عيب لفظ واحد، يلخص موقف كثيرات من حقوقهن التى كفلها لهن الإسلام، فمراجعة الزوج عيب، والمطالبة بحسن العشرة عيب، والتمسك باستقلالية الذمة المالية عيب، وإنكار ظلم الزوج عيب، وسؤاله النفقة الشخصية عيب، تتحول الحقوق إلى عيوب، وتصبح المطالبة بها تبجحًا، وسوء أدب، وتصرخ من فرط شعورها بالمهانة والدونية، وتحتج على ضياع حقوقها، وتتهم الرجل بأنه يتآمر عليها، ويتربص بهذه الحقوق، وتنسى أو تتناسى أنها أول المتآمرين والمتربصين، وأن جهلها بحقوقها أو عدم اكتراثها بها هو أول أسباب إهدارها، فحين يفرط صاحب الحق فى حقه ليس له أن يلوم غيره إن كرس هذا التفريط، وبنى عليه ودعمه واستمرأه، ووجد فيه ضالته.
إن البيت المسلم الذى يضم رجلاً يتشبث بما ليس له، وامرأة تفرط فيما لها، هو بيت متهاوى الأركان، يفتقر إلى عمودى الفهم والوعى اللذين يتصدع أى بيت إن انهدما فيه أو على الأقل يبقى قائمًا شكلاً، بينما العلاقات داخله مهلهلة ومنهارة.
وفارق شاسع بين من تضيع حقوقها جهلاً أو تفريطًا أو مسايرة لعرف يستقبح أن تكون واعية بما لها، متمسكة به، حريصة عليه، وبين من تعرف حقوقها، ولكنها تتسامح فيها، وتتنازل عن بعضها طوعًا وقربى لله، ثم لشريك حياتها، الأولى يحركها إلف العادة، وتكتم فى نفسها إحساسًا جارفًا بالقهر تتعايش معه ولا تملك له دفعًا، والثانية تستمتع بعزة الوعى، وتستشرف الأجر من الله، ولا تشعر بالظلم، بل تجد فيما اختارته منتهى الإنصاف والكرامة.
إن التى استنكرت أن تكون لها ذمة مالية مستقلة، لا تفرط فقط فى حقها، وإنما تنكره أيضًا فتجمع بين سيئتين: اعتبار حقوقها المشروعة منكرًا، وإعلاء العرف عليها، وإهدار هذه الحقوق.
ومن ثم فإن على حركات تحرير الإسلامية أن تضع ضمن أولوياتها توعية النساء بحقوقهن ليكن نصيرات لها لا متآمرات عليها، وليكنَّ دلائل حية على عظمة الإسلام، وريادته الإنسانية.
حقوقنا – نحن النساء – كما أهداها لنا ديننا ليست عيوبًا نتبرأ منها، ولا وصمات عار ننكرها، إنها أكاليل عزة، وتيجان تشريف، لا يقلل من قدرها أن ننزلها من فوق رؤوسنا، ولكن المأساة أن الرؤوس التى نزعت من فوقها هذه الأكاليل والتيجان جهلاً أو قسرًا، هى أمضى سلاح نمنحه لأعدائنا ليسددوا به الطعنات فى قلب العقيدة.
منقول للفائدة