تخطى إلى المحتوى

الناس معادن 2024.

الناس معادن

………….
عبارة نخرت أذهاننا منذ الصغر
تشرّبتها قلوبنا و عقولنا
سمعناها من القريب و البعيد من الأهل و الأصحاب
تساءلنا عن حقيقة هذا الكلام ؟؟
كيف معادن ؟؟ أولسنا جميعا بشر ؟؟
ألم يخلقنا الله جميعا بعينين و أذنين و أنف و رأس و أيد و أرجل ؟؟
أولسنا واحد ؟؟
كيف نكون معادنا إذا ؟؟
يظلّ السؤال يحوم بأعماقنا دون أن نجد له جوابا
و هو إن لاقى من يسمعه فيكون الردّ إمّا مقتضبا سريعا لا يسدّ الرمق :
-" يا ابني انت لسعتك صغير و بكرا مع الأيام بتكتشف هالشي بمعاملتك مع الناس".
– "يا أخي و الله ما بعرف شو بدي قلك بكرا بالتجربة ببين معك".
أو مطولّا ممّلا محشوا بالكلام النظريّ و الأمثلة الصعبة
هكذا قد تبدو لنا الإجابات
و ربّما قد يكون الكثير منها صحيح بل و متقن
لكنها تظلّ بالنسبة لنا غير كافية أو مقنعة
و قد نظنّ للوهلة الأولى
أنّ مشكلة الفهم تعود حتما لأحد أمرين :
إمّا نقصا في قدرتنا على الفهم
أو ضعفا في أسلوب المجيب
لكنّ الشيء المدهش أنّ كلا الطرفين في الحقيقة ( المرسل و المتلقي ) ليسا إلّا نتيجة لفهم خاطئ للقانون

نتيجة طبيعية لإستيعاب منقوص لهاتين الكلمتين
" الناس معادن "
فعلى الرغم من قصر العبارة و سلاسة نطقها و كثرة تداولها
إلّا أنّ شيئا غريبا يميزها عن غيرها
يجعلها مرتبطة بشيء آخر
شيء تحتاجه كي تخرج للحياة
شيء يخرجها من دائرة التنظير للرؤية
فهذا قانون حيّ لا يقبل الموت
ترسمه لنا صفحات الأيام
تلوّنه أشكال الوجوه
و تنطقه أفعالهم
إنّه الإبن الشرعيّ لأمّ متعبة لأمّ مصعوقة تدعى التجربة !!
فكم من أشخاص أحببناهم ووثقنا بهم و تأمّلنا فيهم خيرا
و آخرين ظنّنا بهم سوءا و انتقصنا من شأنهم
فتأتي عجلة الزمان دون سابق إنذار لتقلب المفاهيم رأسا على عقب
تجعل من الصديق عدوّا و من العدّو صديقا
ترفع شأن من لا شأن له
و تخفض من له شأن
تميت محبّة و تشعل عداوة
تسقط عمامات و تحلق لحى
تعريّ الأجسام من أشكالها الكاذبة
و القلوب من ألوانها المزيفة
تفعل أفعاليها ثمّ تمرّ بهدوء و كأنّ شيئا لم يحصل
و كأنّ هذه الحركة هي سنّة كونية تكفّلتها التجارب على مرّ العصور
إنّها الكاشف الفطري لأصعب العملات و أكثرها تعقيدا
عملة لم تتمكن القوّة البشرية من صنع كاشف لها
بل عجزت عنها أرجح العقول و أثقب البصائر
إنّها عملة تختلف عن غيرها يدخل في تركيبها عوامل كثيرة و أركان عديدة
فهي ليست ذهبا تكشفه تحت عدسة الصائغ
أو حديدا تنقره على سندان الحدّاد
إنّها منظومة معقّدة تتكوّن مع سنين الطفولة الأولى و تكبر بداخلنا شيئا فشيئا
يدخل في تكوينها الأسرة و المدرسة و المجتمع
توثّق أوصالها القيم السماوية و الأرضية التي ترسّخ بعمق في السنوات الأولى
تتجذّر في أعماق الفرد حتّى إذا جاءت مياه السنين اهتزّت و ربت
و بعدها يصبح قلعها شيئا صعبا بل أقرب للمستحيل
قد تحترق بعض الأوراق و تتقشّر أغصانها
ربّما تكتسي بثوب أسود قاتم يجعل من الصعب معرفة كنهها
لكنّ ذلك كلّه ليس كفيلا بأن يمحو البذرة الأولى
و قد يحتاج إعادة اللون الحقيقي لها بعض المياه الصافية النقيّة
أمّا إن كانت البذرة خبيثة في أصلها سيئة في منبتها فلن يفيدها كثرة الماء العذب و الزينة الخضراء
فزيفها سيتكشّف حتما إن لم يكن بشكلها فبثمارها المرّة الفجّة
و في هذه الحالة لا ينفعها غير الإستئصال من الجذور و إعادة الزرع و كلمّا تجذرت البذرة صعب قلعها
الناس معادن
و خير كاشف لها الأيام و التجارب
قد تكون التجربة بتجارة أو سفر أو زواج أو …..الخ
و قد تكون بأشياء أخرى جديدة يتمخّض عنها الزمان كل بضعة دورات له
لعلّ أهمها اليوم ثورات الربيع العربي التي كشطت الأقنعة المزيفة بسرعة لم نتوقعها
أو بعبارة أخرى
كشفت المعادن دون أن نطلب منها ذلك
إنّها حركة الزمان تتبدّل أساليبها بالكشف لكنّها في جميع الأحوال تقدّم لنا تجارب
علينا معاينتها و عيشها
لتضع يدها على يدنا و تحرّكها بأشكال مختلفة لتسقط الجبب و تحلق اللحى و تعرّي الوجوه
إنّها الحكمة المعاشة … التجربة الفطرية
إنّها الكفيلة لفهم القانون الغامض
لكشف العِملة البشرية الصعبة
هي الحلّ الأمثل لنعيش عبارة
الناس معادن !!
_____________________

منقول

شو وين الردود
يعطيك العافيييه….

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.