س: ابنتى التى تبلغ السادسة والنصف من عمرها تكذب كثيراً، وهى تكذب دون سبب واضح. أنا وهى مرتبطان بشدة وأنا لا أمثل لها بأى شكل من الأشكال أى مصدر للخوف. لكن رغم ذلك هى تكذب فى الكثير من الأمور التى فعلتها أو لم تفعلها وأيضاً تكذب بخصوص ما قالته أو ما أكلته، …الخ. كيف أعلمها أن هذا سلوك غير مقبول؟
ج: من أجل تشجيع طفلتك على عدم الكذب فى المستقبل، يمكنك أن تتحدثى معها وتوضحى لها لماذا الكذب سلوك غير مقبول. يمكنك أن تشرحى لها لماذا الكذب شئ ضار ويؤدى إلى فقدان الثقة بين الناس. غالبا سيكون لديك ما تقولينه أكثر منها، لكن مناقشة الموضوعات الجادة عن طريق الحوارات الجادة هى عادة جيدة إن استطعت زرعها فى ابنتك. خلال سنة أو سنتين غالباً ستستطيعين أنت وابنتك الوصول لمناقشات بناءة بخصوص مثل هذه الموضوعات. من المهم أن تبقى هادئة وتعبرى لابنتك عن حبك واهتمامك بها بينما توضحين لها كيف أن عدم الصدق قد يضر كل الأسرة. أظهرى لطفلتك أنك لا تتوقعين منها الكذب ولا تقبلينه لأنك تهتمين بها وتريدينها أن تصبح إنسانة يحترمها الجميع عندما تكبر. اسأليها لماذا تكذب. لا تصرخى فيها أو تعاقبيها أول مرة تكذب فيها بعد ذلك ولكن وضحى لها أن ستكون هناك عواقب إذا كذبت مرة أخرى، مثل حرمانها من نشاط أو أكثر من الأنشطة التى تحبها أو من بعض الميزات التى تمنحينها إياها. إذا لم تنفذى ما قلتيه لطفلتك، فأنت بذلك تنمى فيها هذه العادة السيئة.
أما عن الأسباب التى ربما قد جعلت طفلتك تكذب، ابحثى عن أى أحداث أو ظروف جديدة قد مررتم بها مؤخراً والتى ربما تكون قد أثرت عليها مثل الانتقال إلى سكن جديد، تغيير مدرستها، أو الاستعانة بمربية جديدة. قد تكون هناك بعض الأحداث الأخرى التى تنتظرون أو تتوقعون حدوثها تسبب لطفلتك ضغط نفسى وتجعلها تلجأ إلى الكذب – مثل انتظار مولود جديد فى الأسرة، أو تغيير أحد الوالدين لعمله. يكذب أيضاً الأطفال أحياناً بسبب خوفهم من أن يصاب آباؤهم بخيبة أمل نتيجة تصرف معين قاموا به أو نتيجة تقصيرهم فى شئ معين. كما يولَع الأطفال بفكرة أن يكون لهم أسرارهم الخاصة وقد يلجئون لخداع آبائهم أو أى أشخاص آخرين بالكذب. فى أحيان أخرى يحاول الأطفال تغيير الحقائق لكى تتلاءم مع ما يتمنون. هذا التفكير المبنى على الأمل فى شئ معين يجعل الأطفال يتخيلون أن الأحلام يمكن أن تتحقق بتغيير الحقيقة بعض الشئ، وفى بعض الأحيان قد لا يستطيع الطفل التفرقة بين الخيال والواقع ويعتقد أنه بالكذب يستطيع أن يجعل الأشياء التى يتمنى أن تتحقق تحدث بالفعل. وأخيراً، قد يتصور الأطفال أن حب آبائهم لهم حب مشروط ومن أجل أن ينالوا هذا الحب قد يلجئون للكذب بخصوص مستواهم الدراسى على سبيل المثال. وبنفس المنطق قد يرغب الطفل فى إسعاد أبويه ولو بالكذب ويدعى أنه قام بعمل شئ معين يعرف أنه سيسعدهما.
بالطبع لا نحتاج للتنبيه بأن أفضل أسلوب لتعليم الطفل هو أن تكونى أنت ووالده قدوة حسنة له. لذا احرصا على عدم الكذب ولو فى أبسط الأمور كأن تطلبا من طفلتكما على سبيل المثال عند الرد على التليفون أن تخبر المتحدث بأنكما غير موجودين. كثير من الباحثين ركزوا على كيفية تأثر وتكون سلوك الأطفال عن طريق ملاحظتهم للنماذج السلبية أو الإيجابية الموجودة فى حياتهم. بحنانك وبرفع ثقة طفلتك بنفسها ستثق بك ولن تحتاج للكذب. لا ينصح بالعقاب الشديد عند الكذب بل على العكس قد يتسبب العقاب الشديد فى تفاقم المشكلة وزيادة الكذب. يجب أن يكون العقاب بسيطاً كأن تجعلى الطفلة تذهب إلى غرفتها لتفكر فيما فعلت. من المفيد أن تقرئى مع ابنتك قصصاً تحث على الصدق مثل قصة “فرحانة تقول الحقيقة” التى تصدرها مؤسسة دار الشروق.
تسلم ايدك