النهي عن قص الرؤيا على غير عالم أو ناصح
الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجري
روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي رزين – واسمه لقيط بن عامر العقيلي – رضي الله عنه عن النبي ? قال: « الرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت ولا تحدثوا بها إلا عالمًا أو ناصحًا أو لبيبًا » هذا لفظ إحدى روايات أحمد. وفي رواية له قال: وأحسبه قال: « لا يحدث بها إلا حبيبًا أو لبيبًا »، ورواه الترمذي بنحوه وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه الإمام أحمد أيضًا وابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجه وابن حبان بنحوه وقالوا فيه: وأحسبه قال: « ولا تقصها إلا على وادًّ أو ذي رأي » وقد رواه الدارمي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" مختصرًا وصححه الحاكم والذهبي.
وروى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال رسول الله ?: « الرؤيا تقع على ما تعبّر، ومَثَلُ ذلك مثل رجلٍ رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحًا أو عالمًا » هكذا رواه مرسلاً ورجاله رجال الصحيح. وقد رواه الحاكم موصولاً من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه عن النبي ? فذكره بمثله وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه.
قال الخطابي في "معالم السنن" في الكلام على حديث أبي رزين رضي الله عنه، معنى هذا الكلام حُسن الارتياد لموضع الرؤيا واستعبارها العالم بها الموثوق برأيه وأمانته، وقوله: « على رجل طائر » مَثَلُ ومعناه أنها لا يستقر قرارها ما لم تعبر.
وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله: « لا يقصها إلا على وادًّ أو ذي رأي » الوادّ لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب وإن لم يكن عالمًا بالتعبير لم يعجل لك بما يغمك. لا أن تعبيره يزيلها عما جعلها الله عليه، وأما ذو الرأي فمعناه ذو العلم بتعبيرها فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها أو بأقرب ما يعلم منها، ولعله أن يكون في تفسيره موعظة تردعك عن قبيح أنت عليه أو تكون فيها بشرى فتشكر الله على النعمة فيها. انتهى.
وقال القاضي أبو بكر ابن العربي إن كانت – أي الرؤيا – بشرى أو شككت فيها فلا تحدث بها إلا عالمًا ناصحًا. العالم يعبرها له على الخير إذا أمكنه والناصح يرشده إلى ما ينفعه ويعينه عليه. وروي في آخر: « ولا تحدث بها إلا حبيبًا أو لبيبًا ». أما الحبيب فإذا عرف قال وإن جهل سكت، وأما اللبيب وهو العاقل العارف بتأويلها فإنه ينبئك بما تُعَوَّل عليه فيها وإن ساءته سكت عنك وتركها. انتهى.
وذكر البغوي في "شرح السنة" عن الإمام – وهو شيخه القاضي حسين بن محمد – أنه قال في قوله: « إذا رأى أحدكم ما يكره فلا يحدث به »، وفي حديث أبي قتادة: « فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب » فيه إرشاد المستعبر لموضع رؤياه فإن رأى ما يكره فلا يحدث به حتى لا يستقبله في تفسيرها ما يزاد به همًّا، وإن رأى ما يحبه فلا يحدث به إلا من يحبه لأنه لا يأمن ممن لا يحبه أن يعبره حسدًا على غير وجهه فيغمه أو يكيده بأمركما أخبر الله سبحانه وتعالى عن يعقوب عليه السلام حين قص عليه يوسف عليه السلام رؤياه: { قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا } [يوسف: 5]. انتهى.
وذكر ابن حجر في "فتح الباري" في الكلام على قوله: « فلا يحدث بها إلا من يحب » أن الحكمة فيه أنه إذا حدث بالرؤيا الحسنة من لا يحب قد يفسرها له بما لا يحب إما بغضًا وإما حسدًا فقد تقع على تلك الصفة أو يتعجل لنفسه من ذلك حزنًا ونكدًا فأمر بترك تحديث من لا يحب بسبب ذلك. انتهى.
