الإجابة: حض الإسلام على الزواج ورغّب فيه، والزواج من سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومن طريقته وهديه عليه الصلاة والسلام، والزواج المبكر أفضل وأولى من تأخير سن الزواج في حق الذكر والأنثى على السواء، يقول الله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة النور /32].
قال الإمام القرطبي في تفسير هذه الآية: "هذه المخاطبة تدخل في باب الستر والصلاح، أي زوجوا من لا زوج له منكم، فإنه طريق التعفف، والخطاب للأولياء … وقوله: {الأيامى منكم}، أي الذين لا أزواج لهم من النساء والرجال" (تفسير القرطبي 12/236).
وقد حض الرسول صلى الله عليه وسلم على التبكير في الزواج وعدم تأخيره.
– فمن ذلك ما جاء في حديث طويل، عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث حيث قال: اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد الطلب فقالا: والله لو بعثنا هذين الغلامين قالا لي وللفضل بن عباس، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم … إلى أن قال: وقد بلغنا النكاح … فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لمحمية -رجل كان مسؤولاً عن الصدقات-: "أنكح هذا الغلام ابنتك" -للفضل بن عباس-، فأنكحه، وقال لنوفل بن الحارث: "أنكح هذا الغلام ابنتك" -لي- عبد المطلب بن ربيعة، فأنكحني … إلخ الحديث (رواه مسلم).
والشاهد في هذا، قول عبد المطلب: "وقد بلغنا النكاح"، أي الحلم كقوله تعالى: {حتى إذا بلغوا النكاح} أي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتزويجهما وهما غلامان.
– ومنها ما رواه مسلم بإسناده عن فاطمة بنت قيس، وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها أن تتزوج أسامة بن زيد، حيث قال لها: "أنكحي أسامة بن زيد"، فكرهته، ثم قال: "أنكحي أسامة بن زيد"، فنكحته فجعل الله فيه خيراً كثيراً، واغتبطت به، وقد كان أسامة بن زيد يوم زوجه النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس، دون السادسة عشرة من عمره.
– وعن عائشة رضي الله عنها، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته حتى أُنفِقَهُ" (رواه ابن ماجة وأحمد، وصححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة 3/16).
والمراد أنه لو كان أسامة بن زيد بنتاً لزينه وألبسه الحلي حتى يتزوج.
– وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه وأمانته فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" (رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم، وهو حديث حسن، كما قال الشيخ الألباني، صحيح سنن الترمذي 1/315).
– وعن علي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا علي، ثلاثٌ لا تؤخرها، الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت لها كفؤاً" (رواه الترمذي وقال: غريب حسن، كما نقله الألباني في المشكاة 1/192)، والأيم هي المرأة التي لا زوج لها.
.. وبناءً على ما تقدم، نرى أن الأصل في الفتاة أن تتزوج إذا تقدم لها الخاطب الكفؤ ما دامت بالغة عاقلة، ولا يجوز لوليها أن يتأخر في تزويجها إذا وجد الكفؤ، وقد ورد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "زوجوا أولادكم إذا بلغوا لا تحملوا آثامهم"، ذكره ابن الجوزي في (أحكام النساء ص304).
وهذا يشمل الذكور والإناث فينبغي للولي أن لا يتأخر في تزويج أولاده وبناته حتى لا يقعوا في المعاصي والآثام.
وورد عن الحسن البصري أنه قال: "بادروا نساءَكم التزويج".
وذكر ابن الجوزي عن بعض السلف أنه قال: "كان يقال العجلة من الشيطان إلا في خمس، إطعام الطعام إذا حضر الضيف، وتجهيز الميت إذا مات، وتزويج البكر إذا أدركت، وقضاء الدين إذا وجب، والتوبة من الذنب إذا أذنب" (أحكام النساء ص304).
وقد أورد بعض أهل العلم أضرار تأخير زواج الفتاة فقال: "والواقع أن في تأخير زواج الأنثى إذا بلغت، أضراراً كثيرة:
– منها: احتمال انزلاقها إلى الفاحشة.
– ومنها: أن يفوتها الزوج الكفؤ.
– ومنها: قد يفوتها قطار الزواج بالكلية.
– ومنها: كدورة نفسها، وكراهية وليها الذي أخر زواجها بعدم قبوله من تقدم إليها من الخطّاب الأكفاء وقد يصدر منها ما لا تحمد عقباه.
– ومنها: قد يصيب نفسها شيء من التعقيد والسخط على كل من حولها، ولا شك أن الولي يتحمل قسطه من هذه النتائج والآثام بسبب تأخيره تزويجها" (المفصل في أحكام المرأة 6/309).
وينبغي التذكير بأن قانون الأحوال الشخصية المعمول به في بلادنا، قد حدد أقل سن للزواج كما جاء في المادة الخامسة منه ما يلي: «يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين، وأن يتم الخاطب السنة السادسة عشرة وأن تتم المخطوبة الخامسة عشرة من العمر»، وهذا تحديد مقبول ينبغي العمل به.
[/IMG]
دائمآ مميزه با اطروحاتك
الله يعطيك العافيه