تخطى إلى المحتوى

الحب يموت بعد الزواج !! 2024.

كيف يموت الحب بعد الزواج؟
خليجية

يقول باولو دعونا نتخيل كم من ملايين البشر في هذه اللحظة، يشعرون أنه لا معنى لحياتهم سواء كانوا أثرياء أو ناجحين على الصعيد المهني أو الاجتماعي، وذلك لكونهم في هذه اللحظة يشعرون بالوحدة، تماما كالأمس وربما الغد أيضا.
طلاب، بلا أصدقاء يلجأون إليهم. كبار في السن، لا تسلية لهم سوى الجلوس قبالة التلفاز. رجال أعمال في غرف الفندق، يتساءلون إن كان ما يفعلونه له أي جدوى. نساء يتزين بعناية ليخرجن إلى الرفقة أو الشريك، فقط للتأكد أنهن مازلن مرغوبات، وهن يخشين أي تواصل أو تعارف يمكن أن يظهر حاجتهن لشريك، أو جهلهن بما يدور من أحداث في محيط الحياة بسبب انشغالهن الدائم في العمل وتربية الأبناء وغير ذلك…

وأشخاص ينظرون إلى أنفسهم في المرآة ويعتقدون أنهم قبيحون، إيمانا منهم أن الجمال هو الأهم في الحياة، ويقضون أوقاتهم في قراءة المجلات عن كل من هو جميل وثري ومشهور.
ربما كانت تلك النماذج التي استعرضها باولو بعيدة عن مجتمعاتنا في الماضي، ولكن مع انفتاح العولمة والفضائيات وسيادة العالم الاستهلاكي، باتت تلك النماذج جزء لا يتجزأ من عالمنا الشرقي.
أزواج وزوجات يتوقون إلى حوار مع الآخر في المساء، كما في بداية الزواج، لكن دوما هناك أمورا وقضايا أكثر أهمية تتطلب اهتمامهم. أما الحوار فدوما مؤجل إلى الغد الذي لا يأتي مطلقا.

نسمع من شخص ما انفصل حديثا يقول، الآن، أستطيع الاستمتاع بحريتي التي طالما حلمت بها، لكن هذا غير صحيح، لا أحد منا يريد هذه الحرية. جميعنا نرغب في أن يكون لدينا شريك يشاطرنا حياتنا، يحبنا ونحبه نتناقش معه في أي موضوع كان مهما كان تافها.

من الأفضل العودة إلى المنزل لنواجه بعض المنغصات الصغيرة، على أن نكون بمفردنا بالمطلق. ونحن هنا نتحدث عن الوحدة التي فرضت علينا وليس بخيارنا.
إلا أن الكثيرين، وهم في ازدياد، يحجمون عن الدخول في تجربة ارتباط جديدة، ولسبب بسيط يتمثل في الخوف من الوقوع في فخ هيمنة المجتمع عليهم، فالزواج في الشرق لا ينحصر بالشريك فقط بل يضم جميع أفراد عائلته وأقربائه والذي يمنحهم الحق للتدخل في مسار طبيعة حياة الشريك وخصوصيته.

بعد استعراض هذه المقتطفات من كتاب الظاهر لباولو، سندخل في عمق الحياة الزوجية التي يخبو الحب فيها بين الزوجين بعد مضي بضعة سنوات، ليجزم الأغلبية أن الحب الذي نبض في القلب كان مجرد نزوة أو انجذاب كيميائي وغير ذلك من مبررات.
لنستعرض في البداية مخزون فكر كلا الطرفين عن مفهوم الارتباط سيما في مجتمعاتنا الشرقية. بالنسبة للزوجة فالغالبية من النساء ترى في الزواج الاستقرار العائلي والمادي حيث يتمثل دورها ومهمتها في الحفاظ عليه وحمايته من أية تغيرات أو مستجدات قد تهدد أمنه سيما على الصعيد المادي والأهم من ذلك التغير الفكري الذي لا تضعه في الحسبان بداية. أي أن دورها ينحصر في التمسك بالوضع المستقر كما هو عليه عند الزواج ليتحول إلى رتابة وروتين مدى الحياة.

