تخطى إلى المحتوى

" كيف نضع [الحدود الاخلاقية] للطفل؟ ~ 2024.

خليجية


ثورة الأم على طفلها وصراخها عليه عندما يرتكب خطأ ما ويتمادى في ارتكابه، لن يصل بها إلى نتيجة إيجابية لتطوير سلوكه، إذ تفقد هذه الأم هيبتها وقوة تأثيرها على طفلها بهذا الأسلوب الذي سيتعود عليه ويواصل فعله الذي يريده.
إلا أن هناك طريقة فعالة ومؤثرة في ردع الطفل عندما يخطئ ويعاند، تتمثل في استخدام الأم نبرة حازمة في حديثها مع طفلها، مع تطبيق العقاب الذي يتناسب مع ما فعله الطفل من تكرار لتصرفه السلبي.
ولنأت بمثال عملي يوضح لنا ما تعانيه الأم من إرهاق وتعب دون نتيجة عندما تتبع الأسلوب الأول، وكيف تقوم بتطبيق الأسلوب الثاني لتصل إلى هدفها التربوي:
سكبت هند الشاي في كوب جارتها هدى، التي جاءت لزيارتها كعادتها بين وقت وآخر، كانت عقارب الساعة تقترب من الثانية عشرة والنصف عندما دخل ابنها علي البالغ من العمر سبع سنوات مسرعاً، واتجه إلى المطبخ ليفتح درجاً خصصته الأم للحلوى والشيكولاتة ويأخذ قطعة ليأكلها، رأته أمه من الصالون، فأسرعت إليه وصرخت في وجهه قائلة بغضب: علي، لا تأكل أية حلوى الآن، لم يبق على موعد الغداء إلا نصف ساعة، ألا يكفي أنك تترك كل يوم نصف وجبتك.
أجابها ابنها متوسلاً: سآكل هذه القطعة يا أمي، وأعدك أني سآكل طعامي كله.
ردت الأم غاضبة: اترك هذه القطعة يا ولد. خليجية
تجاهل علي تنبيه أمه.. وكأنه قد سمعه من قبل عشرات المرات، وخطف قطعة أخرى من الحلوى، وجرى هارباً إلى الخارج، بعد أن صفق الباب وراءه، ولم يسمع أمه وهي تقول: قلت لك لا تأكل شيئاً الآن.
وعادت هند إلى جارتها لطيفة، وهي تتمت بإرهاق ويأس: كم أشعر أني متعبة معه، لم أعد أحتمل عناده وإصراره على ما يريد، لا أدري كيف أتصرف معه، لا يصغى ولا يطيع، لا توجد بيننا لحظة سلام هادئة طوال اليوم.

إن هذه الأم حائرة مع طفلها، لا تدري كيف تتصرف معه؟ خليجية

وهويستغل حيرتها وتذبذبها ليحصل على ما يريد، بينما لوكانت هذه الأم قوية وحازمة، فإنها سوف تبتعد عن الصراخ في وجهه لكي تمنعه من تناول أي طعام قبل وجبة الغداء، فهولن يأبه به، لأنه تكرر من قبل دون عقاب، إن التصرف السليم في مواجهة هذا الموقف هوأن تقول الأم لطفلها بنبرة حازمة: بقي على الغداء نصف ساعة، الوقت الآن غير مناسب يا علي لأكل الحلوى.

إذا ألح ابنها – مثلما فعل في المثال السابق – فإن عليها عندئذ أن :-
تركز نظراتها في عينيه وتقول له بلهجة صارمة وحازمة وهي تشد على مخارج ألفاظها: أعتقد أنك سمعت ما قلته، والمطلوب الآن أن تقوم بتنفيذه، وإلا ستجد عقاباً لعدم طاعتك، أنا أريد أن تصبح قوياً، لذلك عليك أن تتناول الحلوى بعد الغداء، حتى تتناول غداءك كاملاً.

لنفرض أن الطفل لم يستجب، عندئذ لابد للأم أن توقع عليه العقاب الذي تختاره في هذا الموقف، إما أن تحرمه يوماً من مشاهدة التلفزيون، أوعدم اللعب مع أصدقائه في ذلك اليوم، المهم هنا هو شرحها لطفلها باختصار عن سبب منعه من أكل الحلوى في ذلك الوقت، وحزمها معه في حالة عدم طاعته لها، قد يعترض البعض ويقول بأنه فعل ذلك مع ابنه لكنه لم يطعه،
والجواب على ذلك بسيط، وهوأن النتيجة لا تأتي إلا عن طريق التعود، وتكرار وقوع العقاب على الطفل في حالة عدم احترامه لأوامر والدته، وسترى الأم بعد ذلك أنها ما إن تركز نظراتها في عيني طفلها وتقول له بحزم أن يترك القطعة التي في يده لأنه يأكلها في وقت غير مناسب فإنه سيتركها فوراً.

إن واجب الآباء أن يتعلموا الأساليب الحديثة في تربية أبنائهم، كما يؤكد على ذلك العالم في مجال التربية النفسية للطفل الدكتور فيتزوف ديدسون في كتابه المعروف كيف نربي أبناءنا؟
عندما يقول: الأبوة عملية تعلم مستمرة، إذ لا يكفي أن نكون آباء فقط لكي نفهم أطفالنا ونسعدهم، علينا أن نتعلم كل الوسائل التي تصل بنا إلى تحقيق هذا الهدف، لنفترض أننا لم نلعب الشطرنج أبداً، وقرنا فجأة أن نلعبها، من الطبيعي أننا قد نخطئ وقد نصيب، وقد نشعر باليأس وعدم الارتياح ونحن نمارسها، لكن أليس من الأفضل لوطلبنا مساعدة شخص ذي خبرة وتجربة في هذه اللعبة لكي يعلمنا كيف نلعبها، إن هذا المثال ينطبق إلى حد ما على تعلم كيفية ممارسة فن الأبوة، إن على الآباء أن يستعينوا بمن هم أكثر منهم خبرة في هذا المجال ليمارسوا دورهم الهام على أفضل وجه.



م/ن
خليجية

خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.