تخطى إلى المحتوى

الإخلاص 2024.


(بسم الله الرحمن الرحيم)

الإخلاص

تعريف الإخلاص:
قال ابن القيم – رحمه الله – "الإخلاص ألا تطلب على عملك شاهداً غير الله ، ولا مجازياً سواه"
وقال الفضلُ بنُ زيادٍ: سألتُ أبا عبد الله – يعني : أحمدَ – عَنِ النِّيَّةِ في العملِ، قلت :
كيف النيةُ ؟
قالَ : يُعالجُ نفسَه ، إذا أراد عملاً لا يريدُ به النّاس .
وتعرف الأشياء بضدها:ا
لإخلاص ضــــده الرياء
وقد عرفه لقمان لابنه قال :
الرياء :أنْ تطلب ثواب عملك في دار الدنيا ، وإنَّما عمل القوم للآخرة ،
قيل له : فما دواء الرياء ؟
قال : كتمان العمل ، قيل له : فكيف يكتم العمل ؟ قال : ما كلفت إظهاره من العمل فلا تدخل فيه إلا بالإخلاص ، وما لم تكلف إظهاره أحب ألا تطلع عليه إلا الله . انظر : تفسير القرطبي 5/182 .
أهمية الإخلاص ومنزلته:
الإخلاص هو حقيقة الدين، وهو مضمون دعوة الرسل

قال تعالى:
 {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء}
.
وقوله:  {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}
 .
وقوله:{فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } . الكهف110

وعَنْ عُمَرَ – رضي الله عنه – ، قال :
سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ :
"إنَّمَا الأعمَال بالنِّيَّاتِ وإِنَّما لِكُلِّ امريءٍ ما نَوَى…"

اتَّفقَ العُلماءُ على صحَّة هذا الحديث وَتَلَقِّيهِ بالقَبولِ ، وبه صدَّر البخاريُّ كتابَه
" الصَّحيح " ، وأقامه مقامَ الخُطبةِ له ، إشارةً منه – رحمه الله – إلى أنَّ كلَّ عملٍ لا يُرادُ به
وجهُ الله فهو باطلٌ ، لا ثمرةَ له في الدُّنيا ولا في الآخرةِ.
ولهذا قال عبدُ الرَّحمانِ بنُ مهدي : لو صنَّفتُ الأبوابَ ، لجعلتُ حديثَ عمرَ في الأعمالِ بالنِّيَّةِ في كلّ بابٍ ، وعنه أنَّه قال : مَنْ أَرادَ أنْ يصنِّفَ كتاباً ، فليبدأ بحديثِ " الأعمال بالنيات".وهذا الحديثُ أحدُ الأحاديثِ التي يدُورُ الدِّين عليها ، فرُويَ عنِ الشَّافعيِّ أنَّهُ قال :
هذا الحديثُ ثلثُ العلمِ ، ويدخُلُ في سبعينَ باباً مِنَ الفقه .

النية في كلام السلف:
النيةُ التي تُوجَدُ كثيراً في كلام السَّلَفِ المتقدّمين:هي بمعنى تمييزِ المقصودِ بالعمل ، وهل هو لله وحده لا شريكَ له ، أم غيره ، أم الله وغيرُه.

النية في كلام النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وسلفِ الأمَّةِ إنَّما يُرادُ بها هذا المعنى غالباً ،
فهي حينئذٍ بمعنى الإرادة ،
ولذلك يُعبَّرُ عنها بلفظِ الإرادة في القرآن كثيراً ، كما في قوله تعالى : 
{ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ }

وقد يُعَبَّرُ عنها في القرآن بلفظ " الابتغاء " ،
كما في قوله تعالى : { إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى}.

وقوله : {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ الله }

متى يقبل عمل العبد؟

قال الفضيلُ بن عياض في قوله تعالى :{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً}  ،

قال : أخلصُه وأصوبُه .
وقال : إنَّ العملَ إذا كان خالصاً ، ولم يكن صواباً ، لم يقبل ،
وإذا كان صواباً ، ولم يكن خالصاً ، لم يقبل حتّى يكونَ خالصاً صواباً ،
قال : والخالصُ إذا كان لله – عز وجل-، والصَّوابُ إذا كان على السُّنَّة .
وقد دلَّ على هذا الذي قاله الفضيلُ قولُ الله – عزوجل – 
{ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً } .

فلا يقبل عمل العبد إلا بأمرين لا يغني أحدهما كما قال الفضيل بن عياض:

الأمران ( الشرطان) هما :

أحدهما : أنْ يكونَ العملُ في ظاهره على موافقَةِ السُّنَّةِ ،
وهذا هو الذي تضمَّنه حديثُ عائشة :
" مَنْ أحدَثَ في أمرنا ما ليس منه فهو رَدٌّ " .

والثاني : أنْ يكونَ العملُ في باطنه يُقْصَدُ به وجهُ الله - عز وجل- كما تضمَّنه حديث عمر :
" الأعمالُ بالنِّيَّاتِ " .

حال العارفين من السلف مع الإخلاص:

قال سهلِ بن عبد الله التُّستري : ليس على النَّفس شيءٌ أشقُّ مِنَ الإخلاصِ ؛ لأنَّه ليس لها فيه نصيبٌ .

