انا والمساجد 2024.

ركبنا أنا و خالى سيارتنا وأخذنا طريق العودة بعد أن صلينا الجمعة فى مكة وبعد قليل ..

ظهر لنا مسجد مهجور كنا قد مرنا به سابقا أثناء قدومنا إلى مكة و كل مَنْ يَمُر بالخط
السريع يستطيع أن يراه ، مرت بجانب المسجد وأمعنت النظر فيه …
و لفت انتباهى شئ ما سيارة فورد زرقاء الون تقف بجانبه . مرت ثوانى وأنا أفكر ما الذى أوقف هذه السيارة هنا ؟
ثم اتخذت قرارى سريعا…خفتُ السرعة ودخلتُ على الخط الترابى ناحية المسجد وسط ذهول خالى وهو يسألنى : ما الأمر ؟ ماذا حدث ؟

أوقفنا السيارة فى الأسفل ودخلنا المسجد وإذا بصوت عالى يُرتل القرآن باكيًا ويقرأ من سورة الرحمَن . فخطر لى أن نتظرفى الخارج وأن نستمع لهذه القراءة لكن الفضول قد بلغ بى مبلغه لأرى ماذا يحدث داخل هذا المسجد المهدوم ثلثه والذى حتى الطير لا تمر به
دخلنا المسجد وإذا بشاب وضع سجادة صلاة على الأرض وفى يده مصحف صغير يقرأ
ولم يكن هناك أحدا غيره .. وأؤكد لم يكن هناك أحدا غيره ..

قلتُ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فنظر إلينا وكأننا أفزعناه ، ومستغربًا حُضورنا ..
ثم قال وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
سألته صليت العصر ؟

قال : لا .. قلتُ لقد دخل وقت صلاة العصر ونريد أن نُصلى ..
ولما هممت بإقام الصلاة وجدتُ الشاب ينظر ناحية القبلة و يبتسم لمن ولماذا ؟
لا أدرى ..
وفجأة سمعتُ الشاب يقول جملة أفقدتنى صوابى تمامًا ..

قال : بالحرف الواحد أبشر .. وصلاة جماعة أيضا .
نظر إلى خالى مُتعجبًا … فتجاهلتُ ذلك ثم كبرتُ للصلاة و عقلى مشغول بهذه الجملة
‘ أبشر .. وصلاة جماعة أيضًا ‘
مَنْ يُكلم وليس معنا أحد ؟
المسجد كان فارغا مهجورا .. هل هو مجنون ؟ بعد الصلاة …. أدرت وجهى لهم ونظرتُ للشاب وكان مازال مستغرقا فى التسبيح ..

ثم سألته كيف حالك يا أخى ؟
فقال : بخير ولله الحمد
قلتُ له سامحك الله … شغلتنى عن الصلاة ؟ سألنى لماذا ؟
قلتُ : وأنا أقيم الصلاة سمعتك تقول أبشر .. وصلاة جماعة أيضا ..
ضحك ورد قائلا : وماذا فى ذلك ؟
قلتُ لا شىء ولكن مع مُنْ كنتَّ تتكلم ؟
ابتسم ثم نظر للأرض وسكت لحظات وكأنه يُفكر .. هل يخبرنى أم لا ؟
تابعت قائلا ما أعتقد انك بمجنون …
شكلك هادئ جدا … وصليت معانا وما شاء الله نظر لى … ثم قال كنتُ أكلم المسجد
كلماته نزلت على كالقنبلة . جعلتنى أفكر فعلا .. هل هذا الشخص مجنون !

قلت له نعم ؟ كنت تكلم المسجد ؟
وهل رد عليك المسجد ؟

تبسم ثم قال ألم أقل لك انك ستهمنى بالجنون ؟ وهل الحجارة تتكلم ؟ هذه مجرد حجارة
تبسمت وقلت كلامك صحيح وطالما انها لا ترد ولا تتكلم … لم تكلمها ؟
نظر إلى الأرض فترة وكأنه مازال يفكر … ثم قال دون أن يرفع عينيه :

أنا انسان احب المساجد .كلماعثرت على مسجد قديم أو مهدم أو مهجور أفكر فيه

أفكر عندما كان الناس يُصلون فيه وأقول لنفسى با الله كم هذا المسجد مشتاق لأن يُصلى فيه أحد ؟ كم يحن لذكر الله ..أحس به … أحس إنه مشتاق للتسبيح والتهليل يتمنى لو آية واحدة تهز جدرانه وأحس إن المسجد يشعر انه غريب بين المساجد .. يتمنى ركعة .. سجدة ولو عابر سبيل يقول الله اكبر …. فأقول لنفسى والله لأطفئن شوقك ..
والله لأعيدن لك بعض أيامك ..أدخل فيه … وأصلى ركعتين لله ثم أقرأ فيه جزءًا

كاملا من القرآن الكريم
لا تقل ان هذه فعل غريب .. لكنى والله ….احب المساجد ..
دمعت عيناى ….نظرت فى الأرض مثله لكى لا يلحظ دموعى …من كلامه .. من احساسه من اسلوبه .. من فعله العجيب ..من رجل تعلق قلبه بالمساجد…ولم أدرى ما اقول له واكتفيتُ بكلمة جزاك الله كل خير، سلمت عليه وقلتُ له لا تنسانى من صالح دعائك ..
ثم كانت المفاجاة المذهلة ..
وأنا أهم بالخروج ! من المسجد قال وعينه مازالت فى الأرض ..
أتدرى بماذا أدعو دائمًا وأنا أغادر هذه المساجد المهجورة بعد أن أصلى فيها ؟
نظرتُ إليه مذهولا إلا أنه تابع قائلا :
اللهُمَّ يا رب . اللهُمَّ إن كنت تعلم أنى آنست وحشة هذا المسجد بذكرك العظيم وقرآنك الكريم لوجهك يا رحيم . فآنس وحشة أبى فى قبره وأنت أرحم الراحمين ..
حينها شعرتُ بالقشعريرة تجتاح جسدى وبكيتُ كطفل صغير ..

أخى الحبيب .. أختى الغالية

أى فتى هذا ؟ وأى بر بالوالدين هذا ؟

كيف رباه أبواه ؟ وأى تربية ؟ وعلى أى شئ نربى نحن أبناءنا ؟
كم من المقصرين بيننا مع والديهم سواء كانوا أحياء أو أمواتا ؟

ولحديث بقية ان شاء الله تعالى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.