اعتاد الأطباء على متابعة الأخبار المتجددة في ميادين الطب المتنوعة، سواءً على مستوى الأمراض أو على مستوى الأدوية والعلاجات المقترحة.
ولم أكن أتوقع أن تدخل أبحاث روحية كالصلاة والدعاء إلى مخابر الأبحاث العالمية، فأمثال هذه المواضيع صعب الدراسة لصعوبة فهم أسرار القوة المعنوية ، وما تؤدي إليه من نتائج مادية محسوسة قابلة للتقييم.
إن العلماء الغربيين لايقتنعون بتفسيرات الغيب وأقوال الوحي، بل يريدون مواد محسوسة توضع في أنابيب الاختبار، أو تحت عدسة المجهر،كي يصلوا إلى نتائج تطمئن إليها قلوبهم.
وهم لم يهتموا بأبحاث الصلاة والدعاء إلا لإدراكهم أن هناك نتائج إيجابية ملفتة للنظر لهذه
الممارسات على التطور المرضي لكثير من الأمراض.
وهاهم يبدؤون حيث انتهينا وتعلمنا منذ مئات السنين ، فنحن من قواعدنا في ديننا:
قول الله عز وجل( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ماجلس قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله
ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )
قول الرسول صلى الله عليه وسلم( دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة
عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به:آمين،ولك بمثل )
ولنستعرض الآن بعضاً من الأبحاث العالمية في هذا المجال:
أولاً : الصلاة
اتفق الباحثون أن الصلاة لها تأثيرات إيجابية على الصحة، وأن هذه التأثيرات قابلة للقياس نسبياً،وإن كنا لا نعرف تماما آليات التأثير.
وقد أكدت الدراسات المختلفة هذه العلاقة الوثيقة بين الالتزام العملي الديني والصحة ، مما دعا إلى إطلاق اسم "EPIDEMIOLOGIE DE LA RELIGION "على الفرع من الطب الذي يدرس العلاقة بين الدين والصحة.
تخوض الأبحاث الغريبة في محاولة وضع عدة تعاريف لمصطلحات معنوية : الصلاة،الروحانية،التدين،التأمل ،…………
ويجب أن نعلم أن الدراسات المجراة في الغرب أجريت على عدة طوائف وأديان ،وبالتالي فإن أمثال تلك التعاريف ليست واضحة ذلك الوضوح الذي نتصوره نحن في ديننا.
وقد اتخذ التدين هو الأساس في الدراسات وعرف أنه الالتزام بالجانبين الاعتقادي والعملي لدين محدد. ومعظم الأبحاث تدرس العلاقة بين الصحة والالتزام العملي الديني ( عدد مرات الصلاة ، المشاركة في الشعائر العامة،….) لأن هذه الناحية من الدين هي أكثر قابلية للقياس من غيرها من النشاطات الروحية ، والدراسات المخبرية تحتاج إلى قيم تقبل القياس.
وقد تبين في دراسة إحصائية أمريكية أن:
%82 من الناس يعتقدون بالمزايا العلاجية للصلاة.
%73 من الناس يعتقدون أن الصلاة من أجل الآخرين (الدعاء) يمكن أن تملك مفعولا شافيا.
%64 من الناس يعتقدون أن الأطباء يجب أن يصلُوا من أجل المرضى الذين يطلبون منهم الدعاء.
%45 من الناس يلجؤون إلى الصلاة عند مواجهة صعوبات صحية وذلك في سنة2017 مقارنة مع %35 سنة 1997 ،ومع %25 سنة 1991.
%45 من الناس يقولون إن الدين يؤثر في قرارهم الطبي في الأمراض الخطيرة.
%49 من الناس يرون ضرورة أن يناقش الأطباء المعتقدات الدينية مع مرضاهم خاصة المصابين منهم بأمراض خطرة.
ولنذكر بعض الدراسات:
دراسة الدكتورLARRY DOSSEY: وهو من أشهر الباحثين في هذا الموضوع ،وقام بدراسته على أربعة آلاف شخص خلال فترة ست سنوات وكانت النتائج:
إن التدين له تأثير ممتاز على الصحة بشكل عام ، وعلى أمراض معينة بشكل خاص ( الأمراض القلبية، ارتفاع التوتر الشرياني، السرطانات ، الأمراض الهضمية،…)
دراسة HARRIS: على 990 مريضاً تم قبولهم في وحدة العناية الاكليلية في أحد المشافي الأمريكية . وقد طلب إلى مجموعة من الناس أن يصلوا من أجل نصف هؤلاء المرضى كل يوم خلال أربعة أسابيع وذلك ضمن الشرطين الآتيين:
الناس الذين يقومون بالدعاء والصلاة لايعرفون المرضى الذين يدعون لهم ، وقد أعطوا فقط اسمهم الأول.