الشيخ العلامة حمود بن عبدالله التويجري
روى الإمام أحمد والترمذي عن أبي رزين – واسمه لقيط بن عامر العقيلي – رضي الله عنه عن النبي ? قال: « الرؤيا معلقة برجل طائر ما لم يحدث بها صاحبها فإذا حدث بها وقعت ولا تحدثوا بها إلا عالمًا أو ناصحًا أو لبيبًا » هذا لفظ إحدى روايات أحمد. وفي رواية له قال: وأحسبه قال: « لا يحدث بها إلا حبيبًا أو لبيبًا »، ورواه الترمذي بنحوه وقال: هذا حديث حسن صحيح، ورواه الإمام أحمد أيضًا وابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجه وابن حبان بنحوه وقالوا فيه: وأحسبه قال: « ولا تقصها إلا على وادًّ أو ذي رأي » وقد رواه الدارمي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم في "مستدركه" مختصرًا وصححه الحاكم والذهبي.
وروى عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال رسول الله ?: « الرؤيا تقع على ما تعبّر، ومَثَلُ ذلك مثل رجلٍ رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحًا أو عالمًا » هكذا رواه مرسلاً ورجاله رجال الصحيح. وقد رواه الحاكم موصولاً من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس رضي الله عنه عن النبي ? فذكره بمثله وصححه ووافقه الذهبي على تصحيحه.
قال الخطابي في "معالم السنن" في الكلام على حديث أبي رزين رضي الله عنه، معنى هذا الكلام حُسن الارتياد لموضع الرؤيا واستعبارها العالم بها الموثوق برأيه وأمانته، وقوله: « على رجل طائر » مَثَلُ ومعناه أنها لا يستقر قرارها ما لم تعبر.
وقال أبو إسحاق الزجاج في قوله: « لا يقصها إلا على وادًّ أو ذي رأي » الوادّ لا يحب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحب وإن لم يكن عالمًا بالتعبير لم يعجل لك بما يغمك. لا أن تعبيره يزيلها عما جعلها الله عليه، وأما ذو الرأي فمعناه ذو العلم بتعبيرها فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها أو بأقرب ما يعلم منها، ولعله أن يكون في تفسيره موعظة تردعك عن قبيح أنت عليه أو تكون فيها بشرى فتشكر الله على النعمة فيها. انتهى.
وقال القاضي أبو بكر ابن العربي إن كانت – أي الرؤيا – بشرى أو شككت فيها فلا تحدث بها إلا عالمًا ناصحًا. العالم يعبرها له على الخير إذا أمكنه والناصح يرشده إلى ما ينفعه ويعينه عليه. وروي في آخر: « ولا تحدث بها إلا حبيبًا أو لبيبًا ». أما الحبيب فإذا عرف قال وإن جهل سكت، وأما اللبيب وهو العاقل العارف بتأويلها فإنه ينبئك بما تُعَوَّل عليه فيها وإن ساءته سكت عنك وتركها. انتهى.
وذكر البغوي في "شرح السنة" عن الإمام – وهو شيخه القاضي حسين بن محمد – أنه قال في قوله: « إذا رأى أحدكم ما يكره فلا يحدث به »، وفي حديث أبي قتادة: « فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب » فيه إرشاد المستعبر لموضع رؤياه فإن رأى ما يكره فلا يحدث به حتى لا يستقبله في تفسيرها ما يزاد به همًّا، وإن رأى ما يحبه فلا يحدث به إلا من يحبه لأنه لا يأمن ممن لا يحبه أن يعبره حسدًا على غير وجهه فيغمه أو يكيده بأمركما أخبر الله سبحانه وتعالى عن يعقوب عليه السلام حين قص عليه يوسف عليه السلام رؤياه: { قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا } [يوسف: 5]. انتهى.
وذكر ابن حجر في "فتح الباري" في الكلام على قوله: « فلا يحدث بها إلا من يحب » أن الحكمة فيه أنه إذا حدث بالرؤيا الحسنة من لا يحب قد يفسرها له بما لا يحب إما بغضًا وإما حسدًا فقد تقع على تلك الصفة أو يتعجل لنفسه من ذلك حزنًا ونكدًا فأمر بترك تحديث من لا يحب بسبب ذلك. انتهى.