الدليل الكامل لغذاء الحاج وسلامة طعامه 2024.

الدليل الكامل لغذاء الحاج وسلامة طعامه

خليجية

لموسم الحج طابع مميز، حيث ينشط فيه الحجاج القادمون من أنحاء العالم لأداء فريضة الحج، يربطهم الدين القويم رغم اختلاف اللغة والثقافات والعادات ومنها العادات الغذائية.

ومناسك الحج تتطلب من الحاج بذل جهد بدني أكثر مما تعود القيام به في حياته العادية، فهناك الطواف والسعي ورمي الجمرات والتنقل ماشيا بين بقاع المشاعر المقدسة.

كما يوجد بعض التغيرات التي تصاحب هذه الفترة الزمنية مثل: التغير في مواعيد تناول الطعام ونوع وكمية المتناول منه.

والجمال تتحدث في هذا التحقيق عن هذا الجانب المهم في حياة الحجاج وهو «التغذية خلال فترة الحج وسلامة الطعام».

أهمية تغذية الحاج
للتغذية خلال فترة أداء مناسك الحج أهمية خاصة وأهدافها يجب تحقيقها وتوفيرها للحاج من أجل تمام لياقته البدنية التي تساعده على أداء كافة مناسك الحج وبطريقة صحيحة، ومن تلك الأهداف ما يلي:

1. توفير العناصر الغذائية اللازمة لاحتياجات الجسم، التي تشمل البروتينات والكربوهيدرات والدهنيات والفيتامينات والعناصر المعدنية والماء وهذا يتحقق بتنويع مصادر الغذاء مع زيادة استهلاك الخضراوات والفاكهة.

2. تحسين مستوى التغذية للحجاج بحيث تكون كافية لما يقومون به من نشاط بدني يومي من دون إفراط، أي أن تكون بالكمية اللازمة لاحتياجاتهم حسب العمر والجنس وما يبذلون من طاقة.

3. تجنب حدوث انواع التسمم الغذائي الناتجة عن تلوث الغذاء، باتباع الطرق والإرشادات الصحية السليمة وتحضير وإعداد الأطعمة مع النظافة، فالنظافة واجبة في كل شيء في حياة الإنسان المسلم وهي أوجب ما تكون في الغذاء حيث ان كثيراً من الأمراض تنتقل عن طريق الطعام أو الشراب الملوث.

وهناك أساسيات للغذاء الصحي المتوازن يجب أن تتوفر في غذاء الحاج وهي النوعية، الكمية، والسلامة.

فلا بد أن يشتمل الغذاء على البروتينات والكربوهيدرات والدهنيات والفيتامينات والعناصر المعدنية والماء، وهذا يتحقق بتنويع مصادر الغذاء مع زيادة استهلاك الخضروات والفاكهة.

كما يجب أن تكون كمية الطعام كافية دون إفراط بحيث تكفي احتياج الحاج وما يبذله من طاقة.

كما أن هناك مشاكل صحية عديدة تنجم عادة من سوء التغذية، بسبب النقص في كمية الغذاء أو أحد عناصره المهمة، وهي تظهر بصورة واضحة في فئة خاصة من الحجاج وهم كبار السن.

ومن ناحية أخرى فإن الإفراط في استهلاك الطعام قد يسبب لهم اضطرابات في وظائف الجهاز الهضمي.

وأخيرا يجب أن يكون الغذاء نظيفاً، فالنظافة واجبة في كل شيء في حياة الإنسان، وهي أوجب ما تكون في غذائه، خاصة في هذه الفترة المهمة من حياته، حيث إن كثيراً من الأمراض تنتقل عن طريق الطعام الملوث.

أنواع الغذاء المفضلة
هناك أنواعا معينة من الغذاء يفضل تناولها خلال وجود الحجاج في الأراضي المقدسة، فلفترة الحج طابع مميز، حيث يزداد نشاط الحجيج مع بداية تأديتهم المناسك الدينية وفي أيام معدودات إضافة إلى ما يتطلبه أداء هذه المناسك من جهد بدني من الحاج كالطواف والسعي ورمي الجمرات والانتقال بين بقاع المشاعر المقدسة.

لذا يلزم الحاج تناول وجبات غذائية تساعده في الحفاظ على توازن الطاقة في الجسم والاحتفاظ بكمية سوائل تعوض الفاقد من الجسم مع الحرص على عدم التعرض للإمساك خلال فترة الحج، وذلك من خلال اتباع التالي:

– تناول الفاكهة والخضراوات الطازجة بعد غسلها جيداً، فذلك يوفر المصدر الجيد للفيتامينات والأملاح المعدنية والطاقة والألياف الطبيعية التي تجنب الفرد الإمساك.

– تناول التمور مع منتجات الألبان (زبادي، أجبان، لبن)، فذلك يمد الحاج بوجبة غذائية عالية القيمة الغذائية سهلة الهضم كما يوفر له الوقت وجهد الطهي.

– تناول الخبز الكامل (الحب) الذي يمد الفرد ببعض الفيتامينات والألياف والطاقة.

– التناول المستمر للمياه والعصائر والمشروبات لتعويض ما يفقده الجسم من السوائل.

وفي حالة العرق الشديد نتيجة لارتفاع حرارة الجو تضاف عبوة ملح الجفاف مع كميات من مياه الشرب لتعويض الجسم ما يفقده من الأملاح والسوائل نتيجة العرق.

الحجاج المرضى والحمية الغذائية أما بالنسبة لبعض الحجاج المصابين بأمراض مزمنة قبل أن يأتوا الى الأراضي المقدسة وتكون ذات علاقة بالتغذية مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم أو المرضى الذين يعانون من ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم .. الخ فيجب على هؤلاء الحجاج، في هذه الحالة، المحافظة على الحمية الغذائية الموصوفة لهم من قبل اختصاصي التغذية مع تناول الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المعالج في مواعيدها.

كما يجب مراعاة أن وجود الحجاج في خيام مفتوحة قد يعرضهم للغبار أو الأتربة، مما قد يؤدي إلى حدوث حساسية لديهم (إذا كان لديهم استعداد لذلك) كما قد يتعرض الحاج لتناول أطعمة جديدة عليه قد تكون محدثة للحساسية لديه.

الوقاية الغذائية
وحتى يتحقق للحاج أكبر قدر من السلامة الغذائية أثناء أدائه مناسك الحج، فيجب أتباع التعليمات والإرشادات الغذائية التالية:

– تناول الطعام في أماكن معروفة وعدم تناوله من الباعة الجائلين في الطرقات.

– غسل اليدين جيداً قبل تناول الطعام وعدم التكاسل أو الاستخفاف بهذه النصيحة فكثيراً ما يكون سبب التسمم الغذائي عدم الاهتمام بغسل الأيدي، وبالطبع قد يحرم ذلك الحاج من إكمال أداء مناسك الحج.

– الابتعاد قدر الإمكان عن تناول الأطعمة غير المطهية مثل بعض الأسماك الصدفية.

– الابتعاد عن تناول السلطات المحضرة مسبقاً من المايونيز وسلطات البيض أو الدجاج او التونة، حيث تكون أكثر عرضةً للتلوث أو الفساد.

– تجنب الأطعمة التي تكون سريعة الفساد إذا تركت فترة بعد الطهي مثل الأسماك أو الدجاج أو الكبسة.

– تناول اللبن المبستر أو المعقم المغلي جيداً، ويفضل شراء العبوات الصغيرة وعدم الاحتفاظ بالعبوة بعد فتحها.

– عدم الإكثار من تناول الأطعمة أكثر مما تم التعود عليه فإن ذلك قد يسبب بعض الاضطرابات الهضمية والشعور بالغثيان.

– التأكد دائماً من أن أدوات الطعام نظيفة وخالية من الأوساخ والأتربة.

– التأكد دائماً من ان مياه الشرب آتية من مصدر صحي وسليم، كذلك تجنب تناول الثلج المصنوع من هذه المياه، ويكون من الأفضل تناول المياه المعبأة والمشروبات التي تبيعها شركات معروفة.

– عدم تناول أي طعام غريب وهذا يشمل جميع الأطعمة حتى الفاكهة ويمكن تناول هذا الطعام بعد أداء مناسك الحج ولكن ليس قبله، فالأطعمة التي تؤكل لأول مرة قد تسبب بعض الاضطرابات الهضمية أو الحساسية الغذائية.

– التأكد من نظافة المائدة ومفرشها والفوط التي توضع عليها فقد تكون مصدراً لنقل الجراثيم أو العدوى في حالة عدم نظافتها.

– حفظ ما تبقى من الأطعمة في مكان نظيف مبرد بعيداً عن الأوساخ والحرارة.

– غسل الفاكهة والخضراوات جيداً قبل الأكل.

– تغطية الأطعمة الطازجة المطهية لحمايتها من الحشرات والأتربة.

