تخطى إلى المحتوى

فن صناعة العلاقات المميزة 2024.

فن صناعة العلاقات المميزة

——————————————————————————–

للعلاقت شأن عظيم في حياة البشر، إذ لا يستطيع المرء أن يستغني بنفسه عن غيره، كما أن كثيراً من الأفكار المتواضعة تُروَّج ويتم تسويقها وتبلغ مبلغاً عظيماً بسبب العلاقات
إن كثيراً ممن لا قيمة لهم ولا وزن بين العقلاء والحكماء والأذكياء يتقدمون على غيرهم لا لشيء إلا لكونهم أصحاب علاقات متميزة
لهذا فإننا ندعو أصحاب التأثير النافع وصناع الحياة الكريمة أن لا يهملوا هذا الميدان ولا يفروا من هذا المضمار، إذ أنه باب واسع مهم يمكنهم الولوج منه إلى ساحات فسيحة للتأثير
وإذا أردت أن تقيم علاقة مع الآخرين فإننا توصيك بطريقة
(SMILE)
وهي عبارة عن خمس وصايا مجموعة في هذه الكلمة، وهي كالتالي
ابتسم (S: smile)
صافح (M: make shake)
عرِّف نفسك (I : introduce)
تعرف على الطرف الآخر (L : learn)
طالعه بعينك (E : Eye contact)
*******
النصائح الخمس سالفة الذكر يمكن الاستفادة منها لمن يريد أن يعطي انطباعاً جيداً عنه في أقل من ثلاثين ثانية، ومن ثم يستطيع الولوج بهذا الانطباع إلى قلوب الآخرين ليقيم معهم علاقات جيدة. كما يحسن بنا الإشارة إلى عشر وصايا رئيسة في صناعة العلاقات المتميزة، وهذه الوصايا هي
1.
اجعل علاقاتك مع الآخرين خالصة لله تعالى، وكن صادقاً فيها أميناً عليها، وتجنب الخداع والنفاق، واحذر لبس الأقنعة المزيفة فسرعان ما يتم كشفها وإماطتها لتعرى أقوالك وأفعالك وتنكشف سوءة أخلاقك وسلوك، وصدق زهير بن أبي سلمى حينما قال
ومهما تكن عند امرىء من خليقة
وإنْ خالها تخفى عن الناس تُعْلَمِ
2.
لا بد أن تكون لك أهداف واضحة من كل علاقة تصنعها، فالأمر ليس عبثاً ولا مضيعة للوقت
3.
ليس كل علاقة هي علاقة مهمة ومؤثرة، وبمعنى آخر أن العلاقات متفاوتة من حيث الأهمية والتأثير، لذا ينبغي تحديد العلاقات المؤثرة في مشروعك التأثيري، والتركيز عليها، وإعطاؤها الأولوية والأهمية، وهذا ما دعا إليه العالم الإيطالي باريتو في قاعدته الشهيرة: قاعدة 20/80.. حيث إن 20% من العلاقات تحقق لك 80 % من النتائج التي تريد، لذا لا تضيع وقتك في علاقات غير مؤثرة، واجعل 80% من جهدك ومالك وقتك.. وليس فقط 20% يُصرف في العلاقات المهمة والنافعة والمؤثرة في هندسة الحياة
4.
إذا أردت اختصار الوقت فابحث عن المنابر الجماهيرية التي توصلك إلى عدد كبير من الناس في وقت قصير ومن خلال جهد يسير، مثل: التلفزيون، الصحافة، والإنترنت، والإذاعة، المحاضرات الجماهيرية، الخطب، أشرطة الكاسيت، الكتب، وغيرها
5.
من المهم التعرف على عدد كبير من الناس وتكوين علاقات عامة معهم، ولكن الأهم من ذلك توطيد هذه العلاقات واستثمارها لصالح مشروعك التأثيري، فكم من الناس لديهم علاقات واسعة مع الرؤساء والوزراء والتجار والعلماء والخبراء وأصحاب النفوذ والوجاهة وغيرهم، ولكنهم لم يستثمروا هذه العلاقات يوماً من الأيام ولم يوجهوها لتخدمهم في صناعة الحياة وإحداث التأثير، بل ليس لديهم القدرة على ذلك، فالعلاقة التي بينهم وبين الآخرين علاقة هشة ضعيفة غير موطدة ولا موجهة ولا مهدفة، فهؤلاء إنما يخدعون أنفسهم ويضيعون أوقاتهم ويضحكون على ذقونهم
6.
احذر أن تُشْعِر الأطراف الذين تقيم العلاقة معهم بأن علاقتك هذه هي علاقة مصالح فقط، بل ينبغي أن يشعروا بأنك حريص عليهم وعلى مصالحهم، وأن علاقتك هذه هي علاقة إنسانية أخوية حميمة وإن كان يرافقها بعض المصالح
7.
من يريد صناعة الحياة فعليه أن يصنع لنفسه شخصية قوية، لذا لا يجوز له أن يحط من قدره أو أن يضعف من شخصيته لتذوب وتضمحل عند من يود صناعة العلاقات معهم، وصدق حسان بن ثابت رضي الله عنه إذْ يقول
قومٌ إذا حاربوا ضرُّوا عدوَّهم
أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
إن كان في الناس سبَّاقون بعدهم
فكل سبْقٍ لأدنى سبقهم تَبَعُ
8.
المال عنصر مهم في صناعة العلاقات، إذ قد تحتاج إلى مال لتسوق نفسك عند الآخرين، كما أنك إذا استطعت أن تجعل من علاقتك مع المؤثرين سبباً في زيادة أموالهم فقد خطوت خطوات سريعة تجاه استثمار هذه العلاقة لصالح مشروعك التأثيري، حيث وجدنا أن أقرب الناس إلى أصحاب القرار والمتنفذين هم الذين ينمُّون لهم أموالهم، وإن كانوا أقل الناس قدراً وعلماً وشأناً
9.
إن الناس يهتمون بك أكثر عندما تُشعرهم باهتمامك بهم، لذا احرص على تحية الآخرين بحرارة، ومصافحتهم بقوة وحماس، وسلِّم عليهم بطريقة تشعرهم أنك مسرور بلقائهم، بل وأشعرهم دائماً أنهم مهمون بالنسبة لك
10.
إن التعبير الذي يرتسم على وجهك أهم كثيراً من الملابس التي ترتديها
*******

