السلام عليكم
اترككم مع الموضوع
وبتمنى الافادة للجميع ..
بدأت متاعب لويز بينغي الصحية عندما كانت في الخامسة والعشرين، فقد بات السير مؤلما، وتيبست رجلاها وأصبحت كل خطوة تقوم بها سببا للألم. كذلك بدأت يداها تؤلمانها وازدادت حالتها –
أيا كان اسمها – سوءا على مدار العقدين التالين. وكان طبيب عائلة لويز في مونت فيرنون بولاية كنتاكي في حيرة من أمره مثله مثل أطباء آخرين كثيرين: إخصائي في الأوعية الدموية وإخصائي في الأيدي، وإخصائي في الكلى. وكانت شقيقتاها وشقيقاها يعانون من هذه المشكلة أيضا، لكن لم يتمكن أي طبيب من تشخيص الحالة.
تراكم الكالسيوم
أوضحت أشعة إكس سبب عدم تمكن لويز من السير بشكل طبيعي، فقد كان الكالسيوم يتراكم في الأوعية الدموية الموجودة في رجليها وقدميها ويديها على النحو الذي يتراكم به داخل مواسير المياه إلى حد لم يعد يسمح بتدفق الدم. لكن الكالسيوم كان داخل تلك الأوعية الدموية للرجلين واليدين، في حين خلت منه الأوعية الدموية الموجودة داخل القلب، الأمر الذي لم يعرض حياتها للخطر. وقالت لويز إن الطبيب وصف لها عقارا هو ثيوسلفات الصوديوم أسبوعيا، معتقدا أن ذلك قد يحد من تراكم الكالسيوم وبالتالي يمكن التخلص منه خارج الجسم، لكن العقار لم يجدِ نفعا ولم يسبب لها سوى التقيؤ.
في النهاية أرسل طبيب العائلة سجل لويز المرضي إلى هيئة للتحري الطبي المسماة «برنامج الأمراض غير المشخصة» (Undiagnosed Diseases Program) في معاهد الصحة الوطنية. وقد اعتمد البرنامج بعد إطلاقه في ربيع 2024، على فرق من الإخصائين الذين يستخدمون أحدث الوسائل من العقاقير إلى الهندسة الوراثية، في محاولة لاكتشاف مسببات المرض التي أعيت الأطباء.
مرض جديد
ويقول الدكتور ويليام غال مدير البرنامج إن الفكرة هي أن فهم الأمراض النادرة يمكن أن يساعد في المزيد من الفهم للأمراض الشائعة. لكنه أشار إلى سبب آخر، حيث أوضح قائلا: «كثيرا ما يتخلى الوسط الطبي عن المرضى المصابين بأمراض نادرة. إذا لم نعرف تشخيص المرض فلن نعرف كيفية العلاج. الطريقة التي يتعامل بها المجتمع مع الأفراد المتخلى عنهم مؤشر لمجتمعنا، فهي تعبر عن أسلوب التعامل مع أكثرنا فقرا».
ومع لويز وأخواتها اكتشف الباحثون أول مرض جديد. وسبب المرض، وفقا لتقرير لهم صادر في العدد الماضي من مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن»، هو طفرة في جين يمنع تراكم الكالسيوم في الأوعية الدموية. وبعد اكتشاف سبب المرض كوّن الباحثون أفكارا عن كيفية معالجته. ويؤثر هذا الاكتشاف على أمراض أكثر شيوعا مثل أمراض القلب وهشاشة العظام التي يتم فيها تخزين الكالسيوم بشكل غير مناسب.
بدأ اكتشاف مرض لويز الغامض في 11 مايو (أيار) 2024 عندما وصلت كل من لويز، البالغة من العمر 56 عاما، وشقيقتها بولا ألين، البالغة من العمر 51 عاما، إلى المركز الطبي في معسكر معاهد الصحة الوطنية.
رصد الأمراض النادرة
ويقول غال إن مكتب البرنامج يستمع إلى الآلاف من المرضى، أرسل 1700 منهم سجلاتهم الطبية. وأضاف: «ذهب الكثيرون إلى مستشفى (هوبكينز) وعيادة «مايو كلينيك» وعيادة «كليفلاند» وذهب البعض إلى الثلاثة جميعا أكثر من مرة».
كان غال وزملاؤه يبحثون عن الناس الذين يعانون من أعراض أو مؤشرات غير عادية لما يمكن أن يكون على غير ما يرام، فعلى سبيل المثال فإنهم يحققون في مرض غامض لدى شابة تعاني من تشنج لا يمكن التحكم به في عضلات جسدها مما يجعل من الصعب عليها التحدث أو المشي أو استخدام يديها. ويعاني شاب آخر من أعراض تشبه مرض الشل الرعاش، بينما تعاني امرأة في منتصف العمر من إفراز خلايا شعرها للكيراتن، وهو من بروتينات الشعر.
