كيف الغوالي؟
عساكم بخير يارب
أخواتي في الله
آتي الصيف والإجازات تزامناً مع الشهر الفضيل شهر رمضان
ففكرت لماذا لا نستغل هذه الفرصة لنتقرب من الله؟!
فالله هو العالم كم صيف وكم إجازة ستأتي ولازالت الفرصة أمامنا للتضرع والتوبة!!
ومن هنا جاءت فكرة الحملة
قبل أن يفوت الأوان
ومعاً بإذن الله ستكون هذه الحملة ناجحة ومثمرة
فقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمنْكبيَّ فَقَالَ: (كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيْبٌ أَوْ عَابِرُ سَبِيْلٍ)
وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُوْلُ: إِذَا أَمْسَيْتَ فَلا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ. وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لمَوْتِكَ.[274]رواه البخاري.
فماذا ننتظر؟!!
وفكرة الحملة بسيطة
فقط تعالي هنا وذكري أخواتك بفرض أو سنة أو حتي فضل
أو فرغي محاضرة لنستفيد منها
أو فسري آية أو حديث شريف
وتذكري قول الله تعالي
(إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون).[البقرة:159]
وقول الرسول صلي الله عليه وسلم
(من سئل عن علم وكتمه ، ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة )
فمرحباً بكن أخواتي في الله في حملة
قبل أن يفوت الأوان
قال النبي صلى الله عليه وسلم: […إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا] رواه البخاري ومسلم.
أي العبرة بما يختم به عمل العبد، وما منا من أحد إلا ويخاف أن يكون ممن يختم له بسوء الخاتمة.
بكى سفيان الثوري ليلة، فقيل له: أبكاؤك هذا على الذنوب فأخذ تبنة من الأرض وقال: الذنوب أهون من هذه، إنما أبكي خوف سوء الخاتمة، لأنه الأمر الذي يبكي عليه، ويصرف الاهتمام إليه؛ ولذلك قيل:’لا تكف دمعك حتى ترى في المعاد ربعك’. وقيل:’ لا تكحل عينك بنوم، حتى ترى حالك بعد اليوم’.
وهذه تذكرة لي ولإخواني المسلمين بخطر الخواتيم، حتى يستحضر العبد هذه اللحظات الحاسمة التي يختم بها للعبد في الدنيا، ويترتب عليها مصيره في الآخرة .
1ـ خطر الخواتيم: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ الْمُسْلِمِينَ غَنَاءً عَنْهُمْ فَقَالَ: [مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا] فَتَبِعَهُ رَجُلٌ فَلَمْ يَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُرِحَ فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ فَقَالَ بِذُبَابَةِ سَيْفِهِ فَوَضَعَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْهِ فَتَحَامَلَ عَلَيْهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [إِنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ لَمِنْ أَهْلِ النَّارِ وَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا] رواه البخاري ومسلم .
قوله: [ إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِخَوَاتِيمِهَا]؛ أي لا تصلح الأعمال الصالحة، حتى يختم للعبد بعمل صالح، فيدخل جنة الله .
فالخوف من سوء الخاتمة هو الذي طيَّشَ قلوب الصديقين، وحير أفئدتهم في كل حين، ليس لهم في الدنيا راحة:
أَرْوحُ بِشَجْوٍ ثُمَّ أَغْدُو بِمِثْلِهِ وَتَحْسَبُ أَنِّي فيِ الثِّيَابِ صَحِيحُ
كم سمعنا عمن آمن، ثم كفر، وكم رأينا من استقام، ثم انحرف؛ لذلك كان كثيرًا ما يردد عليه الصلاة والسلام من دعائه: [يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ]رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد.
ولقد ارتد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بعض من آمن، فخرجوا من النور إلى الظلمات؛ منهم عبيد الله بن جحش، ودخل في النصرانية، وارتد بعد وفاته عليه الصلاة والسلام خلقٌ، فقاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
قال ابن الجوزي:’ من أظرف الأشياء إفاقة المحتضر عند موته، فإنه ينتبه إنتباهًا لا يوصف، ويقلق قلقًا لا يُحَدُّ، ويتلهف على زمانه الماضي. ويود لو ترك حتى يتدارك ما فاته، ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت، ويكاد يقتل نفسه قبل موتها بالأسف. فالعاقل من مثل تلك الساعة، وعمل بمقتضى ذلك. فإنه يكف كف الهوى، ويبعث على الجد.
فأما من كانت تلك الساعة نصب عينيه، كان كالأسير لها. كما روي عن حبيب العجمي أنه كان إذا أصبح، قال لامرأته: إذا مت اليوم ففلان يغسلني، وفلان يحملني.
وقال معروف لرجل: صل بنا الظهر، فقال: إن صليت بكم الظهر، لم أصل بكم العصر، فقال: وكأنك تؤمل أن تعيش إلى العصر، نعوذ بالله من طول الأمل.
وذكر رجلاً رجلا بين يديه بغيبة، فجعل معروف يقول له: اذكر القطن إذا وضعوه على عينيك’.