المرضى لايعرفون إن كان يدعى لهم أم لا .
وأظهرت الدراسة أن القسم من المرضى الذي حصل على الدعاء كانت الاختلاطات التالية للعمل الجراحي لديهم أقل ﺒ %10 من القسم الآخر الذي لم يحصل على نصيب من الدعاء والصلاة.
دراسة أخرى : أجريت على393 مريضا في العناية المشددة وفي ظروف مماثلة لدراسة HARRISوتبين بالنتيجة أن المرضى الذين حصلوا على الدعاء بالغيب احتاجوا إلى دعم تنفسي وصادات "مضادات حيوية" ومدرات بنسبة أقل من الباقين ، وكذلك تعرضوا إلى نسبة أقل من الاختلاطات.
دراسة في مجلة PSYCHOMATIC MEDECIN: أجريت الدراسة على 78 مريضا أسود البشرة ، و77مريضا أبيض البشرة،أعمارهم تتراوح بين 25 إلى 45 سنة. وسبب اعتماد لون البشرة للاعتقاد أن الامريكيين السود يعطون أهمية أكثر للإيمان بالله وممارسة الصلاة من البيض.
خضع المرضى لمراقبة دورية للضغط إضافة إلى دراسة مفصلة للمعتقد الديني ومقدار الالتزام
بالشعائر الدينية خاصة الصلاة .
وقد وجد أن ممارسة الصلاة تؤدي إلى خفض الضغط الشرياني عند السود( والذين هم عادة معرضون أكثر من البيض للإصابة بهذه الآفة) بشكل واضح. أما عند البيض فلم تكن النتائج واضحة لقلة ممارسة الشعائر الدينية.
دراسة على موقع NATURAL PHARMACIST: أجريت الدراسة على أربعين مصابا بمرض الإيدز وفي مرحلة متقدمة منه، حيث قسم المرضى إلى قسمين كما في الدراسات السابقة ، وضمن نفس شروط الدعاء السابقة. فقد تم توقيت جلسات للدعاء والصلاة لقسم من المرضى بمعدل ستة أيام في الأسبوع خلال عشرة أسابيع ، وتمت مراقبة المرضى خلال ستة أشهر. وقد تبين بشكل واضح التحسن عند مجموعة الدعاء.
النتيجة:يجمع الباحثون في هذه المجالات أنه على الرغم من صعوبة الدراسات والاستنتاجات في المجالات الروحية ، فإن التدين والصلاة يعتبران من وسائل المحافظة على صحة طيبة تماما كالتغذية الجيدة وممارسة الرياضة.
وهم يؤكدون أن المواظبين على الصلاة والدعاء هم أقل عرضة للإصابات الجسمية والنفسية وكذلك هم أكثر تحملا للألم ،وأقل استعدادا للإصابة بالقلق والكآبة،وهم عادة بصحة جيدة،يتعافون بسرعة بعد العمليات الجراحية.
ومن التوصيات الحديثة ضرورة أن يطرح الطبيب أسئلة حول المعتقد الديني لمريضه وأن يأخذ ذلك في الحسبان عند تقييم الحالة المرضية.
ولا شك أن هناك أطباء ينتقدون أمثال هذه الدراسات ( وهذا ليس غريبا في عالم الطب)
ويعتبرون أن الشخص المتدين يكون عادة صاحب معنويات عالية،لذا فهو يشفى أسرع دون أن يكون للصلاة دورا معالجا بالمعنى الطبي الحرفي للكلمة ، وهناك من يعطي للصلاة دورا كالدواء الموهم( البلاسيبو) وذلك بتأثير موهم نفسي رافع للمعنويات ، ويجيبهم آخرون وماذا بشأن الدعاء في ظهر الغيب؟
الدكتور DALE MATTHEWS أجرى دراسات مشابهة لدراسات HARRISوختم نتائجه بقوله:
" إن التحسن الطارئ على المرضى الذين دعي لهم بالغيب لا يمكن تفسيره فقط بالعلم الطبي
التقليدي ، والحقيقة لا يوجد تفسير طبي لذلك . وإن تحسن هؤلاء المرضى لايمكن أن نفسره إلا بوجود قوة فوق طبيعيةSURNATURELLE، أو إلى نوع من الطاقة لا يمكن معرفة طبيعته حاليا.
