لماسافر موسى إلى الخضر وجد في طريقه مس الجوع
والنصب فقال لفتاه (( آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا ))
فإنه سفر إلى مخلوق ، ولما واعده ربه ثلاثين ليلة وأتمها بعشر فلم يأكل فيها
لم يجد مس الجوع ولا النصب فإنه سفر إلى ربه تعالى .وهكذا سفر القلب ومسيره إلى ربه
لايجد فيه من الشقاء والنصب مايجده في سفره إلى بعض المخلوقين
المسافر إلى الله و السائر إليه يسير بقلبه لابجسده يسير وقلبه منير بالتوحيد لأنه نَفَس
لإنسان وقلبه الذي ينبض ومتى استقر التوحيد في عُمق الروح وخالط الجسد، تحركت
الجوارح فسكنت النفس، واستيقظ الضمير، وانتعش الفكرواطمئن العبد لكل ما يكتبه الله له
ونظر إلى الأمور بعين البصيرة كيف لا والتوحيد والمعرفة الصادقة بالرب تهذب
وجدان المسلم فتصلح حاله وترفعه عن سفاسف الأمور
وتفتح عليه أنوارالعلم النافع فتسموروحه وبقدر السمو يسري الحب
ويفيض الولاء ويكون العطاءفيعيش حياة طيبة مستشعرنعم ربه وحُسن ثقته به التي ماتلبث
أن تنموفي حنايا القلب فتزداد سُقياها بدوام الذكر.