هل يتوصل الإنسان إلى إبداع عقول صناعية؟
في الوقت الذي يزداد فيه حجم الشرائح الحاسوبية والمعلوماتية صغراً، يُصِّر فريق من الباحثين بمعامل شركة "هيوليت باكارد Hewlett Packard (HP)"، على تغير إدراكنا لمعنى كلمة "الصغر". فقد توصلوا اليوم إلى صنع "مرستورات memristors (دوائر كهربائية من نوع الذاكرة المقاومة Memory Resistor)*، ربما تُستَخدَم في أحد الأيام لخلق عقول صناعية.
صغير، ثم أصغر ثم أكثر صغراً…
بالنسبة للشخص غير المعتاد على استخدام الحاسوب أو الكاميرا الرقمية أو مٌشغِّل الموسيقى "آيبود iPod"، سيبدو هذا العالم الذي نتحدث عنه اليوم مختلفاً جداً له، مقارنة بذلك الشخص المعتاد على استخدام هذه التقنيات الحديثة. فتخيلوا استخدام جهاز حاسوب في حجم الإصبع أو جهاز "آيبود" رفيع مثل زر القميص! فعندما يتم تطبيق تقنية "المرستورات"، ستصبح القدرة الحاسوبية لهذه الأجهزة المعلوماتية متناهية الصغر، هائلة جداً.
فأن يصبح لدينا حواسب أصغر حجماً وأفضل قدرةً حلم أضحي اليوم واقعاً بالنسبة للغالبية العظمي من الفنين!
والآن، هل سنشهد عقلاً صناعياً؟
إن "المرستورات" قادرة على تخزين المعلومات حتى إذا كان التيار الكهربائي منقطعاً. باختصار، تمتلك مجموعة ثلاثية الأبعاد من المرستورات القدرة على معالجة المعلومات وتخزينها.
فهل تعلمون أن عقولنا مصنوعة من مرستورات، أي من وصلات عصبية حيوية قادرة على معالجة المعلومات وتخزينها؟ ولكن هل يعني ذلك أن الإنسان يمتلك حالياً الوسائل التقنية التي تٌمَكِّنه من إبداع عقول صناعية؟
نعم..هذا ما يعتقده صاحب نظرية "الذاكرة المقاومة أو المرستور"، الأستاذ "ليون أو شوا"، والذي يعتقد بشدة أن الإنسان يمتلك حالياً المواد الصالحة للبدء في صنع هذه العقول. فيقول:" لدينا ما تطلبه صناعة عقول حقيقية." وكان هذا العالم قد اخترع هذه التقنية في عام 1971، عندما كان يعمل بجامعة كاليفورنيا في مدينة بيركلي الأمريكية. وقام الأستاذ "ستان ويليامز" لاحقاً وبالتحديد في عام 2024 بتطبيق اختراعه في معامل الأبحاث التابعة لشركة "هيوليت باكارد".
وتعد المرستورات أيضاً تطويراً لمفهوم جهاز الحاسوب ذي الذاكرة الوميضية أو ذاكرة الفلاش* المقام على ترانزستور مشترك والمكون من مكعب عرضه من 30 إلى 40 نانومتراً. ويقول الأستاذ "ويليام" بأن المرستورات التي توصلوا إليها في معامل "HP" تعمل فقط بثلاثة نانومترات وتمكن إضاءتها وإطفاءها في نانوثانية واحدة، أي في جزء واحد من مليار جزء في الثانية. ويعتقد هذا البروفيسور أن مرستورات "HP" ستكون أفضل من منافساتها في غضون ثلاثة أعوام، بل وستواصل أيضاً تفوقها عليها.
*الذاكرة المقاومة" (بالإنجليزية: Memory Resistor أو Memristor) هو العنصر الذي ادّعى الأستاذ ليُن تشو Leon Chua أنه العنصر الرابع في الدوائر الإلكترونية بعد المقاومة و المكثف و الملف، وذلك في ورقة بحثية عام 1971.
*الذاكرة الوميضية (بالإنجليزية: Flash memory) أو كما تسمى أحيانا
ذاكرة فلاش، هي ذاكرة حاسوب غير متلاشية (Non-volatile)، قابلة للمسح وإعادة البرمجة بشكل رقمي.
دمتمفى حفظ الله