحقيقة … فنظرت إلى كأس العصير ، و جعلت أهزه بعض الشيء …
قال سامر
" تختلفين عن دانة … فهي متحمسة جدا للعرس ! أهناك ما يقلقك عزيزتي ؟؟ "
التزمت الصمت ، ما عساي أن أقول ؟؟؟
نعم هناك ما يكاد يخنقني !
أنا لا أريد الزواج منك ! هلا ّ أعفيتني من هذه المهمة الأبدية لو سمحت ؟؟
سامر أمسك بيدي الممسكتين بكأس العصير و قال :
" لا تقلقي ! كل شيء سيكون على ما يرام ! و ستكونين أجمل من دانه حتما ! "
في هذه اللحظة سمعنا تنحنحا فالتفتنا ناحية الباب ، و رأينا دانة تقف و تراقبنا باستنكار … !
بمجرد أن نظرنا إليها قالت بحنق :
" سامر ! الويل لك ! من هي الأجمل مني ؟؟ سأريك ! "
سامر ضحك و سحب يديه عن يدي و قال :
" إنا أعني فتاة أخرى تدعى دانة ستتزوج في نفس ليلتنا ! "
قالت دانة :
" آه نعم صدّقتك ! أجل أعرفها … و لها شقيق اسمه سامر ستقتله بعد دقيقتين ، و آخر اسمه وليد وصل إلى البيت قبل دقيقتين ! "
جفلت ، و توجس فؤادي خيفة … قال سأل سامر منفعلا :
" هل وصل وليد حقا ؟؟ "
قالت
" نعم وصل ! إنه في غرفة المعيشة !
عادة ً ما أحس بالحرارة لدى ذكر وليد على مسمعي أو في خاطري ، إلا أنني الآن شعرت بالبرودة !
البرودة في رجلي بالتحديد … لأن كأس العصير البارد انزلق من يدي المرتعشتين و انسكب محتواه على ملابسي و رجلي !
دانة لاحظت وقوع الكأس من يدي ، قالت :
" ماذا فعلتِ ! أوه … العصير الذي تعبت ُ في إعداده ! "
وقفت أنا و وقف سامر و أخذت أحدق في البقعة التي ظهرت على ملابسي !
أهذا وقته ؟؟
سامر قال :
" فداك ! "
ثم التفت إلى دانة و قال …
" إلى وليد ! "
و ذهب مسرعا ليحيي شقيقه …
دانة قالت و هي تنظر إلى ملابسي بشيء من السخرية :
" ألن تأتي لتحيته ؟؟ "
قلت :
" سأبدل ملابسي … "
و مضيت نحو الباب فلما صرت قربها قلت :
" أرجو أن تغلقي باب غرفة الضيوف فأنا لا أضع حجابي "
دانة ذهبت إلى غرفة الضيوف ، فدخلت و أغلقت الباب ، بينما صعدت أنا ليس فقط لتبديل ملابسي ، بل و للاستحمام ، و غسل ملابسي ، و غسل عباءتي أيضا ، و عصرها ، و كيها كذلك !
شغلت نفسي بكل شيء و أي شيء يؤجل موعد اللقاء المحتوم …
من قال أنني أريد أن أذهب للقائه ؟؟ من قال أنني أتحرق شوقا لرؤيته ؟؟
أنا لا أريد رؤية وجهه ثانية … أبدا !
مضت ساعة و نصف ، و أنا في غرفتي أؤدي كل ما تقاعست عن تأديته خلال الأسابيع الماضية !
ألست ُ عروسا على وشك الزواج ؟؟
لا ألام إذن إن أنا اعتنيت ببشرة وجهي ، و وضعت عليها الكريمات و المرطبات و المعالجات كلها واحدا تلو الآخر !
و بعدما فرغت منها ، و قفت أمام المرآة … مصرة على تجريب علبة الماكياج الجديدة التي اقتنيتها مؤخرا !
أليس هذا من حقي ؟؟؟
طرق الباب و سمعت صوت دانة تناديني فأذنت لها بالدخول …
دخلت و فوجئت بما كنت أصنع ! نظرت إلي بتعجب … و قالت :
" بربك ! ما ذا تفعلين ؟؟ "
قلت و أنا أمشط رموش عيني بدقة :
" أتزين ! ما ترين !؟ "
قالت :
" تتزينين ! الآن ؟؟ "
قلت :
" ماذا في ذلك ؟؟
قالت :
" ألن تأتي لإلقاء التحية على وليد ؟؟ إنه يسأل عنك ! "
قلت :
" و أنا هكذا ؟ لا طبعا … بلغيه تحياتي … "
ثم انغمست في تلوين وجهي كما ألون لوحة أرسمها … بمهارة …
دانة كانت تحدثني باستنكار ، إلا أنها في النهاية تركتني و انصرفت ، و بمجرد ذهابها أقفلت الباب ، و رميت بالفرشاة جانبا و ارتميت على سريري ….
لماذا أتصرف بهذا الشكل الغبي ؟؟
لم أعد أفهم نفسي … ألم أكن متلهفة لرؤيته ؟؟
ماذا جرى لي الآن ؟؟
جلست ، و نظرت من حولي فوجدت لوحات رسمي المتراكمة فوق بعضها البعض … ذهبت إليها و استخرجت منها صورة وليد … ذي العينين الحمراوين و الأنف المعقوف …
لماذا لا يزال هنا معي ؟؟ لمَ لمْ أتخلص من هذه الصورة ؟؟
لماذا لا أحس بالحرارة الآن ؟؟
كم كان شعورا جميلا … رائعا …
و انتهى …
و إن ْ هربت كل تلك المدة لم يكن باستطاعتي البقاء حبيسة الغرفة دون أن يستغرب البقية ذلك و يقلقون …
أتت أمي إلي ، فتحت الباب لها فنظرتْ إلي ببعض الدهشة !
" رغد … أتنوين استقبال أو زيارة إحدى صديقاتك ؟؟ "
أنا ؟؟ لا أبدا "
" إذن … لم هذه الزينة ! "
حتى أنتِ يا أمي ؟؟
هل يجب أن أتزين فقط و فقط حين أقابل صديقاتي ؟؟ لماذا تبقى دانة بكامل زينتها معظم الأوقات !
أهي أفضل مني ؟؟
قلت :
" هل هذا عيب !؟ أم ممنوع ؟؟ "
قالت :
" لا لم أقصد ، لكنك لا تفعلين هذا في العادة إلا لسبب ! "
قلت "
" كيف أبدو ؟؟ إنها ألوان الموضة ! "
قالت :
" جميلة طبعا … لكن … ألن تتناولي العشاء معنا ؟؟ "
" كلا ، لا أشعر بأي رغبة في الطعام … "
حسنا … و لن تأتي للانضمام إلينا ؟؟ "
" لا أشعر بمزاج جيد للحديث يا أمي "
صمتت أمي قليلا ، ثم قالت :
" و لن تأتي … لتحية وليد ؟؟ "
صمت أنا لبرهة ثم قلت :
" لم يرغب في وداعي … إذن … لا أرغب في استقباله … أنا … لا أطيق مجالسة الكذابين "

بسكويت الزبدة الفاخر لمن فاتتهم الحلقة . فقد اعجبنى كثيرا . حلويات لذيذة 2024.

