( الزمالك سيطر على المباراة …..فين الأهلوية..؟! )
أو ( من يحمل هم الأقصى ؟!)
كنت في وسيلة المواصلات أفكر لماذا لا يهتم الناس بما يحدث بالأقصى .. ؟! .. ولماذا لا يهتمون بمصابات الأمة التي طالت المقدسات والدماء والأعراض .. ؟! .. وكنت أرمق الناس تسير وأتساءل ما الذي يشغلهم عن عظائم الأمور..؟! ، وبينما – أنا كذلك – إذ احتدم النقاش فجأة بين بعض الشباب ..
الأول : شوفت المطش …الزمالك البارح كان مسيطر على الملعب..
وجال في خاطري … ألم تكن قضية الأقصى مسيطرة على الجماهير.. ؟
ألم تكن هذه الأمة مسيطرة على التاريخ والجغرافيا وحازت من قبل المجد والشرف والقوة..؟! …ألم تكن الصحوة الإسلامية هي المسيطرة على عقول وقلوب الجماهير ..؟! …، فلماذا لم تتوج هذه السيطرة إلى ٍٍ وتمكينٍ..؟!
فرد الثاني : هو الأهلي انتهز الفرص… ثلاث فرص بتلات أهداف..
فقلت في نفسي : انتهاز الفرصة..أليس ذلك كتاب كارتر الذي يقوم الآن بدور خطير في السياسة الأمريكية والذي كان يدعو للتقدم وانتهاز الفرصة وتكوين الامبراطورية الامريكية..؟!
أليس انتهاز الفرص هو ما فعله اليهود ليخرجوا المسلمين من أراضيهم ويتقدموا في مشاريعهم ..؟!
هكذا انتصر العدو في المعركة مع أنها لم تكن في صالحة .. لقد انتهز فرص التفرق والاختلاف والذنوب وحب التصدر.. فتغلب على صحوة هذه الأمة وضرب مكامن قوتها…
وتساءلت لماذا لا ينتهز الدعاة الفرص الدعوية السانحة والقنوات التي فتحها الله عليهم ليذكروا الشباب بقضاياهم الحقيقية وبالواجب عليهم اتجاه أمتهم ويعيدوا الصحوة إلى تأثيرها المطلوب..؟!!…
تداخلت الأفكار مع حوارهم حيث قال الأول: بصراحة.. الزمالك كان ضاغط طول المطش ..وهدد شباك الأهلي اكتر من مرة .. دا المطش ده كان جامد ..جامد ..جامد..
فتذكرت كيف كانت هذه الأمة ضاغطة دائماً على عدوها بالفتوحات والجهاد وبالدعوة والمعاملات..وكيف جعلته في موضع الدفاع عن نفسه دائماً..!
تذكرت كيف كان المجاهدون في بيت المقدس ضاغطين على اليهود بثوراتهم المباركة المتتالية وعمليات المهندس الفذة والنوعية..!
تذكرت كيف كان الدعاة وشباب الصحوة بأنشتطتهم الجماهيرية ضاغطين إعلامياً على دعاة السلام والتطبيع الزائف..!
وأخذت أقارن بين أسلوب الضغط المستمر مع انتهاز الفرص في الملعب الأخضر وبينه كأسلوب عملي وجماهيري فعال وقوي لمناصرة الأقصى ،وأنا أتذكر تكتيكات غزوة بدر وثغرة الجبل في أحد..
فلما رد الآخر: عندك حق هو الزمالك لو صبر بقية المطش…كان ممكن يفوز…
تبسمت وأنا أرى المباراة التافهة وقد تحولت في كلام الشباب إلى معركة حقيقية .. وتذكرت غزوة الأحزاب .. وارتباط ال بالصبر شرعاً واقعاً .. وكيف مدح الله المؤمنين في كتابه – على صبرهم وثباتهم … ، وربطه سبحانه وتعالى – الجهاد بتمحيص المؤمنين وامتحان الصابرين .. ليستأهلو بهذا ال والتمكين..
وأخذت أتساءل :لماذا نرى صبر كثير من شباب الصحوة يضعف فضلاً عن بعض مقدميها..؟! .. لماذا لا نصبر في ميادين الدعوة والمقاطعة والمباديء والثوابت..؟!
وعندما أكمل الأول: هو الأهلي اتفاجيء من أسلوب الزمالك ، وكان فاكر المطش سهل ، بس الزمالك لو استغل عامل المفاجأء كويس كان ممكن يفوز…
عرفت بماذا ينشغل الشباب وكيف يتم تفريغ طاقاتهم وميولهم لطلب ال وتحقيقه…
فعامل المفاجأة الذي استخدمه النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من الغزوات مثل غزوة يهود بني قريظة عندما أمر ألا يُصلى العصر إلا في مرابعهم فباغتهم قبل أن يتجهزوا .. لا يفهمه الشباب إلا في المعارك الكروية البطولية ..