التعليق: كما ترون – زملائي- فإنهم يحومون حول الحمى ، ولا يمنعهم من التصريح باسم الله
إلا هروبا من الاعتراف بحقيقة يهمهم تجاهلها. ونحن بفضل من الله نعيش هذه الأحاسيس التي يقف أمامها العلماء مذهولين لأنها فطرة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.
الدعاء بظهر الغيب من أساسيات ديننا والناس اعتادت أن توصي بعضها بالدعاء، فهو أدعى للإجابة ولاينقص ذلك من أجور الداعي شيئاً.
ثانياً: علم النفس العصبي المناعي: وهو فرع جديد من الطب يدرس العلاقة بين النفس والجسم، والوسيط المهم في هذه العلاقة هو الحال المناعية للجسم.
إن السيطرة على الشدة STRESS وتأثيراتها النفسية يحسن الكثير من مناعة الجسم.
وقد بحث العلماء في هذا الفرع أيضا موضوع الدعاء في ظهر الغيب وتأثيراته، وقالوا إن هذا الأمر يثبت أن البشر مترابطون مع بعضهم، ومسؤولون عن بعضهم أكثر مما نعتقد( ما رأيكم بوصف الحديث الشريف للعلاقة بين المؤمنين بأنها كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
ويتساءل العلماء عن مصدر هذه العلاقة المعنوية بين بني البشر: أهي الله،أم الضمير،أم مشاعر الحب،أم علاقات الكترونية، أم هي الطاقة ،أم مجموع ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وأمام حيرة ضعف الإيمان يجيبون ببرود: لنترك لأبحاث المستقبل تقرير الجواب.
ومن الدراسات في مجال علم النفس العصبي المناعي:
دراسة على٤۲ شخصا لديهم أعراض قلبية اكليلية حادة. ولقد لوحظ أن الأشخاص السلبيين المتشائمين أو الذين تعرضوا حديثا لشدة شديدة يبدون تركيزا عاليا من وحيدات النوى والتي تتهم في إحداث اضطراب في الصفيحات الدموية مما يؤدي إلى اشتداد الاضطرابات الاكليلية. وكانت النتائج عكس ذلك عند أصحاب النفس المرتاحة.
دراسة على۱٤۲شخصا مصابين بمرض الايدز ، وقد لوحظ أن الأشخاص الذين خضعوا لجلسات جماعية من الدعم النفسي والروحي كانوا أكثر استقرارا من المجموعات الأخرى .
دراسة على عدد كبير من الطلاب خلال فترات الامتحانات . وقد لوحظ أن الطلاب الذين يتمتعون بقدرة على الاسترخاء والسمو الروحي هم أقل تعرضا من غيرهم لانخفاض المناعة الذي يحدث في هذه الأوقات.
ماهي تأثيرات الشدة في الجسم؟
إن التأثير الأساس للشدة يأتي عن طريق التدخل في إفراز عدة مواد ( هرمونات،بروتينات ،وسائط كيميائية) مما يؤثر على عدد كبير من وظائف الجسم.
مثال: إن الشدة والتفكير السلبي يحرضان على إفراز CYTOKINESوهي بروتينات تفرز من الكريات البيض وتكون مسؤولة عن تنظيم الارتكاس المناعي واتصالات الخلايا مع بعضها.
فإذا كانت الشدة حادة أو مزمنة يحدث مبالغة في إفراز هذه البروتينات مما يؤدي إلى تضخم التفاعل الالتهابي الأمر الذي يهيئ لعدد كبير من الأمراض( قلبية وعائية، ترقق العظام، التهاب مفاصل، سكري من النموذج 2، سرطانات، مرض الزهايمر، ضعف المناعة عند المسنين، أمراض اللثة، آفات استحالية)
الدراسات الحديثة بينت أن التربية الروحية وتمارين الاسترخاء لها تأثيرات إيجابية على النظام المناعي ، لأن الأفكار الإيجابية والمعتقدات الدينية تؤثر في النظام الغدي ( الدرق وجاراتها، الغدة النخامية، الكظر)الذي يقدم للجسم عدة هرمونات أساسية ،مما يجعله يتدخل في تنظيم عدة وظائف أساسية: حرارة الجسم،الجوع والعطش،النوم، النشاط الجنسي ، المشاعر…..
