تختصر رابطة القلب الأميركية، وبدقة، تعليلها لضرورة ابتعاد المرء عن سلوك نمط الكسل والخمول البدني، بقولها نصاً في إرشاداتها الصحية لعامة الناس بان الكسل البدني يصنف بأنه عامل خطورة "رئيسي" للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ومعلوم أن ثمة ما يُعرف بمجموعة "عوامل خطورة الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية".
وهي مكونة من عناصر عدة، استغرق البتّ العلمي في ما هو معلوم منها حتى اليوم، أكثر من نصف قرن.
وكان هذا بناءّ على دراسات طبية واسعة في المجتمعات المختلفة. ومنها ما هو رئيسي، وما هو ثانوي.
ومن العوامل الرئيسية ارتفاع الكولسترول ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم والتدخين. والكسل البدني محله الصحيح هو بين فئة هذه العناصر.
وعند الحديث عن الكسل البدني وممارسة الرياضة البدنية، علينا، كأفراد من الوسط الطبي، أن نكون دقيقين في نقطتين أساسيتين.
الأولى، عدم المجازفة في عبارات عرض فوائد إتباع النصائح الطبية، لأن العلاقة بين الإنسان وبين ما يقوله أفراد الوسط مبنية على الثقة في صدق كل ما يتعلق بالمعلومة.
والثانية، تحديد ما تتحدث عنه النصيحة الطبية لكيفية وقدر ووتيرة ممارسة الرياضية البدنية لبلوغ غايات وقائية أو علاجية متنوعة.
وعليه، فإن التخلي عن الكسل، عبر ممارسة قدر معقول من النشاط البدني اليومي، لا يُعتبر اليوم مطلباً ثانوياً في الحفاظ على الصحة أو في الوقاية من بعض الأمراض أو في معالجة بعض أنواعها، بل هو وسيلة وقائية وعلاجية من الدرجة الأولى.
أي في مرتبة موازية لتناول أطعمة صحية من ناحيتي نوعيات وكميات محتواها، ولنوم عدد كافي من ساعات الليل بالذات، ولتجنب التدخين، ولتلقي لقاحات منع الإصابة بالأمراض الميكروبية، وللمراجعة الدورية لدى الطبيب لإجراء الفحوصات الطبية وفق جداول زمنية معروفة، ولغيرها من وسائل الوقاية ضمن ما يُعرف بـ" الأنماط الصحية لسلوكيات الحياة اليومية".
حلول تعويضية
وبالعموم، تقول الرابطة، إن السباحة وركوب الدراجة الهوائية والهرولة والتزلج على الجليد والمشي وغيرها من الأنشطة البدنية، يُمكنها أن تُساعد في صحة القلب.
وسواءً كانت ممارستها ضمن برنامج منظم للرياضة، أو كجزء من النمط الروتيني لحياة أحدنا اليومية، فإن كل نشاط بدني يُضيف المزيد إلى بلوغ قلب أكثر صحة.
وبالخصوص، تُضيف الرابطة، أنه ووفق الإرشادات الأخيرة حول النشاط البدني، والتي تم وضعها من قبل لجان الخبراء بالاشتراك فيما بين رابطة القلب الأميركية والكلية الأميركية للطب الرياضي، فإن على جميع البالغين الأصحاء، ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و 65 سنة، ممارسة 30 دقيقة على الأقل من المجهود البدني المتوسط الشدة في خمسة من أيام الأسبوع الواحد.
ومُلحق بها إرشادات خاصة بمنْ تجاوزوا سن 65 سنة. وأخرى بمنْ هم ما بين سن 50 و 64 سنة ويُعانون أيضاً من حالة مزمنة أو من قصور وظيفي بدني، أي مثل التهابات المفاصل، مُؤثرة على قدرة الحركة أو اللياقة البدنية.
وبالرغم تأكيد الرابطة على أنه لا بديل عن ممارسة 30 دقيقة من ذلك القدر المتوسط الشدة في خلال 5 من أيام الأسبوع، وبالذات لبلوغ غاية حماية القلب وشرايينه، إلا أنها تطرح حلولاً تعويضية، كخطوات يُمكن ممارستها في المنزل أو مكان العمل أو في أماكن النزهات.