من فنانة الطبخ منال العالم حبيت انقل لكم
:0149:
المقادير:

كوب زبدة لينة ( 2 اصبع )
2 3/4 كوب دقيق
1/4 كوب نشا
1/2 ملعقة صغيرة باكنج باودر
1/4 ملعقة صغيرة ملح
1 كوب سكر ناعم

الطريقة :ــ

1/ يخق السكر البودرة مع الزبدة جيدا ثم نضيف بيضتين الواحدة تلو الاخى مع الخفق الجيد
2/ نضيف خليط المقادير الجافة ( دقيق + نشا + باكنج باودر + ملح ) ونخفق
3/ نبدا التشكيل ويمكن ان تتفننى فى ذلك :
* نعمل دوائر ونضعها فى الصينية مع الضغط عليها ونضع حبات من الزبيب او رشها بالسكر الخشن
* يمكن عمل اشكال بماكينة البسكويت مع تغيير الشكل فيمكن ان نستخدم النجمة ونشكله فى شكل دائرة
تخبز فى درجة حرارة 18 لمدة ربع ساعة
واتمنى تنال اعجابكم كما نالت اعجابى فهى مثل الجاهز تماما
وانشاء الله اطبقها وانزلها بالصور

تسلمين يا قمر

ابدعتي

وصفة جميلة

شكرا لك

الوصفة جميلة
تسلمي حيبيبتي..

مطبخ منال العالم الحلقة الخامسة تحميل ومشاهدة مباشرة 2024.

مطبخ منال العالم الحلقة الخامسة .. تحميل ومشاهدة مباشرة

من هي منال؟
عشقت منال فن الطبخ فبادلها العشق نفسه .. تنوعت منال بأطباقها فمنها الشامية و اللبنانية والطبخات الخليجية والمغربية ومنها البحرية والوجبات السريعة.

فمنذ عام 1995 ومنال ترفرف مثل الفراشة جاهدة لنشر فنون طبخها والعمل الدؤوب على تعليم كل هاو لفن الطبخ. فقد أقامت منال دورات متخصصة في فن الطهي لسيدات المجتمع منذ عام 1995 حتى 2024.

وقد أقامت – نادي منال – الذي يضم في عضويته 6000 سيدة من الكويت والدول العربية.
ظهرت نجمة الطبخ أمام الشاشة الصغيرة فأحبتها وأحبها الجمهور.
فقد أعدت الكثير من برامج الطبخ في عام 2024 و 2024 على شاشة ال إم بي سي.
وتألقت بأصداراتها لمجلة "المطبخ" التي توزع مجانا كل ثلا شهور على السيدات العضوات.
وهي الان تقدم حلقات برنامجها الشهير مطبح منال العالم علي القناة الاولي بفضائية ابوظبي

وقد شاركت منال العالم في الكثير من مسابقات الطهي والمهرجانات منذ عام 1983.
منال العالم – أميرة الطهي – هي على دراية ومعرفة بما هو جديد في عالم الطبخ من خلال عملها الدؤب على تثقيف نفسها بكل جديد في عالم الطبخ.
هذه هي منال في سطور قليلة تعبر عن شخصية إكتسبت قلوب محبي الطبخ .. شخصية حملت إسمها عاليا مرفرفة به إلى أعلى المراتب محافظة على هويتها العربية الأصيلة.

والأن مع الحلقة الخامسة من برنامج مطبخ منال العالم
مدة الحلقة : 53 دقيقة
حجم الملف : 231 MB
التحميل برابط واحد فقط مباشر
من خلال الضغط علي الرابط التالي
=========
/1UeXE
=========
باسورد فك الضغط
www.aonosa.com
==========

والان مع شرح مصور لمعرفة كيفية تحميل الحلقة وتنزيلها علي جهازك لمشاهدتها
بعد الضغط على رابط تحميل الحلقة سوف يظهر امامنا في اعلي الجانب اليمين من صفحة التحميل عداد تنازلي لمدة 5 ثواني بعدها سوف تظهر كلمة SkIP AD يتم الضغط عليها كما هو مبين بالصورة التالية:

بعدها سوف تظهر لنا صفحة التحميل المباشر وفي منتصف الصفحة سنجد الصورة التالية

وهى عبارة عن أختيارين للتحميل
الاختيار الاول
للتحميل بعضوية عادية مجانية نقوم بالضغط علي Slow Download
الاختيار التانى
للتحميل بعضوية متميزة يتم الضغط علي High Speed Download
كما هو موضوح بالصورة السابقة
وعليك أختيار الطريقة التى تناسبك

وفي حال الضغط علي التحميل بالعضوية المجانية نتظر حتي يكتمل العد التنازلى الي 30 ثانية كما موضح بالصورة:

ثم نكتب الكود السرى للتحميل كما بالصورة

ثم نقوم بالضغط على ستارت دونلود ونبدا التحميل كما هو مبين في الصورة:

ثم نبدا عملية تنزيل الحلقة ثم يتم فك الضغط عن الحلقة ومشاهدتها
اتمني ان تنال الحلقة اعجابكم

العودة الي الصفحة الرئيسية لحلقات مطبخ منال العالم بالضغط علي الرابط التالي
ط¬ظ…ظٹط¹ ط­ظ„ظ‚ط§طھ ظ…ط·ط¨ط® ظ…ظ†ط§ظ„ ط§ظ„ط¹ط§ظ„ظ….. طھط­ظ…ظٹظ„ ظˆظ…ط´ط§ظ‡ط¯ط© ظ…ط¨ط§ط´ط±ط©

انت لي كامله من البدايه حتى النهاية الحلقة 18 2024.

