تخطى إلى المحتوى

كيف ربى القرآن أمهات المؤمنين ؟ متجد بإذن الله 2024.

  • بواسطة
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رأيت هذا الموضوع في احد المنتديات فاعجبني فاحبت ان انقله لكم بإذن الله تستفيدو منه

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد:

فهذه وقفات مع جملة من الآيات الواردة في سورة الأحزاب والتي تتصل بتربية القرآن أزواج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تربية رفيعة؛ ذلك أن البيوت الرفيعة والنفوس الشريفة يليق بها نوع خاص من التربية التي تترفع بصاحبها عن سفاسف الأمور ودنيء الخلال إلى أرقى مراتب الكمال البشري الممكن لأمثاله ، فتسمو همته وتزكو نفسه وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم .

وهذه الآيات المشار إليها هي قول الله تعالى :{ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا* وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا* إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا* وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } [(32-36) سورة الأحزاب].

الوقفة الأولى: مع قوله: { يَا نِسَاء النَّبِيِّ }: حيث خاطبهن بهذا النداء المقتضي إصغاء المخاطب وتهيؤه لتلقي ما خوطب به .
الوقفة الثانية: أنه أضافهن إلى النبي – صلى الله عليه وسلم -، وفي هذا من رفع أقدارهن وتشريفهن ما فيه، إضافة إلى ما يشعر به من سمو التعاليم التي سيوجهها لهنَّ؛ نظراً لعلو مرتبتهن .

الوقفة الثالثة: مع قوله : { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء }: ذلك أن نفي المشابهة هنا يقتضي نفي المساواة، فكنى به عن الأفضلية على غيرهن ، وهذا بالقيد بعده وهو في:

الوقفة الرابعة: مع قوله: { إِنِ اتَّقَيْتُنَّ }: فهذا الشرط متعلق بما قبله على الأرجح، وجوابه دل عليه ما قبله في قوله { لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء }: والمعنى – والله أعلم – إن اتقيتن فأنتن أفضل من غيركن .
ومعلوم أن كونهن أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – لا يقتضي تفضيلهن على غيرهن؛ لأن القرآن دلَّ على ذلك كما في آخر سورة التحريم، وهو قول الله تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ} [(10) سورة التحريم]، فمن الغلط جعلُ صحبةِ الأشراف دافعةً للعقاب على الإسراف .

الوقفة الخامسة: وهو أن في قوله: { إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } : دلالة على التحريض كما تشعر به الصيغة ، ومعلوم أن فعل الشرط هنا مستعمل في الدلالة على الدوام، أي: إن دمتن على التقوى، ومعلوم أن نساء النبي – صلى الله عليه وسلم – كن متقيات قبل نزول هذه الآية .

الوقفة السادسة: مع قوله: { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } : فهذا النهي عن الخضوع بالقول جاء عقب الإشارة إلى شرفهن وفضلهن على غيرهن إن تحلين بالتقوى، ومجيء هذا النهي بعدما سبق مع دخول الفاء المشعرة بالتعليل يدل على أن خضوع المرأة بكلامها مع الرجال الأجانب أمرٌ يتنافى مع الشرف والتقوى كما لا يخفى .

الوقفة السابعة: أصل معنى الخضوع هو التذل، وأطلق هنا على الرقة في الكلام لمشابهتها التذل، وعليه فما حاجةُ المرأة المسلمةِ لذلك ؟

الوقفة الثامنة: الباء في قوله : { بِالْقَوْلِ }: يجوز أن تكون للتعدية، أي: لا تُخْضِعن القول، أي تجعلنه خاضعاً ذليلاً، أي رقيقاً مفكاً، وقد أسند الخضوع إليهن أنفسهن؛ لأن التفك والتميع في القول يؤثر على تفك القائل كما لا يخفى .