ومن شأن ممارسة هذه الخطوات، وفق ما تقول الرابطة، زيادة مقدار ما نقوم به من مجهود بدني خلال حياتنا اليومية. وتقترح مجموعات من النقاط والأفكار لهذه الأماكن الثلاث.
رياضة المنزل
المنزل مجال رحب للنشاط البدني، فمن المريح والملائم والآمن أداء النشاط البدني فيه. بهذه العبارة تُلخص الرابطة حسنات الرياضة المنزلية.
وتُضيف أن ممارستها في المنزل تُتيح فرصة للأطفال كي يروا والديهم نشيطين بدنياً، ما يُعطي قدوة جيدة للأطفال.
وتطرح فكرة أن يدمج الواحد منا ممارسته للرياضة البدنية بمشاهدته للبرامج التلفزيونية أو قيامه بإنجاز أي أعمال منزلية.
كما تقول إن شراء تجهيزات رياضية منزلية، هو مُكلف مادياً لمرة واحدة، ولكن بالامكان الاستفادة منها طوال الوقت، ولجميع أفراد الأسرة.
كما يُسهل وجودها في المنزل القيام بتجزئة أداء الحصة اليومية من النشاط البدني، أي بدلاً من الهرولة لمدة نصف ساعة متواصلة، فإن بالإمكان الهرولة لمدة 10 دقائق ثلاث مرات في اليوم، أو لربع ساعة مرتين في اليوم .
وتقترح الرابطة النقاط التالية:
– انجاز الأعمال المنزلية دون الاستعانة بالغير. وهذه النقطة هي أهم ما يُمكن للإنسان أن يفعله لزيادة كمية ما يبذله جسمه من حركة بدنية.
ولا تختص بالنساء فقط، بل حتى الرجال عليهم التفكير الجدي في جدوى القيام بشيء من تلك الأعمال المنزلية.
ومع الاتفاق على أن نوعية الأعمال المنزلية لا يتطلب انجازها بذل قدر كاف من الإجهاد البدني، مقارنة برياضة الهرولة أو غيرها من أنواع "إيروبيك" الصحية للقلب، إلا أنها وسيلة لا يُمكن إنكار ما هو مُشاهد من تأثيراتها الإيجابية.
ذلك أن المصادر الطبية تلحظ أن منْ يُقبلون، برحابة صدر، على القيام بالأعمال المنزلية ويُشاركون فيها، هم أكثر إقبالاً على ممارسة الرياضة البدنية وأكثر تجنباً لعيش حياة الكسل والخمول البدني.
– العناية بالحديقة المنزلية هواية ووسيلة لتجميل المنزل وتهيئة مكان للقاء أفراد العائلة وللترويح عن النفس.
والحديقة هناك، وقريباً منا، مجال رحب للرجل وللمرأة في تنشيط الحركة البدنية، والانشغال بها عن كسل وخمول الجلوس أمام شاشة التلفزيون، أو النوم.
وذلك بتقليم الشجيرات، وحرث أحواض الزهور، ونقل أنواع منها لزرعها، وغيره من الأنشطة.
– مشوار مشي قصير قبل الإفطار أو بعد العشاء، قد يُحرك كثيراً من عضلات الجسم ومفاصله، خاصة مع الحرص على عدم "مشي الهوينا"، وطبعاً ما دون "كجلمود صخر حطه السيل من علي"، بل هو المشي ذو خطوات نشطة وسريعة.
وقد تكون تلك المشاوير القصيرة بداية للتعود على المشي يومياً لفترة أطول. وما نبدأه بخمس دقائق قد يتحول تدريجياً إلى ثلاثين دقيقة.
وما قد يبدأه الزوج مشياً منفرداً، قد تُشاركه الزوجة لاحقاً فيه، لتتعود هي الأخرى على رياضة المشي.
ومن تعود رياضة المشي وفرّغ وقتاً يومياً لها، يسهل عليه التعود على الهرولة في المستقبل.