انت لي : الحلقة 18

أفقت من غفوتي القصيرة …
كنت أجلس على أريكة بمحاذاة الشاطئ ، تتدلى قدماي في مياه البحر و تعانقان أمواجه الراقصة …

الهواء كان منعشا جدا و البحر غاية في الجمال … منظر لم تره عيناي منذ سنين
إنها المرة الأولى منذ تسع سنين ، التي يبتهج فيها صدري و أنا بين أهلي و أحبابي …
أصوات مجموعة من الأطفال تغلغلت في أعماق أذني و أيقظتني من راحتي النادرة
ما إن فتحت عينيّ الناعستين حتى تلقتا منظرا جعلني أقف منتصبا فورا !
كانت رغد … صغيرتي الحبيبة … خطيبة أخي الوحيد … تجلس على الرمال المبللة تعبث بالماء … إلى جواري تماما !
نهضت و قد أصابني الروع !
و سرعان ما هبت هي الأخرى واقفة ، تنظر إلي …
وجّهتُ سهام بصري إلى البحر … ليبتلع أي شعور يفكر في الاستيقاظ في داخل قلبي … و خطوت مبتعدا عنها
استوقفتني ، فأخبرتها بأنني ماض للسباحة فقالت بسرعة :
" انتظر ! سأعود لأمي … "
لم أعرف ما إذا كانت تقصد مني مرافقتها أو مراقبتها تحديدا ، إلا أنها حين سارت مبتعدة بقينا أنا و سامر ـ و الذي خرج من الماء للتو و وقف إلى يساري لا يفصلني عنه غير شبرين ـ نراقبها و هي تبتعد …
و حين ظهر فتى في طريقها يريد أخذ كرة القدم التي تدحرجت منه نحوها ، اضطربت صغيرتي … و استدارت نحونا … و أقبلت مسرعة و أمسكت بذراعي اليمنى و اختبأت خلفها !
أنا طبعا وقفت كالجدار لا أحس بشيء مما حولي و لا أعرف ماذا يحدث و ماذا علي أن أفعل !
أردت أن أسحب ذراعي لكنها غرست أظافرها بي و آلمتني …
الفتى ذاك كان يحمل الكرة و ينظر بتعجب نحونا
و أمي و دانه أيضا تنظران بتعجب
أما النظرات التي لم أعرف ما طبيعتها هي نظرات أخي سامر …
" صغيرتي … صغيرتي … لا بأس عليك … اهدئي أرجوك "
رغد الآن تنظر إلى و قد اغرورقت عيناها بالدموع ، و قالت بانفعال و اضطراب :
" لماذا لم تأتِ معي ؟ لماذا تركتني وحدي ؟ هل تريد أن يؤذيني أحد بعد ؟ "
كلمتها هذه جعلت عضلاتي تنقبض جميعها فجأة ، و لا شعوريا مسكت أنا بيديها و شددت عليهما بقوة …
لحظة جحيم الذكرى … و أعيينا تحدق ببعضها البعض بحدة … من عيني يقدح الشرر الحارق … و من عينها تنسكب الدموع المجروحة … و في بؤبؤيها أرى عرضا للشريط المشؤوم اللعين … و صورة لعمّار يبتسم … و الحزام يتراقص …
" لكنت ُ قتلته "
نطقت بهذه الجملة لا إراديا و أنا أحدق بها في نظرات ملؤها الشر … و القهر …
لقد شعرت بأشياء تتمزق بداخلي … و أشياء تعتصر … و أشياء تتوجع و تصرخ …
كيف لي أن أتحمل موقفا كهذا ؟؟

لو ظل سامر صامتا ، ربما بقيت شهورا واقفا عند نفس النقطة ، إلا أن صوته قطع الحبال المشدودة و أرخى العضلات المنقبضة
" رغد … "
أطلقنا نظراتنا المقيدة ببعضها البعض و سمحنا لها بالانتقال إلى عيني سامر …
لا يخفى عليكم الذهول و الحيرة و الدهشة التي كانت تغلف وجه سامر الواقف ينظر إلينا …

قال :
" رغد … عزيزتي … "
و لم ينطق بعدها بجملة واضحة تفسر التعبيرات الغامضة المرسومة على وجهه الحائر …
رغد الآن بدأت تمسح دموعها و قد هدأت نوعا ما …
الآن … تصل أمي و أختي … و تستدير رغد إليهما ، و تنطق بمرارة :
" قلت لك لا أستطيع … لا أريد المجيء … لا أستطيع … لا تتركوني وحدي "
و انخرطت في مزيد من البكاء المؤلم
أمي أحاطتها بذراعيها و أخذت تتمتم بكلمات لم استطع استيعابها من هول ما أنا فيه …

ثم رأيتهن هن الثلاث ، رغد و أمي و دانة ، يبتعدن عائدات من حيث أتين …
سامر ظل واقفا لثوان أخرى ، ثم هم باللحاق بهن … و حانت منه التفاتة إلي … فرآني و أنا أنهار على الرمال و أضغط بيدي على معدتي و أتأوه ألما …
لقد شعرت بأشياء تتمزق و تعصر في أحشائي … و دوار داهمني دون إنذار مسبق … و خور و وهن مفاجئ في بدني … فهويت أرضا …

كنت أعرف أن قلبي ينزف من الداخل ، كما تنزف أنسجة جسدي كله من شدة الموقف و قسوته … و شعرت بالدماء تجري بكل الاتجاهات في جسمي … و أحسست بها تصعد من جوفي … و تملأ فمي … ثم تخرج و تنسكب على الرمال ملونة إياها هي و يدي المرتكزة عليها باللون الأحمر …
الآن … تستطيع عيناي رؤيتها بوضوح … تماما كما ترى النور …
دماء حقيقية خرجت من جوفي ممزوجة بعصارة معدتي المتلوية ألما …
" وليد ! "

رفعت رأسي ، فإذا بي أرى سامر ينظر إلى موضع الدماء بذعر …
" ما هذا ؟؟ "
ما هذا ؟ أظن أنها دماء ! و هي المرة الأولى التي تخرج فيها دمائي من جوفي … و أنا أشعر بألم حاد جدا في معدتي …
ما هذا ؟
أظن أن هذا عرضٌ لمرض ٍ ما ..
بعد فترة … كنا نجلس قرب موقد الجمر ، نستنشق الأدخنة المتصاعدة من المشويات … و نتلذذ برائحتها الشهية …
كان والدي يقلب الأسياخ و يهف الجمر … و كلما نضج اللحم في أحد الأسياخ دفعه إلى واحد منا ، فيلتهمه بشهية كبيرة …
و الآن جاء دوري …
" تفضل يا وليد "
كنت أود مشاركتهم هذه الوجبة اللذيذة التي لم أذق لها مثيلا منذ سنين … لكن الآلام الحادة في معدتي حالت دون إقبالي على الطعام …
" شكرا أبتاه … لا أستطيع التهامها فمعدتي مضطربة جدا "
قال سامر :

" لقد تقيأ دما قبل قليل "
الجميع ينظر إلى الآن بقلق …
ابتسمت و قلت :
" ربما أكلت شيئا لم تتقبله ! لا تكترثوا "
أمي قالت بقلق :
" بني … عساه خيرا ؟؟ "
" لا تقلقي أماه … ستهدأ بالصيام لبعض الوقت "
ثم حاولت تغيير مجرى الحديث …
أبي مد سيخ اللحم المشوي نحو الشخص التالي قائلا :