إن الهرمونات تلعب دور الوسيط بين الجهازين العصبي المركزي والمناعي.
ماهي الوسيلة التي يجب أن نلجأ إليها للتخفيف من تأثيرات الشدة النفسية؟
الغربيون- وحسب معتقداتهم- يقترحون عليك نماذج مختلفة من التمارين ( يوغا،أساليب معينة في الاسترخاء،تمارين من نوع تاجي كوان،…….) .
أما المؤمن الذي يتقن فن الاتصال مع الله فإنه- ودون أي شك- يصل إلى حال من الطمأنينة والشعور الداخلي بالسكينة أمام أية شدة تواجهه ، وبشكل أقوى وأدوم من الطرق السابقة، لأنه يسلك الطريق الذي يناسب الفطرة.
أما غير المؤمنين بالله فإنهم مضطرون للتسول هنا وهناك ، وفي تراث الشعوب الآسيوية خاصة للوصول إلى شعور مسكن يريحهم قليلا ، لتعودهم آلام الاغتراب عن الفطرة من جديد.
ثالثاً: الاسترخاء:هناك مجموعة من الدراسات بينت أن الصلاة تعطي شعورا بالاسترخاء مما ينبه الوظائف العصبية، والغدية،والمناعية،والقلبية الوعائية.
الطبيب HERBERT BENSONمن جامعة HARVARD أكد أن تكرار حركات ، أصوات، كلمات أو جمل ، يؤدي إلى مجموعة من الارتكاسات الاستقلابية والانفعالية ( تنبيه بعض المناطق من الدماغ ،تباطؤ في النظم القلبي ، انخفاض في التوتر الشرياني، هدوء عام،………) وقد سمى هذه الارتكاسات ( جواب الاسترخاء ) وذلك بالمقابل ﻠ ( جواب الشدة)
الذي يتميز ﺒ : تسرع في القلب ، زيادة في الأدرينالين ، زيادة في التوتر العضلي ………….
وهذا – حسب رأيه- مايشرح فائدة الصلاة للصحة.
إن جواب الاسترخاء يعمل على إعادة الجسم إلى حالته الاستقلابية الطبيعية بعد جهد بدني أو نفسي . إنها الحالة التي يجب أن يعود إليها الجسم لتتوفر له الوقاية من المعاناة المزمنة ،
ومايمكن أن تحمله من أمراض جسمية ونفسية.
هناك عدة طرق للاسترخاء ،وكلها تحاول إعادة الجسم إلى حال قريبة من الطبيعية. وقد لحظ الباحثون أن الكثير من الممارسات الدينية توصل ممارسيها إلى حال الاسترخاء المطلوبة.
ولاشك أن لقراءة القرآن ولمجالس الذكر وللدعاء وللسجود بين يدي الله تأثير واضح في الوصول إلى جواب الاسترخاء المطلوب.
رابعاً : دراسة في مجلة Archives of internal medicine
De l’ American medical association
سنة 2024
النقاط الرئيسية في هذه الدراسة:
يجب أن يعترف الطب بوجود قوة تقف وراء هذا الكون عندما نجري أبحاثا علمية على الصلاة.
هذه القوة التي لايمكن إدراكها يجب أن لاننشغل بإجراء دراسات عليها ، لذا يجب على العلم أن ينسحب من محاولة إجراء أبحاث على هذه القوة العظيمة.
يجب على العلم والطب أن يعترفا بأهمية الدين والتألق الروحي على الحياة الصحية ، وإن كانت الوسائل العلمية تجد صعوبة في دراسة أمثال هذه الأمور.
خامساً : الدعاء والخشوع: من النقاط الهامة في هذا الموضوع:
o عدد من الباحثين ومنهم PLACIDE GABOURY يؤكدون أنك حتى
تنتعش روحيا يفضل أن لايكون لك هدف محدد من دعائك. وقصده أن الدعاء المنعش للروح
هو ذاك الذي يخرج من قلبك بدافع الحب لله دون أن يكون بسبب حاجة طارئة ألزمتك رفع يديك إلى السماء.
