تبدأ حركات الجنين الأولى ما بين الأسبوع السابع ومنتصف الأسبوع الثامن وهي بالطبع حركة غير محسوسة لدى الأم، وعبارة عن حركة فجائية تستمر من ثانية إلى ثانيتين
متى تبدأ حركة الجنين؟ و ما هي أشكال هذه الحركة؟ ومتى تشعر بها الأم؟ وهل للجنين حواس؟ هل يشعر بالألم؟ هل ينام؟ هل يحلم؟ هل لديه قدرة على التعلم وهل لديه ذاكرة؟ وهل استثارة الجنين ظاهرة صحية؟ كثير من الأسئلة التي لم يكن ممكنا الإجابة عليها لولا التطورات الهائلة التي طرأت على أجهزة الالتراساوند.
تبدأ حركات الجنين الأولى- والتي تمكن الأطباء من مراقبتها- مابين الأسبوع السابع ومنتصف الأسبوع الثامن وهي بالطبع حركة غير محسوسة لدى الأم، وعبارة عن حركة فجائية تستمر من ثانية إلى ثانيتين وكأنها انتقال لجسم الجنين ككل، والذي يبلغ طوله(2سم) تقريبا في تلك الفترة من مكان لآخر، ويسبق حركة الجنين هذه نبضات قلبه التي يمكن مراقبتها خلال الأسبوع السادس تقريبا.
ومن هذه اللحظة تبدأ حياة الجنين العملية في رحم أمه، وفي كل يوم ينمو به الجنين تزداد حركاته تعقيدا وتتوظف أعضاؤه تدريجيا.
هذه الحركات تأخذ أشكالا متعددة، وقد ظن العلماء لفترة طويلة من الزمن بأن هذه الحركات تبدأ كردود فعل غير أنه تبين أنها تبدأ كحركات تلقائية وعفوية غير مخطط لها، وقد تكون هذه الحركات الابتدائية التي سبق الحديث عنها لمرة واحدة، أو كحركات متتالية يفصلها ثوان عن بعضها البعض، وتتطور ليبدأ الجنين بضم وفرد جذعه، وبعد ذلك ضم وفرد أطرافه وتحريك جسمه ككل بدون وضوح لحركة الأطراف.
وهذه الحركة الإجمالية للجسم تزداد قوة من الأسبوع الثامن – حيث تبدأ- حتى الأسبوع الثاني عشر فتتراوح بين القوة و الضعف. إلا أن أعظم ما يميزها أنها تعطي إيحاء بالثقة العالية التي يحتفظ بها هذا المخلوق الصغير لنفسه دائما.
ومن الحركات الطريفة التي يمكن مراقبتها والتي تبدأ مع الأسبوع التاسعن الحازوقة(Hiccup )، والتي يصاحبها انقباض في الحجاب الحاجز يمكن أن يراقبه الأطباء بحركات البطن والصدر، وعادة تتكرر الحازوقة عند الجنين بفترات زمنية متقاربة و ثابتة ونادرا ما تحدث لمرة واحدة فقط.
أما حركات الفم فهي متنوعة وفي غاية الروعة تبدأ بتحريك الفك بفتحه وإغلاقه، وحركات شبيهة للمضغ منذ منتصف الأسبوع العاشر تقريبا، ومن ثم التثاؤب في منتصف الأسبوع الحادي عشر والذي يبدأ بفتح الجنين لفمه، وإرخاء اللسان للأسفل ويبقى على هذا الوضع لمدة (ثانية إلى ثمان ثواني) حتى يعود لوضعه الطبيعي، وقد يتساءل البعض ما الذي يجعل الجنين يتثاءب؟!
إن السبب الذي يدفعنا نحن البالغين والأطفال للتثاؤب هو نفسه الذي يدفع هذا المخلوق الذي لا يتجاوز طوله السنتميترات القليلة للتثاؤب كذلك، وهو نقص الأكسجين المغذي للدماغ في حالات النعاس و الملل وقليلا ما يرتبط بالإرهاق. فيقوم الجسم بحركة لا إرادية للفم لتهيئة فرصة لاستنشاق أكبر نسبة أكسجين.
والتثاؤب ظاهرة قد ترتبط ببعض الحالات المرضية كفقر الدم، وبذلك هي صفة مشتركة بين الأجنة الأصحاء وغير الأصحاء.
أما المص والبلع فيمكن ملاحظته في منتصف الأسبوع الثاني عشر، وعندها يمكن مراقبة الجنين وهو يمص إصبعه أو يضع يده على وجهه، ويفرد ويضم أصابعه ويضع يد فوق الأخرى ويحرك بقدميه، ويتحرك بحركات بهلوانية و يمارس تمارينه الرياضية في محاولة منه لجذب انتباه أبويه، وليوصل رسالة صغيرة من محيطه الصغير بأنه إنسان بشخصية منفردة واحتياجات خاصة، حتى قبل أن يتم الثلث الأول من الحمل. وكلما اقترب الجنين من النهاية كانت تصرفاته أقرب ما يكون لتصرفات حديث الولادة.
وبالرغم من كل هذه الحركات والمشاكسات التي تبدأ في عمر رحمي صغير جدا، إلا أن الأم لا تشعر بها إلا ما بين الأسبوع السادس عشر والعشرين تقريبا. وما تشعر به الأم يشكل نسبة لا تذكر من حركات الجنين الذي ينام ويستيقظ ويمارس نشاطاته ويتحرك بمعدل خمسين حركة /ساعة بل أنه يمر بمراحل النوم التي نمر بها، فهو يشعر بالنعاس ويغرق بنوم عميق يحلم خلاله بأحلام تجعله يبتسم أو يمتعض، وفي كثير من الأحيان يغضب بل و يعقد حاجبيه، وهذا نراه في النوم واليقظة.
إن مراحل النوم هذه تتمحور وتأخذ شكلها النهائي مع تطورات الدماغ عند الجنين حتى تصبح مع اقتراب موعد الولادة متطابقة لتلك التي عند حديث الولادة.