– التأكد من عدم ظهور أي علامة على فساد الأطعمة سواء المطهية أو الطازجة أو المعلبة.

جزاك الله خير على هالمجهود

يعطيك العافيه حبيبتي

مشكورة حبيبتى
خليجية
جزاكى الله خيرا

أخي الحاج ماذا ستفعل بعد حجك؟ 2024.

أخي الحاج.. ماذا ستفعل بعد حجك؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد

أخي الحاج: "برّ حجك"، هكذا كان السلف -رضي الله عنهم- يدعون لمن رجع من حجه (انظر لطائف المعارف).

قال ابن رجب -رحمه الله-: "فما دعا الحاج لنفسه، ولا دعا له غيره بأحسن من الدعاء بأن يكون حجه مبرورًا، ولهذا يشرع للحاج إذا فرغ من أعمال حجه، وشرع في التحلل من إحرامه برمي جمرة العقبة يوم النحر أن يقول: اللهم اجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا، روي ذلك عن ابن مسعود وابن عمر -رضي الله عنهم- من قولهما" اهـ من لطائف المعارف، وسنده صحيح عن ابن مسعود -رضي الله عنه- رواه الإمام أحمد موقوفًا عليه.

أخي الحاج:

ندعو لك بهذا الدعاء رجاء أن تكون من أهل قوله صلى الله عليه وسلم: «وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ» (متفق عليه).

– فكم من الناس لم يبر حجه "وما كان كل من حج قُبِل، ولا كل من صلى وصل".

قيل لابن عمر -رضي الله عنهما-: "ما أكثر الحاج؟ قال: ما أقلهم".

وقال: "الركب كبير، والحاج قليل".

"إذا حججتَ بمال أصله سحت فما حججت، ولكن حجت العير، لا يـقـبـل الله إلا كـل صـالحة، ما كـل من حج بيت الله مبرور، من حجه مبرور قليل، ولكن قد يوهب المسيء للمحسن.." اهـ من لطائف المعارف.

عن بلال -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له غداة جمع مزدلفة: «{c}يَا بِلاَلُ أَسْكِتِ النَّاسَ -أَوْ أَنْصِتِ النَّاسَ-، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَطَوَّلَ عَلَيْكُمْ فِي جَمْعِكُمْ هَذَا، فَوَهَبَ مُسِيئَكُمْ لِمُحْسِنِكُمْ، وَأَعْطَى مُحْسِنَكُمْ مَا سَأَلَ، ادْفَعُوا بِاسْمِ اللَّهِ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

والحج المبرور هو: قال ابن خالويه: المقبول. ومنه: بر حجك. وقيل: الذي لا يخالطه شيء من الإثم -رجحه النووي-، ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ؛ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» (متفق عليه).

"فَلَمْ يَرْفُثْ" الرفث: الجماع، ويطلق على التعريض به، وعلى الفحش في القول، والجمهور على أن المراد به في الآية: الجماع، والذي يظهر أن المراد به في الحديث ما هو أعم من ذلك، وإليه نحا القرطبي، وهو المراد بقوله صلى الله عليه وسلم في الصيام: «وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ وَلا يَصْخَبْ…» (متفق عليه).
"وَلَمْ يَفْسُقْ" أي: لم يأتِ بسيئة ولا معصية. اهـ بتصرف من فتح الباري، وقيل: الذي لا رياء فيه، ويشهد له قوله صلى الله عليه وسلم عندما أهل بالحجة: «اللَّهُمَّ حَجَّةٌ لاَ رِيَاءَ فِيهَا، وَلاَ سُمْعَةَ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).

– وقال القرطبي -رحمه الله-: "الأقوال التي ذكرت في تفسيره متقاربة المعنى، وهي أنه الحج الذي وُفيت أحكامه، ووقع موقعًا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل، والله أعلم" انظر فتح الباري بزيادات وتصرف.

ويشهد لقول القرطبي حديث جابر في تفسير بر الحج: قَالَوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، مَا بِرُّ الْحَجُّ؟ قَالَ: «{c}{c}إِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلامِ{c}{c}» (رواه أحمد، وحسنه الألباني).

قال ابن حجر -رحمه الله-: "في هذا تفسير المراد بالبر في الحج".
وقال ابن رجب -رحمه الله- بعد هذا الحديث: "فالحج المبرور ما اجتمع فيه فعل أعمال البر مع اجتناب أعمال الإثم" اهـ من لطائف المعارف.

وقيل: أن يرجع خيرًا مما كان. قاله ابن حجر في الفتح.

قلت: والأشبه أن هذه علامة على القبول والله أعلم.

جزاء الحج المبرور:

1- يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه؛ لحديث أبي هريرة السابق، وحديث عمرو بن العاص -رضي الله عنه- قال صلى الله عليه وسلم: «{c}{c}الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ{c}{c}» (رواه مسلم).

وحديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- وفيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن جاءه يسأله عن الحج: «{c}أمَّا خَرُوجُكَ مِنْ بَيْتِكَ تَؤُمُّ البَيْتَ الحَرامَ فإنَّ لَكَ بِكُلِّ وَطْأَةٍ تطَؤُها راحِلَتُكَ يَكْتُبُ اللَّهُ لَكَ بِها حَسَنَةً ويَمْحُو عنكَ بها سَيِّئَةً، وأمّا وُقُوفُكَ بِعَرَفَةَ فإنَّ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ يَنْزِلُ إلى السَّماءِ الدُّنْيا فَيُباهِي بِهِم المَلائِكَةَ فَيَقُولُ: هؤُلاءِ عِبادِي جاءُونِي شُعْثاً غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجَ عَمِيقٍ يَرْجُونَ رَحْمَتِي ويَخَافُونَ عَذَابِي ولمْ يرَوْني فكَيْفَ لَوْ رَأَوْني، فَلَوْ كانَ عليكَ مثلُ رَمْلِ عالِجٍ أوْ مِثْل أيَّامِ الدُّنْيا أوْ مِثْلُ قَطْرِ السَّماءِ ذُنُوبًا غَسَلَها اللَّهُ عنكَ، وأمَّا رَمْيُكَ الجِمَارَ فإِنهُ مَدْخُورٌ لَكَ، وأَما حَلْقُكَ رَأْسَكَ فإِنَّ لكَ بِكُلِّ شَعْرَةٍ تَسْقُطُ حَسَنَةً، فإذا طُفْتَ بالبَيْتِ؛ خَرَجْتَ مِنْ ذُنُوبِكَ كَيَوْمِ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ» (رواه الطبراني، وحسنه الألباني).

قال ابن حجر -رحمه الله-: "رجع كيوم ولدته أمه" أي: بغير ذنب، وظاهره غفران الصغائر والكبائر والتبعات، وهو من أقوى الشواهد لحديث العباس بن مرداس المصرح بذلك، وله شاهد من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في تفسير الطبري، وقد وقع في رواية الدارقطني المذكورة: "رجع كهيئة يوم ولدته أمه". اهـ من فتح الباري بتصرف.

قال ابن رجب -رحمه الله-: “وقد استنبط معنى هذا الحديث من القرآن طائفة من العلماء، وتأولوا قول الله تعالى: {فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚ لِمَنِ اتَّقَىٰ} [البقرة:203]، بأن من قضى نسكه، ورجع منه، فإن آثامه تسقط عنه إذا اتقى الله عز وجل في أداء نسكه، وسواء نفر في اليوم الأول من يومي النفر متعجلاً أو متأخرًا إلى اليوم الثاني” اهـ “لطائف المعارف”.
2- يوجب دخول الجنة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ»، قال ابن رجب -رحمه الله-: "الحج المبرور يكفر السيئات، ويوجب دخول الجنات" اهـ من لطائف المعارف.

قال ابن خزيمة -رحمه الله-: "من عمل من المسلمين بعض تلك الأعمال، ثم سدد وقارب، ومات على إيمانه؛ دخل الجنة" (معارج القبول).

علامات الحج المبرور:

أن يرجع خيرًا مما كان: سأل أبو هريرة -رضي الله عنه- النبي صلى الله عليه وسلم: "أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟"، قَالَ صلى الله عليه وسلم: «إِيمَانٌ بِاللَّهِ». قَالَ: "ثُمَّ مَاذَا؟"، قَالَ: «الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ». قَالَ: "ثُمَّ مَاذَا؟" قَالَ: «حَجٌّ مَبْرُورٌ» (متفق عليه).

قال ابن حجر -رحمه الله-: "يظهر بآخره، فإن رجع خيرًا مما كان؛ عرف أنه مبرور" اهـ من فتح الباري.قيل للحسن -رحمه الله-: "الحج المبرور جزاؤه الجنة؟ قال: آية ذلك: أن يرجع زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة".