" نصيبك يا رغد "
رغد كانت تجلس على مؤخرة البساط ، بعيدة عن موقد الجمر الذي نجتمع قربه …
رغد نهضت ، و أقبلت نحونا و مدت يدها و أخذت السيخ ، ثم همت بالعودة إلى المؤخرة …
نهضت أنا و قلت :
" تفضلي هنا … أنا سأتمشى قليلا "

و ابتعدت كي أدع لها المجال لتجلس مكاني ، قرب الجميع … و تستمتع معهم بوجبة الشواء الشهية …
ذهبت أولا نحو سيارة أخي ، و استخرجت علبة السجائر التي كنت أضعها في جيب بنطالي الذي استبدلته بملابس السباحة … ثم انطلقت إلى البحر … و جلست على الرمال … أدخن بشرود

صوات أبي الجهور كان يصلني خافتا ضاحكا … إذن فالجميع يستمتعون بوقتهم … كم أتمنى لو أعود للحياة الدائمة معهم … ليتني أستطيع ذلك …
ليتني أستطيع رمي الماضي في قلب البحر … و نسيانه …
بعد قرابة النصف ساعة جاءتني دانة
ابتسمت عند رؤيتي لها ، فابتسمت هي الأخرى إلا أنها سرعان ما حملقت بي بتعجب …
" أنت تدخّن ؟؟ "
مرّغت السيجارة التي كانت في يدي في الرمل المبلل ، إلى جوار أختها السابقة … و ابتسمت ابتسامة واهنة تنم عن الاستسلام و القنوط …
" عادة سيئة … لا خلاص منها ! "
دانه جلست إلى جانبي و أخذت تراقب الأمواج المتلاطمة … ثم قالت :
" لم أكن أعلم بذلك ! لو كان نوّار يدخن لرفضت الارتباط به ! لا أطيق رائحة هذه المحروقة السامة ! "
قلت ببعض الخجل :

" معذرة "
ثم أضافت مداعبة :
" و على فكرة … فإن جميع الفتيات مثلي أيضا ! و إن استمررتم في التدخين فسوف تسببون أزمة عزّاب و عوانس ! "
أطلقتُ ضحكة عفوية على تعليقها خرجت من أعماق صدري ممزوجة ببقايا الدخان!
قلتُ بعد ذلك :
" إذن … هل استعديتما للزفاف ؟؟ "
بشيء من الخجل قالت :
" تقريبا … إنه يريد أن نتزوج بعد عودة والديّ من الحج مباشرة ! أبي يود تأجيل ذلك شهرين أو ثلاثة … أما والدتي فتراه موعدا مناسبا جدا ، و تريد أن يتزوج سامر و رغد معنا دفعة واحدة ! "
و هذا خبر ليس فقط يحبس الأنفاس في صدري و يعصر معدتي ، بل و يستل روحي من جسدي … و لن أعجب إن رأيتها تنسكب على الرمال أمامي كما انسكبت دمائي قبل قليل !
في هذه اللحظة أقبل سامر و رغد … لينضموا إلينا
قال سامر :

" هل لنا بالانضمام إليكما ؟ تركنا الوالدين يشويان السمك ! "
قالت دانة ضاحكة :
" أوه أمي ! من سيلتهم المزيد ؟ أخبرتها ألا تحضر السمك و لكنها مولعة به كثيرا ! "
و استدارت نحوي :
" وليد كيف معدتك الآن ؟ ألا تحب أن تتناول بعض السمك المشوي ؟؟ "
" كلا ، لا طاقة لي بالطعام هذه الليلة "
و جلس سامر إلى جانبي الآخر ، و رغد إلى جانب دانة …
قال :
" فيم كنتما تتحدثان ؟؟ "
قالت دانة :
" فيكما أنت و رغد ! كنت أخبر وليد أنكما حتى الآن لم تتخذا قرارا نهائياحاسما بشأن موعد الزفاف ! "
سامر ابتسم و قال :
" أنا جاهر و في انتظار أوامر العروس ! "
العروس هي رغد ! و رغد هي صغيرتي الحبيبة … التي كنت أحلم بالزواج منها ذات يوم … ثم فقدتها للأبد … فهل لكم أن تتخيلوا حالي هذه اللحظة ؟؟
قالت دانة :
" هيا يا رغد ! قولي نعم و دعينا نحتفل سوية ! "
ثم غيرت النبرة و قالت مداعبة :
" و لكن كوني واثقة من أنني سأكون الأجمل بالتأكيد ! "
أذناي طارتا نحوها ، حتى كادتا تلتصقان بشفتيها أو حتى تخترقان أفكارها لأعلم ما ستقوله قبل أن تقوله … تكلمي رغد ؟؟
رغد ظلت صامتة … و أنا أذناي تترقبان بصبر نافذ … هيا يا رغد قولي أي شيء … ارمني بسهام الموت واحدا بعد الآخر …
اطعنيني بخناجر الغدر و حطمي قفصي الصدري و مزقي الخافق الذي ما فتئ يحبك مذ ضمك إليه طفلة يتيمة وحيدة … توهم أنها خلقت من أجله فجاءت قذائفك تدمر قلعة الوهم التي بنيتها و عشت بداخلها 15 عاما … أو يزيد …
و أقسم … أقسم أنك لو تزوجت مع شقيقتي في نفس الليلة ، فإني سأتخلى عنها و أخذلها و أدفن نفسي بعمق آلاف الأميال تحت الأرض ، لئلا أحضر أو أشارك أو أبارك ليلة تزفين فيها إلى غيري … مهما كان …

بعد كل هذه المشاعر التي تصارعت في داخلي في ارتقاب كلمتها التالية … و أذاني تصغيان باهتمام و تركيز شديدين أكاد معهما أسمع دبيب النمل …
بعد كل هذا … جاءني السهم المباغت التالي :
" وليد … ما رأيك ؟؟ "
أنى لي أن أصف ما أود وصفه و أنا بحال كهذه ؟؟

تسألينني أنا عن رأيي ؟؟ رأيي في ماذا ؟؟
في أن تتزوجي شقيقي اليوم أو غدا أو بعد قرن ؟؟
في أن تذبحيني اليوم أو غدا … أو بعد قرن ؟؟
أتشهد أيها البحر ؟؟
ألا يا ليتك تبتلعني هذه اللحظة … فأمواجك العاتية ستكون أكثر لطفا و رحمة بحال رجل تسأله حبيبة قلبه : ما رأيك بموعد زفافي !
تحركت يداي إلى علبة السجائر الموضوعة على الأريكة الجالسة خلفي ، و تناولت واحدة و أشعلتها في محاولة مستميتة للفرار من جملة رغد ، التي كنت قبل ثواني أتوق لسماعها و أرسل أذنيّ نحو لسانها لالتقاط الجملة بسرعة فور خروجها …
بدت اللحظة التالية كالساعة بل كالقرن في طولها ..
سحبت نفسا عابقا بالدخان المنبعث من السيجارة المضغوطة بين شفتي …
و أطلقت زفرة قوية … حسبت معها أن روحي قد انطلقت ، و الدخان قد لوث الكرة الأرضية بكاملها …
قلت … بعدما عثر لساني على بضع كلمات مرمية على جانبية :
" الأمر عائد إليكما "
و وقفت …
و قلت:
" معذرة … سأدخن في مكان آخر "
و انصرفت عنهم …

