ومنن هذه العلامات : الموت بالغرق والهدم، إن من مات صابراً فهو شهيد، أو من مات وهو على إسلامه فى حالة من هاتين الحالتين فهو شهيد.
قال كما فى الصحيحين : " الشهداء خمسة : المطعون الذى – هو مرض بالطاعون – والمبطون – يعنى من مات بمرض فى بطنه هذا شهيد – والغرق وصاحب الهدم – يعنى من سقط عليه بناء – والشهيد فى سبيل الله" (1)
من هذه العلامات وهى بشارة لكل امرأة مسلمة تموت وهى تلد أو تضع ولدها أو حتى بعد الوضع فى النفاس، فمن علامات حسن الخاتمة إن ماتت المرأة فى نفاسها بسبب ولدها انظر لفضل الله على هذه الأمة، فى الحديث الذى رواه أحمد والدرامى وصحح إسناده شيخنا الألبانى- رحمه الله تعالى- من حديث عبادة بن الصامت أن النبى عاد عبد الله بن رواحة، أى زاره وهو مريض فما تحوز له عن فراشه أى ما تنحى له عبادة عن فراشه فقال : " أتدرى من شهداء أمتى ؟ " قالوا : قتل المسلم شهادة قال " إن شهداء أمتى إذن لقليل، قتل المسلم شهادة، والطاعون شهادة، والمرأة يقتلها ولدها جمعاء شهادة –اسمع هذه العبارة الجميلة – يجرها ولدها بسرره إلى الجنة هذه كرامة" (2).
أيضاً من العلامات : الموت بداء السل قال : " القتل فى سبيل الله شهادة ، والنفساء شهادة، والحرق شهادة والغرق شهادة والسل شهادة، والبطن شهادة "(3) والحديث رواه الطبرانى فى الأوسط وقال شيخنا الألبانى – رحمه الله : وفيه مندل بن على، وهو متكلم فيه وقد وثق قلت – والكلام للشيخ الألبانى – رحمه الله : ولكن يشهد له
حديث راشد بن حبيش الذى سبق الإشارة إليه فى علامة من العلامات السابقة، ورجاله موثوقون وحسنه المنذرى وله شاهد آخر فى المجتمع أى عند الهيثمى.
أيضاً من هذه العلامات : الموت فى سبيل الله، فى حال الرباط فى سبيل الله،
قال كما فى صحيح مسلم وغيره : " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذى كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتَّان "(1)
وفى لفظ فى زيادة عند الإمام الطبرانى قال : " وبعث يوم القيامة شهيداً " هذا هو المرابط فى سبيل الله.
وقال كما فى سنن أبى داود والترمذى بسند صححه الألبانى : " كل مين يختم على عمله إلا الذى مات مرابطاً فى سبيل الله، فإنه ينمَّى له عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر " (2)
هناك حديث عن النبى قال : " إذمات ابن آدام انقطع عمله إلا من ثلاث " (3)
وأنا أظن أنه لابد من ذكر هذا الحديث فهو قيد لهذا الحديث المطلق، ولا شك أن الجمهور على وجوب حمل المطلق على المقيد، إذا اتفقا فى الحكم، والسبب.
العلامة الأخيرة من علامات حسن الخاتمة : الموت على عمل صالح :
ففى مسند أحمد بسند صحيح فى حديث حذيفة من أن النبى قال : " من قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله ، وختم لها بها دخل الجنة، ومن صام يوما ابتغاء وجه الله، وختم له به دخل الجنة ، ومن تصدق بصدقة ابتغاء وجه الله وختم له به دخل الجنة"(1)
أى عمل طاعة من الطاعات، توفق إلى هذا العمل وتموت على هذا العمل فهذه علامة من علامات حسن الخاتمة قال " إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله " قيل : كيف يستعمله يا رسول الله ؟ قال : " يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه" (2)
هذه أعظم علامات حسن الخاتمة ، فشتان شتان بين رجل يموت على طاعة وبين رجل يموت على معصية .
