عمرو بن العاص
عمرو بن العاص (573م51 قبل الهجرة-664م43 ه) واسمه عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سهم القرشي السهمي، كنيته أبو عبد الله, كانت أمه تلقب بالنابغة, تزوجهالعاص بن وائل السهمي فولدت له ابنه عمرو. وتزوجت أمه أزواجا آخرين فكان لعمرو بن العاص أخوة من أمه هم عروة بن أثاثة العدوي, وعقبة بن نافع بن عبد القيس الفهري.
كان عمرو بن العاص داهية من دهاة العرب، وصاحب رأي وفكر، وفارساً من الفرسان, أرسلته قريش إلى الحبشة ليطلب من النجاشي تسليمه المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة فرارا من الكفّار وإعادتهم إلى مكة لمحاسبتهم وردهم عن دينهم الجديد فلم يستجب له النجاشي.
إسلامه
دخل الإسلام سنة ثمانية للهجرة بعد فشل قريش في غزوة الأحزاب، وقدم إلى المدينة المنورة مع خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة مسلمين بعد مقاتلة الإسلام.
أوصافه
كان قصير القامه، قوي البنيه، مرن الأعضاء تعود جسمه إحتمال المشقه، وقد ساعده ذلك علي أن يبرز في أفانين الفروسيه والضرب بالسيف، وكان عريض الصدر واسع ما بين المنكبين، له عينان ثاقبتان سريعتا التأثر بحالته سواء كان غاضبا أو فرحا، وفوقهما حاجبان غزيران ,وكان أدعج (شديد سواد العين) وأبلج (أبيض ما بين الحاجبين)، ودون ذلك فم واسع، وكان يخضب لحيته بالسواد، وكان وافر الهامه، وجهه ينم عن القوة من غير شده وتلوح عليه لائحة البشر والإنس، وكان خطيبا بليغا محبا للشعر ويطرب له .
المصدر كتاب فتح مصر د. الفرد ميلر
عمرو قائداً حربيا
كانت أولى المهام التي أسندت له عقب إسلامه، حينما أرسله الرسول "صلى الله عليه وسلم" ليفرق جمعاً لقضاعة يريدون غزو المدينة، فسار عمرو على سرية "ذات السلاسل" في ثلاثمائة مجاهد، ولكن الأعداء كانوا أكثر عدداً، فقام الرسول "صلى الله عليه وسلم" بإمداده بمائتين من المهاجرين والأنصار برئاسة أبي عبيدة بن الجراح وفيهم أبو بكر وعمر، وأصر عمرو أن يبقى رئيساً على الجميع فقبل أبو عبيدة، وكتب الله النصر لجيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص وفر الأعداء ورفض عمرو أن يتبعهم المسلمون، كما رفض حين باتوا ليلتهم هناك أن يوقدوا ناراً للتدفئة، وقد برر هذا الموقف بعد ذلك للرسول حين سأله انه قال " كرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مد فيعطفوا عليهم، وكرهت أن يوقدوا ناراً فيرى عدوهم قلتهم " فحمد الرسول الكريم حسن تدبيره.
بعد وفاة الرسول "صلى الله عليه وسلم" وفي خلافة أبي بكر "رضي الله عنه"، قام بتوليته أميراً على واحداً من الجيوش الأربعة التي اتجهت إلى بلاد الشام لفتحها، فانطلق عمرو بن العاص إلى فلسطين على رأس ثلاثة ألاف مجاهد، ثم وصله مد أخر فأصبح عداد جيشه سبعة ألاف، وشارك في معركة اليرموك مع باقي الجيوش الإسلامية وذلك عقب وصول خالد بن الوليد من العراق بعد أن تغلب على جيوش الفرس، وبناء على اقتراح خالد بن الوليد تم توحيد الجيوش معاً على أن يتولى كل قائد قيادة الجيش يوماً من أيام المعركة، وبالفعل تمكنت الجيوش المسلمة من هزيمة جيش الروم في معركة اليرموك تحت قيادة خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم وتم فتح بلاد الشام، انتقل بعد ذلك عمرو بن العاص ليكمل مهامه في مدن فلسطين فتح منها غزة، سبسطية، ونابلس ويبني وعمواس وبيت جيرين ويافا ورفح.
كان عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" إذا ذُكر أمامه حصار "بيت المقدس" وما أبدى فيه عمرو بن العاص من براعة يقول: لقد رمينا "أرطبون الروم" "بأرطبون العرب".
