عندما كنا صغارا كان حلمنا أن نصل إلى ذلك المكتب، وأن نجلس على كرسيه وبالخلف منا السبورة المليئة بجدول الضرب الذي كان أبغض الحلال عندنا… كنا ننتظر خروج الأستاذ حتى نجرب الجلوس عليه أمام جيش من التلاميذ الصغار، في قسم تملؤه الفوضى وينتفض غباره مرفوقا بضجيج طفولي يصل إلى الأقسام المجاورة… الأمر ذاته كان يتكرر حينما يتأخر الأستاذ عند الدخول أو يبقى مع الأساتذة والمدير لدقائق في الساحة الفارغة، بعدما تركنا فيها مزبلة من علب البسكويت وأوراق الحلوى… كان ذلك المكتب حلمنا، أو رهاننا الذي نتنافس للوصول له في يوم من الأيام…
لم نكن بعد ندرك معنى "التعليم"، فقد كنا ننتظر فترة الاستراحة أكثر مما نشتاق للدراسة، لكننا كنا جميعا نحاول الجلوس عليه، مهما كان الثمن، فكانت حتى ألعابنا في الأزقة الشعبية عبارة عن مدرسة مصغرة، يجلس فيها جميع أطفال الحي في إحدى عتبات البيوت الواسعة، يترأسهم أحد "المجتهدين" الذي يلقنهم الحروف الأبجدية: ألف، باء،…. يكررها "تلاميذه" بكل ما أوتوا من قوة، وسرعان ما ينتهي الدرس بمجرد نداء إحدى الأمهات من السطوح أو من إحدى النوافذ…
وصلت أخيرا للمكتب، وجلست عليه أمام جيش جديد من الصغار الذين يحملقون في باستغراب ، لكن كان الطعم مختلفا، كان طعم رسالة ومسؤولية ألقيت على عاتقي كانت في الأمس القريب حلما أقرب إلى الخيال…
لم نكن بعد ندرك معنى "التعليم"، فقد كنا ننتظر فترة الاستراحة أكثر مما نشتاق للدراسة، لكننا كنا جميعا نحاول الجلوس عليه، مهما كان الثمن، فكانت حتى ألعابنا في الأزقة الشعبية عبارة عن مدرسة مصغرة، يجلس فيها جميع أطفال الحي في إحدى عتبات البيوت الواسعة، يترأسهم أحد "المجتهدين" الذي يلقنهم الحروف الأبجدية: ألف، باء،…. يكررها "تلاميذه" بكل ما أوتوا من قوة، وسرعان ما ينتهي الدرس بمجرد نداء إحدى الأمهات من السطوح أو من إحدى النوافذ…
وصلت أخيرا للمكتب، وجلست عليه أمام جيش جديد من الصغار الذين يحملقون في باستغراب ، لكن كان الطعم مختلفا، كان طعم رسالة ومسؤولية ألقيت على عاتقي كانت في الأمس القريب حلما أقرب إلى الخيال…
م/ن