قال الحافظ ابن كثير : لقد أجرى الله الكريم عادته بكرمه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، نسأل الله أن يتوفانا جميعاً على طاعته، وأن يرزقنا وإياكم التوبة، قبل الموت، ونظق الشهادة عند الموت، والجنة بعد الموت إنه على كل شيئ قدير. أكتفى بهذا القدر فى باب علامات حسن الخاتمة ، لأنتقل إلى حكم آخر من هذه الأحكام ألا وهو :
ثناء الناس على الميت :
الثناء بالخير على الميت من المسلمين الصادقين، ليس من المنافقين. الشهادة المعتبرة من المسلمين الصادقين، والشهادة بالخير والثناء بالخير على ميت المسلمين الصادقين.
وأقل المسلمين اثنان، لو شهد اثنان فقط من جيرانه، أو من معارفه من ذوى الصلاح. هذه الشهادة وهذا الثناء بالخير، يوجب للميت الجنة – هذا الحكم شديد جداً، وهناك من الأدلة عن الصادق المصدوق – وانظر : أولهم اثنان، تصور لو شهد اثنان بالخير والثناء الحسن فهو من أهل الجنة.
عن أنس – رضى الله عنه – والحديث فى الصحيحين وغيرهما قال: مروا بجنازة على النبى فأثنوا عليها خيراً، فقال المصطفى : " وجبت " ومروا بجنازة أخرى فأثنوا عليها شرا فقال " وجبت " قال عمر : يا رسول الله ما وجبت ؟ قال " أما الأولى أثنيتم عليها عليها خيراً، فوجبت لها الجنة، وأما الثانية أثنيتم عليها شراً فوجبت لها النار، فأنتم شهداء الله فى الأرض "(1)
شيخنا الألبانى – رحمه الله – ذكر بعض الروايات والزيادات فى هذه الرواية، ذكر زيادات رائعة جميلة : من بين هذه الزيادات قال : وفى رواية : " والمؤمنون شهداء الله فى الأرض " قال تعالى فى سورة مريم : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} (96) مريم.
قال ابن عباس : أى محبة فى قلوب عباده المؤمنين، الود لا يقذف إلا فى قلب مؤمن. المنافقون يبغضون المؤمنين، خذ هذه القاعدة : لا يبغض المؤمن إلا منافق، والدليل : قال والحديث فى صحيح البخارى ومسلم : " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف " (2)
قال الإمام الخطابى – رحمه الله : نقل ذلك عنه الحافظ ابن حجر فى الفتح قال : فالمؤمن يحنَّ للمؤمن ، والمنافق يحنًَّ للمنافق.
ذكر ابن القيم لطيفة عجيبة من لطائف القلوب: لو دخل مؤمن مجلساً لا يعرف فيه أحد، تراه يحن إلى أحد الجلوس، فيقرب منه، ويجلس إلى جواره هكذا يحدث ، تقابل أخاً تقول له: أين رأيتك كأنى أعرفك قبل ذلك، وتجد هناك رباط أرواح ورباط قلوب، ثم تجد واحداً دون أن تكلمه أو تسمعه أو يعاملك أنا لست مسترح لهذا الرجل ده، فإن دخل المجلس يحن للمؤمن إلى المؤمن، ولو دخل منافق لجلس إلى جوار منافق.
هذه أرواح " الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف".
لم يقل : الأجساد {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} نجد الذى يدافع عن المؤمنين مؤمن، والذى يشن الحرب على المؤمنين ، وعلى الدعاة والعلماء الصادقين، منافق خبيث مريض القلب، انظر إلى حذيفة أمين سر النبى يقول : لو خلت الأرض من المنافقين لاستوحشتم فى الطرقات.
ومعنى ذلك أن الأرض إذا نظفت من المنافقين نخاف أن نمشى فى الشارع، وشعرت أنه ليس هناك أحد غيرك، وتسير وحدك هذا دليل على كثرة المنافقين، وقلة المؤمنين لو خلت الأرض من المنافقين وهلكوا لاستوحشتم فى الطرقات، النفاق خبيث، هذا يهودى هذا فاسق معروف إنما المنافق يدخل بيتك يكلمك، سيتكلم بلسانك، يلبس زيك ولبسك مثلما قال النبى " رجال من جلدتنا ويتكلومون بألسنتنا" (1)
حيدر الفاسق المجرم الخبيث – خذ كل كلمات اللغة ومترادفات اللغة – يظهر فى جريدة ومجلة قذرة نجسة، تعزف على وتر الدعارة على أنه المبدع حيدر حيدر مبدع؟ الذى يصف القرآن بأنه خراء، وبأن النبى زير النساء، ويصف رب العزة بأنه فنان فاشل مبدع ؟ شىء غريب هذا مبدع ؟ المرتد الخبيث يسب رب العزة ، الذات الإلهية أصبح مبدعاً.