هذا العامل الذي تدور خط العدو في صرف الأمة وإلهائها حتى يتسنى له استغلاله ضد مقدساتنا وإخواننا..
وقلت : لو افت اهتمامات المسلمين قليلاً لتحليل مجريات المعركة الحقيقية مع اليهود والأمريكان لرأوا الكثير ، كما استطاعوا أن يروا هذه التكتيكات الغير مرئية من مجريات المبارايات الكروية …
هذا لو اهتم المسلمون ….
لو اهتموا بذلك .. للاحظو كيف تراجع اليهود عن طموحاتهم وعن حدودهم الوهمية من النيل للفرات !
ولاحظوا التراجع الاقتصادي اليهودي والأمريكي بل وتغير السياسة الأمريكية حتى يأتي رئيسهم يتمسح في هذه الأمة كيف تتركه يسفك دماءها – ، ولعلم عندها أنهم يألمون..بل ويضعفون!!
لو اهتم المسلمون واستخدموا هذه التحليلات الكروية لة الأقصى.. لوه..
لو صبروا وضغطوا في هذه القضية واستمروا وانتهزوا الفرص المناسبة ..لأحيوا هذه القضية التي مات في نفوس الأمة وغيبت عن اهتماماتهم..
ولكن الأقصى يحتاج أن ينتظر حتى ينتهي الدوري والقمة …لأن القمة الكروية هي قمة الاهتمامات الآن… ويا ليته ينتظر لبعد كأس العالم والبطولات… وياليت اليهود إذا حاولوا هدم الأقصى أن يتجنبوا أوقات الامتحانات وكذلك الأجازات… عسى أن يهتم المسلمون بما يحدث للأقصى.!
ورجعت أتحسر على اهتمامات الشباب وقد عرفت سبب عدم تفاعل مع قضية الأقصى.. إن اهتمامات المسلمين قد صرفت ، وساعدت الفضائيات والنت على ذلك…
لقد صارت اهتمامات كثير من المسلمين اليوم – تدور حول أمور تافهة .. وقد تملكت منهم هذه الأمور حتى صارت في حسهم مقدسات لا يقبلون توجيه النقد لها أو الصدام معها..
اهتمامات كثير من المسلمين تدور اليوم حول ما تشتهيه نفوسهم وتطلبه أجسادهم من متع زائلة …أما أرواحهم وما يزكيها وأمتهم وما يها ويرفع شأنها .. فليس من شأنهم..!!
اهتمامات كثير من المسلمين بيد أعدائهم .. فيستغفلوهم ويضلوهم ويشغلوهم عما فيه منفعتهم ومنفعة أمتهم ، إلى أن وصل الحال أن استبدلنا العداء مع اليهود والأمريكان .. إلى العداء مع الفلسطينين والجزائرين ..فأي تضليل بعد هذا التضليل..؟!
اهتمامات كثير من المسلمين اليوم تدور مع الكرة بين أرجل الاعبين.. وتنقل بين الدوري والقمة والكأس والاولمبياد.. وتنتهي عند دهان الشعر وموضة البس ونوع الموبيل والسيارة…
والعجب فوق ذلك من بعض المنتسبين للصحوة وقد صارت اهتمامات بعضهم تدور حول الجلوس أمام القنوات للبحث عن بعض الأسماء ، والبعض الآخر منهم اهتمامه نبش أخطاء الدعاة والعاملين الصادقين وتصيدها وقد جعل هم حياته تثبيط كل عامل للإسلام غيره.. وصرف الناس عن أي دعوة صادقة غير ما ينتمي لها..ويحق منتهى آماله أن يدعوه من حوله بالشيخ.. والآخر صارت قضيته محاربة الإدمان !!!
فقلت: لك الله يا أقصى ….فما عادت أمتى تهتم بما يحصل لك ..؟!
يا أمتي … من يحمل هم الأقصى…؟!… من يحمل هم الإسلام ..؟! ..
أمثل هذه الاهتمامات ستحر الأقصى وتعيد المجد وت الإسلام..؟!
أين هذه الاهتمامات من اهتمامات صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم -..؟!