أما فيما يتعلق بالرجل فهو يرى في الارتباط تكوين أسرة بمثابة امتداد له، ومهمة تتمثل بعد الزواج في الحفاظ على راحته وتلبية احتياجاته وأبنائه، ليكون بيته ملاذه الآمن بعد نهاية يوم شاق. كل ذلك من دون أن يعي كلاهما حاجته الإنسانية إلى شريك له في الحياة يشاطره أفكاره وهمومه، وتأملاته.
وبذا يتم الارتباط على مبدأ مادي موضوعي، ليكتشف كلا الطرفين بعد مضي بضعة أعوام بأن كل منهما يعيش وحدة قاسية مع نفسه على الرغم من قيام كل منهما بواجباته على أكمل وجه.
وذلك لكون دور كل منهما لا يكمل إنسانية الفرد في داخلهما. ويتم التعبير عن تلك الوحدة بتذمر كلا الطرفين من رتابة الحياة ويسعيا إما إلى كيل الاتهامات للآخر في أية فرصة متاحة أو التقوقع على الذات والانحسار عن المحيط أو البحث خارجا عن ملاذ آني، وإن اتفق الطرفان على أمر واحد فقط وهو أن الحب بعد الزواج يخبو ويضمحل ويتحول إلى مؤسسة أكثر بيروقراطية من أية مؤسسة أخرى عرفها التاريخ.

نموذج آخر لتلاشي الحب بعد الزواج، حينما يرتبط شخصان متفردان لهما تطلعاتهما في الحياة التي تتجاوز الروتين الطبيعي للحياة الزوجية، وهو ما تناوله باولو في كتابه الظاهر بصورة عميقة ودقيقة والمتمثل في المقولة، كيف يموت الحب بعد زواج مثالي.
يتمثل ذلك حينما يتعرض الزواج لبعض المنعطفات، وعلى سبيل المثال حينما يعلن أحد الطرفين عن حاجته أو رغبته في تغيير مهنته أو الانتقال إلى العمل الحر أو العكس أو حينما تقرر الزوجة متابعة تحصيلها العلمي أو البحث عن فرصة عمل لتحقيق ذاتها وغير ذلك من أمثلة.

إن ما يحدث في مثل تلك المنعطفات، هو أن طموح أو تطلعات أحد الطرفين لحياة أفضل سيما إن تمكن من التقدم في المسار الجديد، يهدد الآخر الذي يتمسك بالاستقرار والرتابة، ويشعره بفقدان الأمان وهو في الواقع إحساسه بالدونية أمام الطرف الآخر. وعليه يبدأ الطرف المتمسك بالثبات بخوض معركة مع الآخر لسحبه إلى الوراء إلى دائرة الثبات، والنتيجة غير بعيدة عن الواقع فإما أن يستسلم المتقدم ليعيش مرارة الحياة ويعزل نفسه عن الآخر أو ينفصل الاثنان ويجهض الحب الذي كان في البداية متألقا.
نتجرد من الحب حينما نغتال أحلامنا ..

وفي النهاية لا أدل من الصورة التي رسمها باولو لمسيرة حياة الإنسان في كتابه الحاج كومبوستيلا وهو بمثابة رحلة تأمل للنفس والحياة معا. إن المعركة الجيدة، هي التي نخوضها بهدف الدفاع عن أحلامنا. حينما كنا فتيانا، كانت أحلامنا تتفجر في داخلنا بملء طاقتها. كنا حينها نتحلى بالشجاعة، إلا أننا لم نكن قد تعلمنا بعد كيف نحارب. وحينما تعلمنا كيفية المحاربة بعد جهد كبير فقدنا شجاعتنا للدخول في صراع جديد.

وعليه، انكفأنا على أنفسنا ليستمر الصراع في داخلنا فقط، ولتصبح ذاتنا ألد عدو لنا. ونردد لأنفسنا بأن أحلامنا كانت طفولية أو صعبة المنال وبعيدة عن الواقع. وبذا نقتل أحلامنا خوفا من مواجهة معركة جديدة. ونقنع أنفسنا أننا من خلال تخلينا عن أية مطالب تزيد عما نريد تقديمه، فإننا ننشد السلام.
كما نعتقد بأننا نتصرف كناضجين، وبحكمتنا نركن جانبا أحلام شبابنا، ونبحث عن انجازات على الصعيد المهني أو العام. ولشد ما نفاجأ حينما نلتقي بأشخاص من عمرنا لا يزالوا يتحدثون عما ينشدونه من الحياة.

لكن الحقيقة المرة، أننا ندرك ونعي في أعماق قلوبنا بأننا تخلينا عن معركتنا الخاصة بأحلامنا. وحينما نتخلى عن أحلامنا، فإننا نعيش حالة السكينة لفترة زمنية قصيرة. إذ أن الأحلام الميتة في داخلنا تبدأ بالتعفن لتفسد حياتنا بأكملها.
في البداية، نصبح قساة في التعامل مع من حولنا، ومن ثم نوجه تلك القسوة إلى أنفسنا. حينها تبدأ الأمراض الجسدية والنفسية بالهيمنة علينا.
ترى إلى أية فئة كل منا ينتمي؟ وما هو السبيل لتحرير الحب من تشوهاته؟!

منقول

خليجية
نورتينى نور الهدى
موضوع حلو ومفيد مشكورة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيمو2251813661
موضوع حلو ومفيد مشكورة

تسلميلى يا شوشو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.