الفارغون أكثر ضجيجاً

——————————————————————————–

إذا مرَّ القطار وسمعت جلبة لإحدى عرباته فاعلم أنها فارغة، وإذا سمعت تاجراً يحرّج على بضاعته وينادي عليها فاعلم أنها كاسدة
إن كل فارغ من البشر والأشياء له جلبة وصوت وصراخ، أما العاملون المثابرون فهم في سكون وقار؛ لأنهم مشغولون بناء صروح المجد وإقامة هياكل النجاح
*******
إن سنبلة القمح الممتلئة خاشعة ساكنة ثقيلة، أما الفارغة فإنها في مهب الريح لخفتها وطيشها، وفي الناس أناس فارغون مفلسون أصفار رسبوا في مدرسة الحياة، وأخفقوا في حقول المعرفة والإبداع والإنتاج فاشتغلوا بتشويه أعمال الناجحين، فهم كالطفل الأرعن الذي أتى إلى لوحة رسّام هائمة بالحسن، ناطقة بالجمال فشطب محاسنها وأذهب روعتها
هؤلاء الأغبياء الكسالى التافهون مشاريعهم كلام، وحجهم صراخ، وأدلتهم هذيان لا تستطيع أن تطلق على أحدهم لقباً مميّزاً ولا وصفاً جميلاً، فليس بأديب ولا خطيب ولا كاتب ولا مهندس ولا تاجر ولا يُذكر مع الموظفين الرواد، ولا مع العلماء الأفذاذ، ولا مع الصالحين الأبرار، ولا مع الكرماء الأجواد، بل هو صفر على يسار الرقم، يعيش بلا هدف، ويمضي بلا تخطيط، ويسير بلا همة، ليس له أعمال تُنقد، فهو جالس على الأرض والجالس على الأرض لا يسقط، لا يُمدح بشيء، لأنه خال من الفضائل، ولا يُسب لأنه ليس له حسّاد
*******
وفي كتب الأدب أن شاباً خاملاً فاشلاً قال لأبيه: يا أبي أنا لا يمدحني أحد ولا يسبني أحد مثل فلان فما السبب؟ فقال أبوه: لأنك ثور في مسلاخ إنسان، إن الفارغ البليد يجد لذة في تحطيم أعمال الناس ويحس بمتعة في تمريغ كرامة الرّواد، لأنه عجز عن مجاراتهم فرح بتهميش إبداعهم، ولهذا تجد العامل المثابر النشيط منغمساً في إتقان عمله وتجويد إنتاجه ليس عنده وقت لتشريح جثث الآخرين ولا بعثرة قبورهم، فهو منهمك في بناء مجده ونسج ثياب فضله
إن النخلة باسقة الطول دائمة الخضرة حلوة الطلع كثيرة المنافع، ولهذا إذا رماها سفيه بحجر عادت عليه تمراً، أما الحنظلة فإنها عقيمة الثمر، مشؤومة الطلع، مرة الطعم، لا منظر بهيجاً ولا ثمر نضيجاً
*******
السيف يقص العظام وهو صامت، والطبل يملأ الفضاء وهو أجوف، إن علينا أن نصلح أنفسنا ونتقن أعمالنا، وليس علينا حساب الناس والرقابة على أفكارهم والحكم على ضمائرهم، الله يحاسبهم والله وحده يعلم سرّهم وعلانيتهم، ولو كنا راشدين بدرجة كافية لما أصبح عندنا فراغ في الوقت نذهبه في كسر عظام الناس ونشر غسيلهم وتمزيق أكفانهم
التافهون وحدهم هم المنشغلون بالناس كالذباب يبحث عن الجرح، أما الخيّرون فأعمالهم الجليلة أشغلتهم عن توافه الأمور كالنحل مشغول برحيق الزهر يحوّله عسلاً فيه شفاء للناس، إن الخيول المضمرة عند السباق لا تنصت لأصوات الجمهور، لأنها لو فعلت ذلك لفشلت في سباقها وخسرت فوزها
*******
اعمل واجتهد وأتقن ولا تصغ لمثبّط أو حاسد أو فارغ.. هبطت بعوضة على نخلة، فلما أرادت أن تطير قالت للنخلة: تماسكي أيتها النخلة فأنا سوف أطير، فقالت النخلة للبعوضة: والله ما شعرت بك يوم وقعت فكيف أشعر بك إذا طرتِ؟
تدخل الشاحنات الكبرى عليها الحديد والجسور وقد كتبوا عليها عبارة: خطر ممنوع الاقتراب، فتبتعد التكاسي والسياكل ولسان حالها ينادي: لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، الأسد لا يأكل الميتة، والنمر لا يهجم على لعزة النفس وكمال الهمة، أما الصراصير والجعلان فعملها في القمامة وإبداعها في الزبالة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.