انظر إلى أبي بكر الصديق – رضي الله عنه وهمه واهتمامه بنشر الإسلام ودعوة النجباء إليه والانشغال بما يصيب المسلمين، فلا يسمع عن مسلم يعذب إلا يفتديه بماله حتى يقولوا له لو اعطيتنا أقل من ذلك لقبلنا ،فيقول لو طلبتم وزنهم ذهب لدفعت ..فأين من المسلمين اليوم من يقتدي بأبي بكر..؟!
وانظر إليه يسير في الهجرة – أمام النبي وخلفه وعن يمينه وشماله خوفاً أن يصيبه أذى لتعرف ما يشغل ذهنه … ثم يضع قدمه في جحر الثعبان حمايةً لرسول الله ، ويلدغه الثعبان فلا يتحرك خوفاً أن يقلق منام رسول الله صلى الله عليه وسلم – .. فأين المسلمون اليوم من مثل هذا الهم الذي ملك عليه كل شيء فبذل لله كل شيء ..؟!
أين المسلمون اليوم من همة عمر واهتمامه بعزة المسلمين وإذلال أعدائهم .. من أول يومٍ أسلم فيه … وفي يوم هجرته ينشغل بمعنى العزة وتقريره فينادي من أراد أن تثكله أمه فليأتيني خلف هذا الجبل … وبعد بدر ينشغل بمعاني الولاء والبراء وإذلال المشركين فيشير على الرسول بقتل أسرى بدر فينزل القرآن موافقاً له … فيصير لو سار في وادٍ لسلك الشيطان وادٍ آخر …فأين عمر اليوم من تدنيس اليهود لباحات الأقصى وخوضهم في الدماء ..؟! وأين همة الشباب في الاستعلاء على الجزائرين والعكس من هذه الاهتمامات العمرية..؟
أين شباب الأمة من معاذ ومعوذ ابني عفراء وهما في بدايات سن الحلم.. وكل ما يهمهم قتل أبو جهل (لا نجونا إن نجى).. لماذا..؟..لأنه (كان يؤذي رسول الله ) صلى الله عليه وسلم -..؟.. ثم تصاب ي\ أحدهم فتمنعه من إكمال الجهاد فيقف عليه فيخلعها حتى يكمل تسطير المجد في بدر.. هؤلاء هم شباب الصحابة .. فأين شباب اليوم منهم…؟!
أين حرص كلٍ منهما على المشاركة في قتل أبي جهل من حرص شباب اليوم على المشاركة في نقاط المباراة..؟!
أين اهتمامات الشباب من ابن عباس وهو غلام عندما رأى علماء وصحابة رسول الله يستشهدون فحمل همّ جمع ما معهم من علم .. من حديث رسول الله ..فجمعه وصار بحر هذه الأمة ؟!
هذه كانت هموم من بنوا للأمة مجدها وفتحوا قدسها ونشروا في كل البقاع دينها …فيا حسرة على اهتمامات المسلمين اليوم..؟!
ولما تبدلت اهتمامات المسلمين وانشغلوا بناء القصور والصراعات على النفوذ نزل الذل ودنس الأقصى واستُبيحت الحرمات …
وظلت الأمة تعاني من ويلات الصليبين حتى جاء أمثال نور الدين وصلاح الدين .. فتجدد الهمّ وتكاتفت الجهود فتنزل عليهم ال..
فيروي في مجلس نور الدين محمود حديث متسلسل بالتبسم فطلبوا منه التبسم ليحفظ التسلسل.. فما استطاع وقال : ( إني لأستحي من الله تعالى أن يراني مبتسماً والمسلمون محاصرون بالفرنج )…
ومن همه بتحرير الأقصى يبنى المنبر ويحمله معه في الحروب ليزين الأقصى به متى حرره .. ويقسم ويقول ( والله لا أستظل بسقف حتى آخذ بثأري وثأر الإسلام). … ويلقي نفسه في المعارك فيحاولوا منعه خوفاً عليه وعلى معنويات الجنود فيقول : ( من كان يحفظ الدين والبلاد قبلي غير الذي لا إله إلا هو؟ ومن هو محمود؟) فيبكى من حوله…
وبمثل هذا الهم خرج جيل صلاح الدين الذي حرر القدس وأعاد الأقصى…
واليوم تغيرت الهموم فلا صارت تدور حول جاهٍ وقصر ولا هي تسعى إلى عزٍ و ، بل صارت تدور على سفاسف الأمور التي لا تبني دنيا ولا تصلح ديناً.. وتملكت عقول الشباب واستحوذت عليه دعاوى أعدائه حتى صار الكثير منهم ينظر لكل من ينصحه على أنه رجعي إرهابي متشد..