ولكي تحقق ذلك، فعليك باستغفار الله كثيرًا ختمًا لهذه العبادة العظيمة كما أمرك الله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [البقرة:199].

قال العلامة السعدي -رحمه الله-: "وهكذا ينبغي للعبد كلما فرغ من عبادة أن يستغفر الله عن التقصير، ويشكره على التوفيق، لا كمن يرى أنه قد أكمل العبادة، ومنَّ بها على ربه، وجعلت له محلاً ومنزلة رفيعة، فهذا حقيق بالمقت ورد العمل، كما أن الأول حقيق بالقبول والتوفيق لأعمال آخر" اهـ من التفسير.

وعليك بذكر الله كثيرًا كما أمرك ربك تعالى فقال: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّـهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} [البقرة:200].قال القاسمي -رحمه الله-: "أي: إذا فرغتم من أعمال الحج ونفرتم {{c}اذْكُرُوا اللَّـهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا} أي: فأكثروا ذكر الله، وابذلوا جهدكم في الثناء عليه، وشرح آلائه ونعمائه كما تفعلون في ذكر آبائكم ومفاخركم وأيامهم بعد قضاء مناسككم" اهـ من تفسيره.

وكذا قال ابن عباس -رضي الله عنهما- نحوه.. (تفسير ابن كثير).

وقال ابن كثير -رحمه الله-: “ثم إنه تعالى أرشد إلى دعائه بعد كثرة ذكره فإنه مظنة الإجابة، وذم من لا يسأله إلا في أمر دنياه وهو معرض عن أخراه، فقال: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} [البقرة:200]، أي: من نصيب ولا حظ، وتضمن هذا الذم والتنفير عن التشبه بمن هو كذلك، ومدح الله تعالى من يسأله الدنيا والآخرة، فقال: {وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:201]، فجمعت هذه الدعوة كل خير في الدنيا، وصرفت كل شر. (من التفسير بتصرف).

فإن كل حسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة، ورزق واسع، وعلم نافع، وعمل صالح، ومركب هين، وثناء جميل، إلى غير ذلك مما اشتملت عليه عبارات المفسرين، ولا منافاة بينها؛ فإنها كلها مندرجة في الحسنة في الدنيا، وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة، وتوابعه من الأمن من الفزع الأكبر في العرصات، وتيسير الحساب، وغير ذلك من أمور الآخرة الصالحة، وأما النجاة من النار فهو نقيض تيسير أسبابه في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام، وترك الشبهات والحرام، وعن أنس -رضي الله عنه-: كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» (متفق عليه).

-ومن الدعاء: الدعاء بأن يتقبله الله منك؛ فقد ثبت عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه كان يدعو بعد التحلل الأول: "اللهم اجعله حجًّا مبرورًا، وسعيًا مشكورًا، وذنبًا مغفورًا" (رواه أحمد بسند صحيح).

وأن يكون قلبك بين الخوف والرجاء، كما قال الله تعالى: {{c}{c}وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ{c}{c}} [المؤمنون:60]، أي: يؤدون ما عليهم ويخافون ألا يتقبل منهم، كما قالت عَائِشَة -رضي الله عنها-: يَا رَسُولَ اللهِ {{c}{c}وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ{c}{c}} أَهُوَ الَّذِي يَزْنِي، وَيَسْرِقُ، وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ؟ قَالَ: «{c}لاَ، يَا بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ -أَوْ: يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ- وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُ، وَيُصَلِّي، وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لاَ يُتَقَبَّلَ مِنْهُ» (رواه أحمد والترمذي وابن ماجه واللفظ له، وحسنه الألباني).

فالمدار على القبول كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27].

قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة لكان فرحي بالموت أشد من فرحي بالحياة؛ لأن الله يقول: {{c}{c}إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّـهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ{c}{c}}".

-وعليك بتحقيق مقاصد الحج التي كنت حريصًا على تحقيقها في حجك من إقامة الذكر لله تعالى لا لغيره كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا جُعِلَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ لإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ» (رواه أحمد وأبو داود، وضعفه الألباني، ولكن قال ابن باز والعثيمين: ثابت)، وكانت تلبيتك هي التلبية بالتوحيد:
"لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك.. لا شريك لك..".

بعكس تلبية الجاهلية الشركية: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك، تملكه وما ملك".

وكانوا يقيمون الذكر لأصنامهم لا لربهم تعالى!

فعليك في حياتك كلها أن تقيم الذكر لله تعالى لا لغيره من مقبور أو حجر أو شجر أو جماد، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ . لَا شَرِيكَ لَهُ ۖ وَبِذَٰلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام:162-163]، وقال تعالى: {وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللَّـهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ ۖ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ} [يونس:106].

-ومن تحقيق الاتباع كما أمرك الله عز وجل فقال: {أَطِيعُوا اللَّـهَ وَالرَّسُولَ} [آل عمران:32]، وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر:7]، وقال تعالى: {وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} [النور:54]، وقال تعالى: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [النور:56].

“الحر الكريم لا ينقض العهد القديم، وإذا دعتك نفسك إلى نقض عهد مولاك، فقل لها:{مَعَاذَ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:23]“.

-فكما أنك حرصت في حجك أن تحج كما حج النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ فَإِنِّي لا أَدْرِي لَعَلِّي لا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ» (رواه مسلم)، فطفت كما طاف وسعيت كما سعى، وهكذا في جميع المناسك كذلك في جميع أمورك متبعًا له صلى الله عليه وسلم مقدِّمًا لأمره على أمر غيره، وهديه على هدي غيره، وإن عرض لك أمر فسافر إلى سنته لتتعرف على هديه وأمره فيه، تكن من المهتدين.

– والحذر من حياة العالمانية حياة الفصل بين الدين والحياة، التي تجعل الحياة تقوم على أساس إعمال العقل والتجريب بعيدًا عن الدين.

– والعالمانيون يزعمون أن الدين ما هو إلا علاقة بين العبد وربه إن أراد أن يقيمها فهو حر في ذلك لا سلطان لأحد عليه في ذلك، له الحرية المطلقة في اعتقاد ما يعتقده وعبارتهم الكفرية مشهورة: "الدين لله والوطن للجميع".

– وإني لأعجب لهؤلاء العالمانيين الذين يحجون بيت الله الحرام، ويؤدون العمرة والحج كما حج النبي صلى الله عليه وسلم، ويأبون ذلك في حياتهم، لا يريدون أن يحكموا الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في حياتهم وحياة الناس كما قال أحد الكتاب عن هؤلاء: “الكل يحج فمن سرق المصحف”، أي: لا يريد تطبيقه في حياته ولا حياة الناس، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

قال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا . وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّـهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا} [النساء:60-61].

وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65]، وقال الله تعالى: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف:26].

– فالحاكم هو الله تعالى، وهو السيد الآمر الناهي المطاع، الذي يحكم في دماء وأموال وأعراض عباده بما يشاء سبحانه وتعالى.

– ومن نصَّب نفسه مع الله تعالى أو من دونه في ذلك؛ فهو طاغوت تجاوز حده يجب أن يكفر به، ومن أطاعه فيما شرع من دون الله تعالى معظمًا وراضيًا فقد اتخذه ربًا وشريكًا.

قال الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّـهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَـٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:31]، قال عدي بن حاتم: إِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَهُمْ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَجَلْ وَلَكِنْ يُحِلُّونَ لَهُمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيَسْتَحِلُّونَهُ وَيُحَرِّمُونَ عَلَيْهِمْ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فَيُحَرِّمُونَهُ؟! فَتِلْكَ عِبَادَتُهُمْ لَهُمْ» (رواه الترمذي والطبراني والبيهقي واللفظ له، وحسنه الألباني)، وقال تعالى: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام:121].

– فالحذر الحذر من هذا الصنم الجديد الذي عبده كثير من المسلمين، وعليك بتوحيد الرسول صلى الله عليه وسلم في الاتباع، فلا طريق موصل إلى الله إلا طريقه صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف:110].

– وعليك بتحقيق الاستسلام والانقياد لله رب العالمين، كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّـهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب:36]، وقال: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّـهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء:125].

فاستسلم لشرع ربك تعالى ولا تقابله برأي أو عقل أو تحمل أمره على علة توهن الانقياد، بل سلم واستسلم له كما حججت وأديت المناسك استسلامًا وانقيادًا لأمر الشرع.

– وعظم شعائر الله تعالى كما كنت تعظمها في الحج من مكة والبيت والمناسك، وكذلك جميع شعائر الله تعالى، من فرائض وواجبات، كما قال الله تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّـهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج:32]، وعظِّم حرمات الله تعالى؛ فلا تقترب منها ولا من أسبابها، كما قال الله تعالى: {ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّـهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ} [الحج:30].

