تخطى إلى المحتوى

ضغوط الحياة تلاحق رومانسية الأزواج 2024.

استيقظ كل يوم في الصباح الباكر…اعد الفطور لزوجي وأبنائي …أوصلهم مدارسهم ثم أذهب إلى عملي الذي أحاول انجازه سريعا لأعود مهرولة إلى البيت قبل عودة الأبناء ..
في طريق عودتي من العمل أمر على الأسواق….أبتاع ما يحتاجه البيت من الخضر و الفواكه و غيرها ، ثم أعود إلى البيت لأبدل ملابسي في ثوان معدودة لأدخل " المطبخ " أعد الطعام سريعا و أقوم بتنظيف البيت و ترتيبه ريثما يعود الأبناء من مدارسهم …

بعد ساعة على الأكثر ، يعود الأبناء كل من مدرسته …يتناولون الغداء ثم أجلس معهم لاستذكار ما درسوه خلال يومهم الدراسي …و بالطبع لا يخلو يوم من مشاحنات الأبناء و صراخهم و خلافاتهم الصغيرة التي لا تنتهي ! وعندما يحل المساء ، يعود زوجي من الخارج ، خائر القوى منهك الجسد بعد أن أضناه يوم طويل شاق في ظل مصاعب لا تعد و مطالب لا تنتهي و غلاء لا يرحم …

يتناول زوجي عشاءه ثم يدلف إلى سريره لينام، وعندما أحاول أن أحادثه أو أبث إليه وجعي وهمي من متاعب البيت و الأبناء أو حتى مشكلة مررت بها أثناء العمل يحكم الغطاء جيدا على رأسه حتى لا يسمعني لأنه متعب للغاية و ليس في حالة "مزاجية" جيدة تسمح له بالاستماع إليّ ! على الرغم من أن هذه الحالة المزاجية تمتد معه طوال أيام الأسبوع و يوم الإجازة !

ووسط هذا و كله يقولون "الحب بين الأزواج" و "الرومانسية" و "السعادة الزوجية" …الخ هذه المصطلحات التي غدت من مخلفات التاريخ !

أين زوجي ؟
هذه الشكوى باتت متكررة من الزوجات العاملات و كذلك غير العاملات اللاتي عندما استطلعت آراؤهن قالت أكثرهن " أين زوجي؟"، فسناء عبد الله – 33 عاما مهندسة كمبيوتر – تقول: " أنا بالكاد أرى زوجي، فمبالك بالحديث معه " و عندما سألتها عن السبب قالت لي: " كلانا يعمل ورديتين باليوم لنسدد الديون و الأقساط المتراكمة علينا منذ الزواج حيث إنني تزوجت منذ 5 سنوات و من يومها و أنا وزوجي مكبلين بأعباء الديون ، و فوق هذا و كله لدينا ثلاثة أبناء صغار لهم مطالبهم و احتياجاتهم الدراسية و المعيشية المختلفة ، الأمر الذي يتطلب مني أنا وزوجي أن نعمل بدوام كامل يوميا و أحيانا في أيام الإجازات …فمن أين نجد وقتا للرومانسية و الكلام الجميل الذي يحتاج ذهنا صافيا ووقتا كافيا؟ " .

أما شيرين عطا – 29 سنة ربة بيت – قالت: " كل ما أتمناه الآن هو أن أجد وقتا لأتناول الغداء مع زوجي، و تحدثيني عن الرومانسية ! ..فأنا لست بامرأة عاملة و ليس لدي من الأبناء سوى اثنين فقط، وزوجي يعمل "وردية" واحدة فقط في اليوم ، لكنه فور انتهاء دوامه يذهب إلي " القهوة " ليقابل أصدقائه و يظل معهم حتى ساعات الصباح الأولى و لا يعود إلى البيت إلا لتبديل ثيابه للذهاب إلى العمل ، حتى شككت أنه قد يكون متزوج بأخرى! " وتضيف: "من ناحيتي لا أقصر تجاهه أو تجاه أبنائي لكنني فعلا محرومة من الرومانسية التي لا أجدها إلا في الأفلام و المسلسلات فقط و لا أعلم إذا كان هناك أحدا ممن حولي يتمتع بها فعلا! " ، وبكثير من الآسي تتساءل هناء موسي – 39 سنة ممرضة بإحدى المستشفيات الخاصة – : " ما المقصود بالرومانسية أساسا ؟؟ هل كلام الهيام و الغرام و غيرهما …نحن أقصي أمانينا إطعام الصغار وتوفير ثمن إيجار البيت و المياه و الكهرباء و غيرها …و هذا هو حال الملايين غيرنا من الأسر المطحونة ، و عندما يجد هؤلاء طعاما يأكلونه ممكن يبحثوا عن الحب و الرومانسية المفقودة في حياتهم!" .