2ـ خوف السلف رضي الله عنهم من سوء الخاتمة
العبد قبل أن تخرج روحه، يبشر بالنعيم، أو العذاب، فمن بشر بالنعيم، أحب لقاء الله، واشتاق إليه، فأحب الله لقاءه، ومن بشر بالعذاب، كره لقاء الله وأشفق منه، فكره الله لقاءه، ومن هنا كان خوف السلف؛ لأنهم ينتظرون في هذه اللحظات إحدى البشارتين:
بكى أبو هريرة عند موته،وقال:’ والله ما أبكى حزنًا على الدنيا، ولا جزعًا من فراقكم، ولكن أنتظر إحدى البشريين من ربي، بجنة أم بنار’.
وعن إسماعيل بن عبيد الله أن أبا مسلم قال: جئت أبا الدرداء، وهو يجود بنفسه، فقال:’ ألا رجل يعمل لمثل مصرعي هذا، ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا، ألا رجل يعمل لمثل ساعتي هذه، ثم قبض’.
ولما احتضر أبو بكر بن حبيب، وكان يدرس، ويعظ، وكان نعم المؤدب، قال له أصحابه لما احتضر أوصنا، فقال: أوصيكم بثلاث: بتقوى الله ـ عز وجل ـ ومراقبته في الخلوة، واحذروا مصرعي هذا، فقد عشت إحدى وستين سنة، وما كأني رأيت الدنيا، ثم قال لبعض إخوانه انظر هل ترى جبيني يعرق؟ فقال: نعم،فقال: الحمد لله هذه علامة المؤمن- يريد بذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ] رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد .- ثم بسط يده عند الموت، وقال:
هَا قدْ مَدَدْتُ يَدِي إلَيْكَ فَرُدَّهَا بِالْفَضْلِ لا بِشَمَاتةٍ الأَعْدَاءِ
وقال الشعبي: لما طعن عمر، جاء ابن عباس فقال: يا أمير المؤمنين،أسلمت حين كفر الناس،وجاهدت مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين خذله الناس، وقتلت شهيدًا، ولم يختلف عليك اثنان، وتوفى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وهو عنك راض، فقال له: أعد مقالتك، فأعاد عليه، فقال:’ المغرور من غررتموه، والله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس، أو غربت، لافتديت به من هول المطلع.
ولما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة، بكى، فقيل له في ذلك، فقال: إني أنتظر رسولاً يأتيني من ربي، لا أدري هل يبشرني بالجنة، أو بالنار.
ولما حضرت محمد بن سيرين الوفاة، بكى فقيل له: ما يبكيك، فقال: أبكي لتفريطي في الأيام الخالية، وقلة عملي للجنة العالية، وما ينجيني من النار الحامية.
ولما حضرت الفضيل بن عياض الوفاة، غُشِيَ عليه، ثم أفاق، وقال: يا بُعْدَ سفري، وقلة زادي.
ولما حضرت الوفاة عامر بن عبد قيس بكي، فيل له: ما يبكيك، قال أبكي لقوله تعالى: }إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ[27]{ [سورة المائدة].
3ـ معنى سُوءِ الْخاتِمَةِ:
سوء الخاتمة أن يموت العبد على حالة سيئة، من كفر، أو جحود، أو شك، وهذه الداهية العظمى، والرزية الكبرى، فإن ذلك يوجب لصاحبه الخلود في العذاب، وأدنى من ذلك أن يموت، وهو متلبس بمعصية من معاصي الله، أو مُصِرٌّ عليها بقلبه، والمرء يبعث على ما مات عليه.
4ـ أسْبَابُ سُوءِ الخاتمةِ:
1ـ فساد المعتقد، والتعبد بالبدع:
فإن أهل البدع هم أكثر الناس شكًا، واضطرابًا عند الموت؛ وذلك لسوء معتقدهم، وفساد قلوبهم، ومرضها بالشبهات، والشكوك، ولا ينفع الزهد، والصلاح، وإنما ينفع الاعتقاد الصحيح، المطابق لكتاب الله، وسنة رسوله؛ لأن العقائد الدينية لا يعتد بها، إلا ما أخذت منها.
وكم ختم لكثير من البشر بالسوء بسبب ما ابتدعوا في دين الله، فهذا ابن الفارض، عمر بن علي الحموي [المتوفى سنة 632هـ]،والذي كان ينعق بالاتحاد، ويقول بحلول الله جل وعلا في مخلوقاته، وأن الرب عبدٌ، والعبد رب، عندما احتضر، نظم بيتين من الشعر، وهو في تلك الحالة، يعبر فيهما عن شقوقه وعن هلاكه، يبكي، ويقول:
إنْ كَانَ مَنْزِلَتِي في الْحُبِّ عِنْدكُمُ مَا قَدْ رَأَيْتُ فَقَدْ ضَيَّعْتُ أَيَّامِي
أُمْنِيَّةٌ ظَفِرَتْ نَفْسِي بِهَا زَمَنــًا وَالْيَوْمَ أَحْسَبُهَا أَضْغَاثُ أَحْلاَمِ
قال ذلك عندما عاين سخط الله، وكشف له عن حقيقة أمره، وقل أن يختم لمبتدع في دين الله بالإيمان نسأل الله السَّلامةَ،والعافية.