سرت ُ مبتعدا ، و وقفت موليا إياهم ظهري … انفث السموم من و إلى صدري و أقاوم آلام قلبي و معدتي … و أحترق .
بعد فترة ، انتهت رحلتنا و آن أوان العودة إلى البيت …
لم أكن أريد أن أركب سيارة سامر … فقربه و قربها مني يعني مزيدا من الألم و الاحتراق ، لكنني حين رأيت دانة تركب سيارة والدي ، و رغد تقف عند سيارة سامر … توجهت تلقائيا و جلست على المقعد الأمامي ، لأمنعها من الجلوس عليه !
مشوار العودة كان طويلا مملا … فقد التزمنا الصمت … و رغد نامت !
" وصلنا عزيزتي ! "
قال سامر ذلك و هو يلتفت إلى الوراء ، ليوقظ رغد …
كنا قد وصلنا قبل الآخرين …
فتحت أنا الباب و هبطت من السيارة ، و رأيت رغد تستفيق …
ذهبت إلى مؤخرة السيارة أفرغ حقيبتها من حاجيات الرحلة ، ثم أحملها إلى داخل المنزل …
و أقبل سامر يساعدني ، و حين وصلت إلى الباب ، جاءت رغد بمفتاح سامر و فتحته لي … و انطلقت مسرعة نحو الباب الداخلي تفتحه على مصراعيه لأدخل بما تحمل يداي ، و أتجه نحو المطبخ …
وضعت الأشياء في المطبخ و استدرت راغبا في العودة لجلب البقية … رغد واقفة عند باب المطبخ تراقبني …
حين مررت منها …
" وليد "
وقفت … و عاودني الشعور بالألم في معدتي فجأة … يكفي أن أسمعها تنطق باسمي حتى تتهيج كل أوجاعي …

لم أرد ، و لكنني توقفت عن السير منتظرا سماع ما تود قوله …
" وليد "
عادت تناديني … تعصرني …
" نعم ؟؟ "
قالت :
" ألم يعد يهمك أمري ؟؟ "
فوجئت بسؤالها هذا فالفت إليها مندهشا …
كانت عيناها حمراوين ربما من أثر النوم … و لكن القلق باد عليهما …
" لم تقولين ذلك !؟ "
قالت :
" لم لم تبد ِ رأيك بشأن زواجي ؟؟ "
تصاعدت الدماء المحترقة إلى شرايين وجهي و ربما إلى حلقي لكنني ابتلعتها عنوة
قلت :
" إنه أمر يخصكما وحدكما … و لا شأن لي به "
رغد هزت رأسها اعتراضا ثم قالت :
" لكن وليد … أنا … "
و لم تتم الجملة ، إذ أن أخي سامر أقبل يحمل بعض الأغراض ، فسرت أنا خارجا لجلب المتبقي منها …

فيما بعد ، و سامر يحمل بطانية و وسادة قاصدا الذهاب للنوم في غرفة الضيوف و تركي أنام في غرفته ، كما أصر … و قبل أن يخرج من الغرفة توقف و قال :
" وليد … هل لي بسؤال ؟ "
" تفضل ؟؟ "
تأملني لحظة ثم قال :
"وليد … لماذا … قتلت عمّار ؟؟
ذهبت مباشرة إلى غرفتي ، قبل أن تحضر أمي و دانه ثم تطلبان مني مساعدتهما في الغسل و التنظيف …

فأعمال المنزل هي آخر آخر شيء أفكر بالقيام به في هذه الساعة ، و هذه الحال
يكاد قلبي ينفطر أسى … لحقيقة مرة أتجرعها رغما عني
وليد لم يعد يهتم لأمري … و لم أعد أعني له ما كنت و أنا طفلة صغيرة …
ربما ظن الجميع أنني أويت لفراشي و نمت … فعادتي أن أنام مبكرة ، إلا أنني قضيت ساعات طويلة في التفكير و الحزن … و الألم و الدموع أيضا
لماذا يعاملني وليد بكل هذا الجفاء و يبتعد كلما اقتربت ؟؟
و دليل آخر … تكرر صباح اليوم التالي …
فقد نهضت متأخرة … و وجدت الجميع مجتمعين في غرفة المعيشة يتناقشون حول أمور شتى …
دخلت الغرفة فتوقف الجميع عن الحديث ، و ألقيت تحية الصباح … ثم خطوت باتجاه أحد المقاعد راغبة في مشاركتهم أحاديثهم …
و الذي حدث هو أن وليد نهض ، و هم بالمغادرة …
شعرت ُ بألم حاد في صدري …
قلت :
" كلا … ابق حيث أنت … أنا عائدة إلى غرفتي … اعتذر على إزعاجكم "
و استدرت بسرعة مماثلة للسرعة التي بها انهمرت دموعي …
و غادرت المكان ..
ذهبت إلى غرفتي و سبحت في بحر دموعي …
وافتني أمي بعد قليل و رأتني على هذه الحال
" رغد يا عزيزتي … لا تأخذي الأمر بهذه الحساسية ! إنه لا يقصد شيئا … لكنه الحياء ! "
انفجرت و تفوهت بجمل لم أفكر فيها إلا بعد خروجها ، من شدة تأثري …
قلت :
" إذا كان وجودي في هذا البيت يزعجه فأنا سأرحل إلى بيت خالتي … ليأخذ حريته التامة في التجول حيثما يريد "
أمي صدمت بما قلت ، و حملقت بي باندهاش …
" رغد ! كيف تقولين ذلك ؟؟ "
" إنه يتعمد تجاهلي و تحاشي ّ … كأنني فتاة غريبة و موبوءة … أ لهذا الحد لم يعد يطيقني ؟ ألم أعد أعني له شيئا ؟؟ ألم يكن يعني لي كل شيء في الماضي ؟؟ "
و سكت ّ ُ ، التقط بعض الأنفاس و أمسح الدموع بكومة من المناديل متكدسة في يدي … كنت أبكي بانفعال …
والدتي قالت فجأة :
" و الآن ؟؟ "
نقلت بصري من كومة المناديل المبللة في يدي ، إلى عيني أمي و نظراتها المقلقة …
و الآن ؟؟
أعتقد أن أمي كانت تلمح إلى شيء ، لم تجرؤ على التصريح به … و إن قرأت بعض معالمه في عينيها …
إنها نفس النظرة التي رمقتني بها تلك الليلة ، ليلة رحيل وليد السابق ، قبل أذان الفجر …
و خفت … من الحقيقة التي لا أريد أن أكتشفها أو يكتشفها أي كان … حقيقة الشعور بالحرارة التي تتأجج داخلي كلما كان وليد على مقربة ..
في ذات اليوم ، أصررت على الذهاب إلى بيت خالتي و تناول الغذاء مع عائلتها
كنت أريد أن أبتعد مسافة تسمح لي بالهدوء ، فنبضاتي لا يمكن أن تهدأ و وليد في مكان قريب …
هناك فوجئت بأمر آخر !
خالتي انفردت بي لبعض الوقت في إحدى الغرف و بدون أية مقدمات سألتني :
" هل صحيح أنك … أنك لا ترغبين في الزواج من ابن عمك سامر ؟؟ "
دهشت و هالني ما سمعت … قلت بذهول :
" أنا ؟ من … قال ذلك ؟؟ "
خالتي كانت تحدثني بجدية و قلق واضحين …
قالت :
" لقد سمعَتْك سارة تخبرين نهلة بهذا ذات مرة … و ذكرت الأمر على مسمع مني و من حسام … و من حينها و هو و أنا معه في جنون ! "
لم أع ِ الأمر بالسرعة المفروضة ، بل بقيت أحملق بدهشة و بلاهة في عيني خالتي … و ربما هي فسرت صمتي موافقة على ما تقول …