ولم لا ونحن فى زمن الإبداع فى الكفر ، والردة صار المرتد الخبيث مبدعاً، وصار الداعية مضطهداً متهماً يُتكلم فيه، وتُجرح صورته، ويُنتهك عرضه.
لكن على أى حال ذكرت لبعض إخواننا من الدعاة هذا هو منهج الدعوة والدعاة، وهذا هو طريق الأنبياء ائتونى بنبى لم يُبْتَل من أول آدم إلى محمد صلوات الله عليهم أجمعين.
لم يبعث الله نبياً واحداً من الأنبياء والرسل إلا وقد تعرض للابتلاء الذى تنوء بحمله الجبال الرواسى هذا هو منهج الدعوة والدعاة.
النبى محمد سيد الأنبياء، وأشرف الأنبياء، وخير الأنبياء، اتهم بالجنون، وبالسحر، وبالنساء، اتهم بالكهانة، واتهم بالشعر، وطرد ، ووضعت النجاسة على ظهره، ووضع التراب على رأسه، واتُهم فى طهارة بيته، وهو الطاهر الذى فاضت طهارته على العالمين، فيمن ؟ فى عائشة – رضى الله عنها – التى أحبها من كل قلبه النبى .
فحينما تقام الحرب على الدعاة وعلى المؤمنين من المنافقين فهذا أمر طبيعى، بل أنا أقول كما ذكرت لأحد إخوانى من الدعاة، أرجو الله – عز وجل – أن تكون هذه شهادة؛ لقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُواْ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ {وَإِذَا مَرُّواْ بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمُ انقَلَبُواْ فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاء لَضَالُّونَ} 29/32المطففين
المجرمون يشيرون إلى المؤمنين بالضلال : { أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} (56) النمل.
هذا منطق التحلل والفجور فى كل زمان ومكان؛ لأنهم يريدون الفسق والدعارة والانحلال والزنا، ولا يريدون للطهر وأهله أن تكون لهم كلمة.
النبى يقول : " أنتم شهداء الله على الأرض " قال : " المؤمنون شهداء الله على الأرض" (1)
وهناك رواية جميلة جداً ذكرها الشيخ – رحمه الله – قال وفى الرواية : " إن ملائكة تنطق على ألسنة بنى آدم بما فى المرء من الخير والشر"
فى الحقيقة لأول مرة أقف على هذه الراوية، وكنت أظن ضعفها، فتعجبت لهذه الرواية : " إن الملائكة تنطق على ألسنة بنى آدم بما فى المرء من الخير والشر" نسأل الله أن سيترنا بستره الجميل.
عن أبى الأسود قال : أتيت المدينة وقد وقع بها مرض، وهم يموتون موتاً ذريعاً، فجلست إلى عمر بن الخطاب – رضى الله عنه – فمرت جنازة، فأثنى خيراً أو فأُثْنىَ
فقال : عمر وجبت. فقلت : ما وجبت يا أمير المؤمنين ؟ قال : قلت كما قال
النبى أسمع – ماذا قال النبى " أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة " قلنا: وثلاثة يا رسول الله ؟ قال : " وثلاثة " قلنا : " واثنان " قالت : " واثنان " قال الصحابة : ثم لم نسأله فى الواحد وليتهم سألوه (1)
قال : " ما من مسلم يموت، يموت فيشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الأدنين – أى المقربين منهم – أنهم لا يعلمون منه إلا خيراً "(2)
بارك الله فيكم ووفقكم الله اما يحبه ويرضاه يوجد جزء اخير نكمله ان شاء الله في وقت قريب
علامات حسن الخاتمة وثناء الناس على الميت للشيخ محمد حسان
موضوع رائع و متميز
جزاكى الله خيرا يالغالية