2ـ ومن أسباب سوء الخاتمة مخالفة الباطن للظاهر: فقد يكون العبد بظاهره يعمل بطاعة الله، ولكنه يبطن النفاق، أو الرياء، أو يكون في قلبه دسيسة من دسائس السوء؛ كالكبر، أو العجب، فيظهر ذلك عليه في آخر عمره، ويختم له به، فتكون الخسارة الأبدية، كما في قصة الذي كان يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبلى أحسن البلاء، ولكنه لم يفعل ذلك من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، فلما جرح استعجل الموت فانتحر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ]رواه البخاري ومسلم. فقوله صلى الله عليه وسلم: [فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ] يدل على أن باطنه، خلاف ظاهره، ولا يمكن أن تسوء خاتمة من صلح ظاهره، وباطنه، والله أعلم.
3ـ ومن أسباب سوء الخاتمة الإصرار على المعاصي،وإلفها: قال ابن القيم:’ ومن عقوباتها-أي الذنوب، والمعاصي- : أنها تخون العبد أحوج ما يكون إلى نفسه…- إلى أن قال-: هذا، وثَمَّ أمرٌ أخوف من ذلك، وأدهى منه، وأمر؛ وهو أن يخونه قلبه، ولسانه عند الاحتضار، والانتقال إلى الله، فربما تعذر عليه النطق بالشهادة؛ كما شاهد الناس كثيرًا من المحتضرين، أصابهم ذلك، حتى قيل لبعضهم: قل: لا إله إلا الله، فقال: آه آه، لا أستطيع أن أقولها. وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله، فقال: شاه رخ غلبتك، ثم قضى. وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فقال:
يا رُبَّ قَائِلَةٍ يَوْمًا وَقَدْ تَعِبَتْ كَيفَ الطَّرِيقُ إلى حَمَّامِ مِنْجَابِ
ثم قضى. وقيل لآخر: قل: لا إله إلا الله، فجعل يهذي بالغناء، ويقول: تاتنا تنتنا، حتى مات.
وقيل لآخر ذلك، فقال: ما ينفعني ما تقول، ولم أدع معصية إلا ارتكبتها؟ ثم مات، ولم يقلها.
وقيل لآخر ذلك، فقال: ما يغني عني، وما أعرف أني صليت لله صلاة؟ ولم يقلها.
وقيل لآخر ذلك، فقال: أنا كافر بما تقول، ولم يقلها، وقضى.
وقيل لآخر ذلك، فقال: كلما أردت أن أقولها، ولساني يمسك عنها’ [الداء والدواء، [141 ـ 143]].
والأمثلة كثيرة جدًا، على أن الإصرار على المعاصي من أسباب سوء الخاتمة.
وهذه بعض القصص المعاصرة، والعبر المتأخرة، نسوقها للعبرة، والعظة، ومن لم يعتبر بغيره كان عبرة لغيره، والسعيد من اعتبر بغيره والشقي من اعتبر بنفسه.
* حصل حادث مروع في طريق مكة إلى جدة، قال من حضر المشهد: فلما رأينا منظر السيارة، ومشهدها الخارجيِ، قلت أنا، ومن معي من الإخوة: ننزل، فننظر ما حال هذا الإنسان، وكيف أصبح، فلما اقتربنا من الرجل، وجدناه في النزع الأخير من حياته، ووجدنا مسجل السيارة مفتوحًا على أغانٍ غربية باطلة، فأغلقنا المسجل، ثم نظرنا إلى الرجل، وما يعانيه من سكرات الموت، فقلنا: هذه فرصة لعل الله ـ عز وجل أن يجعل على أيدينا فلاح هذا الرجل في دنياه، وآخرته، فأخذنا نقول له: يا هذا، قل: لا إله إلا الله. أتدري يا أخي ـ بماذا تكلم في آخر رمقٍ من حياته؟
ليته ما نطق، لقد قال كلمة رهيبةً عظيمةً: لقد قال ـ عياذًا بالله تعالى من ذلك ـ بكلمته العامية- فسب دين الله ثم قال: ما بدي أصلي، ولا بدي أصوم، ثم مات على ذلك.
* وهذه قصة أربعة من الشباب، كلما سمعوا ببلد يفعل فيها الفجور، طاروا إليها، فبينما هم في ليلة من الليالي، وفي ساعة متأخرة من الليل، يجاهرون الله ـ عز وجل ـ بالمعصية والفجور، بينما هم في غمرة اللهو، والمجنون إذا بأحد الأربعة، يسقط مغشيًا عليه، فيهرع إليه أصحابه الثلاثة، فيقول له أحدهم: يا أخي، قل لا إله إلا الله، فيرد الشاب ـ عياذًا بالله ـ إليك عني، زدني كأس الخمر، وتعالي يا فلانة، ثم فاضت روحه إلى الله، وهو على تلك الحال السيئة ـ نسأل الله السلامة، والعافية.
ثم كان حال الثلاثة الآخرين، لما رأوا صاحبهم، وما آل إليه أمره، أنهم أخذوا يبكون وخرجوا من المرقص تائبين، وجهزوا صاحبهم، وعادوا به إلى بلاده، ولما وصلوا المطار، فتحوا التابوت ليتأكدوا من جثته، فلما نظروا إلى وجهه، فإذا عليه كدرة، وسواد ـ عياذًا بالله.
4ـ ومن أسباب سوء الخاتمة حب الدنيا: قال يحيي بن معاذ: الدنيا خمر الشيطان؛ من سكر منها، فلا يفيق إلا في عسكر الموتى، نادمًا بين الخاسرين. قالوا: وإنما كان حب الدنيا رأس الخطايا، ومفسدًا للدين من وجوه:
أحدها: أن حبها يقتضي تعظيمها، وهي حقيرة عند الله، ومن أكبر الذنوب تعظيم ما حقر اللهُ.