قيل للحسن: "جزاء الحج المبرور المغفرة؟ قال: آية ذلك أن يدع سيء ما كان عليه من العمل".

وقال بعض السلف: "استلام الحجر هو أن لا يعود إلى معصية".

فمستلم الحجر يبايع الله على اجتناب معاصيه والقيام بحقوقه: {فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّـهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} [الفتح:10].

فعليك أن تلتزم الوفاء بالعهد: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّـهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب:23].

فالحر الكريم لا ينقض العهد القديم، وإذا دعتك نفسك إلى نقض عهد مولاك؛ فقل لها: :{مَعَاذَ اللَّـهِ ۖ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ} [يوسف:23].

– ومن رجع من الحج، فليحافظ على ما عاهد الله عليه عند استلام الحجر، حج بعض من تقدم فبات بمكة مع قوم، فدعته نفسه إلى معصيته فسمع هاتفًا يهتف يقول: "ويلك ألم تحج؟! فعصمه الله من ذلك".

قبيح بمن كمَّل القيام بمباني الإسلام أن يشرع في نقض ما يبني بالمعاصي!

خذ في جد فقد تولى العـمر كم ذا التفريط فقد تـدانى الأمر

أقبل فعسى يقبل منك العذر كم تبني كم تنقض كم ذا الغدر

– علامة قبول الطاعة أن توصل بطاعة بعدها، وعلامة ردها أن توصل بمعصية.

ما أحسن الحسنة بعد الحسنة، وأقبح السيئة بعد الحسنة، ذنب بعد التوبة أقبح من سبعين قبلها، النكسة أصعب من المرض الأول.

ما أوحش ذل المعصية بعد عز الطاعة، ارحموا عزيز قوم بالمعاصي ذل، وغني قوم بالذنوب افتقر، سلوا الله الثبات إلى الممات، وتعوذوا من الحور بعد الكور، كان الإمام أحمد يدعو ويقول: "اللهم أعزني بطاعتك، ولا تذلني بمعصيتك".

– وكان عامة دعاء إبراهيم بن أدهم: “اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة”.

وفي بعض الآثار الإلهية يقول الله تبارك وتعالى: "أنا العزيز، فمن أراد العز، فليطع العزيز" اهـ من (لطائف المعارف).

أخي الحاج، بر حجك، وتقبل الله منا ومنكم، ورزقنا الله وإياك عبادته حتى الممات. آمين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم.

مشكوؤره حبوؤبه ,, ع الموؤوضؤع الحلوؤ يآإ حلوؤه ,, تسلمين يالغلاآإ 🙂

سبحآأن الله وبحمده ,, سبحإأن الله العظيم

مشكورة على المرور اختي الم الامارات

نصائح لتغذية الحاج بشكل صحي قبل وأثناء وبعد الحج 2024.

وها نحن على مشارف تلك الأيام العظيمة، و على أبواب أفضل و أجهد الطاعات و المناسك، التي سوف يقوم بها حجاجنا حاملين معهم قلوبهم و أرواحهم، راجيين من الله مغفرة بأجساد مقبلة على مشقة و تعب تحتاج لطاقة كبيرة.تأتيهم من الله سبحانه و تعالى مما سخره لنا في الغذاء و الشراب.
نسلط الضوء في هذا الموضوع على تغذية حجاجنا حتى نقلل عنهم بعض مشقات و اضطرابات التي تحدث خلال الحج أو بعده.

ولو قسمنا التغذية إلى ثلاث مراحل::
مرحلة ما قبل الحج:: و تعتبر مرحلة تخزين طاقة

مرحلة أيام الحج:: وهي مرحلة الإفراط في تحرير الطاقة

مرحلة ما بعد الحج:: وهي تعويض ما تم فقده من طاقة أو نقص بالجسم.

أولا: ما قبل الحج:
مهمة جدا بحيث يجب تكون مدتها لا تقل عن 15 يوم قبل أيام الحج، بأغذية مقوية.
لأنهم مقبلين على جهد كبير ,علما أن أغلب حجاجنا كبار في السن و وربما يعانون من أمراض
و أيضا لا يمارسون رياضة أو مشي بشكل يومي.
و الحج فيه عبادات تحتاج لقوة عضلات و صحتها.
يحتاجون بهذه الفترة للمشي اليومي، مع أغذية غنية بسكريات معقدة ، و التي تعتبر في
الجسم بالجلوكوجان العضلي.

مثـــل ::
عجائن، أرز أسمر , خبز أو بيتا أسمر ..
مافن بالطحين الأسمر، حبوب كاملة: أهمها الشوفان،
كسكس، و كثير من الحجاج المغاربة يأخذوه معهم،
لوبياء مجففة،و عدس.

عندنا هنا كميات لأغذية غنية بسكريات معقدة، بكميات 15 غرام سكر::
شريحة خبز، ثلث كاس كبير أرز أو عجائن مطبوخة، كأس من حبوب كاملة،
نصف كاسة بقوليات، حبوب جافة واحدة مافن، فاكهة واحدة طازجة،
نصف كأس عصير. تقليل الدسم، مع كمية محدودة من البروتينات،
قطعة دجاج دون قشرته، سمك، بيض، جبنة، و جميل أن نصنع مخلوط به:

مجموعة من المكسرات بنفس النسب :
قليل من الزبيب، قليلا من الحبة السوداء،
تمزج بالعسل حر، تطحن و توضع بعلبة مغلوقة،
نأكل منها ملعقتين كل يوم، بحيث يأخذها معهم الحجاج ليتابعوا على الأكل منها بشكل يومي
((هنا نستبعد مرضى السكري، و كل من عنده أي مرض يرجى الرجوع لطبيبه قبل الذهاب))
فقلة ((الجلوجوجان)) في العضلات و الكبد مع قلة السكر في الدم يؤدي إلى نوبات غفيان
و إرهاق شديد.

و قبل 3 إلى 4 أيام من أيام الحج:
تتغير تغذية الحجاج لتصبح أكثرها عبارة عن بروتينات ((لحوم)) و دسم.
مع تقليل الحركة , لأن العضلات التي كانت تمشي مع غذاء به سكريات معقدة، قد فقدت ما كان
مخزن،و هنا سوف ترجع لتخزن بكميات أكبر من قبل و قد تتضاعف نسبة الجلوكوجان العضلي إلى
2 أو 3 مرات مقارنة في الحالة العادية.

قبل أي منسك، يجب أكل قطعة مما يلي::
حصة أو حصتين من أغذية غنية بالسكريات
فاكهة أو ما يباع من قطع صريال جاهزة،

التغذية أيام الحج::
هنا ممكن نطبق قاعدة يقوم بها الرياضيين، و كيف لا!! فحجاجنا سوف يقومون بمثل ماراتون،
بمناسك لمدة محدودة،و تسمى بـ: قاعدة الثلاث ساعات

و أهم فترة هنا هي:::
منذ بداية أيام التروية،إلى غاية طواف الوداع.
جسمهم في هذه الفترة سوف يستخدم أكبر كمية من الدم،
فيقل في بعض الأجهزة و أهمها الجهاز الهضمي.
والمعروف أنه عندما نأكل مركز سريان الدم بكمية كبيرة يكون فيه.
لهذا نحذر دوما من عدم القيام بأي حركات أو تمارين قوية بعد الأكل،
حتى لا يحدث نوبات قلبية لقلة كمية الدم في باقي الجسم حينها.

والقاعدة تقول::
يجب أن نباعد بين وجبة كاملة و جهد كبير بـأقل شيء 3 ساعات.
لتفادي اضطرابات هضم أو تعب عضلات مفاجئ. فيكون الأكل كل 30 إلى 45 دقيقة،
مع كثرة السكرات السريعة، لأنها أول شيء يستعمل في الحركة،
بكميات صغيرة من أغذية مثل::
أعمدة صريال التي تباع كيك الخبز المتبل
فواكه مجففة، عجينة الفاكهة…
عصير فواكه قليل السكر أو الأفضل عصير الخضر
حبات سكر أو حلوى لزوم حالات نزول كمية السكر بالجسم،
شكولاتة في حالات بداية الإسهال،لأن هذه الأشياء يمكن للحجاج نقلها معهم دون الخوف من
فسادها،لارتفاع درجة الحرارة و أيضا تقليل عناء كثرة حمل الأغراض معهم.

و من جهة أخرى هناك عامل آخر عند حجاجنا وهو ارتفاع حرارة الجو في هذه البقاع المقدسة.
مع استخدامهم للمشي بشكل مستمر، و هذان العاملان سوف يزيدان من اضطرابات المعدة،
فلا ينصح هنا بأكل كمية كبيرة من الأغذية الصلبة،لأنها تحتاج مجهود كبير من الجهاز الهضمي

التغذية بعد أيام الحج:::
أغذية غنية من الشوارد و الأملاح المعدنية ((بوتاسيوم، صوديوم، ..
هنا ممكن أيضا بدأ عمل فترة علاج بالفيتامينات أو المكملات الغذائية،
حتى لا نقع في حالات من الإرهاق الشديد، ممكن نرجع لصيدلاني، و نطلب مكملات من المغنيزيوم،
بوتاسيوم، صوديوم،و فيتامين سين.