فلا عجب إذن أن يحرق منبر الأقصى .. ويصول اليهود في باحاته ويخطوا لهدمه ويحفروا الأنفاق تحت أساساته .. فما عاد شباب الأمة يحملون همه .. ولا ينشغلون بته ..
وكيف ينشغلون بذلك وهناك مشكلة التعادل في المبارة التي أفقدتهم نقطتين ، فالتركيز الآن كيف نعوضهما .. وهناك مشكلة الجزائر التي صعدت لكأس العالم فالدعاء الآن أن تُمنَى بشر هزيمة لتكون لمن بعدها آية وعبرة… فضلاً عن مصيبة الاعب الخائن لجماهيره ولانتماؤه ولفريق الذي رباه صغيراً … كيف تنكر لهذا ترك الفريق من أجل الاحترافية المنشودة … الموسم الكروي (بقى سخن).. ولأسف هيكون وقت الامتحانات…و….و….و…لا نستطيع الجمع بين كل هذه الاهتمامات والأقصى .. والله لا يكلف نفسا إلا وسعها !!!!!!
يا أخوة الإسلام…..
دَمُ المصلين في المحراب ينهمر **** و المستغيثون لا رجع و لا أثر
و القدس في قيدها حسناء قد سُلبت **** عيونها في عذاب الصمت تنتظر
تُسائل اليل و الأفلاك ما فعلت **** جحافل الحق لما جاءها الخبر
هل جُهزت في حياض النيل ألويةٌ **** هل في العراق و نجد جلجل الغير
تُسائل القدس هذا اليل حائرةٌ **** و نحن بالقولة النكراء نعتذر
ياليت شعري أضاعت كل عزتنا **** حتى استباح حمانا جهرة قذر
يا أمة الحق إن الجرح متسع **** فهل تُرى من نزيف الجرح نعتبر
على أساس الهدى كانت مدائنا **** و في سبيل العلا لم يُثننا سفر
لم نفتخر أبداً بالطين أبنية **** كلا و لكنا بالعدل نفتخر
إذا تطاول بالأهرام منهزم **** فنحن أهرامنا سلمان أو عمر
اهرامنا شادها طه دعائمه **** وحي من الله لا طين و لا حجر
أهرامنا في ذرى الأخلاق شامخة **** هي السماحة و هي المجد و الظفر
أهرامنا في ربى التوحيد راسخة **** غيث النبوة يسقها فتزدهر
يا أمة الحق ماذا بعدُ هل قُتلت **** فينا المروءات و استشرى بنا نخوة
أما لنا بعد هذا الذل معتصمٌ **** يجيب صرخة مظلوم و ينتصر
أما لنا من صلاح الدين يُعتقنا **** فقد تكالب في استعبادنا الغجر
يا أمة الحق إنا رغم محنتنا **** إيماننا ثابت بالله نصطبر
يا إخوة الإسلام …
ألا تهتمون بهذه المصائب ..؟! ألا تنشغلون بمجد أمتكم وما يهددها من أخطار..؟
يا أخوتي لقد ذكر الله تعالى صفات المنافقين فقال : [وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِالَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ] ..
يقول السعدي: ( [قد أهمتهم أنفسهم] فليس لهم هم في غيرها، لنفاقهم أو ضعف إيمانهم ) ..
وفي تفسير ابن كثير : (والطائفة الأخرى المنافقون ليس لهم هَمٌّ إلا أنفسهُم، أجبن قوم وأرعنه، وأخْذَله للحق { يَظُنُّونَ بِالَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ } كَذَبَةَ، أهل شك وريب في الله، عز وجل )…
فمن علامات أهل الإيمان الاهتمام بإخوانهم وبقضايا أمتهم وكيفية ها والانتقام من أعدائها وتحرير مقدساتها ، ومن أخلاق المنافقين عدم الاهتمام إلا بأنفسهم وفوق ذلك هم أجبن الناس وأخذلهم للحق ..
فبأي الفريقين نقتدي..؟ وتحت أي لواءٍ نحب أن نتمي..؟ ..
يا إخوة الإسلام …
لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم – : (من كان همه الآخرة ؛ جمع الله شمله وجعل غناه في قلبه وأته الدنيا وهي راغمة ومن كانت نيته الدنيا ؛ فرق الله عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ) …
فمن يحمل هم الآخرة ..؟! .. من يحمل هم الإسلام..؟!.. من يحمل هم الأقصى..؟!
لقد جالت هذه المعاني في خاطري فأحبت أن أسطرها وأنا أتساءل ..
هل سأجد من شباب الأمة من يقول :
أنا أحمل هم الأقصى … أنا أحمل هم الإسلام.. ؟!!
د.سعد عطية فياض