وقال يوسفُ بنُ الحسينِ الرازيُّ : أعزّ شيءٍ في الدُّنيا الإخلاصُ ، وكم اجتهد في إسقاطِ الرِّياءِ.

وعن يحيى بن أبي كثير ، قال : "تعلَّموا النِّيَّة ، فإنَّها أبلغُ من العَمَلِ" .

وعن زُبَيدٍ اليامي ، قال :" إنِّي لأحبُّ أن تكونَ لي نيَّةٌ في كلِّ شيءٍ ، حتى في الطَّعام والشَّراب ".

وعن داود الطَّائيِّ قال : رأيتُ الخيرَ كلَّه إنَّما يجمعُه حُسْنُ النِّيَّة ، وكفاك به خيراً وإنْ لم تَنْصَبْ .

قال داود : والبِرُّ هِمَّةُ التَّقيِّ ، ولو تعلَّقت جميع جوارحه بحبِّ الدُّنيا لردَّته يوماً نيَّتُهُ إلى أصلِهِ .

وعن سفيانَ الثَّوريِّ ، قال : ما عالجتُ شيئاً أشدَّ عليَّ من نيَّتي ؛ لأنَّها تتقلَّبُ عليَّ .

وعن يوسُفَ بن أسباط ، قال : تخليصُ النِّيةِ مِنْ فسادِها أشدُّ على العاملينَ مِنْ طُولِ الاجتهاد.

وعن ابن المبارك ، قال : رُبَّ عملٍ صغيرٍ تعظِّمهُ النيَّةُ ، وربَّ عمل كبيرٍ تُصَغِّره النيَّةُ .

وقال ابن عجلان : لا يصلحُ العملُ إلاَّ بثلاثٍ : التَّقوى لله ، والنِّيَّةِ الحسنَةِ ، والإصابة .
وقال الفضيلُ بنُ عياضٍ : إنَّما يريدُ الله – عز وجل – منكَ نيَّتَك وإرادتكَ .

وقال بعضُ العارفينَ: إنَّما تفاضَلُوا بالإرادات ،ولم يتفاضَلُوا بالصَّوم والصَّلاة .

وأخيرا أخواتي لنتأمل- بصدق نية- هذا الحديث الذي أقر مضجع الصالحين العارفين فكيف بحالنا نحن المقصرين المفرطين
– لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم – :
من حديثِ أبي هريرةَ – رضي الله عنه – : سمعتُ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- يقول :

" إنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقضى يومَ القيامةِ عليه رجلٌ استُشهِدَ ، فأُتِي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه فعرفها ، قال :
فما عَمِلتَ فيها ؟
قالَ : قاتلتُ فيكَ حتّى استُشْهِدتُ ، قالَ : كذبتَ ، ولكنَّكَ قاتلتَ ؛ لأنْ يُقَالَ : جَريءٌ ، فقد قيل ،
ثمَّ أُمِرَ به ، فسُحِبَ على وجهه ، حتى أُلقي في النَّارِ ،
ورجلٌ تعلَّم العلمَ وعلَّمه ، وقرأَ القُرآن ، فأُتِي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه فعرَفها ، قال :
فما عملتَ فيها ؟
قال : تعلَّمتُ العِلمَ وعلَّمتُه ، وقرأتُ فيكَ القرآنَ . قال : كذبتَ ، ولكنَّك تعلَّمتَ العلمَ ، ليُقال : عالمٌ ، وقرأتَ القرآنَ ليقال : قارئ ، فقد قيلَ ، ثمَّ أُمِر به ، فسُحِب على وجهه حتّى أُلقي في النّار ،
ورجلٌ وسَّع الله عليه ، وأعطاه من أصنافِ المال كلِّه ، فأُتي به ، فعرَّفه نِعَمَهُ عليه ، فعرفها ، قال :
فما عَمِلتَ فيها ؟
قال : ما تركتُ من سبيلٍ تُحبُّ أن يُنفقَ فيها إلاَّ أنفقتُ فيها لكَ ، قال : كذبتَ ، ولكنَّك فعلتَ ، ليُقالَ : هو جوادٌ ، فقد قيلَ ، ثمَّ أُمِر به ، فسُحب على وجهه ، حتى أُلقي في النار "

لمَّا بلغ معاويةَ هذا الحديثُ، بكى حتَّى غُشِي عليه ، فلمَّا أفاق ،
قال :
صدَقَ الله ورسولُه ، قال الله – تعالى- :
 {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّار}  .

اللهم ارزقنا من الأعمال أخلصها وأصوبها ولا تفتنا بسوء نيتانا
اللهم آمييين

المرجع:جامع العلوم والحكم للإمام ابن رجب الحنبلي – رحمه الله – بتصرف .
مع الاستعانة ببعض أقوال أهل العلم .

جزاك الله الجنه
يعطيك الف عافيه
حبيبتي
خليجية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شوق الاحبه خليجية
جزاك الله الجنه
يعطيك الف عافيه
حبيبتي

مشكورة على ردك وحضورك العطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.