مع أغذية ذات سكريات سريعة و بطيئة ((لكن ذات سعرات قليلة)) نخص بالذكر،
الفواكه و الخضار،موز، برتقال،فواكه مجففة، مرق خفيف(حساء))
عجائن ((أرز أسمر))

في هذه المرحة البروتينات ليس لها أهمية كبرى،
لأن هضمها سوف ينتج سموم تضاف لتلك الموجودة بالجسم
فتحسه أكثر بالتعب.

الابتعاد كليا في الأيام الأولى عن الوجبات الغنية و الدسمة،((العزومات))
إلى حتى يعود جسمنا و يتأقلم من جديد و يرجع لراحة، وسكينة.

دايما متميزة بمواضيعك
الله لا يحرمنا من طلتك ياعسل
خليجية

روضة الحاج 2024.

[خطأي أنا….
أني نسيت معالم الطرق
التي لا أنتهي فيها إليك….
خطأي أنا…..
أني لك استنفرت ما في القلب ما في الروح
منذ طفولتي وجعلتها وقفا عليك
خطأي أنا….
أني على لاشيء وقعت لك
فكتبت أنت طفولتي وأحبتي
ومعارفي وقصائدي وجميع أيامي لديك
اليوم دعنا نتفق…..
أنا قد تعبت
ولم يعد في العمر ما يكفي الجراح
أنفقت كل الصبر عندك والتجمل والتجلد والسماح
أنا ما تركت لمقبل الأيام شيئا
إذ ظنتك آخر التطواف في الدنيا
فسرحت المراكب كلها
وقصصت عن قلبي الجناح
أنا لم أعد أقوى
وموعدنا الذي قد كان راح
فأردد علي بضاعتي بغي افك لم
يزل
يدمي الجبين تكبري زيفا
يجرعني النواح
اليوم دعنا نتفق….
لا فرق عندك إن بقينا أو مضيت
قصيدة للشاعرة السودانية روضة الحاج
:11_1_123[1]::11_1_123[1]::11_1_123[1]:

مشكوؤوؤوره
يعطيك العاآاآفيه
تحياآتي

قصيدة رائعة للشاعرة السودانية روضة الحاج 2024.

قصيدة لروضة الحاج
في موسم المد والجزر
اليوم أوقن أنني لن احتمل !!
اليوم أوقن أن هذا القلب مثقوب .. ومجروح .. ومهزوم
وان الصبر كل …
ولوح لجة حزني المقهور .. تكشف سوقها كل الجراح وتستهل
هذا أوان البوح يا كل الجراح تبرجي
ودعي البكاء يجيب كيف وما وهل
زمنا تجنبت التفاؤل خيفة .. فأتيت في زمن الوجل
خبأت نبض القلب
كم قاومت
كم كابرت
كم قررت
ثم نكصت عن عهدي .. أجل
ومنعت وجهك في ربوع مدينتي .. علقته
وكتبت محظورا على كل المشارف .. والموانئ .. والمطارات البعيدة كلها
لكنه رغمي اطل ..
في الدور لاح وفى الوجوه وفى الحضور وفى الغياب وبين إيماض المقل
حاصرتني بملامح وجهك الطفولي .. الرجل
أجبرتني حتى اتخذتك معجما فتحولت كل القصائد غير قولك فجة
لا تحتمل ..
صادرتني حتى جعلتك معلما فبغيره لا استدل
والآن يا كل الذين احبهم عمدا أراك تقودني في القفر والطرق الخواء
وترصدا تغتالني .. انظر لكفك ما جنت
وامسح على ثوبي الدماء
أنا كم أخاف عليك من لون الدماء !

لو كنت تعرف كيف ترهقني الجراحات القديمة والجديدة
ربما أشفقت من هذا العناء ..
لو كنت تعرف أنني من اوجه الغادين والآتين استرق التبسم
استعيد توازني قسرا ..
وأضمك حينما ألقاك في زمن البكاء
لو كنت تعرف أنني احتال للأحزان … أرجئها لديك
واسكت الأشجان حيث تجئ .. اخنق عبرتي بيدي
ما كلفتني هذا الشقاء!!
ولربما استحييت لو أدركت كم أكبو على طول الطريق إليك
كم ألقى من الرهق المذل من العياء ..
ولربما .. ولربما .. ولربما
خطئ أنا
أنى نسيت معالم الطرق التي لا انتهى فيها إليك
خطئ أنا
أنى لك استنفرت ما في القلب ما في الروح منذ طفولتي
وجعلتها وقفا عليك ..
خطئ أنا
أنى على لا شئ قد دفعت لك .. فكتبت
أنت طفولتي .. ومعارفي .. وقصائدي
وجميع أيامي لديك

واليوم دعنا نتفق
أنا قد تعبت ..
ولم يعد في القلب ما يكفى الجراح
أنفقت كل الصبر عندك .. والتجلد والتجمل والسماح
أنا ما تركت لمقبل الأيام شيئا إذ ظننتك آخر التطواف في الدنيا
فسرحت المراكب كلها .. وقصصت عن قلبي الجناح
أنا لم اعد أقوى وموعدنا الذي قد كان راح
فاردد على بضاعتي ..
بغى انصرافك لم يزل يدمى جبين تكبري زيفا
يجرعني المرارة والنواح
اليوم دعنا نتفق
لا فرق عندك أن بقيت وان مضيت!
لا فرق عندك أن ضحكنا هكذا – كذبا –
وان وحدي بكيت!
فأنا تركت أحبتي ولديك أحباب وبيت
وأنا هجرت مدينتي واليك – يا بعضي – أتيت
وأنا اعتزلت الناس والطرق والدنيا
فما أنفقت لي من اجل أن نبقى؟!!
وماذا قد جنيت ؟؟!!
وأنا وهبتك مهجتي جهرا
فهل سرا نويت؟؟!!!
اليوم دعنا نتفق
دعني أوقع عنك ميثاق الرحيل
مرني بشيء مستحيل
قل شروطك كلها .. إلا التي فيها قضيت
أن قلت وان لم تقل
أنا قد مضيت … !!!

ياجماعة حرامعليكم ولا تعليق واحد مع كل هذه المشاهدات

صوم عشر ذى الحجة وتأكيد يوم عرفة لغير الحاج 2024.

صوم عشر ذي الحجة وتأكيد يوم عرفة لغير الحاج :

1 – عن أبي قتادة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صوم يوم عرفة ، يكفر سنتين ، ماضية ، ومستقبلة ، وصوم يوم عاشوراء يكفر سنة ماضية " . رواه الجماعة إلا البخاري ، والترمذي .

2 – عن حفصة قال : أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم : صيام عاشوراء والعشر ( 1 ) ، وثلاثة أيام من كل شهر ، والركعتين قبل الغداة . رواه أحمد ، والنسائي .

3 – عن عقبة بن عامر قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يوم عرفة ، ويوم النحر ، وأيام التشريق ، عيدنا – أهل الاسلام – وهي أيام أكل وشرب " . رواه الخمسة ، إلا ابن ماجه . وصححه الترمذي .

4 – عن أبي هريرة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات . رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وابن ماجه . قال الترمذي ، قد استحب أهل العلم ، صيام يوم عرفة إلا بعرفة .

5 – عن أم الفضل : أنهم شكوا في صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ، فأرسلت إليه بلبن ، فشرب ، وهو يخطب الناس بعرفة . متفق عليه

خليجية

خليجية

جـــــزاكــــي اللــــــــه كــــــل الـــــ خ ـــــــيـــــر
مشكورة على الطرح
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم

سلوكيات الحاج : كيف تصبح منهج حياة ؟ 2024.

الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله

وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلوكيات الحاج : كيف تصبح منهج حياة ؟


تُطِل علينا في هذه الأيام نفحات مباركات حث القرآن على اغتنام فضلها؛ لأنها ليست كغيرها من الأيام؛ بل هي أفضل أيام العام، فقال – تعالى -: {أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ} [الحج: ٨٢]، وقال – تعالى -: {أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ} [البقرة: ٤٨١]؛ أي هي أيام «مخصوصات فَلْتُغتَنَم»[1] بالأعمال الصالحة الـمُرضية لله، المفرحة له المقبولة لديه قبولاً حسناً، وَلْنأخذ منها زاداً من السلوكيات تنفعنا في حياتنا، وتؤهلنا لحياة كريمة على منهج الله.
ومن هذه السلوكيات:
أولاً: سلوك الحاج مع ربه – تعالى – ومنه:
1 – طلب العون من الله – تعالى – على إتمام المناسك: فعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ – رضي الله تعالى عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ: «يَا مُعَاذُ! وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأُحِبُّكَ، فَقَالَ: أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ»[2].
2 – الإخلاص لله – تعالى – في أداء المناسك: قال – تعالى -: {وَأَتِمُّوا الْـحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ٦٩١]. قال السعدي: «بإخلاصهما لله، تعالى»[3].
3 – فإذا أَهَلَّ أَهَـلَّ بالتـوحيد، كمـا ورد: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ؛ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ[4].
4 – ويدعو الله أن يجنبه الرياء والسمعة، كما دعا الرسول – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «اللَّهُمَّ حَجَّةً لَا رِيَاءَ فِيهَا وَلَا سُمْعَةَ[5].
5 – والتوجه إليه بالذكر والثناء قبل الشروع في الدعاء؛ كما قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»[6].
6 – وصلاته ركعتي الطواف بسورتي الإخلاص والكافرون، كما ورد عَنْ جَابِرٍ – رضي الله تعالى عنه – قال: (فَقَرَأَ فِيهِمَا بِالتَّوْحِيدِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ)[7].
ثانياً: سلوك الحاج مع الرسول – صلى الله عليه وسلم – (الاتِّباع):
عن جَابِر – رضي الله عنه – قال: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْــرِ وَيَقُـولُ: لِتَـأْخُذُوا مَنَـاسِكَكُمْ فَإِنِّـي لَا أَدْرِي لَعَلِّي لَا أَحُجُّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِهِ»[8]. وَتَقْدِيره: هَذِهِ الْأُمُور الَّتِي أَتَيْت بِهَا فِي حَجَّتِي: مِنْ الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال وَالْهَيْئَات، هِيَ أُمُور الْحَجِّ وَصِفَته؛ وَهِيَ مَنَاسِككُمْ فَخُذُوهَا عَنِّي وَاقْبَلُوهَا وَاحْفَظُوهَا وَاعْمَلُوا بِهَا وَعَلِّمُوهَا النَّاس. وَهَذَا الْحَدِيث أَصْل عَظِيم فِي مَنَاسِك الْحَج[9].
ومن المواقف العظيمـة التي ظهر فيها الاتباع: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ – رضي الله عنه – قَالَ لِلرُّكْنِ: (أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَوْلَا أَنِّي رَأَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – اسْتَلَمَكَ مَا اسْتَلَمْتُكَ)[10].
ثالثاً: سلوك الحاج مع الشعائر (التعظيم):
قال – تعالى -: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: ٢٣].
ومن تعظيمه لشعائرالله: تعظيمه للحرم وعدم اقترافه لعمل سيئ، كما قال – تعالى -: {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإلْـحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [الحج: ٥٢].
ومن تعظيمه لشعائر الله: اغتساله للإحرام، وتطيُّبه بعد الغسل بأطيب طيب وجده، ولهجه بالتلبية من وقت دخوله النسك إلى حين رميه جمرة العقبة يوم النحر.
ومن تعظيمه للشعائر: عدم هتكه لحرمة شيء منها؛ فلا يفعل إلا ما فعل الرسول – صلى الله عليه وسلم -.
ومن تعظيمه للشعائر: اختياره أفضل البُدْن وأحسنها وأسمنها: قال أبو أمامة بن سهل: كنا نسمِّن الأضحية بالمدينة، وكان المسلمون يُسمِّنون[11]؛
فالبُدن من شعائر الله، كما قال – تعالى -: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: ٦٣].
ومن تعظيمه لشعائر الله: السعي بين الصفا والمروة: حيث بدأ بما بدأ به الله. قال – تعالى -: {إنَّ الصَّفَا وَالْـمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: ٨٥١].
ومن تعظيمه لشعائر الله: احتفاؤه بالحجر الأسود: فعَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: (رَأَيْتُ عُمَرَ قَبَّلَ الْحَجَرَ وَالْتَزَمَهُ وَقَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بِكَ حَفِيّاً)[12].
ومن تعظيمه للشعائر: صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم، كما قال – تعالى -: {وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: ٥٢١].
رابعاً: سلوك الحاج مع نفسه بتعريضها لنفحات الله – تعالى -:
عَنْ مُحَمَّدِ بن مَسْلَمَةَ الأَنْصَارِيِّ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٌ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ، لَعَلَّهُ أَنْ يُصِيبَكُمْ نَفْحَةٌ مِنْهَا، فَلا تَشْقَوْنَ بَعْدَهَا أَبَداً»[13]، «ومقصود الحديث أن لله – تعالى – فيوضاً ومواهب من تعرَّض لها مع الطهارة الظاهرة والباطنة بجمع همةٍ وحضور قلبٍ حصل له منها دفعة واحدة ما يزيد على هذه النعم الدائرة في الأزمنة الطويلة على طول الأعمار[14].
خامساً: سلوك الحاج مع الناس:
ويكون سلوك الحاج مع الناس بالإحسان؛ لأن الإحسان إليهم هو بِر الحج، كما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: «سُئِلَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: جِهَادٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: حَجٌّ مَبْرُورٌ»[15].
والبر في الحج يُطلق على معاني، منها: الإحسان إلى الناس، والبر حُسن الخُلق، ومنها: فعل الطاعات، ومنها: ألا يُعقِب الحج بمعصية الله. ومن جملة حُسْن الخلق في أيام الحج وغيرها:
التواضع مع الناس: فمن صفاته – صلى الله عليه وسلم – إباؤه أن يخص نفسه بشيء يتميز به عن الناس: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – طَافَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ بِمِحْجَنٍ كَانَ مَعَهُ. قَالَ: وَأَتَى السِّقَايَةَ. فَقَالَ: اسْقُونِي. فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا يَخُوضُهُ النَّاسُ وَلَكِنَّا نَأْتِيكَ بِهِ مِنْ الْبَيْتِ. فَقَالَ: لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ اسْقُونِي مِمَّا يَشْرَبُ مِنْهُ النَّاسُ»[16].
الرحمة بالناس: تتجلى الرحمة بالناس في الحج بإعانة الضعيف، والتيسير على المريض وحمله إلى حيث راحتُه؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قال: قال النَّبِي – صلى الله عليه وسلم -: «الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ»[17]. وقال: «وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»[18].
الإحسان إلى الناس: ويكون الإحسان إلى الناس بإطعام الطعام، وحُسْن الكلام، وتقسيم الصدقات على المساكين، والإكثار من النحر، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم -: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»[19].
الصبر على الناس: والصبر المطلوب من الحاج: صبر على طاعة الله في أداء المناسك؛ كما فعلها الرسول – صلى الله عليه وسلم – راجياً بذلك رضى مولاه، وصَبْر عن أن يقترف معصية في الأماكن الشريفة، وصَبْر على المشقة والتعب والنصب؛ لأن الحج جهاد، وصَبْر على الجاهل من الناس، وعلى الضعيف فيهم، وعلى المريض منهم وعونهم، وسدُّ خلَّتهم. عَنْ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -، عَنْ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «الْمُسْلِمُ إِذَا كَانَ مُخَالِطاً النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنْ الْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ»[20].
الرفق بالناس: عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «مَنْ يُحْرَمْ الرِّفْقَ يُحْرَمْ الْخَيْرَ»[21]. و عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنْ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ الْخَيْرِ»[22].
وعَنْ عَائِشَةَ – رضي الله عنها – قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ مَنْ رَفَقَ بِأُمَّتِي فَارْفُقْ بِهِ»[23]. فاملك غضبك – أخي الحاج – وألن جانبك، واترك العنف، وإياك والفظاظة.
التصدق على الفقراء والمساكين واليتامى وخاصة القريب: والتصدق على القريب حث عليه القرآن والسُّنة: قال – تعالى -: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: ٥١]،
وقال الرسول – صلى الله عليه وسلم -: «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَهِيَ عَلَى ذِي الرَّحِمِ ثِنْتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»[24]،
والسر في ذلك تقوية الأواصر الاجتماعية، وزيادة الرابطة بين أفراد المجتمع.
سادساً: سلوك الحاج مع أهله:
إن الحاج لا بد أن يكون خير الناس إلى أهله: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»[25]،
فقد كان – صلى الله عليه وسلم – على الغاية القصوى من حُسْن الخلق معهن، وكان يداعبهن ويباسطهن.
ومن سلوكيات الحاج مع أهله: تعليمهـم المناسـك: عَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُا – أَنَّهَا قَالَتْ: «قَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -. فَقَالَ: افْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ حَتَّى تَطْهُرِي»[26].
وقايتهم من الفتن: مثل ما حدث مع الفضل بن العباس: عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: «اسْتَفْتَتْهُ جَارِيَةٌ شَابّةٌ مِنْ خَثْعَم فَقَالَتْ: إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ قَدْ أَدْرَكَتْهُ فَرِيضَةُ اللَّهِ فِي الْحَجِّ أَفَيُجْزِئُ أَنْ أَحُجَّ عَنْهُ؟ قَالَ: حُجِّي عَنْ أَبِيكِ. قَالَ: وَلَوَى عُنُقَ الْفَضْلِ. فَقَالَ: الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لِمَ لَوَيْتَ عُنُقَ ابْنِ عَمِّكَ؟ قَالَ رَأَيْتُ شَابّاً وَشَابّةً فَلَمْ آمَنْ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِمَا»[27].
وفي الطواف والسعي والرمي: عليه اختيار الوقت المناسب لهم، والرفق بهم والتيسير عليهم: عَنْ عَائِشَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا – قَالَتْ: «نَزَلْنَا الْمُزْدَلِفَةَ فَاسْتَأْذَنَتْ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – سَوْدَةُ أَنْ تَدْفَعَ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وَكَانَتْ امْرَأَةً بَطِيئَةً فَأَذِنَ لَهَا فَدَفَعَتْ قَبْلَ حَطْمَةِ النَّاسِ وَأَقَمْنَا حَتَّى أَصْبَحْنَا نَحْنُ ثُمَّ دَفَعْنَا بِدَفْعِهِ؛ فَلَأَنْ أَكُونَ اسْتَأْذَنْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – كَمَا اسْـتَأْذَنَتْ سَـوْدَةُ أَحَـبُّ إِلَيَّ مِنْ مَفْرُوحٍ بِهِ»[28]. وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – قَالَ: «بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ جَمْعٍ بِلَيْلٍ»[29]، والمراد: قبل أن يزدحم الناس فيدوس بعضهم بعضاً.
الصبر عليهم: فيقوم بشؤون من كبر منهم وثقل؛ كما فعل – صلى الله عليه وسلم – مع زوجته سـودة، ومن مرض منهم؛ كما فعل – صلى الله عليه وسلم – مع زوجته أم سلمة، والغلمان: كغلمان بني عبد المطلب وبني هاشم، فقد قام – صلى الله عليه وسلم – بأمرهم وخدمتهم خير قيام.
التلطف بهم: فكان يلاطف أهله، وييسر لهن ما يطلبنه، من ذلك: أن النبي أهلَّ بحجة، وأرادت عائشة أن تُهِل بعمرة فوافقها وأرسلها مع أخيها عبد الرحمن إلى التنعيم: «وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – رَجُلاً سَهْلاً إِذَا هَوِيَتْ الشَّيْءَ تَابَعَهَا عَلَيْهِ»[30]؛ ومَعْنَاهُ: إِذَا هَوِيَتْ شَيْئاً لَا نَقْص فِيهِ فِي الدِّين[31].
ومنه مع الضعفة من الغلمان وغيرهم: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْه – قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ: «يَا بَنِي أَخِي! يَا بَنِي هَاشِمٍ! تَعَجَّلُوا قَبْلَ زِحَامِ النَّاسِ وَلَا يَرْمِيَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ الْعَقَبَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ»[32].
سابعاً: سلوك الحاج مع الشيطان، إغاظتُه وحزبَه:
لا بد أن يستحضر الحاج في نيته أنه في هذا الجمع المبارك يغيظ الشيطان وأتباعه. قال رَسُولُ – صلى الله عليه وسلم -: «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْماً هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنْ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ»[33].
وإغاظة الشيطان وحزبه من أحب الأعمال إلى الله – تعالى – وتسمى هذه العبودية: عبودية المراغمة: وهي: عبودية خواص العارفين ولا ينتبه لها إلا أولو البصائر التامة؛ ولا شيء أحب إلى الله من مراغمة وليه لعدوه وإغاظته له[34].
وهدي الرسول – صلى الله عليه وسلم – في الحج مراغمة الكفر وأهله وذلك بمخالفتهم :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ الْغَدِ يَوْمَ النَّحْرِ وَهُوَ بِمِنًى: «نَحْنُ نَازِلُونَ غَداً بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْـرِ؛ يَعْنِي ذَلِكَ الْمُحَصَّبَ؛ وَذَلِكَ أَنَّ قُرَيْشـاً وَكِنَـانَةَ تَحَالَفَـتْ عَلَـى بَنِـي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْـدِ الْمُطَّلِبِ أَوْ بَنِي الْمُطَّلِـبِ؛ أَنْ لَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يُبَايِعُوهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا إِلَيْهِمْ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم -»[35]، فَقَصَدَ النبِي – صلى الله عليه وسلم – إظْهَارَ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَكَانِ الذِي أَظَهَرُوا فِيهِ شَعَائِرَ الْكُفْرِ وَالْعَدَاوَةَ لِله وَرَسُولِهِ؛ وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَتُهُ – صلى الله عليه وسلم -؛ أَنْ يُقِيمَ شِعَارَ التّوْحِيدِ فِي مَوَاضِعِ شَعَائِرِ الْكُفْرِ وَالشرْكِ؛ كَمَا أَمَرَ النبِي – صلى الله عليه وسلم – أَنْ يُبْنَى مَسْجِدُ الطائِفِ مَوْضِعَ اللاتِ وَالْعُزى[36].
وبعد: فهذه السلوكيات التي اكتسبها الحاج – بعد عون الله له – في المخيم الرباني السنوي، تحتاج من الحاج أن يستقيم عليها في حياته حتى تكون منهج حياة، وهي من المنافع التي قال الله – تعالى – عنها في كتابه: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} [الحج: ٨٢].
نسأل الله أن يستعملنا في هذه الأيام الفاضلة بالأعمال الصالحة الـمُرضِية له والمقبولة لديه قبولاً حسناً.

