تخطى إلى المحتوى

خطورة ربط المعدة احذروا منها 2024.

  • بواسطة
خطورة ربط المعدة..احذروا منها..

خليجية

يقول أندرو بوريلإنه مرّ في العام الماضي بأسوأ لحظة في حياته عندما كان في مطبخ الثانوية. في طريقه للجلوس إلى طاولته، وفي صينيته حصة إضافية من وجبة الغداء المفضلة لديه، رأته إحدى المعلمات وسألته بصوت عالٍ: «هل أنت واثق من أن عليك تناول حصتين؟». فأجهش أندرو في البكاء وكان طوله في ذلك الوقت 1.64 متر ووزنه 118 كيلوغراماً.

يتذكر هذا التلميذ (في الصف العاشر ويعيش بالقرب من شارلوتسفيل، فرجينيا): «مرّت أوقات شعرت فيها بأنني لا أستطيع الاستمرار». بعمر الخامسة عشرة، كان بوريل جرّب حميات متعددة، وتسجل في برامج رياضية وشارك في مخيمات للتخفيف من البدانة، لكن ذلك كله كان بلا جدوى، فأصبح مقتنعاً بأن جراحة خسارة الوزن التي حولت مظهر صديق للعائلة هي أمله الوحيد. فسعى مع أمه الى الحصول على المساعدة.

علقت والدته شيريل بوريل: «كان علي القيام بذلك لأجله مهما كان الثمن». لكن عندما اتصلت هذه المديرة التنفيذية، تعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات بالمستشفيات، لإيجاد جراح قد يصغّر حجم معدة أندرو، من حجم برتقالة كبيرة إلى حجم بيضة، قيل لها إنه صغير جداً على الخضوع لهذه الجراحة، ويمكنه إجرائها عندما يصبح في الثامنة عشرة.

قلقت بشأن وزنه المتزايد، ضغط دمه المرتفع، انقطاع تنفسه أثناء النوم، قالت بوريل إنها لا تعتقد أن ابنها يستطيع الانتظار ثلاث سنوات. أثناء تصفحها الانترنت بدقة عثرت على الجراح إيريك بينار، في ريستون، فرجينيا، الاختصاصي في جراحة «ربط المعدة». بخلاف جراحة تحويل مجرى المعدة، التي تشمل تدبيس المعدة وتغيير مجرى الأمعاء، جراحة ربط المعدة قابلة للإلغاء وهي تشمل استعمال رباط قابل للتعديل يفصل المعدة إلى قسمين ويصغرها.

في سبتمبر (أيلول) الماضي، أصبح أندرو أصغر مريض يعالجه بينار. ومنذ ذلك الحين أجرى الأخير جراحات لأربعة فتيان آخرين دون الثامنة عشرة… هؤلاء الشبان هم جزء من مجموعة رائدة من مراهقين مفرطي البدانة يخضعون لجراحات تخفيف الوزن بصفتها ملاذهم الأخير لخسارة الوزن. وهذه الجراحة المخصصة لمن لديهم زيادة في الوزن بمعدل 45 كيلوغراماً أو أكثر، ازدادت رواجاً في صفوف البالغين في الولايات المتحدة، من 14 ألفاً عام 1998 إلى 178 ألفاً تقريباً عام 2024.

خطيرة جداً:على رغم أن قلة من الأطباء أجرت هذه الجراحة لأولاد ومراهقين، بعضهم يتخطى وزنه الـ318 كيلوغراماً، رأى كثيرون آخرون أن جراحات تخفيف الوزن خطيرة جداً وصعبة بالنسبة إلى من هم دون الـ18. قدرت دراسة أجريت عام 2024 أن 2744 مراهقاً خضع لجراحة لخسارة الوزن ما بين عامي 1996 و2017، وهو رقم زاد أكثر من ثلاثة أضعاف ما بين عامي 2024 و2017. قلق أطباء كثيرون حيال هذه الجراحة لأنها تتطلب التزاماً على مدى الحياة بحمية غذائية صارمة، وقد تتسبب بنقص خطير في المواد المغذية، حتى أنها قد تؤدي إلى الموت في حالات نادرة.

لكن يبدو أن هذا القلق يختفي تدريجاً. متأثرين بتحسن تقنيات ودراسات تجرى على مستوى البالغين وتظهر أملاً أطول بالحياة وتخفض من نسبة الإصابة بداء السكري من النوع الثاني وغيره من المشاكل، خفف بعض المناهضين البارزين لخضوع الأولاد والمراهقين للجراحة من حدة مقاومته واعتراضاته. في الوقت عينه، تموّل معاهد الصحة الوطنية في الولايات المتحدة دراسة عن جراحة تحويل المعدة تشمل 200 مراهق، فيما أن إدارة الأغذية والأدوية ترعى تجربة على جراحة ربط المعدة لدى مرضى تتراوح أعمارهم ما بين الـ14 والـ17.