– تقليل استخدام السيارة، فبدلا من الذهاب إلى متجر البقّال الواقع على رأس الشارع، قد يكون من الأفضل والممكن الذهاب مشياً.
أو استخدام الدراجة الهوائية لذلك الشأن،. هذا مع مراعاة إرشادات السلامة. وعند الذهاب إلى المتاجر الكبيرة، "مول"، أوقف سيارتك بعيداً قليلاً كي تتمكن من المشي، مع الحرص على ارتدأ أحذية مناسبة لهذا المشي.
– عند مشاهدة التلفزيون، تحاشى الاستلقاء على الظهر والتمدد على الأريكة كهيئة النائم، بل تنصح رابطة القلب الأميركية بالجلوس مع وضع القدمين على الأرض، أو رفعهما قليلاً لمنْ يحتاج ذلك.
وتزيد بالنصح قائلة أبعد عنك جهاز التحكم عن بُعد،"ريموت كونترول".
– حرّك نفسك، فبدلاً من طلب الغير جلب كأس من الماء أو غيره، قم بنفسك للحصول عليه. وعند إجراءك محادثة هاتفية، قم وتمشى خلال ذلك في أرجاء الغرفة أو المنزل
– ساعات العمل المكتبي.. فرص كثيرة لحركة الجسم
– يأخذ وقت العمل الوظيفي وقتاً مهماً من بين عدد ساعات اليوم. ولغالبية من أعمالهم ذات طبيعة مكتبية، أو شبه مكتبية، ثمة الكثير مما يُمكن به إضفاء شيء من النشاط البدني خلال تلك الساعات اليومية.
وللإجابة على زيادة كمية ذلك النشاط في حركة العضلات والمفاصل، تقترح رابطة القلب الأميركية عدة نقاط مبدئية، يُمكن لخيال أحدنا أن يتصور غيرها أيضاً.
ومنها:
– عند مناقشة أفكار مشروع جديد مع الزملاء، قم بذلك خلال مشوار من المشي.
– قم عند إجراءك محادثة هاتفية، ولو أمكن المشي قليلاً خلال ذلك، كان أفضل.
– بدلاً من استخدام الهاتف لمحادثة زميل في مكتب أخر أو في طابق أخر، توجه إليه مشياً.
– بدلاً من استخدام المصاعد الكهربائية لصعود كل الطوابق، استخدم درج السلالم لكل الطوابق. أو اصعد بالمصعد الكهربائي إلى ما قبل طابقين أو ثلاث، ثم أكمل بقية الصعود باستخدام السلالم.
– عند الانتظار، في المكاتب أو المطار أو غيره، قم بالمشي بدلاً من الجلوس.
– اختر الإقامة في فنادق بها مراكز لممارسة الرياضة والسباحة. واجعل من تلك الميزة عنصراً مهماً في اختيارك للفندق. وبالطبع، احرص على الاستفادة منها وقضاء وقت فيها.
– احرص على وضع "حبل للقفز" في حقيبة ملابسك عند السفر. ومارس تلك الرياضة البسيطة في حجرتك أينما كانت إقامتك في السفر.
– اهتم بالانضمام إلى النادي الرياضي في مكان عملك. وانضم إلى فريق أحد الألعاب الرياضية فيه.
أو اشترك في أحد المراكز الرياضية القريبة من مكان عملك، لتقضي فيها بعض الوقت، إما في فرصة الظهر أو بعد الفراغ من العمل وقبل العودة للبيت.
– ثبت وقت ممارسة الرياضة في جدولك اليومي. واعتبره موعداً مهماً، كلقاء المدير أو أحد العملاء، ولا تتهاون في حضوره.
– أوقف سيارتك بعيداً قليلاً عن مكان العمل، وأمشي لبضع دقائق قبل الوصول إليه. ولو كنت تستخدم حافلة نقل الركاب، فانزل عنه قبل محطة من الوصول إلى مكان العمل، كي يكون لك فرصة للمشي.
– لا تنسَ التمارين المكتبية للرقبة والكتفين والقدمين أثناء جلوسك على كرسي المكتب.
دمتم فى حفظ الله