خلال فصل الشتاء، غالبا ما تحتوي وصفات العلاج على أدوية للسعال ومذيبات البلغم ومزيل الاحتقان، وخافضات الحرارة، وذلك من دون ملاحظة لمدى سلامة استعمالها في عمر الطفل المصاب. وللعلم، فليس كل دواء مفيدا لجميع الأعمار، بل ان لبعضها مضاعفات صحية اذا ما تم تناولها في سن مبكرة. وهو ما سبب قلق الأطباء حول مدى سلامة هذه الأدوية من الناحية الطبية، وخلو موادها من التسبب بأعراض جانبية خطيرة، فأي علاج هو مركب كيميائي مكون من تركيزات معينة من مجموعة مواد تتعامل مع مستقبلات معينة داخل الجسم. وللأسف، فغالبا لا يؤدي العلاج وظيفته من دون احداث اضرار أو أعراض جانبية.
وقد حظيت أدوية السعال بالاهتمام اخيرا لكون اكبر شريحة لمستخدمي هذا النوع من الأدوية هم من الأطفال.
محتوى هذه الأدوية
تحتوي بعض الأدوية المذكورة على مادة «الافدرين الكاذب» كالباراسيتامول أو الاسيتامينوفين والسيدوفيدرين وبعض مضادات الهستامين وأدوية السعال والعلاجات المزيلة للاحتقان في الحلق والأنف. وذلك لتأثير هذه المادة المسبب لانقباض الأوعية الدموية في الأنف ومنع تسرب السوائل من داخل الأوعية الدموية الى الأنسجة المحيطة وبالتالي ازالة الاحتقان.ولكن بالرغم من هذا الأثر المفيد، فان الهيئة الأميركية للغذاء والدواء تابعت مابين عام 1969 حتى عام 2024 تقارير وفاة 54 طفلا أعمارهم تحت سنتين ممن تلقوا مزيلات للاحتقان تحتوي على الافدرين الكاذب و59 حالة وفاة لأطفال تلقوا مضادات الهستامين. لذا فلا ينصح باستعمال تلك الأدوية تحت هذا العمر.
الأضرار المحتملة
وكغيره من الأدوية، يرافق تناول دواء السيدوفرين بعض الأعراض الجانبية مثل النعاس، العصبية، الدوخة وقد تظهر نادرا، مثل تسارع ضربات القلب والخفقان واضطراب ضربات القلب arrhythmia، ارتفاع ضغط الدم، تشنجات، التهاب القولون الناتج بسبب قلة تدفق الدم للأمعاء.
موانع استعمال
ينصح بتجنب علاج الافدرين الكاذب المصابين بأي من الحالات التالية:
– داء السكري
– أمراض القلب والشرايين التاجية
– ارتفاع ضغط الدم
– تضخم البروستاتا
– زيادة افراز الغدة الدرقية
– مرضى العيون المصابون بالجلوكوما
– الأطفال الأقل من عمر سنتين
لذا ينصح باستشارة الطبيب دائما وبوصفة طبية.. وبخاصة للأطفال ولمن يعانون أمراضا مزمنة. وعدم الاهتمام بما يشاع من فائدة استخدام دواء معين دونما استشارة الطبيب، وعدم استعمال دواء واحد لعلاج جميع أفراد الأسرة.
الباراستيمول يزيد الاصابة بالربو
كشفت دراسة لمعهد الأبحاث الطبية بنيوزيلندا نشرتها مجلة ذي لانست الطبية البريطانية وشملت أكثر من مائتي ألف طفل في 31 دولة، أن من عولجوا بالباراستيمول في السنة الأولى من أعمارهم ازداد خطر اصابتهم بالربو عند سن السابعة بنسبة 46%. حيث تضاعف الخطر لثلاثة أضعاف بين الأطفال الأشد استخداما للدواء. بما قد يربط الزيادة العالمية في مرض الربو التي أربكت الأطباء، بالاستخدام المتزايد لعقار الباراستيمول.
كما أشارت أدلة متزايدة على وجود ارتباط وليس سببا للاصابة بين الدواء المسكن وقصور الرئة والتهاب غشاء الأنف المخاطي. ودلت دراسة أجرتها «الشبكة العالمية للربو والحساسية» على ألف شخص بأن وقوع الاصابة يتضاعف ثلاث مرات عند مفرطي استخدام هذا الدواء. وعزي ذلك لكون العقار يوقف انتاج الغلوتاثيون المقاوم للأكسدة في الرئتين مما يؤدي الى الالتهاب عند التعرض لمسببات الحساسية.
ورغما عن ذلك، فقد أكد الباحثون: بأن «الباراستيمول» ما زال العقار المفضل لتسكين الآلام والحمى عند الأطفال.. ولكن لا ينبغي استخدامه بصفة متكررة، ليقتصر على من يعانون من حمى (38درجة)، بينما يمكن تحسين ارتفاع الحرارة المنخفض باستخدام الكمادات الباردة وشرب السوائل والراحة.
الإفراط في مضادات الحساسية أو الزيرتك
يلاحظ في الكويت ان هنالك استخداما مفرطا لمضادات الهيستامين، مثل الزيرتك والكلاراتينين، ومن دون ان يكون لها داع واضح. وهي عقاقير تدخل من ضمن العلاجات المزيلة لأعراض الحساسية، بيد ان كثيرين يعتبرونها من العقاقير المسلم لها لعلاج نزلات البرد، فيستخدمونها من دون استشارة الطبيب لعلاج أعراض البرد، وهو ما يعد تصرفا خاطئا. وللتأكيد فقد أشار الأطباء الى أنها لا تسرع من الشفاء، بل قد يكون لها مفعول عكسي نتيجة لكونها تسبب لزوجة وتخثر المفرزات الأنفية بما يعيق حركتها، ويسبب انحباسها وبالتالي تفاقم الحالة المرضية. وفي الواقع فيجب استخدام هذه العقاقير كعلاج فعال للأعراض التالية فقط: العطاس الشديد، الحساسية الموسمية، جريان الأنف السائل الشفاف، احمرار الأنف.
الافراط في اخذ المضادات الحيوية، (Antibiotic)
وعن سوء استخدام البعض للمضادت الحيوية. فيجب ان يعي المصاب أولا بأن لنزلة البرد أعراضا محدودة المدة وذاتية الشفاء (Self limiting)، أي ان الجسم قادر على التغلب عليها ذاتيا من خلال جهازه المناعي. حيث تصل الأعراض الى قمتها في أول يوم أو يومين من الاصابة، ثم ما تلبث ان تنحصر، نتيجة لتغلب الجسم عليها، لتبدأ أعراضها بالتلاشي. وعليه، فكل ما تحتاجه الالتهاب البكتيري ومعظم نوبات البرد هو عقار خافض للحراة ومسكن للتعب العام (مثل عقار باراسيتامول) وقطرات لفتح الأنف المسدود بالاضافة الى اخذ قسط من الراحة وتناول السوائل الدافئة لتدفئة البلعوم وتقليل تهيجه. وأما الحاجة الى مضادات البكتيريا، فهو فقط لعلاج العدوى البكتيرية. وعليه يجب ان يقر الطبيب الحاجة إليها بناء على أعراضه الاكلينيكية. ومن أهم أعراض الالتهاب البكتيري هو افراز بلغم غامق اخضر الون، ومع ارتفاع مستمر في درجة الحرارة وبخاصة عند الكبار.