حاجة نفسية
الدكتور حازم سعيد – استشاري بالطب النفسي و مدرس علم النفس بكلية الآداب جامعة الزقازيق – علق على الموضوع قائلا : " إن حاجة إلى الرومانسية و الحنان و العطف ممن حولها حاجة نفسية و غريزية متأصلة لديها منذ نعمة أظفارها، لذا تجدها تداعب العرائس و تعتني بها و هي لا تزال صغيرة بعد، و دائما الفتيات يحلمن بالفارس الذي يختطفهن من بيوتهن ، و يمطرهن بوابل من الرومانسية و الهيام و الغرام ، غير أنهن بعد الزواج يصدمن بالأمر الواقع ، أنه لا رومانسية و عواطف هنالك ، و إنما أعمال متواصلة ومواعيد للزوج لا تنتهي على حد قول العديد من الزوجات بحيث لا تجد الزوجة في نهاية المطاف ما يسد "رمقها" العاطفي ، فتفتر علاقاتها بزوجها أو تحيل حياته جحيما !

…ونحن بالطبع لا نستطيع أن نلق باللوم على الزوج "المطحون" غالبا في توفير متطلبات أسرته اليومية ، في ظل ما نعيش فيه من غلاء مستمر في الأسعار ، وارتفاع تكلفة جميع السلع و الخدمات ، فضلا عن موجات البطالة التي تطال العاملين و غير العاملين بحيث قد يجد الزوج نفسه فجأة و قد فقد وظيفته بسبب إغلاق مؤسسته أو إفلاسها أو لأي سبب آخر ، وفي ظل هذه الإحباطات اليومية التي يجدها الزوج بالطبع لا يتمكن من مغازلة زوجته أو التعبير عن عواطفه تجاهها ، وهو الأمر الذي تقدره بعض الزوجات و يلتمسن العذر له ، لكن هذا التقدير أحيانا ما لا يدوم طويلا بسبب ما ذكرته سابقا من حاجة بطبيعتها الى هذا الجانب العاطفي …وحتى لا نجني على طرف على حساب الآخر ، أطالب الزوجين بإفساح مساحة أكبر فيما بينهما للرومانسية في حياتهما ، حتى ولو كانت بكلمة بسيطة أو هدية صغيرة وربما بالكف عن الشجار أيضا ! . أما الدكتورة نعمات جابر – مدير مركز "عطاء" المعني بفض النزاعات الأسرية – فتقول : " هناك نقطة جوهرية يغفلها العديد من الأزواج و الزوجات و هي أن الرومانسية ليست شيئا معقدا لهذه الدرجة ، فهي ليست دائما سفرا و نزهات بالأيام وورود مثل أيام الخطوبة ، لكنها أبعد و أعمق و ربما أبسط من ذلك أيضا ، فكلمة ثناء و حب من الزوج إلى زوجته أو قبلة على جبين الزوج قبل مغادرته إلى العمل ربما يكون لها مفعول السحر بينهما

ومن إحدى المشكلات " العجيبة " التي وردت أثناء عملي كمستشار اجتماعي بالمركز ، أن زوجين في نهاية الخمسينات أتيا إلى و هما على حافة الطلاق ، و عندما بحثت عن السبب وجدت أن الزوجين كانا معتادين على تخصيص يوم " الجمعة " لتناول العشاء بالبيت على ضوء الشموع و الكلمات الرقيقة المتبادلة بينهما ، و أنهما ظلا محافظين على هذه العادة الجميلة لسنوات طويلة، غير انه و بسبب مشاغل الأبناء وتدرجهم في مراحل التعليم المختلفة ثم زواجهم ، تشاغل الزواجان و أهملا المداومة على هذه العادة الرائعة بينهما ، و هما لا يدريان حتى أن سبب خلافاتهما الحقيقية هو جبال الثلوج التي تراكمت عليهما على مر السنوات لتخليهما عن بعض العادات الحميمة التي اعتادا عليها في مشوار العمر الطويل …" .

وتختتم قائلة: " من واقع خبرتي و عملي الطويل في مجال الاستشارات الأسرية ، أنصح الأزواج ألا يقضوا على مساحات الحب و الرومانسية و الكلمات الطيبة المتبادلة بينهما ، و لاسيما الأزواج الذين يفقد أغلبهم القدرة على العطاء العاطفي بعد سنوات قليلة للغاية من الزواج و ربما بعد أشهر قليلة أيضا ، وربما يكون السبب في ذلك أن الزوج يشعر بالإشباع العاطفي فور الزواج و استقرار سفينة حياته و يتطلع لأمور أخرى متعلقة بالعمل أو غيرها ، فيما تظل الزوجة – ومهما بلغت درجة مسئولياتها و تدرجها الوظيفي – في حاجة دائما إلى التعبير عن الحب و الحنان من جانب زوجها ، وهذا لا يعنى أننا نلقي بالمسئولية على الأزواج فقط ، فالزوجات مطالبات أيضا بأن يهيأن لأزواجهن الجو اللازم في البيت من لمسات أنوثة خاصة سواء في الثياب أو في المفروشات أو غيرها ، فلا يعقل أن نطالب الزوج بان يعبر لزوجته عن هيامه و غرامه بها و هما يعومان في بركة من الفوضى و الإهمال و الأطباق الملقاة بالأيام في الأحواض وثياب الأبناء المختلطة بجوارب الأب و ثياب الأم

خليجية
خليجية

والله عندك حق ..اين زوجى؟؟؟؟
معظمنا يتسائل ….

مشكورة حبيبتي عالموضوع الجميل
خليجية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.