" رغد … أخبريني بكل شيء … فإن لم تكوني ترغبين في الزواج من ذلك المشوه فثقي بأنني لن أسمح لهذا الزواج بأن يتم أبدا "
فيما بعد ، كنت أجلس مع نهلة في غرفتها دون وجود سارة ـ لوحدنا أخيرا !

قلت :
" و تقولين أنها لا تعي شيئا ؟ إنها أخطر مما ظننت ! يا لجرأتها … كيف تخبر خالتي و حسام بأمر كهذا !؟ هل أنا قلت ذلك ؟؟ "
نهلة تنهدت و قالت :
" هذا ما ترجمه دماغها الصغير ! لقد قلت أنك لا تريدين الزواج الآن ! أخضعتني أمي لاستجواب مكثف ، و أخي حقق معي مطولا بسبب هذا الأمر ! "
" يا إلهي ! "
ابتسمت نهلة ابتسامة سخرية ماكرة ، ثم وقفت فجأة و نفخت صدرها هواء ً ، و رفعت كتفيها عاليا ، و قطبت حاجبيها و عبست بشكل غريب مرعب و قالت بنبرة خشنة ـ تقلد حسام :
" أمي يجب أن تتأكدي من الأمر لأنني إن اكتشفت أنهم أرغموها على هذا الزواج أو استقلوا كونها يتيمة و صغيرة و ضعيفة ، فأقسم بأنني سأشوه النصف الآخر من وجه ذلك اللئيم الماكر "
قفزت أنا واقفة بغضب …
" نهلة ! "
ألا أنها تابعت تمثيل المشهد :

" قلت لك يا أمي … تدخلي و امنعي هذا الارتباط منذ البداية … أترين أن فتاة في الرابعة عشر هي مدركة بالقدر الكافي لتحديد مصيرها في أمر كهذا ؟؟ كيف تجرءوا على فعل هذا كيف ؟؟ كيف ؟؟ ويل لذاك المشوه مني "
" يكفي نهلة … "
قلت ُ بعصبية ، فعادت نهلة إلى شخصيتها الطبيعية ، و قالت :
" هذا ما كان يحصل كل يوم ! تعرفين أن حسام يبغض خطيبك من ذلك الحين ! "
قلت :
" لا أقبل أن ينعته أحد بالمشوه … و تشوه وجهه ليس شيئا يستحق أن يعير عليه"
نهلة جلست على السرير ، و قالت :
" ليس بسبب التشوه هو ناقم منه ! تعرفين ! إنه بسببك أنت ! لازال مولعا بك ! "
انزعجت من هذا … فقد كنت أظن أن الأمر قد انتهى … لكن …
" أرجوك نهلة لنغير الموضوع … لقد أكدتُ لوالدتك أن سارة فهمت خطأ … و إن بدا عليها عدم الاقتناع … لكن لندع الأمر ينتهي الآن … "
و أتيت و جلست قربها … ثم اضطجعتُ مسترخية على السرير …
" إذن … ماذا قررت ؟ مع دانة أم بعدها ؟؟ "
تنهدت بانزعاج من الموضوع برمته … قلت :
" لم أقرر يا نهلة … لماذا يطاردني الجميع بهذا السؤال ؟؟ "
نهلة أمسكت بيدي اليمنى و أخذت تحرك خاتم الخطوبة حول إصبعي البنصر و تقول :
" لأن هذا الخاتم سئم البقاء حول هذا الإصبع ! إنها أربع سنوات يا رغد ! "
قلت :