ثانيها: أن الله لعنها، ومقتها، وأبغضها، إلا ما كان له فيها، ومن أحب ما لعنه الله، فقد تعرض للفتنة.
ثالثها: أنه إذا أحبها صيَّرَها غايته، وتوسل إليها بالأعمال التي جعلها الله، وسائل إليه، وإليه الدار الآخرة، فعكس الأمر، وقلب الحكمة .
رابعها: أن محبتها تجعلها أكبر هم العبد؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ] رواه الترمذي.
5ـ ومن أسباب سوء الخاتمة العدول عن الاستقامة: فالاستقامة على دين الله نعمة من الله ، ومن شُكْرٍ هذه النعمة الاعتراف بها باطنًا والتحدث بها ظاهرًا، والاجتهاد في الطاعة، ودعوة الناس على دين الله ـ عز وجل ـ، فمن ترك الاستقامة، فقد كفر هذه النعمة العظيمة، ومن ذاق طعم الإيمان، وعرف طريق الرحمن، ثم تنكبه، وأعرض عنه، اختار طرق الضلال عليه، وأثر الغي على الرشاد، والضلالة على الهدى، والفجور على التقى، كان ذلك أعظم أسباب سوء الخاتمة.
6ـ ومن أسباب سوء الخاتمة تعلق القلب بغير الله: إذا تعلق القلب بغير الله محبةٍ، أو توكلاً، أو خوفًا، أو رجاءً فلا بد أن يشقى العبد، قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ…] رواه البخاري . فالقلب يشقى بإعراضه عن الله، وتلعقه بغيره؛ ولذا نهى الله أن يزداد حب العبد لابنه، وأبيه، وأخيه، وزوجته، وماله؛ فيكون أكثر من حبه لله، أو لرسوله صلى الله عليه وسلم، فقال تعالى:} قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ[24]{[سورة التوبة].
7ـ التسويف بالتوبة، والعمل الصالح: فمن أضر الأمور على العبد أن يقول: سوف أتوب، وسوف أعمل صالحًا، وقد حذر الله في كتابه عباده من ذلك؛ ليستعدوا للموت قبل نزوله بالتوبة، والعمل الصالح، قال تعالى: }وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ[54]وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ[55]أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ…[56]{ [سورة الزمر].
سُمِعَ بعض المحتضرين عند احتضاره يلطم على وجهه، ويقول: {يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ}، وقال آخر عند احتضاره، سَخِرَت بي الدنيا، حتى ذهبت أيامي، وقال آخر عند موته: لا تَغُرَّنّكُمُ الحياة الدنيا، كما غرتني.. وقال تعالى: }حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ[99]لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ[100]{[سورة المؤمنون].
وقال تعالى: }وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ…[54]{[سورة سـبأ]، وفسره طائفة من السلف: بأنهم طلبوا التوبة حين حيل بينهم وبينها، قال الحسن: اتق الله يا ابن آدم، لا يجتمع عليك خصلتان؛ سكرة الموت، وحسرة الفوت . وقال بعض السلف: أصبحتم في أمنية ناس كثير؛ يعني أن الموتى يتمنون حياة ساعة؛ ليتوبوا فيها، ويجتهدوا في الطاعة، ولا سبيل لهم إلى ذلك.
5ـ علامات سوء الخاتمة:
منها ما يكون عند الموت، ومنها ما يكون قبل الدفن، ومنها ما يكون عند الدفن، ومنها ما يكون بعد ذلك، وقد رويت حكايات كثيرة من أحوال الناس في الدفن، وفي القبور لا يقطع بصحة جميعها، ولكن نشير إجمالاً بأنه يمكن لآحاد الناس أن يطلع على شيء من أحوال القبور في اليقظة، والمنام؛ كما أشار إلى ذلك الأئمة الأعلام، قال شيخ الإسلام ابن تيمية:’ قد سمع غير واحد أصوات المعذبين في قبورهم، وقد شوهد من يخرج من قبره، وهو يعذب’ [مجموع الفتاوى 5/256].
وقال:’ وقد انكشف لكثير من الناس ذلك، حتى سمعوا أصوات المعذبين في قبورهم، ورأوهم بعيونهم، يعذبون في قبورهم، في آثار كثيرة معروفة'[السابق 24/376].
وقال ابن القيم:’رؤية هذه النار في القبر؛ كرؤية الملائكة، والجن تقع أحيانًا لمن شاء الله أن يريه ذلك'[ الروح [93]]. وقد ذكر كثيرٌ من العلماء جملاً مستفيضة، وحكايات غريبة لأحوال المقبورين؛ فشأنها كشأن الإسرائيليات التي لا نقطع بصدقها، ولا بكذبها، مع إرساء هذا الأصل، وهو جواز وقوعها، والله أعلم.
