——————————————————————————–
من شرح شيخنا الشيخ حسن عبد الستير النعماني حفظه الله على رسالة الدماء الطبيعية للعلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
أولًا: استعمال ما يمنع الحيض:
قوله: (استعمال ما يمنع حيضها جائزٌ بشرطين: (الأول: ألَّا يُخشى الضرر عليها، فإن خشي عليها الضرر من ذلك فلا يجوز؛ لقول الله تعالى: ﴿ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة﴾، ﴿ولا تقتلوا أنفسكم إنه كان بكم رحيما﴾.
قلتُ:
واستعمال ما يمنع الحيض لا ينفك عن الضرر بحال؛ إذ إن:
1-الحيض من فطرة المرأة، كما في الحديث: «إنه شيء كتبه الله على بنات آدم»، وكل ما يضاد الفطرة، أو يخالفها، أو يمنعها فهو حرام شرعًا؛ لقوله تعالى: {فِطْرَةَ اللّهِ الّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللّهِ} (سورة الروم: الآية: 30).
2-لأن الحيض -كما هو معلوم- ، وقال أهل الطب: إنه دم فساد واحتباسه في بدن المرأة يؤدي إلى الإضرار بها، والإيذاء بها، وخلق الله تعالى أكمل وأحسن، وهو القائل: {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِيَ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} (سورة التين: الآية 4).
قوله: (أن يكون ذلك أن يكون ذلك بإذن الزوج إن كان له تعلق به مثل أن تكون معتدة منه).
قلتُ:
ودليل هذا الشرط: قوله تعالى: ﴿ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر﴾، لا يحل لها أن تكتم الحيض إذا كانت معتدَّة من زوجٍ؛ لأن عدَّتها بالحيض، وطالما أنها في عدَّة فنفقتُها على زوجها، فإن عطَّلَت الحيض صارت تأخذ من ماله بغير حق؛ فلذا اشترط إذن الزوج، ولكن بشرط أن يكون له تعلُّقٌ بهذا الحكم.
قلتُ:
والآية التي ذكرنا إنما تصلح معنا كدليل على عدم مشروعية استعمال ما يمنع الحيض مطلقًا، وذلك لقول الله تعالى: ﴿ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر﴾.
قوله: (فتستعمل ما يمنع الحيض لتطول المدة وتزداد عليه نفقتها، فلا يجوز لها أن تستعمل ما يمنع الحيض حينئذ إلا بإذنه، وكذلك إن ثبت أن منع الحيض يمنع الحمل فلا بد من إذن الزوج، وحيث ثبت الجواز فالأولى عدم استعماله إلا لحاجة؛ لأن ترك الطبيعة على ما هي عليه أقرب إلى اعتدال الصحة والسلامة).
فالشيخ في آخر المسألة قرَّر عدم جواز استعمال ما يمنع الحيض إلا لحاجة.
قلتُ:
وهذا هو الحق.
ومثال الحاجة: من كانت مُتنسِّكة بحج أو عمرة، وهي ذات صحبة ورفقة، يُخشى أن تضيع عليها هذه الصحبة، وأن يدخل عليها العنت؛ لأن من النساء من تطول أيام حيضتها، فهذا يحبسها عن المناسك؛ وذلك:
1- لأن المفسدة الموجودة ها هنا في منع الحيض لا تكاد تُذكر، فهي ستستعمله لمدة شهر واحد، أو حيضة واحدة.
2- ولأن المصلحة المتحققة باستعمالها هاهنا مصلحة كبيرة جدًا، والمتقرَّر أصوليًا: متى غلبت المصلحةُ المفسدةَ تعيَّنَت المصلحة.
فرعٌ: استعمال ما يمنع الحيض في رمضان:
قلتُ:
ولا يجوز استعمال ما يمنع الحيض لصيام رمضان ولا لقيامه؛ وذلك للأسباب الآتية:
أ- أن الأصل الشرعي عدم استعمال ما يمنع الحيض أو يجلبه.
ب- أن هذا من قبيل التوسُّع في الحاجة، مما يُهدِر معنى الحاجة.
ج- أنه ليس في معنى الحاجة أصلًا.
قوله: (وأما استعمال ما يجلب الحيض فجائز بشرطين أيضاً؛ الأول: ألَّا تتحايل به على إسقاط واجب، مثل: أن تستعمله قرب رمضان، من أجل أن تفطر أو لتسقط به الصلاة، ونحو ذلك).
ثانيًا: استعمال ما يجلب الحيض:
قلت:
والحيل ممنوعة في الشرع، وقد لعن الله بني إسرائيل لأجل ما استعملوا من الحيل، كما في قصة السبت.
قوله: (الثاني : أن يكون ذلك بإذن الزوج، لأن حصول الحيض يمنعه من كمال الاستمتاع، فلا يجوز استعمال ما يمنع حقه إلا برضاه، وإن كانت مطلقة فإن فيه تعجيل إسقاط حق الزوج من الرجعة إن كان له رجعة).
فالشيخ قيَّد الجواز بشرطٍ آخر، هو إذن الزوج؛ لأن حصول الحيض يمنعه من كمال الاستمتاع، فلا يجوز استعمال ما يمنع حقَّه إلا برضاه، أو إن كانت مُطلَّقة فإن فيه تعجيل إسقاط حق الزوج من الرَّجعة إن كان له رجعة.
قلتُ:
والحق المبين: عدم استعمال ما يجلب الحيض إلا لحاجة، والجواب في هذه المسألة يتنزَّل على الجواب السابق؛ لأن هذا خلاف فطرة الله التي فطر النساء عليها، وكل ما هو خلاف الفطرة يعود على الإنسان بضرر.