" لكنني لا أزال صغيرة ! ألا ترين ذلك ؟؟ أريد أن أتخرج من الجامعة أولا.. و أريد أن … تتغير علاقتي بسامر فأنا لا أشعر بشيء مميز تجاهه "
كنت أنظر إلى السقف ، و لكن رأس ابنة خالتي ظهر أمامي فجأة … و أجبرني على النظر إلى عينيها …
قالت :
" تقصدين لا تحبينه … "
و كان تقريرا إجباريا لا سؤالا …
التفت يمينا فأمسكت هي بوجهي و أعادته حيث كان و أجبرتني على النظر إلى عينيها الناطقتين بالحق …
" لا تهربي رغد ! أنت ِ لا تحبينه ! "
استسلمت … و غضضت بصري … أتحاشى تلك النظرة الثاقبة الفاهمة …
نهلة هي أكثر شخص يفهمني و أبوح إليه بأسراري و كل ما يختلج مشاعري …
نهلة مسحت على رأسي بعطف و قالت :
" رغد … لا تتزوجيه إذا لم تكوني ترغبين في ذلك … إنه كالأخ بالنسبة إليك ! أبقيه أخا فأنت بحاجة إليه كأخ لا كزوج ! "
" نهلة ! … "
و ضربت أنفي بإصبعها ضربة خفيفة و هي تقول :
" أليس كذلك ؟؟ "
عدت أحدق بها … في حيرة من أمري …
قلت :
" من أتزوج إذن ؟؟ "
هي ابتسمت و قالت بمكر :
" أخي حسام ! "
رفعت رأسي و صدمت جبينها بجبيني عمدا ثم جلست و أخذت هي تمثل دور المتألمة !
" آه … رأسي ! كسر في الجمجمة ! انجدوني ! "
قلت بنفاذ صبر :
" قلت لك ِ ! لا تتوبين !"
قالت و قد بدت عليها الجدية الآن :
" صدقيني يا رغد … إنه مهووس بك ! "
قلت :
" و الآخر كذلك ! لم تظنينه يلح علي بالزواج ؟ إما أن نتزوج أو يفتش عن وظيفة أخرى تبقيه قربي ! "
قالت ، تنظر إلي بعين شبه مغمضة و حاجبيها مرفوعين أقصاهما :
" من مثلك ! عاشقان في وقت واحد ! يا للحظ ! كم أنا مسكينة ! "
" قلت لك لا تتوبين ! أوه نهلة ! لسوف أطلب من خالتي التفتيش عن عريس لك حتى أتخلص منك كما تخلصت من دانة ! "
ضحكت نهلة و قالت :
" سأتزوج من شقيق زوجك حتى آتي للعيش معك ! لن تتخلصي مني ! "
و استمرت في الضحك …
الجملة أثارتني كثيرا … غضبت و قلت بانفعال لا يتناسب و دعابتها العفوية :
" قلت لك دعي وليد و شأنه … لا تأتي بذكر هذا ثانية أ فهمت ِ ؟؟ "
نهلة ابتلعت ضحكتها و نظرت إلي بشيء من التعجب و الحيرة …
" ما الأمر رغد ! كنت أمزح … لم انفعلت هكذا ؟؟ "
خجلت من نفسي فأنا لا أعرف لم انفعلت بهذا الشكل بينما هي تمزح ليس إلا …
بل ، و حتى لو كان كلامها غير مزاح … لم علي الانفعال هكذا ؟؟
اعتقد أن وجهي تورد … فنظرات نهلة توحي بأنها تلحظ شيئا غريبا على وجهي …
التفت نحو اليسار أخفي شيئا مما قد يكون ظاهرا على وجهي دون أن أملك القدرة على مواراته لكن توتري كان أوضح و أفصح من أن يغيب عن ذهن نهلة … التي تعرفني عز المعرفة …
" رغد … ماذا دهاك ؟؟ "
" أنا ؟ لا شيء … لا شيء "
و الآن استدرت كليا ، و أوليتها ظهري … بل و سرت نحو المجلة الموضوعة على المنضدة قرب سرير نهلة … متظاهرة بالبرود …
قالت تحاصرني :
" وليد غائب الآن ؟؟ "
قلت :
" لا … عاد إلينا منذ يوم أمس الأول … "
و أمسكت بالمجلة ، و جلست على السرير ، و أخذت أقلب صفحاتها و ألْهي نفسي بالتفرج على الأزياء و المساحيق و العطور … و حتى الأخبار السياسية و الرياضية … و صور اللاعبين !
" أوف ! "
أغلقت المجلة بسرعة ، بعد أن وقعت عيناي على صورة نوّار يبتسم !
يا إلهي ! كم أنفر من هذا الشخص ! رغم أنه محبوب من قبل الكثيرين و الكثيرات !

" ماذا دهاك ؟؟ "
" إنه ذلك المغرور ! من أمنيات حياتي … أن أتصفح مجلة ذات يوم ثم لا أجد صورة له فيها ! يا له من شخص بغيض ! أتساءل ما الذي يجذب هؤلاء البشر إليه ؟؟ دانة المسكينة ! "
" و لم مسكينة ..؟ ألست تقولين أنها تحبه ؟؟ "
" كثيرا ! إنه سيعود الليلة من رحلته و ستقيم الدنيا و تقعدها من أجله ! لابد أنها الآن تعد أطباق العشاء و الكعك من أجله ! الحمد لله إنني لست معها في المطبخ هذه الساعة ! "
و ضحكنا بمرح …
ثم قالت :
" و خطيبك سيرحل اليوم ؟ "
" نعم … خلال ساعتين "
" إذا … ألا يجدر بك أن تكوني معه الآن ؟؟ "
وقفت … و سرت في الغرفة بضع خطوات حائرة … فقد خرجت من منزلي منذ الصباح ، و هاهي الساعة تتجاوز الثالثة ظهرا … و لابد أن سامر ينتظر عودتي الآن …
قلت :
" إنه مع وليد … الكل محتفٍ بعودته و مشغول به ! من سيذكرني هذه اللحظة ؟؟ "
قالت :
" هل سيرحل وليد عاجلا ؟ "
" لا .. على ما أظن و أتمنى "
" تتمنين ؟؟ "
وقعت ُ في شركي ! قلت محاولة التصحيح و التعديل :
" أقصد نتمنى جميعا … فلا أحد يود رحيله و والداي سيحزنان كثيرا جدا كالمرة السابقة و التي سبقتها إن رحل … أتمنى أن يستقر هنا و يريح الجميع "
ربما كان الحمرة تعلو وجهي هذه المرة أيضا …
و الآن … إي شيء أشغل يدي به تغطية على اضطرابي هذا ؟ ألا يوجد في الغرفة مجلة أخرى …؟؟
وقع بصري على مجموعة زجاجات العطر أمام مرآة الغرفة ، فذهبت أليها أشمها واحدة تلو الأخرى …
أقبلت نهلة و وقفت إلى جانبي …
قالت :
" ربما لديه ارتباطات هامة هناك ! عمل … منزل … عائلة … زوجة ! "
استدرت إليها و قد اكفهر وجهي … و قلت بسرعة :
" إنه غير متزوج "
" أحقا ؟؟ "
كانت نظراتها تشكيكية مخيفة ! قلت :
" طبعا ! و هل تظنين أنه سيتزوج دون إبلاغنا ! مستحيل ! ما يبقيه هناك هو العمل … ليته يجد فرصة للعمل هنا و يستقر معنا … "
قالت :
" لتضمنوا عدم رحيله … زوجوه ! "
و أضافت و هي تبتسم بمكر :
" أنتم الثلاثة في ليلة واحدة ! و نتخلص منكم ! "
رفعتُ إحدى زجاجات العطر أمام وجهها بغتة و تأهبتُ لرش العطرعلى عينيها

" أوه لا لا رغد كنت أمزح ! "
و فرّت و صرت أطاردها حتى جلسنا على السرير نضحك بشدة
بعد قليل … قلت :
" علي العودة للبيت ! سامر ينتظر اتصالي ! "
و قمت ، متوجهة إلى الهاتف الموضوع على مكتب نهلة …
و اتصلت بالمنزل … و إذا بالدماء تتصاعد من جديد و بغزارة إلى وجهي … و نهلة تقترب مني و تراقبني …
" وليد ؟ إنها أنا "
" ( مرحبا … رغد ) "
" إمم .. أود التحدث إلى سامر "
" ( سامر … أظنه يستحم الآن ! هل تريدين شيئا ؟ ) "
" أأأ … أريد أن يأتي إلي ّ … هل لا أبلغته بأنني أنتظره ؟ "
" ( حسنا ) "
" شكرا "
" العفو … صغيرتي "
و أغلقت السماعة بصعوبة … فقد كانت يدي ترتجف !
و بدأت أتنفس بعمق و أشعر بالحر … و أيضا … أتصبب عرقا !
نهلة وقفت أمامي مباشرة تشاهد الاضطراب الذي اعتراني فجأة … بحيرة و فضول

" رغد … "
" نعم ؟؟ "
" لماذا تنفعلين كلما جيء بذكر وليد !؟ "
" أنا ؟؟ من قال ذلك !؟ "
و مدت نهلة يدها و تحسست جبيني براحتها …
" إنك تغلين ! وجهك أحمر ناضج و جبينك مبلل بالعرق ! "
أربكتني كثيرا كلمات نهلة … و حاولت التملص من نظراتها لكنها حاصرتني …
ابتعدت عنها و ذهبت إلى حيث أضع عباءتي لأرتديها استعدادا للمغادرة !