علامات سوء الخاتمة قبل الموت:
فبعضهم يقع عند اشتداد المرض في التسخط، والاعتراض على قضاء الله، أو الجحود، والكفر بـ:’ لا إله إلا الله’: أو يصرح بأنه لا يستطيع أن ينطق بكلمة التوحيد، وأنه يحال بينه، وبينها، أو يتكلم بكلام يغضب الله، ومن أمثلة ذلك: ما ذكره ابن الجوزي قال : سمعت شخصًا يقول-وقد اشتد به الألم-: ربي يظلمني، وهذه حالة إن لم ينعم فيها بالتوفيق للثبات، وإلا فالهلاك. وهذا ما كان يقلقل سفيان الثوري؛ فإنه كان يقول: أخاف أن يشتد على الأمر، فأسأل التخفيف، فلا أجاب، فأفتتن[الثبات عند الممات، لابن الجوزي[80]]. ومن علامات سوء الخاتمة: أن يموت العبد على عمل يغضب الله؛ فيكون ذلك خزيًا له، وفضيحة في الدنيا، مع ما ينتظره في خزي الآخرة، وعذابها.
قال ابن القيم: والحكايات في هذا كثيرة جدًا، فمن كان مشغولاً بالله، وبذكره، ومحبته في حال حياته؛ وجد ذلك أحوج ما هو إليه، عند خروج روحه إلى الله، ومن كان مشغولاً بغيره في حال حياته، وصحته، فيعسر عليه اشتغاله بالله، وحضوره معه عند الموت، ما لم تدركه عناية ربه، ولأجل هذا، كان جديرًا بالعاقل أن يلزم قلبه، ولسانه ذكر الله حيثما كان؛ لأجل تلك اللحظة التي إن فاتت شقي شقاوة الأبد، فنسأل الله أن يعيننا على ذكره، وشكره، وحسن عبادته[طريق الهجريتين، [308ـ309].].
علامات سوء الخاتمة عند التغسيل:
قال في ‘تذكرة الإخوان بخاتمة الإنسان [47-48]’: ولقد حدثني عدد ممن يغسلون الموتى، من مناطق مختلفة، عن بعض ما شاهدوه أثناء التغسيل، من هذه العلامات، والغريب في الأمر أنهم يتفقون على صفات معينة، يرونها على هؤلاء الموتى،أكثر هذه الحوادث متشابهة؛ من ذلك أن الرجل الذي يموت على الخير يبدو؛ وكأنه نائم، وأما من مات على خلاف ذلك، فيظهر عليه الفزع، وخوف الموت، مع تغير في وجهه، ولقد غسلت، وشاركت في التغسيل، ورأيت بعض ذلك، والحمد لله.
حدثني أحدهم، فقال: غَسَّلْتُ رجلاً، وكان لونه مصفرًا، وفي أثناء التغسيل، أخذ لونه يتغير إلى السواد من رأسه، إلى وسطه، فلما أنهيت من التغسيل، فإذا به قد أصبح كالفحمة السوداء.
قال: وميت آخر كان وجهه أثناء التغسيل متوجهًا نحو كتفه الأيسر، فلما أرجعته نحو الكتف الأيمن؛ عاد إلى جهة اليسرى، حتى لما وضعته في قبره، ووجهته نحو القبلة انصرف وجهه عنها إلى أعلى.
وحدثني مُغَسِّلٌ آخر غَسَّلَ رجلاً لونه مصفرًا، فلما فرغوا من التغسيل اسود وجه ذلك الرجل، فقلت له: أسود مثل لحيتي؟ قال: أسود كالفحم، قال: ثم صار يخرج من عينيه دم أحمر؛ وكأنه يبكي الدم ـ والعياذ بالله ـ.
وحدثني مُغَسِّلٌ آخر، فقال: دخلت ذات مرة على بعض الإخوان، وهم يُغَسِّلُونَ ميتًا فرأيت وجهه مسودًا؛ كأنه قرص محترق، وجسمه أصفر، ومنظره مخيفًا، ثم جاء بعض أهله؛ لينظروا إليه، فلما رأوه على تلك الصورة، فروا هاربين؛ خوفًا منه’.
قال في ‘تذكرة الإخوان’: وأما ما ظهر عند الإنزال في القبر ـ والعياذ بالله، فحدثني أحد المغسلين، فقال: غسلت عددًا كبيرًا من الموتى لسنين طويلة، وأذكر أني وجهت أكثر من مئة ميت، كلهم صرفت وجوههم عن القبلة.
‘وقال أحد الفضلاء: كنا في رحلة دعوية إلى الأردن،وفي ذات يوم، وقد صلينا الجمعة في أحد مساجد مدينة الزرقاء، وكان معنا بعض طلبة العلم، وعالمٌ من الكويت، وبينما نحن جلوس في المسجد، وقد انصرف الناس، إذا بقوم يدخلون باب المسجد بشكل غير طبيعي، وهم يصيحون: أين الشيخ؟ أين الشيخ؟، وجاءوا إلى الشيخ الكويتي، وقالوا له: يا شيخ، عندنا شابٌ، توفي صباح هذا اليوم عند طريق حادث مروري، وإننا عندما حفرنا قبره، إذا بنا نفاجأ بوجود ثعبان عظيم في القبر، ونحن الآن لم نضع الشاب، وما ندري كيف نتصرف.
يقول الراوي: فقام الشيخ، وقمنا معه، وذهبنا إلى المقبرة، ونظرنا في القبر، فوجنا فيه ثعبانًا عظيمًا قد التوى؛ رأسه في الداخل، وذنبه في الخارج، وعينه بارزة يطالع الناس. قال الراوي: فقال الشيخ دعوه، واحفروا له مكانًا آخر.