يشير المشككون إلى أنهم يشعرون بحيرة بسبب احتمال أن إجراء جراحة في وقت مبكر؛ قبل أن تصبح سنوات النظام الغذائي غير المتوازن والضرر في الأيض في أسوأ مراحلها؛ قد يفيد إلى حد كبير بعض المراهقين مفرط البدانة الذي لم يجنِ أي فائدة من العلاجات الأخرى. عززت هذه الآمال دراسة صغيرة نشرت في الشهر الماضي في مجلة Pediatrics وكشفت عن تراجع في داء السكري من النوع الثاني في صفوف 10 من أصل 11 مراهقاً خضع لجراحة تحويل المعدة.

زيادة مستمرة: يعزز عاملان آخران ضرورة إعادة تقييم جراحات تخفيف الوزن: الزيادة المستمرة في معدل البدانة لدى الأولاد، وإخفاق العلاج السلوكي الذي يشمل مزيجاً من الحمية والعلاج بالتحدث والتمارين الرياضية. يذكر أن معدل إخفاق العلاجات السلوكية يصل إلى 95%.

إيفان نادلر مدير برنامج الجراحات التي تجرى لدى الأولاد بأقل قدر من الشق، في جامعة نيويورك، ويشارك في دراسة ربط المعدة التي تجريها إدراة الأغذية والأدوية، يوضح في هذا المجال: «نعرف أن الأكثرية الساحقة من مراهقين يعانون من بدانة مميتة يصابون ببدانة مميتة لاحقاً، وأن العلاج الطبي والسلوكي لا ينفعهم. هؤلاء الأولاد مرضى فعلاً، ونستطيع معالجتهم بالسبيل الأفضل الذي نعرفه أي الجراحة، التي تعتبر الآلية الوحيدة للتوصل إلى خسارة ملحوظة ومستدامة في الوزن».

كيرت نيومان، المسؤول عن الجراحات في المركز الطبي الوطني للأولاد في واشنطن، كان يعتبر حتى وقت ليس ببعيد جراحات تخفيف الوزن «أمراً خاطئاً نوعاً ما، خصوصاً لدى الأولاد». لكن بتشجيع من اختصاصيين في معالجة البدانة في المركز، وفي مواجهة عدد متزايد من الأولاد في الثالثة عشرة ويصل وزنهم إلى 137 كيلوغراماً، وفي مجتمع فيه واحد من أعلى معدلات البدانة لدى الأولاد، أعاد نيومان النظر في رأيه. وها هو يوظف اختصاصياً في جراحات تخفيف الوزن في معهد البدانة الجديد الخاص بالأولاد.

بدوره خفف ديفيد لودويغ، اختصاصي معالجة الغدد الصماء في مستشفى الأطفال في بوسطن من حدة معارضته. بالنسبة إلى أولاد اختيروا بدقة بعد أن تلقوا لفترة طويلة علاجات أخرى من دون جدوى، يرى لودويغ أن إجراء جراحة مع اتخاذ احتياطات لازمة قد يكون الحل الأمثل. لكنه يحذر من أن الجراحات ليست حلاً لمشكلة ملحة على صعيد الصحة العامة ولا علاجاً شاملاً، لافتاً إلى أن جراحات تخفيف الوزن «قد تتسبب بمضاعفات رهيبة، وتتطلب جراحات متكررة وتولّد مجموعة جديدة من مشاكل صحيّة».

يوضح المشرف على الدراسة التي تجريها معاهد الصحة الوطنية في الولايات المتحدة طوماس إينج، أنه منذ عام 2024 خضع 110 مراهقين للجراحة في المركز الطبي لمستشفى سينسناتي للأطفال بموجب إرشادات صادرة عن الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال.

ضروريات:

ينبغي أن يكون مؤشر الكتلة الجسمية لدى من يودون الخضوع للجراحة 40 على الأقل (أي أن يكون طول المريض 1.64 متر ووزنه 106 كيلوغرامات) وأن يكون لديهم مشكلة صحية خطيرة ترتبط بالبدانة كالسكري من النوع الثاني أو ضغط الدم المرتفع. كذلك من الضروري أن يكون طبيب أطفال حوّلهم إلى اختصاصي في تخفيف الوزن. وينبغي بالمرضى ما دون الثامنة عشرة أن يكونوا فشلوا في محاولاتهم لخسارة الوزن وأصبح نموّهم شبه مكتمل. ومن الواجب أن يظهر هؤلاء المرضى جميعهم خسارة في الوزن قبل الجراحة بعد اتباع حمية تقتصر على السوائل وأن يجتازوا الاختبارات النفسية جميعها.