وتعاني كل من لويز وشقيقتها من أعراض لم ير أحد مثلها من قبل. وتوضح أشعة إكس والرنين المغناطيسي على أرجلهما وأيديهما أن الأوعية الدموية مسدودة بالكالسيوم بحيث لا يستطيع الدم التدفق إلا من خلال الأوعية التي تمدت لتفادي الانسدادات. ولم تكن هذه الأوعية الصغيرة قادرة على توصيل القدر الكافي من الدم.
ونتيجة إصابة خمسة أشقاء بالمرض قر الباحثون تبني المقاربة الوراثية باستخدام تقنيات غير متوفرة في أكبر المراكز الطبية. لقد كان الآباء بحالة جيدة. وهذا ما أشار إلى احتمال أن يكون سبب المرض جين متنحٍّ، حيث لدى أحدهما نسخة من جين به طفرة ونسخة من الجين السليم، ولدى كل طفل مصاب بالمرض نسختان من الجين الذي به طفرة، أحدهما موروث من الأب والآخر من الأم.
وهذا قاد الباحثين إلى جزء من الحمض النوي يتكون من 92 جينا، ومن تلك النقطة ركز الباحثون على الجين المتسبب في الحالة، لكن التغير منعه من العمل.
طفرة جينية
تستخدم الخلايا الجينات لعمل أمين الأدينوزين خارجها، وهو مركب شائع كان هناك حاجة إليه لمنع التكلس. قال مانفريد بويم، إخصائي أوعية دموية بمعهد القلب والرئة والدم، إن أحدا لم يعرف أي شيء عن هذا الممر التمثيلي.
وقال الدكتور ديوايت تاولر، إخصائي الغد الصماء والعظام بجامعة واشنطن في سانت لويس الذي لم يشارك في الدراسة، إن هذا الاكتشاف مهم للغاية لأنه يمكن أن يساعد في فهم مؤشرات التكلس في أجزاء أخرى في الجسم. وقال عن لويز وأشقائها: «يمكنك ملاحظة أنهم لا يعانون من مشكلات في أي جزء آخر». وذلك لأن تكلس العظام والأوعية الدموية منسق بشكل فريد وتستخدم أجزاء مختلفة من الجسد آليات مشابهة، لكن هناك ما يميز بعضها عن بعض.
كذلك يوضح المرض العلاقة الوطيدة بين خلايا الأوعية الدموية وخلايا العظام. يقول الباحثون إن هذا قد يؤدي إلى اكتشافات جديدة خاصة بمرض القلب، الذي يتراكم فيه الكالسيوم في الشرايين التاجية، ومرض صمام القلب الذي يمكن أن يتراكم فيه الكالسيوم في صمامات القلب. ويقول الدكتور تاولر إن العظام التي بها نخاع تتكون في الصمامات أحيانا.
قد يساعد هذا أيضا في تسليط الضوء على الصلة بين هشاشة العظام، التي تفقد فيها العظام، ومرض القلب. مع فقدان مرض هشاشة العظام وفقدان العظام، كثيرا ما يتراكم الكالسيوم في الشرايين. يبدو الأمر وكأن الكالسيوم الذي لا يخزن في العظام يذهب إلى الأوعية الدموية.
وقال غال الذي يدير المعهد القومي لأبحاث الجينوم البشري: «أعتقد أن الأمر له علاقة بحقيقة أن مصدر الخلايا التي تتكون منها الأوعية الدموية هو نفسه مصدر الخلايا التي تكون العظام».
وقد حدد الباحثون تسعة أشخاص من ثلاث عائلات مصابة بالمرض الذي اكتشف حديثا، وهم عائلة لويز في سان فرانسيسكو وأسرتان في إيطاليا. وهم يعملون حاليا على تطوير وسائل للعلاج، قد يكون أبسطها تناول ثيوسلفات الصوديوم الذي يعالج هشاشة العظام. ومع تغير الجين ومستويات الأدينوزين المنخفضة انتهى الحال بالمرضى إلى ارتفاع مستويات إنزيم يسمى الفوسفاتاز القاعدي، وهو ضروري لتخزين الكالسيوم في الجسم. ويخفض ثنائي الفوسفاتاز مستويات هذا الإنزيم. ويجمع المحققون خطا لاختبار ثنائي الفوسفاتاز لتقديمها إلى مجالس الأخلاقيات للموافقة عليها. وقال غال: «نأمل أن نعرف خلال ثلاثة أو أربعة أشهر ما إذا كنا نستطيع التقدم
والحمدلله على كل حال
دمتو بخير وصحة وعافية
تقبلى مرورى