أحمد العلاونة
نهج بعض الشعراء على إثبات صور لهم في كتبهم، أو إهدائها لأصدقائهم، وتحتها أو على ظهرها أشعار لهم تدل على صورهم أو أفكارهم، فكان فعلهم هذا رسماً بالكلمات، بيد أن بعضهم
نهج بعض الشعراء على إثبات صور لهم في كتبهم، أو إهدائها لأصدقائهم، وتحتها أو على ظهرها أشعار لهم تدل على صورهم أو أفكارهم، فكان فعلهم هذا رسماً بالكلمات، بيد أن بعضهم قد رسم صور الغير من أصدقائهم وأحبابهم بأشعار كتبوها تحت صورهم أو على ظهرها، لا تخلو من طرائف وفوائد.
ومن أمثلة ذلك ما كتبه الشاعر العراقي إسماعيل حقي فرج (1892-1948م) على صورة ليث بن إبراهيم الواعظ على صورة ليث:
صورة ليث قد زهت
ما بين كل الصور
إني توسمت بها
سيماء مقدام جرى
يجتلب النفع كم
يدفع كل الضرر
وذاك – أرخ – بين
(الليث) شبل القسور
وما كتبه الباحث والأديب زاهر أحمد عبيد تحت صورة والده التي أثبتها في مقدمة كتابه (أمين التراث العربي العلامة احمد عبيد) مادحاً له ومفاخراً به:
وفيت لآباء طواهم زمانهم
وكنت لهم من ذلك الطي تنشر
تراثاً وأخلاقاً وعلماً ومذهباً
إلى أن طويت العمر زرعاً يثمر
فخلفت لي عهداً ودرباً وعدةً
تدوم ولم يخز القديم المؤخر
وكتب الشاعر العراقي صالح البدري (1893-1943) تحت صورة أستاذي وصديقي اللغوي الأديب الشاعر صبحي البصام:
مخايل دقت في محياه خلتها
رموزاً ولكن بالشهامة تنطق
وخبر البيت أن صالحاً البدري كان جالساً مع والد الأستاذ صبحي البصام سنة 1937، فرأى الأستاذ صبحي يحمل صورته قصداً إلى صونها بإطار وزجاج، فنظر فيها وعمل بيته المذكور، ودونه تحت صورته. وعندما بدأت المراسلات بيني وبين الأستاذ البصام سنة 1989 طلب مني صورتي، فلما أرسلت بها ذكر لي هذا البيت وقال: «وهو بيت يصدق في صورتك». ومن طريف ما يروى في هذا الشأن أن الأديب والشاعر إبراهيم الحوراني (1844-1916م) كان في زيارة الفيكونت فيليب دي طرازي صاحب تاريخ (الصحافة العربية) فرأى الحوراني رسماً صغيراً لكريمة طرازي (حنينة) وكانت في سن العاشرة، فكتب على الرسم هذا البيت:
حنينة صورها ربها
بديعة كالقمر المسفر
فاطلع عليه سعيد الشرتوني (1849-1912م) صاحب معجم (أقرب الموارد) فكتب البيت الثاني:
قد كتب الحسن على وجهها
يا أعين الناس قفي وانظري
واطلع عليهما عبدالله البستاني (1854-1930م) صاحب معجم (البستان) فكتب هذا البيت:
فوجهها قال لأحداقها
إني فتان فأنت اسحري
واطلع على الثلاثة خير الدين الزركلي (1893-1976م) صاحب كتاب (الأعلام) فكتب:
قد أوحت الشعر على أربابه
لما بدت كالملك الأطهر
واطلع على الأربعة حليم دموس (1888-1957م) صاحب كتاب (المثالث والمثاني)، فهنأ والدها بها خاتماً الأبيات بقوله:
عاشت لفيليب سليل العلا
من ذكره كالأرج الأعطر
ومن طريف ما يروى أيضاً ما كتبه الشاعر إلياس قنصل على رسم جورج صيدح يداعبه:
صيدح في صورة
راغبة لو لم تكنه
قيل صفها قلت يكفي
أنها أقبح منه
فرد صيدح:
عيروا رسمي وقالوا
فيه قولاً لم يشنه
إن يكن أقبح مني
فأنا أجمل منه
لم أضع في الظل حسن
الأصل لا لم أأتمنه
روعة الشاعر سر
قلت للرسام صنه
واستعن بالفن في
تجميل غيري وأعنه
رب رسم قنصلي
جاحظي إن تزنه
لا تدع في رسمه
ما يشبه المنقول منه
وكتب أسعد رستم تحت رسم محام معروف:
أخذ المحامي رسمه وبجيبه
يده وذلك ليس مبداه
ولكان ذاك الرسم أصدق منظراً
لو صوروا يده بجيب سواه
وكتب الشاعر يحيى توفيق حسن تحت صورة الصحفي الأديب محمد صادق دياب، مشيداً بحفاظه على المبادئ والقيم والأخلاق الحميدة:
أبلى وأحسن لا غنى ولا سجعا
إن الكبير كبير حيثما وضعا
إن جار دهر فلم يخشع ولا جزعا
أو جاد دهر أغاث الأهل أو نفعا
إذا الجميع لأهل المال قد خضعوا
نأى وقام ولا طاطا ولا خضعا
وأن ينالوا بذل النفس منزلة
كان الأبي لغير الله ما ركعا
فاسعد بفكرك لا عيش بلا تعب
جهد الكريم نقاء الوجه إن قنعا
*نقلا عن "المجلة العربية"
مشكوره ع الطرح الراقي
على طرح ــكـ دئماً متميز .. من الأفضـل للأفضل
أح ـترامى وتقديرى لكـ
تقبل مرورى البسيط فى ج ــمال موضوعكـ