المراجع
[1] المحررالوجيز : 4/ 493.

[2] سنن أبي داود: في الاستغفار: 1301.

[3] السعدي: ص90.

[4] البخاري: التلبية: 1448.

[5] سنن ابن ماجه: الحج على الرحل: 2881. وصححه الألباني: 2617.

[6] سنن الترمذي: في دعاء يوم عرفة: 3509.

[7] سنن أبي داود: صفة حجة النبي: 1630.

[8] صحيج مسلم: استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر: 2286.

[9] شرح النووي على مسلم: 4/ 421.

[10] صحيح البخاري: الرَمل في الحج والعمرة: 1502.

[11] صحيح البخاري: في أضحية النبي – صلى الله عليه وسلم -: 17/247.

[12] صحيح مسلم: استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف: 2232.

[13] المعجم الكبير للطبراني: 14/ 125.

[14] فيض القدير: 1/691.

[15] صحيح البخاري: فضل الحج المبرور: 1445.

[16] مسند أحمد: رقم: 1744.

[17] سنن أبي داود: في الرحمة، رقم: 4290.

[18] صحيح البخاري: رقم: 1204.

[19] صحيح البخاري: رقم: 11.

[20] سنن الترمذي، رقم: 2431.

[21] صحيح مسلم: فضل الرفق: 4694.

[22] سنن الترمذي: ما جاء في الرفق: 1936.

[23] مسند الإمام أحمد: حديث عائشة، رضي الله عنها: 23201.

[24] سنن الترمذي: في الصدقة على ذي قرابة: 594.

[25] سنن الترمذي: فضل أزواج النبي: 3830.

[26] موطأ مالك: دخول الحائض مكة: 821.

[27] سنن الترمذي: ما جاء في أن عرفة كلها موقف: 811.

[28] صحيح البخاري: من قدم ضعفة أهله فيقفون بِالْمُزْدَلِفَةِ وَيَدْعُونَ وَيُقَدِّمُ إِذَا غَابَ الْقَمَرُ: 1569.

[29] صحيح مسلم : باب اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ دَفْعِ الضَّعَفَةِ مِنَ النِّسَاءِ وَغَيْرِهِنَّ مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى فِى أَوَاخِرِ اللَّيَالِي قَبْلَ زَحْمَةِ النَّاسِ: 3186.

[30] صحيح مسلم: بيان وجوه الإحرام: 2127.

[31] شرح النووي على مسلم: 4/ 304.

[32] مسند أحمد: بداية مسند ابن عباس: 3333 صحيح الإسناد.

[33] موطأ مالك: جامع الحج: 840.

[34] مدارج السالكين: 1/ 227.

[35] صحيح البخاري: نزول النبي – صلى الله عليه وسلم – مكة، 1487.

[36] زاد المعاد: 2/ 270.

