تخطى إلى المحتوى

طهروا الاسلام 2024.

طهِّروا الإسلام من هذه الخرافات والخزعبلات – د. عائض القرني

نزل القرآن وأُرسل الرسول – صلى الله عليه وسلم – لإفراد البارئ بالألوهية، وقصده سبحانه بالعبودية وحده، وعدم الإشراك به، وهذا أصل الأصول وقضية القضايا، قال تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)، ولكن الأمة عبر القرون ابتعد كثير منها عن هذا الأصل، ووقعوا في الشرك والخرافات والدّجل والخزعبلات، ولا يدرك ذلك إلا من سافر إلى تلك الدّول التي جعلت من القبور والأضرحة مزارات، ونسبوا لأهلها كرامات، وصار الناس يعكفون عليها، يطلبون من أهلها الأموات قضاء الحوائج كالذّرية والرزق والشفاء وتسهيل الأمور وتفريج الكرب وغفران الذنوب.. وهذا الشرك بعينه، وقد وضعوا لأجلها الأحاديث المكذوبة والقصص الزائفة، وسوف أوثّق ما أقول، ففي كتاب: "وسائل الشيعة" للعاملي جزء 14 ص 514 "أن الله أوحى إلى الكعبة فقال: ولولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا من تضمه أرض كربلاء ما خلقت"، وفي كتاب "مفاتيح الجنان" ص 525 "وإنه لينـزل كل يوم سبعون ألف ملك يزورون قبر الحسين ويسلمون عليه، وقال: من زار جعفر الصادق وأباه لم يشك عينه ولم يصبه سقم ولم يمت مبتلى" "مفاتيح الجنان" ص490، وقال المجالسي في كتابه "بحار الأنوار" 98/ 87 قال أبو عبدالله: "من فاتته عرفات فأدركها بقبر الحسين لم تفته وإن الله تعالى ليبدأ بأهل قبر الحسين قبل أهل عرفات"، وقال صاحب كتاب "مفاتيح الجنان" ص 704: "ويستحب السجود على تربة قبر الحسين"، ويقول عبدالله العمر في كتابه "الزيارات والأولياء في تهامة" ص 135: "إذا مر ثعبان من جانب تربة الولي بن غانم يموت الثعبان، وإذا مرّ ثعبان بأيّ شخص من ذرية ابن غانم يموت الثعبان على الفور"، وفي "الطبقات الكبرى" 1/ 279 "أن أبا محمد المغربي القناوي أحد الأولياء سقط عليه شبح من السماء فسألوه عنه فقال: "هذا ملك وقعت به هفوة فسقط علينا يستشفع بنا"، وفي كتاب "الزيارات والأولياء في تهامة" ص65 في زيارة الشيخ الشاذلي بالمخا "وقبره معظم مقصود للزيارة والتّبرك واستنجاح الحوائج ومن استجار به أمِنَ مما يخاف"، وفي المرجع السابق ص 73 "وإذا كان الخميس آخر أيام شعبان يطوفون على القبر ويتمسحون به وآخر الطقوس الاغتسال في البحر فجراً رجالاً ونساء وأطفالاً" وفي كتاب "مرهم السقيم في زيارة تربة تريم" ص27 "هذه الثلاث المقابر: زنبل والفريط وأكدر مشهورة بالبركات وفي كل واحدة جمٌ غفير من الأولياء، وزيارة هذه المقابر من أفضل القرب وأسنى الذخائر سيما تربة تريم المشهورة بالبركات".

ولو ذهبتُ أنقل هذه الشركيات والخرافات لجمعت منها مجلدات، فأي خطر على التوحيد والعقيدة الصحيحة من هذا الخطر؟! وإذا لم يكن هذا شركاً فليس في الدنيا شرك إذاً! وما الفرق بين ما فعله هؤلاء وما فعله مشركو قريش مع أصنامهم، وفي دول إسلامية كثيرة أضرحة وقبور يتمرغ عندها الناس ويبكون ويسجدون عليها وينادون الأموات بداخلها في كشف كربهم وقضاء حوائجهم، وهذا هو صرف العبودية والمسألة لغير الله سبحانه وتعالى، وما بُعث صلى الله عليه وسلم إلا بأن يُعبد الله وحده لا يُشرك به سواه، فانظر ماذا فعل الشيطان بأمة الإسلام، فأين علماء الأمة ودعاتها وكتّابها وساستها وهم يشاهدون التوحيد يمرغ ويمزّق والقبور تُقصد بالعبادة والأموات يُسألون من دون الله؟ وقد رأيتُ بعيني بعض هذه المشاهد في بعض الدول، بل لقد أثنيتُ مرةً على جمال الطبيعة في دولة إسلامية فقال أحد رعاياها: بلادنا مباركة لأن بها يُدفن أولياء كثيرون فمن بركتهم كثرة نزول الأمطار وجمال الأرض" سبحانك ربي هذا بهتان عظيم، وإذا كان الولي الميت داخل قبره بزعمهم يشفي المريض ويعافي المبتلى وينصر المظلوم ويكشف الكرب ويجلب الرّزق والذريّة فماذا بقي لله عز وجل؟ وما هو الشرك إذاً إذا لم يكن هذا الشرك بعينه؟ وتجد كثيراً من علماء تلك البلدان ودعاتها مشغولين بدقائق السياسة وتفاصيل التفاصيل في مسائل فرعية أشغلوا بها أوقاتهم، وضيّعوا فيها أعمارهم، وبجانب الواحد منهم قبر يُعبد من دون الله وضريح يُتبرك به ويُسأل صاحبه قضاء الحوائج، وهذا الشيخ مشغول بالتنظير لمسائل لم تقع ولن تقع فنعوذ بالله من الخذلان وموت القلوب وعمى البصيرة، وفي كتب هؤلاء الخرافيين دجل وزور لا يصدقه أي عقل سوي كقولهم إن قبر الولي فلان انشق عنه وصافحنا بيده، وإن أحدهم خرج من قبره ومسح رأس المريض فشُفي، وأحدهم لما زاروا قبره في قحط نزل الغيث مباشرة.. فهم أخذوا ما لله وحده وأعطوه الولي، قال سبحانه وتعالى: (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ)، وقال تعالى: (وهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ)، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبائهم مساجد" رواه البخاري ومسلم، وفي الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يُعبد". فيا أيها المسلمون، عودوا لدينكم الصحيح وتوحيدكم الخالص، وتبرؤوا من هذه الشركيات والخرافات والخزعبلات؛ فإنها الماحقة لإيمانكم المذهبة لتوحيدكم الموجبة للنار وغضب الجبار، قال تعالى: (إنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ)، وقال تعالى: (وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ).

ولهذا، وبعد زيارة ما يقرب من أربعين دولة، ومشاهدة تلك الأضرحة والقبور، عرفتُ سرّ كون غالب القرآن في التوحيد وتقرير العقيدة الصحيحة ومحاربة الشرك والخرافة والتنديد بالدجاجلة والأفّاكين والمزوِّرين ودعوة الإنسان إلى عبودية ربه سبحانه وتأليهه وإفراده بالقصد والمسألة دونما سواه.

بـــووركتي غـــااليــتي
جزاك الله الجنان
بـــووركتي غـــااليــتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.