ولاية مصر
خلال خلافة عمر بن الخطاب ولاه قيادة جيوش في فلسطين والأردن بعد موت يزيد بن أبي سفيان ثم كلفه قيادة الجيش الذاهب لفتح مصر فتحها. وأمّره الخليفة عثمان بن عفان عليها لفترة ثم عزله عنها ولّى عبد الله بن سعد العامري, وكان ذلك بدء الخلاف بين عمرو بن العاص وعثمان بن عفان.
عاد بعدها عمرو إلى المدينة المنورة.
دوره في معركة صفين
بعد أن قتل عثمان بن عفان سار عمرو بن العاص إلى معاوية بن أبي سفيان وشهد معه معركة صفين ولما اشتدت الحرب على معاوية أشار عليه عمرو بن العاص بما عرف عليه من دهاء بطلب التحكيم ورفعت المصاحف طلبا للهدنة. ولما رضي علي بن أبي طالب بالتحكيم، وُكّل عمرو بن العاص حكما عن معاوية بن أبى سفيان كما وُكّل أبو موسى الأشعري حكما عن علي بن أبي طالب.اتفق الحكمان أن يجتمع من بقي حياً من العشرة المبشرين بالجنة ويقروا مصير قتلة عثمان، ولم يكن قد بقي منهم إلا سعد بن أبي وقاص وعلي بن أبي طالب وسعيد بن زيد. وهذا القرار لم ينفذه علي. ثم إن معاوية أرسله على جيش إلى مصر فأخذها من محمد بن أبي بكرثم ولاه معاوية على مصر.
وفاته
توفي في مصر وله من العمر ثلاث وتسعون سنة ودفن قرب المقطم. ونقل الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء عن وفاته: «لما احتضر عمرو بن العاص قال كيلوا مالي فكالوه فوجدوه اثنين وخمسين مدا فقال من يأخذه بما فيه يا ليته كان بعرا[1]»، «ثم أمر الحرس فأحاطوا بقصره فقال بنوه ما هذا فقال ما ترون هذا يغني عني شيئا»
«قال عمرو بن العاص عجبا لمن نزل به الموت وعقله معه كيف لا يصفه فلما نزل به الموت ذكره ابنه بقوله وقال صفه قال يا بني الموت أجل من أن يوصف ولكني سأصف لك اجدني كأن جبال رضوى على عنقي وكأن في جوفي الشوك وأجدني كأن نفسي يخرج من إبرة» وقال «حين احتضر اللهم إنك أمرت بأمور ونهيت عن أمور تركنا كثيرا مما أمرت ورتعنا في كثير مما نهيت اللهم لا إله إلا أنت ثم أخذ بإبهامه فلم يزل يهل حتى فاض رضي الله عنه» و«جزع عمرو بن العاص عند الموت جزعا شديدا فقال ابنه عبد الله ما هذا الجزع وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدنيك ويستعملك قال أي بني قد كان ذلك وسأخبرك إي والله ما أدري أحبا كان أم تألفا ولكن أشهد على رجلين أنه فارق الدنيا وهو يحبهما ابن سمية وابن أم عبد فلما جد به وضع يده موضع الأغلال من ذقنه وقال اللهم أمرتنا فتركنا ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك فكانت تلك هجيراه حتى مات»
وذكر أبو العباس المبرد أنه لما حضرت الوفاة عمرو دخل عليه ابن عباس فقال: «دخلت على عمرو بن العاص وقد احتضر، فدخل عليه عبد الله بن عمرو فقال له: يا عبد الله، خذ ذلك الصندوق، فقال: لا حاجة لي فيه، قال إنه مملوء مالاً، قال: لا حاجة لي به، فقال عمرو: ليته مملوء بعراً قال: فقلت: يا أبا عبد الله، إنك كنت تقول: أشتهي أن أرى عاقلاً يموت حتى أسأله كيف يجد فكيف تجدك قال: أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض وأنا بينهما، وأراني كأنما أتنفس من خرت إبرةٍ، ثم قال: اللهم خذ مني حتى ترضى. ثم رفع يديه فقال: اللهم أمرت فعصينا، ونهيت فركبنا فلا بريء فأعتذر، ولا قوي فأنتصر، ولكن لا إله إلا الله ثلاثاً، ثم فاظ.»
[1]»قال والمد ست عشرة أوقية الأوقية مكوكان