تخطى إلى المحتوى

لماذا يدعو الانسان ولا يستجاب له 2024.

  • بواسطة
لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له ؟

——————————————————————————–

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا يدعو الإنسان ولا يستجاب له ؟
للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
وسئل فضيلة الشيخ : لماذا يدعو الإنسان ولايستجاب له ؟ والله عز وجل يقول : ( ادعوني أستجب لكم ) ؟فأجاب فضيلته بقوله : الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وأسأل الله تعالى لي ولإخواني المسلمين التوفيق للصواب عقيدة، وقولاً، وعملاً، يقول : الله عز وجل: ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عنعبادتي سيدخلون جهنم داخرين ) . ويقول : السائل : إنه دعا الله عز وجل ولم يستجب الله له فيستشكل هذا الواقع مع هذه الآية الكريمة التي وعد الله تعالى فيها من دعاه بأن يستجيب له والله سبحانه وتعالى لا يخلف الميعاد. والجواب على ذلك أن للإجابة شروطاً لابد أن تتحق وهي:الشرط الأول: الإخلاص لله عز وجل بأن يخلص الإنسان في دعائه فيتجه إلى الله سبحانه وتعالى بقلب حاضر صادق في الجوء إليه عالم بأنه عزوجل قادر على إجابة الدعوة، مؤمل الإجابة من الله سبحانه وتعالى.الشرط الثاني: أن يشعر الإنسان حال دعائه بأنه في أمسِّ الحاجة بل في أمس الضرورة إلى الله سبحانه وتعالى وأن الله تعالى وحده هو الذي يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، أما أن يدعو الله عز وجل وهو يشعر بأنه مستغن عن الله سبحانه وتعالى وليس في ضرورة إليه وإنما يسأل هكذا عادة فقط فإن هذا ليس بحري بالإجابة.الشرط الثالث: أن يكونمتجنباً لأكل الحرام فإن أكل الحرام حائل بين الإنسان والإجابة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين " فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ) . وقال تعالى: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً ) . ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يطيل السفر أشعت أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب ومطعمه حرام، وملبسه حرام، وغذيبالحرام. قال النبي صلى الله عليه وسلم: " فأنى يستجاب له". فاسبتعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يستجاب لهذا الرجل الذي قام بالأسباب الظاهرة التي بها تستجلب الإجابة وهي
:أولاً : رفع اليدين إلى السماء أي إلى الله عز وجل لأنه تعالى في السماء فوق العرش، ومد اليد إلى الله عز وجل من أسباب الإجابة كما جاء في الحديث الذي رواهالإمام أحمد في المسند : " إن الله حي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهماصفراً".
ثانياً : هذا الرجل دعا الله تعالى باسم الرب " يا رب يا رب " والتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة ، لأن الرب هو الخالق المالك المدبر لجميع الأمور فبيده مقاليد السماوات والأرض ولهذا تجد أكثر الدعاء الوارد في القرآن الكريم بهذا الاسم: ( ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفرعنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار . ربنا وآتنا ماوعدتنا على رسلك ولا تخزنا يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد . فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض ).. فالتوسل إلى الله تعالى بهذا الاسم من أسباب الإجابة
.ثالثاً : هذا الرجل كان مسافراً والسفر غالباً من أسباب الإجابة لأن الإنسان في السفر يشعر بالحاجة إلى الله عز وجل والضرورة إليه أكثر ما إذا كان مقيماً في أهله، وأشعث أغبر كأنه غير معني بنفسه كأن أهم شيء عنده أن يلتجىء إلى الله ويدعوه على أي حال كان هو سواء كان أشعث أغبرأم مترفاً، والشعث والغبر له أثر في الإجابة كما في الحديث الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا عشية عرفة يباهي الملائكة بالواقفين فيها يقول : " أتوني شعثاً غبراً ضاحين من كل فج عميق" .
هذه الأسباب لإجابة الدعاء لم تجد شيئاً، لكون مطعمه حراماً ، وملبسه حراماً ، وغذي بالحرام،قال النبي صلى الله عليه وسلم : " فأنى يستجاب له " فهذه الشروط لإجابة الدعاء إذا لم تتوافر فإن الإجابة تبدو بعيدة، فإذا توافرت ولم يستجب الله للداعي، فإنما ذلك لحكمة يعلمها الله عز وجل ولا يعلمها هذا الداعي، فعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم وإذا تمت هذه الشروط ولم يستجب الله عز وجل فإنه إما أن يدفع عنه من السوء ما هو أعظم، وإما أن يدخرها له يوم القيامة فيوفيه الأجر أكثر وأكثر، لأن هذا الداعي الذي دعا بتوفر الشروط ولم يستجب له ولم يصرف عنه من السوء ما هو أعظم، يكون قد فعلالأسباب ومنع الجواب لحكمة فيعطى الأجر مرتين مرة على دعائه ومرة على مصيبته بعدم الإجابة فيدخر له عند الله عز وجل ما هو أعظم وأكمل.ثم إن المهم أيضاً أن لا يستبطىء الإنسان الإجابة، فإن هذا من أسباب منع الإجابة أيضاً كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل". قالوا كيف يعجل يا رسولالله؟ قال: " يقول : " دعوت ودعوت ودعوت فلم يستجب لي" . فلا ينبغي للإنسا أن يستبطىء الإجابة فيستحسر عن الدعاء ويدع الدعاء بل يلح في الدعاء فإن كل دعوة تدعو بها الله عز وجل فإنها عبادة تقربك إلى الله عز وجل وتزيدك أجراً فعليك يا أخي بدعاء الله عز وجل في كل أمورك العامة والخاصة الشديدة واليسيرة، ولو لم يكن من الدعاء إلا أنه عبادة لله سبحانه وتعالى لكان جديراً بالمرء أن يحرص عليه. واللهالموفق.

بارك الله فيك واعانك على الخير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.