معظم المرضى الذين يعالجهم اينج من الفتيات. بعد سنة من خضوعهن للجراحة، يكنّ فقدن كمعدل عام ثلث وزنهن الزائد، حوالى 14 كيلوغراماً بالنسبة إلى من لديهن 45 كيلوغراماً من الوزن الزائد مثلاً. بقي عدد كبير منهن بديناً، لكن لم تعد بدانته قاتلة.

كانت بريان فانون في السادسة عشرة عندما أجرى لها اينج جراحة تحويل المعدة في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2024. بطول 1.64 متر، كان وزنها 125 كيلوغراماً وقد ناضلت للتخفيف من بدانتها منذ نعومة أظفارها. اكتسبت فانون 23 كيلوغراماً عندما كانت في الصف الثامن، في السنة التي انفصل فيها والداها، ومنذ ذلك الحين ووزنها في ازدياد.

لم تعانِ فانون من أي مضاعفات إثر الجراحة وتمكنت من خسارة 49 كيلوغراماً منذ ذلك الحين. والآن مؤشر الكتلة الجسمية لديها هو 28: أصبحت تعاني من زيادة في الوزن وليس من البدانة. عاد كل من ضغط دمها ومستوى السكر والكولستيرول في الدم إلى مستواه الطبيعي، ولم تعد تشعر بألم في ركبتيها وكاحليها.

تعلّق فانون وهي في السنة الأخيرة لها في الثانوية وعضوة في فريق المشي: «لا أفوت تناول أي وجبة»، وتشير إلى أنها تحرص على تناول فيتامينات وصفها لها الجراح يومياً، وتأكل باستمرار وجبات صغيرة ينبغي أن تمضغها جيداً، كذلك تتجنب الأطعمة الدهنية التي باتت تسبب لها الصداع الآن.

تشير والدتها ريتا فانون إلى أنها قلقة من فاعلية الجراحة على المدى البعيد ومن سلامة ابنتها؛ فلجراحة تحويل المعدة نسبة وفاة تقدّر بواحد من أصل 200، لكن ابنتها كانت «تعيسة جداً ومنهارة، كان يأسها يحطم القلب» لذلك لجأت إلى هذه الخطوة. وتتابع الوالدة التي فقدت 41 كيلوغراماً منذ السنة التي خضعت فيها للجراحة نفسها، «لم أرِد أن تعيش بريان كما عشت أنا».

يلفت بينار، الاختصاصي في جراحة ربط المعدة، إلى أنه يطلب من المراهقين إعطاءه موافقة من طبيبهم أو من طبيب العائلة: «المشكلة مع هؤلاء أنهم مراهقون ويفعلون ما يحلو لهم»، وهو يتكبد هذا العناء ليتأكد من أنهم يفهمون ما يقومون به وأنهم سيلتزمون على الأرجح بحمية غذائية يصفها لهم إلى جانب تمارين رياضية، لتجنب أي مشاكل على مستوى عملية الأيض أو حتى استعادة الوزن».

تعلق المعالجة النفسية روبي تامارغو التي تعاين مرضى بينار قائلة: «نحن نسعى فعلاً إلى معرفة ما إذا كان المريض هو الذي يرغب في إجراء الجراحة أم الوالدان».

كلفة عالية:

بخلاف جراحة تحويل المعدة التي يغطي التأمين الصحي في الولايات المتحدة كلفتها البالغة 25 ألف دولار تقريباً، يعتبر ربط المعدة لدى المراهقين جراحة اختبارية، ما يعني أن على الوالدين تسديد كلفتها.

لتسديد كلفة الجراحة الممتدة على 45 دقيقة (البالغة 13500 دولار) والتي أجريت لأندرو بوريل في مقاطعة مونتغومري، في ولاية ماريلاند، في مركز العيادات الخارجية الذي يملكه أيضاً شريك بينار، تخلى والدا أندرو عن حصة يملكانها في أحد المنتجعات السياحية.

من جهته أشار أندرو الذي فقد 24 كيلوغراماً منذ خضوعه للجراحة وقد أصبح وزنه الآن 83 كيلوغراماً إلى أن التعديلات التي أضيفت على نظامه الغذائي لم تكن صعبة جداً كما تخيل في البداية. وذكر أنه لا يفوت شرب ليترين من مشروب Mountain Dew كما اعتاد أن يفعل، موضحاً أنه إذا تناول كثيراً من الطعام، أكثر من نصف كوب في كل مرة، يتقيأ.

لكن تأقلمه مع الخسارة الكبيرة في الوزن كان أكثر صعوبة. فقد أشار أندرو الذي انخفض مقياس خصره من 44 إلى 34 الى أنه ما زال يعتقد أنه يبدو ضخماً عندما ينظر إلى صورته المنعكسة في المرآة.

غير أن أفضل ما في الأمر هو رد فعل الآخرين وعن ذلك قال: «لم يحدق بي أحد مذ خضعت للجراحة. وفي صف الرياضة، هذه المرة الأولى في حياتي التي لا أكون فيها الأخير».

مكر ر
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.