الوقفة التاسعة: في قوله: { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} : فالفاء هنا مرتبة على ما سبق، ترتب النتيجة على السبب؛ إذ إن تميع المرأة في كلامها مع الرجل الأجنبي يؤدي إلى انصراف القلوب المريضة إليها وطمع أصحابها بأمرٍ هو من أغلى ما تحافظ عليه المرأة وتزين به ، ألا وهو عفتُها وشرفها.
ومن المعلوم أن الطمع أكثر ما يستعمل في كلام العرب في الأمر الذي يقرب حصوله، وقد يستعمل بمعنى الأمل، ولهذا يقولون لمن أمَّل أمراً بعيد الوقوع : طمع في غير مطمع.وعليه فإن المرأة التي تخضع في كلامها مع الرجال الأجانب إنما تُحرك النفوس المريضة نحوها حيث يأملون تحصيل مطلوباتهم الرخيصة منها، فالمرأة بطبيعتها جبل الله نفوس الرجال على الميل إليها، فإذا صاحب هذه الجبلة داعٍ آخر من الكلام الرقيق الرخو، أو التزين أمامهم أو غير ذلك فإن ذلك الميل الجبلي يقوى ويزداد عند من لا يراقب الله -عز وجل-.

الوقفة العاشرة: أصل المرض : اختلال نظام المزاج البدني من ضعف القوة، والمراد به هنا : اختلال الوازع الديني ، والله المستعان.

الوقفة الحادية عشرة: أنه قال: { فَيَطْمَعَ الَّذِي..}: فحذف متعلق الفعل، ولم يقل: (فيطمع فيكن) مثلاً؛ ذلك لتنزههن وتعظيم شأنهن، وهذا له نظائر في القرآن ليس هذا موضع ذكرها .

الوقفة الثانية عشرة: في قوله: { وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا }: أَمَر بعد أن نهى، فهو من باب التخلية قبل التحلية، وهو الأكمل؛ ذلك أن المقصود هو الفعل لا الترك، والنفوس خلقت لتفعل لا لترك، وإنما الترك مقصود لغيره، كما قر ذلك شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية – رحمه الله -.

والحاصل أنه لما أمرهن بالتقوى التي من شأنها التواضع ولين الكلام نهاهن عن الخضوع بالقول، ثم أمرهن بعد ذلك بالقول المعروف .

الوقفة الثالثة عشرة: في أن قوله: { وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا } : احتراس؛ لئلا يفهمن أن المراد المبالغة في الخفض حتى يكون كحديث السرار، أو الخشونة في الرد والمخاطبة بالغلظة والجفاء.

الوقفة الرابعة عشرة : القول المعروف يشمل هنا الألفاظ والأسلوب، أما الألفاظ فيراعى فيها ثلاثة أمور:

‌أ) أن لا تكون غليظة منكرة تؤذي السامع . ‌
ب) أن لا تكون رقيقة لا تصلح في مخاطبة الرجال الأجانب كقولها مثلاً: فديتك، أو (علشاني..) أو نحو ذلك كما يفعل بعض النساء مع الباعة ونحوهم . ‌
ج) أن يكون الكلام قدر الحاجة دون زيادة، والأصل في هذا قول زوج إبراهيم -عليه السلام- حينما بشرها الملائكة بالولد: { عَجُوزٌ عَقِيمٌ } [(29) سورة الذاريات]، فذكرت علتين يبعد معهما الولد وهما: كبر السن والعقم .
فالواجب على المرأة المسلمة أن لا تطيل في كلامها مع الرجال الأجانب ، وإنما تقل الكلام ما أمكن .
وأما الأسلوب فلا تتميع في كلامها، ولا ترق العبارات وتكلم بكلام ناعمٍ مع رجل أجنبي، وإنما تتكلم بكلام جزل مختصر لا ترخيم فيه، فلا تخاطب الرجال الأجانب كما تخاطب زوجها.

كيف ربى القرآن أمهات المؤمنين؟

الشيخ د/ خالد بن عثمان السبت – حفظه الله –

يتبع

خليجية
خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.