كاتب الموضوع د. توفيق علي زبادي
مجلة البيان الأسلامية

نفعني الله وإياكم بالعلم النافع والعمل الصالح فيما يحبه الله ويرضاه.
وصلى الله عليه وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منقول من الأخ

احمد الزبيدي
08 ذو القعده 1445هـ



بارك الله فيك اختي الغاليه و جزاك الله الفردوس الاعلى
موضوع مفيد جدا

أيها الحاج استأنف عملك 2024.

تضيفت الشمس للغروب عشية عرفة ورسول الله – صلى الله عليه وسلم – باسط كفين ضارعتين ، داعياً بخشوع وخضوع وإخبات ، ثم أرسل يديه وأقبل على بلال يقول له :" يا بلال استنصت الناس " .

فنادى فيهم بلال واستنصتهم ، فأطافت القلوب ، وأصاخت الآذان ، واشرأبت الأعناق ، وأبدت العيون بصرها إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي ناداهم:" إن جبريل أتاني فبشرني أن الله قد قَبِلَ من محسنكم ، وتجاوز عن مسيئكم ، وتحمل عنكم التبعات ". وهنا انطلق إليه العبقري الملهم عمر بن الخطاب ليقول : " يا رسول الله هذه لنا خاصة أم للناس عامة " ، فقال – صلى الله عليه وسلم –: " بل للناس عامة " ، فقال عمر : " كثر خير ربنا وطاب ".
ما أروع هذه البشرى النبوية وهي تسكب في قلوب الحجيج الواقفين بعرفات سويعة النفرة إلى المزدلفة، فتخب بهم مطاياهم وكأنما تعرج بهم إلى السماء، وقد تخففوا من سيئاتهم، وبوركت حسناتهم .
وكما تجلت في هذه البشرى النبوية الرحمة الإلهية والفيض الرباني الغامر، فقد تواردت نصوص أخر بهذه البشائر وأخبار الفيوض الإلهية .
لما جاء عمرو بن العاص يعرض إسلامه على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فهش له النبي – صلى الله عليه وسلم – وبش، وبسط يمينه المباركة ليبايعه على الإسلام ، ولكن عمراً قبض يده ، فقال له النبي – صلى الله عليه وسلم – : " مالك عمرو ؟ " قال : أردت أن أشترط قال – صلى الله عليه وسلم – : " تشترط بماذا ؟ " قال عمرو : أشترط أن يغفر لي ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – " يا عمرو أما علمت أن الإسلام يهدم ما قبله ، وأن الهجرة تهدم ما قبلها ، وأن الحج يهدم ما قبله " .
إن الحج هدم لكل ركام الخطايا والذنوب، كما أنّ الإسلام يهدم كل خطايا الكفر .. وقال – صلى الله عليه وسلم – : " من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه".. إن الحج ميلاد جديد للإنسان ، فهل علمت مولوداً جاء إلى الدنيا وفي صحيفته ذنب فعله ، أو خطيئة قارفها .. ألا فإن الحاج يعود من حجه وصحيفته بيضاء نقية كأنما خرج إلى الدنيا من بطن أمه .
فإلى كل من حج بيت الله الحرام ووقف في تلك المواقف ، حيث مشاهد التجلي الإلهي ، وتنـزل الرحمات ، إلى من بسط في تلك المشاهد كفيه ، وحسر رأسه ، وتجرد لله في لباس العبودية والذل والمسكنة .
أبشروا وأمِّلوا ما يسركم ، فبشرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – صِدق ، وموعود الله حق " ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم " .
أيها الحاج لقد دعوت رباً عظيماً ، براً كريماً ، لا يتعاظمه ذنب أن يغفره ، ولا فضل أن يعطيه ، فأحسن ظنك بربك ، وبالغ في الإحسان ، فإن ربك عند ظنك ، وعطاء الله أعظم من أملك ، وجوده أوسع من مسألتك .
لقد دعوت ربك الذي إذا تقربت إليه شبراً تقرب إليك ذراعاً ، وإن تقربت إليه ذراعاً تقرب إليك باعاً ، وإن أتيته تمشي أتاك هرولة .
احتسب عند ربك يوم تجلى الله على أهل ذاك الموقف – وكنت معهم – ، فقال العزيز الجبار لملائكته وهو أعلم : " ما أراد هؤلاء ، أتوني شعثاً غبراً ضاحين أشهدكم أني غفرت لهم ".
احتسب عند ربك يوم أفاض أهل الموسم حاسري الرؤوس -وأنت معهم-، فقال الله – عز وجل-:" أفيضوا مغفوراً لكم" .
احتسب عند ربك أن هذا الموسم الذي شهدته شهده معك شُعْثٌ غُبْر لا يعرفون ولا يؤبه لهم ، ولو أقسم أحدهم على الله لأبره ، فقبلهم الله وقبل من معهم ، وقال : " هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ".
أيها الحاج : ظن بربك ولا تظن إلا خيراً ، ومن حسن ظنك بربك أن تظن بيقين أنه قد قبل حجك ، وغفر ذنبك ، وأجاب دعاءك ، وضاعف عطاءك ، وأنه ما استزارك إلا ليقبلك ، ويهب لك خطأك ، ويغفر زلتك ، ويبيض صحيفتك ، ومهما ظننت ففضل الله أوسع مما تظن وتؤمل . وهكذا كان شأن الصالحين والعلماء الراسخين في تلك المشاهد والعرصات .. قال ابن المبارك : " جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة ، وهو جاثٍ على ركبتيه ، وعيناه تهمُلان ، فالتفت إليَّ ، فقلت له : من أسوأ هذا الجمع حالاً ؟ قال : الذي يظنُّ أن الله لا يغفر لهم ".
وروي عن الفُضَيل أنه نظر إلى نشيج الناس وبكائهم عشيَّة عرفة ، فقال : " أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجلٍ فسألوه دانِقاً ، يعني : سدس درهم ، أكان يردُّهم؟ قالوا : لا . قال : والله ، للمغفرة عند الله أهون من إجابة رجلٍ لهم بدانِقٍ ".
وإني لأدعو الله أسألُ عفوه ::: وأعلم أن الله يعفـو ويغفـر لئن أعظم الناس الذنوب فإنها ::: وإن عظمت في رحمة الله تصغر
أخي الحاج اجعل في أذنيك وقراً عن سماع نوع من المواعظ التي تضيق الطريق إلى الله ، وتتحجر واسع رحمته ، وتقنط الناس من قبول صالح أعمالهم ، فإذا جد أحد في طاعة وقفوا له قائلين : ليست العبرة بالعمل ولكن الشأن في القبول ، ولا تدري هل قبل عملك أم لا ؟ وكأن هذا القبول ضربة حظ لا يدري أحد هل تصيبه أم لا ؟ وهل اليأس من روح الله إلا هذا ؟
إن يقيننا بالله أن كل عمل صالح ابتغي به وجهه فسبيله القبول والمضاعفة ، وأن الله – عز وجل – أكرم وأفضل من أن يرد على عبده عملاً صالحاً عمله خالصاً له ، وأن من ظن بالله غير ذلك فقد ظن به ظن السوء .. " ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليماً " .
فيا أخي الحاج هنيئاً وبشرى وقرة عين ، فقد ولدت بحجك هذا ميلاداً جديداً ، وتركت وراءك ركام الذنوب ، وحصيلة العمر من الآثام ، وعدت كيوم ولدتك أمك ، فاجعل من حجك بداية حياة جديدة ، ومعاملـة صادقة صالحة مع الله ، واستأنف عملك فقد كفيت ما مضى ولكن الشأن فيما بقي .
واعلم – بوركت حياتك – أنه ليس من شرط قبول العمل العصمة بعده ولا أنك بحجك ستتخفف من بشريتك وتعرج في ملكوت الملائكة بلا نوازع ولا شهوات ، كلا فليس شيء من ذلك بمقدورك وإن جهدت .. ولكنك ستبدأ بعد حجك جولة جديدة وأنت خفيف الظهر من تراكمات الماضي ورجاء وإقبال على الله ، تستكثر من الطاعات ، وتجاهد النفس عن السيئات ، فإن زلت أتبعتها بالحسنات ، " وأتبع السيئة الحسنة تمحها " ، وكل حسنة فسبيلها المضاعفة والتكثير ، وكل سيئة سبيلها المغفرة والتكفير ، ولا يهلك على الله إلا هالك .
أخي الحاج كان السلف الصالح يتلقون الحجيج عند قدومهم يسألونهم الدعاء ، ويقولون : استغفروا لنا ؛ لأنهم قد عادوا من حجهم بلا ذنب فهم مظنة قبول الدعاء . وإني أستقبلك في هذا المقال سائلاً منك الدعاء لكل إخوانك المسلمين أن يغفر الله ذنوبهم ، ويهدي قلوبهم ، ويصلح شأنهم ، ويصرف السوء عنهم ، ويتولاهم بما تولى به الصالحين من عباده .. والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

بوووركتي
شكرا للمرور العطر