الحمد لله، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، ونصلي ونسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه..
أما بعد:
فإن الأخوة الإيمانية الصادقة عبادة يتقرب بها الإنسان إلى الله، ومن كانت عنده هذه الخلة فقد ذاق حلاوة الإيمان، كما جاء في الحديث المتفق عليه عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)..
والحب في الله، والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، والمتحابون في الله تدوم خلتهم وصداقتهم بعد الموت: الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ [سورة الزخرف(67)].
ولكن هناك ما يفسد هذه الأخوة أو يضعفها، ومن ذلك أن البعض تجده حريصاً على إظهار ذاته، وحب التسلط والهيمنة على أقرانه وأصحابه، بل ربما بعض الخلان يتخذ صاحبه قنطرة لحصول مآربه فقط لا غير، وتجد البعض يحب ذاته، ويحرص على مصلحته، ولا ينظر لمصلحة الآخرين، وإذا تعارضت عنده المصالح العامة مع مصلحته الشخصية تجده يقدم مصلحته الخاصة على المصلحة العامة..
وهذا بلا شك ليس من أخلاق الأصحاب، بل هذه ليست من أخلاق أهل الإيمان، لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه) كما في المتفق عليه من حديث أنس بن مالك –رضي الله عنه-.
فأخلاق أهل الإيمان أن المسلم يحب لأخيه من الخير ما يحب لنفسه، ويكره لأخيه من الشر ما يكره لنفسه.
وتجد البعض أنانياً يحب نفسه فقط، وأما الآخرون فليموتوا كمداً، وليتقطعوا ألماً وحسرة، فهذا لا يعنيه، بل لسان حاله: نفسي نفسي، فلا ينظر في الآخرين، ولا يتفقد أحوالهم، ولا ينفس عن مكروبهم، ولا يعود مريضهم، ولا يتبع جنازتهم، ولا يشاركهم في أفراحهم وأحزانهم، ولا يساعد المحتاج منهم، بل حاله حال نفسه، ولا يهمه شأن الآخرين..
فالواجب على الإنسان أن يتصف بصفات أهل الإيمان، وأخلاق أهل الإسلام، وأن يتقي الله في سره وجهره، وبره وبحره، وفي خلوته وجلوته، وأن يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه، والله الموفق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..