واذا استرجعنا احداث الماضي، لما وجدنا صعوبة في فهم الطريقة التي اخطأ فيها الاطباء في قراءة تأثير كلوريد الصوديوم على ضغط الدم.
ولكن هذه الاستراتيجية المناهضة للملح تحديداً قد تؤدي الى عواقب وخيمة لأن بعض الباحثين يقولون الآن ان تجنب الملح يخلق نفس التهديد الصحي الذي تحاول انت تجنبه، فان ضغط الدم قد يرتفع بسبب انخفاض مستويات البوتاسيوم والمغنيسيوم والكالسيوم.
وقد ثبت الآن ان تأثير تجنب الملح في خفض ضغط الدم اصبحت مثار جدل عنيف، فهي لا تعطي تأثيراً سوى على 5 نقاط، او لا شيء, ولا احد ينكر اهمية هذه النقاط الخمس على امراض القلب، ولكن التجارب للباحثين في كليات طب جامعة كورنيل وكلية طب البرت انتشتاين الذين تعقبوا العلاقة بين الملح وأمراض القلب جاءت مفاجئة، فقد تبين ان الطعام قليل الصوديوم ارتبط لدى اصحاب الضغط المرتفع بنفس المشكلة التي كان المقصود منه ان يقيهم منها.
من ناحية اخرى، فان مقدار الصوديوم الذي يحتاجه الجسم لأداء الوظائف الطبيعية لهذا العنصر وللحفاظ على مستوى ضغط الدم منتظماً يُعد مادة للنقاش المحتدم في اوساط الدوائر العلمية، ولدى بعض العلماء شعور بأنك تحتاج الى اكثر من 500ملغ يومياً من كلوريد الصوديوم او ملح الطعام، بينما يرى آخرون ان جسمك مجهز بصورة طبيعية للتعامل بسهولة مع 4000-5000ملغ يومياً دون مشاكل، ولا يزال آخرون يشيرون الى ان مقدار الصوديوم في جسمك في أي وقت يتحدد فعلياً على أي حال عن طريق هرمون الدستيرون، فلماذا اذن القلق بشأن الافراط في تناوله؟ ان تواجد قدر هائل من الصوديوم بالجسم، يجعل الكلى تعمل على اخراج الفائض منه، اما تناول قدر بالغ الضآلة منه، فسوف يجعلها حريصة على التأكد من الاحتفاظ بقدر كاف منه داخل الجسم، للقيام بوظائف مناطة به.
ومن الواضح، ان الأمر بحاجة لمزيد من البحوث لتحديد دور الصوديوم في الجسم، ولكن حتى يحدث هذا، كم يبلغ مقدار كلوريد الصوديوم الذي يمكنك ان تسمح به في طعامك؟
حسناً، لا تتعجل الأمور وتبدأ في التهام حساء الدجاج المملح بالشعيرية او الرنجة المحللة او اللانشون المصنع المحشو بالملح، فلا يزال في امكانك ان تتتمع بصحة جيدة باستعمال 2400-3000ملغ في طعامك يومياً، على حد قول د. مكارون من جامعة اوريجون للعلوم الصحية ببورتلاند، الذي امضى حوالي 15 عاماً يبحث في هذا الموضوع.
ويشار ان ملعقة صغيرة واحدة من ملح المائدة تحتوي على حوالي 2024ملغ من الصوديوم، ولا تنسى ان الطبيب قد يطلب منك الحد من الملح في بعض الحالات المرضية .