الله سبحانه وتعالى خلق الأنثى لتكون كائناً محفوفاً بالجمال والزينة تتأصل في كينونتها وخلقتها، وكان أمر التزين ملازماً لها كمتلازمة قطر الماء العذب للنهر أو الزهرة للغصن.
وعلى الرغم من ذلك إلا أن أمر الاهتمام بالتزين لديها يتذبذب باختلاف مراحلها العمرية وعاداتها ومفاهيمها فهي في الغالب تحرص في مرحلة عقد القران أن تكون الأجمل والأبهى في عين الخاطب وتعمد إلى استخدام زينتها كوسيلة من وسائل لفت الانتباه وتسعى إلى أسر قلبه وتقييد هواه بكل ما استطاعت من وسائل الزينة كالمساحيق ومستحضرات التجميل وقد يتطور معها الحال بملاحقة الأزياء والموضة في كل موسم لتبدو أجمل وأبهى، ثم تبدأ تتراجع وتهمل زينتها بعد الزواج وتعدد المسئوليات ما يجعل الزوج يلومها ويبحث عمن تحقق له السرور والراحة إذا نظر لوجهها.
النساء بعضهنَّ تبالغ في التزين وأخريات تهمله مما يجر على حياتهم مشكلات تفضي إلى الفكاك والطلاق إذا ما تحسبوا لها منذ البداية وفطنوا لحلولها القائمة على التفاهم المتبادل، تابع معنا.
التزين لدى احدى النساء في نهاية الثلاثينيات من عمرها أمرٌ ضروري ليستقيم شعورها النفسي، تؤكد أنها ليست مهووسة بالتزين لكنه ضروري جداً لها، فعندما ترى نفسها في المرآة جميلة تستطيع أن تنجز مهامها على أسرع وجه وتكون سعيدة بعكس إذا ما شغلتها أعباء المنزل وضغوطات العمل عن التزين ووضع الماكياج الذي يمنحها رونقاً مختلفاً، تقول:" لا أقلد أحداً ولا أسعى لأكون نسخة مكررة عن أحد بل أتزين بطريقة تبدد الضغوط النفسية التي يتركها العمل والالتزام بأعباء المنزل ومسئولية تربية الأطفال" وتتابع السيدة طريقتها في التزين تشير إلى أنها تختار الألوان والماكياجات التي تناسب بشرتها وتدل على ملامح شخصيتها، وفي حياتها الخاصة لا تنكر أن الزينة تقرب المسافات بينها وزوجها فتبدو في عينيه أجمل ويستمر في دلالها والاهتمام بها مؤكدة أن ذلك من حقه عليها ودلاله لها من حقها عليه، لكنها لا تبالغ أبداً في إبداء التزين فليس بإمكانها أن تعني فقط ببشرتها وجمالها وتترك أعباء المنزل وتتخلى عن مسئولياتها تجاه أسرتها.
مهملة
ولعل التزين للزوج من أنواع الزينة المستحبة التي بها تستطيع الزوجة أن تعفه عن النظر لغيرها وتكون واجباً إذا طلب منها التزين له وما عليها إلا الطاعة في غير معصية.
تشكو احدى السيدات من معاملة زوجها السيئة فغالباً يهرب إلى لقاء أصدقائه وينغمس في عمله لساعات طويلة من نهار اليوم وأحياناً ليليه وإذا ما وجد في البيت يبقى بعيداً ملازماً للكمبيوتر يتصفح مواقع الانترنت، أما عن السبب فلا حاجةً للبوح به على لسانه أو لسانها لتجميله تارةً أو تعظيمه تارةً أخرى، إذا ما أبصرت وجه الزوجة ولباسها تعرف السبب، فقط تحيى لتربي الأبناء وتبصر احتياجاتهم على مدى ساعات النهار حيت يغرقوا في النوم ولا متسع لديها لأن تبدي شيئاً من زينتها، تقول:" الوقت يسرقني بين الاهتمام بالأطفال في علمهم ومتابعتهم وبين متطلبات المنزل" وتشير زوجي لم يعلق يوماً ولم يبدِ عدم رضاه فهو يعرف حجم المسئولية الملقاة على كاهلي، أما الزوج فيؤكد أنه يتفهم حجم تلك المسئولية ولكنه أيضاً يتمنى على زوجته أن تهتم قليلاً بزينتها فذلك يؤثر على طبيعة العلاقة بينهما ويمنعه من استراق النظر للأخريات ممن تبدي زينتهنّ في الإطار الممنوع.
الاعتدال في التزين
ليس التزين يقتضي المبالغة والإسراف بأن تقضي جل وقتها في التزين وتترك مهامها الأساسية في التربية والرعاية للبيت والزوج والأطفال، فأساس الزينة المحافظة على النظافة مع إضفاء لمسات بسيطة تسر عين الزوج وتجعلها تملك قلبه ولبه وتعفه عن النظر لغيرها وحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك واضحاً حين قال: «ألا أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ الصالحة، إذا نظر إليها سرته، وإذا غاب عنها حفظته، وإذا أمرها أطاعته».