يقول: فذهبنا إلى مكان آخر بعد القبر الأول بمائتي متر تقريبًا، فحفرنا، وبينما نحن في نهايته، إذا بالثعبان يخرج، فقال الشيخ: انظروا القبر الأول، فإذا بالثعبان قد اخترق الأرض، وخرج من القبر الأول مرة أخرى. قال الشيخ: لو حفرنا ثالثًا، ورابعًا، سيخرج الثعبان فما لنا حيلة إلا أن نحاول إخراجه.
يقول الراوي: فجئنا بأسياخ، وعصى، فانحمل معنا، وخرج من القبر، وجلس على شفيره، والناس كلهم ينظرون إليه، وأصاب الناس ذعرٌ، وخوفٌ، حتى إن بعضهم حصل له إغماء، حملته سيارة الإسعاف. وحضر رجال الأمن، ومنعوا الاتصال بالقبر، إلا عن طريق العلماء، وذوي الميت.
يقول الراوي:وبينما جيء بالجنازة، وأدخلت القبر، إذا بذلك الثعبان يتحرك حركة عظيمة ثار على أثرها الغبار، ثم دخل من أسفل القبر، فهرب الذين داخل القبر من شدة الخوف، والتوى الثعبان على ذلك الميت، وبدأ من رجليه، حتى وصل رأسه، ثم اشتد عليه، فحطمه: يقول الراوي: إنا كنا نسمع تحطيم عظامه؛ كما تحطم حزمة الكرات.
يقول الراوي:ثم لما هدأت الغبرة، وسكن الأمر جئنا لننظر في القبر، وإذا الحال كما هي عليه؛ من تلوي ذلك الثعبان على الميت، وما استطعنا أن نفعل شيئًا. وقال الشيخ: اردموه فدفناه، ثم ذهبنا إلى والده، فسألناه عن حال ابنه الشاب؟ فقال: إنه كان طيبًا مطيعًا، إلا أنه كان لا يصلي ـ نعوذ بالله من سوء الختام'[ رسالة عاجلة إلى المسلمين، [46ـ50]، وقال المصنف: سمعتها من الشيخ. سعيد بن مسفر].
وقد ورد في ‘تذكرة القرطبي'[1/170] قصة مشابهة، قال القرطبي:’وأخبرني صاحبنا الفقيه العالم أبو عبد الله، محمد بن أحمد القصر رحمه الله أنه توفي بعض الولاة بقسطنطينية فَحُفِر له، فلما فرغوا من الحفر، وأرادوا أن يدخلوا الميت القبر، إذا بحية سوداء داخل القبر، فهابوا أن يدخلوه فيه، فحفروا له قبرًا آخر، فإذا بتلك الحية،فلم يزالوا يحفرون له نحوًا من ثلاثين قبرًا، وإذا بتلك الحية، تتعرض لهم في القبر الذي يريدون أن يدفنوه فيه، فملا أعياهم ذلك سألوا ما يصنعون؟ فقيل لهم: ادفنوه معها، نسأل الله السلامة، والستر في الدنيا، والآخرة’.
علامات سوء الخاتمة بعد الدفن:
فمن ذلك: قصة الرجل الذي نبذه القبر في عهد النبوة: فَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ مِنَّا رَجُلٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَدْ قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ وَكَانَ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى لَحِقَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ فَرَفَعُوهُ قَالُوا هَذَا قَدْ كَانَ يَكْتُبُ لِمُحَمَّدٍ فَأُعْجِبُوا بِهِ فَمَا لَبِثَ أَنْ قَصَمَ اللَّهُ عُنُقَهُ فِيهِمْ فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتْ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتْ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا ثُمَّ عَادُوا فَحَفَرُوا لَهُ فَوَارَوْهُ فَأَصْبَحَتْ الْأَرْضُ قَدْ نَبَذَتْهُ عَلَى وَجْهِهَا فَتَرَكُوهُ مَنْبُوذًا. رواه البخاري ومسلم .
ومن ذلك: ما ذكره ابن القيم قال: حدثني صاحبنا أبو عبد الله، محمد بن الوزير الحراني، أنه خرج من داره بعد العصر بآمد إلى بستان، قال: فلما كان بعد غروب الشمس توسطت القبور، فإذا بقبر منها، وهو خمرة نار؛ مثل كوز الزجاج، والميت في وسطه، فجعلت أمسح عيني، وأقول: أنائمٌ أنا أم يقظان؟ ثم التفت إلى سور المدينة، وقلت: والله ما أنا بنائم، ثم ذهبت إلى أهلي، وأنا مدهوش، فأتوني بطعام، فلم أستطع أن آكل، ثم دخلت البلد، فسألت عن صاحب القبر، فإذا به مَكَّاسٌ قد توفي ذلك اليوم’.
6ـ أسباب حسن الخاتمة:
1ـ من أسباب حسن الخاتمة تقوى الله: قال تعالى: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ[102]{ [سورة آل عمران]. فتقوى الله من أعظم أسباب حسن الخاتمة، والموت على الإسلام.
والتقوى هي أعلى درجات الإيمان، وقد وعد الله أهل الإيمان بالتثبيت في الحياة الدنيا وفي الآخرة،
فقال تعالى: }يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ[27]{ [سورة إبراهيم].
كما وعد الله أهل التقوى بالمخرج من كل ضيق، فقال:}وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً[2]وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ[3]{ [سورة الطلاق].
ولا شك أن العبد في حال السكرات في شدة، وقد وعد الله المتقين باليسر بعد الشدة، فقال:}وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً[4]{ [سورة الطلاق].