" و لكن خطيبك لم يحضر بعد ! "
" سأستعد … "
كنت أريد أن أنشغل بشيء بعيدا عن نظرات نهلة التي تخترق أعماقي …
كنت أضبط حجابي مولية إياها ظهري …
قالت :
" خطيبك شاب جيد يستحق فتاة رائعة مثلك ! "
تابعت ترتيب حجابي دون أن أعير جملتها هذه اهتماما …

قالت :
" و أخي شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلك ! "
و لم ألتفت إليها ! حتى لا أدع لها مجالا لفتح الموضوع مجددا !
و تابعت ارتداء عباءتي …
" و وليد شاب جيد و يستحق فتاة رائعة مثلي ! "
استدرت فجأة نحو نهلة … باضطراب و توتر و انزعاج جلي شديد ! …
اصطدمت نظراتنا الحادة العميقة … و بقينا لبضع ثوان نحملق في بعضنا البعض …
نهلة أوقعت بي …
إنها خبيثة !
كنظراتها التي ترشقني بها الآن …
أتت نحوي … و رفعت يدها و أمسكت بعباءتي و سحبتها …
" رغد يا ابنة خالتي العزيزة … لن تخرجي من هنا حتى أعرف ما حكايتك مع وليد ! "

بعد عشر دقائق كنت أجلس في السيارة إلى جانب سامر …
" هل تحبين أن نتجول قليلا قبل العودة ؟؟ "
" كما تشاء "

قضينا قرابة الساعة نجول في شوارع المدينة … و نتبادل الأحاديث …
سامر … و الذي لم يجد الفرصة السانحة قبل الآن لفتح الموضوع ، سرعان ما تطرق إليه …
" الوقت يمضي يا رغد … لقد بدأت أضيق ذرعا بالوحدة هناك … لا أريد أن أخسر وظيفة ممتازة كهذه ، لكنني لا أريد أن أبقى بعيدا أطول من ذلك …

احداث الحلقة الاخيرة من الارض الطيبة جميلة 2024.

بليييز اللي تعرف للحلقة الاخيرة تقول؟ وكم عدد حلقتها؟يعطيكو العافية
ان شاء الله البنات يفيدوك
زينب يقتلها زيدان وطارق يتزوج ديالا وتطور القرية وعدد الحلقات اكثر من حلقة
تيب ايمن يتزوج ولا

صلي صح . الحلقة الأولى 2024.


خليجية

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خير خلق الله أجمعين ، وعلى آله وصحبه ومن سار على سبيله ونهجه واستن بسنته إلى يوم الدين ، أما بعد :
هذه بعض أحكام باب المياه .

خليجية

فائدة معرفة أحكام المياه :
أن المكلف إذا أراد أن يصلي فإنه يجب عليه أن يبحث أول ما يبحث عن الماء الذي يتوضأ به ، فهنا يرد السؤال : هل يجوز للمكلف أن يتوضأ بكل ماء ؟! أم هناك ماء حدده الشرع وجعل لا يتحقق صحة الصلاة إلا بهذا الماء ؟نعم هناك ماء واحد الذي يرفع الحدث الأكبر والأصغر وهو الماء الطهور .

خليجية

ثانياً : الأصل في المياه أن الماء طهوراً باقي على أصل خلقته التي خلقه الله-عز وجل- عليها .
والدليل على ذلك : { وَأَنزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً } فوصف الله-عز وجل- الماء النازل من السماء بكونه طهوراً .
مثل : ماء السيل ، ماء الأنهار ، ماء البحار … ونحوها .

خليجية

ثم بعد ذلك المياه تنقسم إلى قسمين على الصحيح :
القسم الأول : الماء الطهور : وهو الماء الباقي على أصل خلقته التي خلقه الله-عز وجل- عليها .
وحكمه : الطاهر في نفسه المطهر لغيره .
ويتفرع من الماء الطهور الماء الطاهر : وهو الماء الذي تغير عن أصل خلقته التي خلقها الله-عز وجل- بطاهر .
وحكمه : الطاهر في نفسه الغير مطهر لغيره .
مثل : ماء الباقلاء ، ماء الورد ، ماء الزعفران .. إلخ .

خليجية

القسم الثاني : الماء النجس : وهو الماء سلب الطهورية وتغير عن أصل خلقته التي خلقه الله-عز وجل- بنجس .
حكمه : غير طاهر في نفسه وغير مطهر لغيره .
مثل : يوجد عندك سطل وقعت نجاسة فغيرت الماء برائحه أو طعمه أو لونه فإنه يعتبر نجس .
هذا تقسيم المياه ، أي ماء على وجه الأرض لا يخرج عن هذه الأقسام .

خليجية

مسائل عصرية :
** حكم الوضوء بماء المسابح التي يوضع فيها الكلور ؟ماء المسبح الذي وضع فيها الكلور يعتبر طاهر تغير عن أصل خلقته بطاهر فلا يصح منه الوضوء .
** ما حكم ما يخرج من صنبور الماء في شدة الحر من الصديد الأصفر هل يأخذ حكم الماء الطاهر ؟لا إنما هذا بفعل الحرارة لكن لو انتظر قليلاً حتى يعود إلى حالته فهو أفضل لكن إن توضأ فوضوءه صحيح .
** ما حكم ما يفعله بعض الناس من وضع بعض جالون الماء في البيت مدة شهر أو شهرين حتى عندما ينقطع الماء يستخدم هل يجوز وهل التغير يؤثر ؟إذا جلس فترة وبقي على حاله فهو الماء الآجن الذي بقي فترة طويلة ثم يستخدمه الإنسان فقد ثبت عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنه توضأ بالماء الآجن .

ونلقاكم في الحلقة الثانية من الدورة

خليجية

يعطيك العافيه

بانتظار جديد للاستفادة

وياريت توضحين كل الامور لان ممها تعلمنا نكون بعض الاحيان جاهليم بعض الاشياء

خليجية
خليجية
خليجية