تقول فتاة في نهاية العشرينيات من عمرها أن التزين ليس مهماً في حياتها فلا وقت لديها ولا يوجد من تتزين له، تؤكد الفتاة لو كانت متزوجة أو مخطوبة لاهتمت كثيراً بأمور التزين لكنها تهتم في الحد المعقول فلا تبالغ كتلك الفتيات التي ترفضنَّ الخروج من المنزل دون أن تكون في كامل زينتها ليس بالمكياج الذي يدخل في إطار المحرم والممنوع وإنما بالأناقة مؤكدة أنه لا يضيرها إن اختلف لون غطاء الرأس قليلاً عن اللباس أو الحذاء أو الحقيبة الأهم لديها أن يكونوا متناغمين لا متنافرين في مجملهم، وتشير إلى أن شقيقتها تبالغ في التزين فلا يمكنها الخروج دون أن تتفقد ملابسها جميعها وتتأكد من وجود كامل الإكسسوارات والحلي التي تبرزها في أبهى حللها. وتنتقد ذلك خاصة في ظل المشاغل الكثيرة التي تقع على كاهلها بدءً من العمل وانتهاءً بأعباء المنزل التي غالباً ما توكل إليها لأنها الأمهر بينما والدتها لا يمكنها القيام بشيء منها بعد أن تقدم بها الزمن، وتتابع الفتاة :" لا أنكر أن التزيين يريح النفس قليلاً ويبهج القلب خاصة في حالة الألم لكن كل شيء في حدود المعقول جميل والمبالغ به منبوذ..
يعكس ملامح الشخصية
ليس الحياة الزوجية قائمة على الواجبات المنزلية والاهتمام بالأطفال ورعاية متطلبات الزوج المادية فقط بل تضم التوافق الإنساني والانسجام الروحي لكن الكثير من السيدات تخفق وبيدها تنهي العلاقة بينها وبين من اختارته شريكاً لحياتها بإهمالها في ذاتها وانغماسها في توفير المتطلبات المادية فقط فيمد بصره لغيرها يرى ما يسره مما لا تمنحه إياه زوجته مما يجعله يقع في الخطر ويبتعد عن العفاف ويكون جزء من المسئولية ملقى على الزوجة.
سيدة اخرى في روايتها لتجربتها تؤكد على ذلك فعلى مدار خمس سنوات بعد إنجابها مولودها الأول انغمست في توفير متطلباته خصته بالعناية والاهتمام ولم تلتفت لغيره تقول:" أخذ طفلي الأول كل اهتمامي ولم أعد كأيام زواجي الأولى أهتم بأناقتي وزينتي فلا وقت لدي"، وتتابع الزوجة: "مرت الأشهر ولم يتذمر زوجي لكن في الآونة الأخيرة بدأ يلفت انتباهي كنت أشعر أن تلميحاته إهانة لي وكثيراً ما كنا نتشاجر وأعود باللوم عليه فهو كما تشير يعمل لساعة متأخرة ويأتي فقط لتناول الطعام ثمَّ يخرج لأصدقائه "، تقول: "كنت أتساءل لمن أتزين فلا أجد جواباً وهو طوال الوقت خارج المنزل" وتلفت السيدة إلى أن التزين لدى ضرورة ولا يمكنها تجاهلها لكن إذا لم تلقى من يهتم بها ويطري عليها فإن ذلك يصيبها بالملل وتشعر بأنها إذا تزينت أو لم تتزين فذلك لن يجدي ولن يؤثر مؤكدة أن الزوج أيضاً له نصيب من اللوم وليس معفى إذا ما قصرت زوجته في إبراز زينتها له.
مراعاة الشرع واجبة
في مختلف مراحل عمرها تبقى تلازم الحلي ولا تنفك عن التزين فهي مجبولة عليه، وهو لا يعيبها حيث يتعلق بإرضائها لأنوثتها، فحينما يذهب جمالها الجسدي يبقى جمال الروح فيها بلا حدود.. تبقى جميلة بحيائها وأنوثتها، لكن من النساء مَن تحاول ابتذال الجمال والتزين بأساليب توقعهنَّ في الممنوع بعيداً عن ضوابط الزينة المشروعة والمباحة خاصة للزوج والمحارم.
تقول احداهم: "جميل أن تتزين لكن بالطريقة المشروعة ولمن لهم الحق أن تتزين لهم كالزوج مثلاً، وتتابع السيدة :" تتزين أيضاً لتذهب عن نفسها الملل لكن ينبغي أن يكون تزينها دون مبالغة فلا تخرج إلى الشارع بزينتها فتقع في الحرام لكن بإمكانها أن تكون أنيقة مهذبة ".