2ـ ومن أسباب حسن الخاتمة الاستقامة: قال تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ[30]{ [سورة فصلت].
فأهل الاستقامة هم الذين تنزل عليهم ملائكة الله، عند الموت بالبشارة بالجنة، والنجاة من النار، إشارة على أنهم يوفقون للخاتمة الحسنة، التي تكون سببًا في دخول الجنة، والنجاة من النار.
3ـ ومن أسباب حسن الخاتمة الصدق:
قال الله: }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ[119]{ [سورة التوبة] فالصدق من أعظم أسباب حسن الخاتمة، عَنْ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْأَعْرَابِ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ ثُمَّ قَالَ أُهَاجِرُ مَعَكَ فَأَوْصَى بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ أَصْحَابِهِ فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةٌ غَنِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْيًا فَقَسَمَ وَقَسَمَ لَهُ فَأَعْطَى أَصْحَابَهُ مَا قَسَمَ لَهُ وَكَانَ يَرْعَى ظَهْرَهُمْ فَلَمَّا جَاءَ دَفَعُوهُ إِلَيْهِ فَقَالَ مَا هَذَا قَالُوا قِسْمٌ قَسَمَهُ لَكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا هَذَا قَالَ: [قَسَمْتُهُ لَكَ] قَالَ مَا عَلَى هَذَا اتَّبَعْتُكَ وَلَكِنِّي اتَّبَعْتُكَ عَلَى أَنْ أُرْمَى إِلَى هَاهُنَا وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ بِسَهْمٍ فَأَمُوتَ فَأَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَقَالَ: [إِنْ تَصْدُقْ اللَّهَ يَصْدُقْكَ] فَلَبِثُوا قَلِيلًا ثُمَّ نَهَضُوا فِي قِتَالِ الْعَدُوِّ فَأُتِيَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْمَلُ قَدْ أَصَابَهُ سَهْمٌ حَيْثُ أَشَارَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [أَهُوَ هُوَ] قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: [صَدَقَ اللَّهَ فَصَدَقَهُ] ثُمَّ كَفَّنَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جُبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَدَّمَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ فَكَانَ فِيمَا ظَهَرَ مِنْ صَلَاتِهِ: [ اللَّهُمَّ هَذَا عَبْدُكَ خَرَجَ مُهَاجِرًا فِي سَبِيلِكَ فَقُتِلَ شَهِيدًا أَنَا شَهِيدٌ عَلَى ذَلِكَ] رواه النسائي.
فالعبد إذا صدق في إيمانه، وفي أقواله، وأفعاله يوفق لحسن الخاتمة، وينال سعادة العاجلة، والآجلة.
4ـ ومن أسباب حسن الخاتمة ذكر الموت، وزيارة القبور .
5ـ ومن أسباب حسن الخاتمة حسن الظن بالله عند الموت، وعلى كل حال:
فَعَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِثَلَاثٍ يَقُولُ: [لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ]رواه مسلم . وعَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ: [كَيْفَ تَجِدُكَ] قَالَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنِّي أَرْجُو اللَّهَ وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ] رواه الترمذي وابن ماجة.
وعن المعتمر بن سليمان، قال: قال أبي حين حضرته الوفاة: يا معتمر، حدثني بالرخص لعلي ألقى الله، وأنا حسن الظن به، وعن إبراهيم قال: كانوا يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته، لكي يحسن ظنه بربه.
6ـ ومن أسباب حسن الخاتمة المبادرة بالتوبة، ورد المظالم:
قال تعالى: }وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[31]{ [سورة النور].
7ـ ومن أسباب حسن الخاتمة الحذر من أسباب سوء الخاتمة التي سبق ذكرها.
7ـ علامات حسن الخاتمة: إن الشارع الحكيم قد جعل علامات بينات يستدل بها على حسن الخاتمة، فأيما أمرئ مات بإحداها، كانت بشارة له، ويا لها من بشارة.
الأولى: نطقه بالشهادة عند الموت، وفيه أحاديث:
1ـ[مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ] رواه أبوداود وأحمد.
2ـ عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ رَأَى عُمَرُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَقِيلًا فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا فُلَانٍ لَعَلَّكَ سَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ يَا أَبَا فُلَانٍ قَالَ لَا إِلَّا أَنِّي سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا مَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ إِلَّا الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: [إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلَّا أَشْرَقَ لَهَا لَوْنُهُ وَنَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ] قَالَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لَأَعْلَمُ مَا هِيَ قَالَ وَمَا هِيَ قَالَ تَعْلَمُ كَلِمَةً أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ طَلْحَةُ صَدَقْتَ هِيَ وَاللَّهِ هِيَ.رواه ابن ماجة وأحمد .
الثانية: الموت برشح الجبين: لحديث ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّه كَانَ بِخُرَاسَانَ فَعَادَ أَخًا لَهُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَوَجَدَهُ بِالْمَوْتِ وَإِذَا هُوَ يَعْرَقُ جَبِينُهُ فَقَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: [مَوْتُ الْمُؤْمِنِ بِعَرَقِ الْجَبِينِ]رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد.
الثالثة: الموت ليلة الجمعة أو نهارها: لقوله صلى الله عليه وسلم: [مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ] رواه الترمذي وأحمد.
الرابعة: الاستشهاد في ساحة القتال: قال تعالى: }وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ[169]فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ[170]يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ[171]{ [سورة آل عمران].
وفي ذلك أحاديث:
1ـ [لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يَغْفِرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دُفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ وَيُرَى مَقْعَدَهُ مِنْ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَيُحَلَّى حُلَّةَ الْإِيمَانِ وَيُزَوَّجُ مِنْ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ إِنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ] رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد.
2ـ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلَّا الشَّهِيدَ قَالَ: [كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً] رواه النسائي.
الخامسة: الموت غازيًا في سبيل الله:لقوله صلى الله عليه وسلم: [مَنْ فَصَلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ أَوْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ أَوْ وَقَصَهُ فَرَسُهُ أَوْ بَعِيرُهُ أَوْ لَدَغَتْهُ هَامَّةٌ أَوْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ أَوْ بِأَيِّ حَتْفٍ شَاءَ اللَّهُ فَإِنَّهُ شَهِيدٌ وَإِنَّ لَهُ الْجَنَّةَ] رواه أبوداود.
السادسة: الموت بالطاعون: عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ قَالَتْ قَالَ لِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ بِمَ مَاتَ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرَةَ قَالَتْ قُلْتُ بِالطَّاعُونِ قَالَتْ فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ] رواه البخاري ومسلم.
السابعة: الموت بداء البطن:لقوله صلى الله عليه وسلم: […وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ] رواه البخاري ومسلم-واللفظ له-.
الثامنة: والتاسعة: الموت بالغرق، والهدم: لقوله صلى الله عليه وسلم: […الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ الْمَطْعُونُ وَالْمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَصَاحِبُ الْهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ…] رواه البخاري ومسلم .
العاشرة: موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها:لحديث عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [الْقَتِيلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْمَطْعُونُ شَهِيدٌ وَالنُّفَسَاءُ شَهِيدٌ يَجُرُّهَا وَلَدُهَا بِسُرَرِهِ إِلَى الْجَنَّةِ]رواه أحمد.
الحادية عشر، والثانية عشر: الموت بالحرق وذات الجنب: وفيه أحاديث أشهرها عن جابر بن عتيك مرفوعًا: [ الشُّهَدَاءُ سَبْعَةٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْمَطْعُونُ شَهِيدٌ وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ وَصَاحِبُ ذَاتِ الْجَنْبِ شَهِيدٌ وَالْمَبْطُونُ شَهِيدٌ وَالْحَرِقُ شَهِيدٌ وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْهَدْمِ شَهِيدٌ وَالْمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ] رواه أبوداود والنسائي ومالك وأحمد.
الثانية عشر: الموت بداء السل: لقوله صلى الله عليه وسلم: [الْقَتْلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ شَهَادَةٌ، وَالنُّفَسَاءُ شَهَادَةٌ ، وَالْحَرِقُ شَهَادَةٌ ، وَالْغَرِقُ شَهَادَةٌ ، والسِّلُّ شَهَادَةٌ ، وَالبطنُ شَهَادَةٌ] رواه الطبراني في الكبير.
الرابعة عشر: الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه: لقوله صلى الله عليه وسلم: [ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ] رواه البخاري ومسلم.
الخامسة عشر: والسادسة عشر: الموت في الدفاع عن الدين والنفس:لقوله صلى الله عليه وسلم: [ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ] رواه الترمذي والنسائي وأحمد.
السابعة عشرة: الموت مرابطًا في سبيل الله: لقوله صلى الله عليه وسلم: [ رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ وَأَمِنَ الْفَتَّانَ] رواه مسلم .
الثامنة عشر: الموت على عمل صالح: لقوله صلى الله عليه وسلم: [ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ قَالَ حَسَنٌ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ صَامَ يَوْمًا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ وَمَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ خُتِمَ لَهُ بِهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ] رواه أحمد.
8 ـ أمثلة لحسن الخاتمة
1ـ أنس بن مالك رضي الله عنه: عن أنس بن سيرين، قال: شهدت أنس بن مالك، وحضره الممات، فجعل يقول: لقنوني: لا إله إلا الله، فلم يزل يقولها، حتى قبض رحمه الله.
2ـ مجاهد بن جبررحمه الله: قال الفضل بن دكين: مات مجاهد، وهو ساجد .
3ـ أبو بكر بن أبي مريم رحمه الله: عن يزيد بن عبد ربه، قال: عدت أبا بكر بن أبي مريم، وهو في النزع، فقلت له: رحمك الله، لو جرعت جرعة ماء؟ فقال بيده: لا. ثم جاء الليل، فقال: أذن؟ فقلت: نعم، فقطرنا في فمه قطرة ماء، ثم مات.
4ـ عبدالله بن المبارك رحمه الله: قيل: فتح عبدالله بن المبارك عينيه عند الوفاة، وضحك، وقال: لمثل هذا فليعمل العاملون.
5ـ بشر بن منصور رحمه الله :قال عبد الأعلى بن حماد البرقي: دخلت على بشر بن منصور، وهو في الموت، فرأيته مستبشرًا، فقلت له: ما هذا السرور؟ قال: أخرج من بين الحاسدين، والباغين، والمغتابين، وأقدم على رب العالمين، ولا أفرح؟.
من كتاب:’ تذكير النفوس المؤمنة بأسباب سوء وحسن الخاتمة’
للشيخ/أحمد فريد