طبعا نحن في ديننا يعتبر الدعاء وسيلة للعبادة بشكل أساسي، أي أننا نرفع أيدينا إلى السماء تذللا لله وشكرا على نعمه وطلبا لرحمته. فالدعاء هو بحد ذاته عبادة مجردة لأنه السبيل الأرقى
لإبقاء خط الاتصال مع السماء مفتوحا.
المؤمن يرفع يديه إلى السماء في كل آن وليس فقط في أوقات الشدائد والأزمات ، وقد قالت حكمة عطائية" لايكن طلبك تسببا إلى العطاء منه فيقل فهمك عنه.
وليكن طلبك لإظهار العبودية وقياما بحق الربوبية."
وقال أبو الحسن الشاذلي رحمه الله" لايكن حظك من الدعاء الفرح بقضاء حاجتك دون الفرح بمناجاة مولاك فتكون من المحجوبين"
o الخشوع والتألق الروحي نصل إليه عن طريق التحرر من الأفكار المؤذية
والمحدثة للشدة .
لاشك أن التفكير عملية أساسية للمسير في هذه الحياة ومتابعة شؤونها ، ولكنه يصبح أحيانا عملية إلحاحية تسيطر علينا سواءً أكان ذلك في محله أم لا .
هذه الأفكار الملحة تمنعنا من الاسترخاء ، وقد تحدث ارتكاسات سلبية في مشاعرنا( ذكريات قديمة سيئة، توقع لمصائب في المستقبل، أفكار تشاؤمية،…) الأمر الذي يحدث حالا من الشدة الداخلية ذات التأثيرات السلبية النفسية والجسمية.
o وللوصول إلى الخشوع إليك بعض النصائح التي يقدمها لك أصحاب الأبحاث:
أ- تدرب أن تركز انتباهك بشكل أن تمنع الأفكار من السيطرة عليك. ركز على شيئ مهم يمنعك من ملاحقة الأفكار المختلفة ، ومن المقترحات لذلك:
– صوت: كلمة مقدسة أو مقطع أو جملة لها تأثير إيجابي . حاول أن ترددها ذهنيا أو همسا أوبصوت عال .
( مارأيك مثلا بترديد" سبحان الله" أو " الحمد لله " …)
– صورة معينة تثير انطباعا جيدا لديك ،
( شروق الشمس أو غروبها ، غيوم تركض في السماء )
– صورة ذهنية إيجابية .
– ولاتنس التنفس بهدوء وعمق.
خلال هذه الجلسات اجعل الأفكار تسير عبر رأسك وتنطلق كالغيوم أو قطعان الخيل ، ولا تسمح لها بالاستقرار.
ب- هناك من الباحثين من ينصحك اتخاذ وضعيات معينة تحافظ عليها خلال تمارين الاسترخاء . فما رأيكم بوضعية الدعاء أو وضعية السجود.
ج- الجميع يؤكدون ضرورة المثابرة على هذه الجلسات الروحية للوصول
إلى الفوائد في حدها الأقصى.
إن الدعاء والخشوع والتربية الروحية تساعد في مجالين:
۱-فهي معالجة جيدة في : هجمات الهلع، القلق، الصدف،ادمان المخدرات،القرحات الهضمية،التهاب الكولون، سوء وظيفة الغدة التيمية، الآلام المزمنة .
۲-معالجة مساعدة في : ارتفاع التوتر الشرياني، الوقاية من تصلب الشرايين، الوقاية
من الهجمات القلبية، التهاب المفاصل، الآلام العضلية، السرطانات ، الأرق ، الشقيقة.
وقد لوحظت تأثيرات ممتازة عند الأطفال في القلق وفرط النشاط.
o وكذلك يؤكد الباحثون على أهمية الجلسات الجماعية في تقوية العوامل الروحية والنفسية. ونحن لن نتطرق إلى الطرق المقترحة للوصول إلى
ذلك لأننا لن نخوض في مبادئ الهندوسية والبوذية وتعاليم اليوغا وغيرها
،طالما لدينا نظام إلهي يعلم السر وأخفى ، وهو النظام الوحيدالمثالي – بالنسبة للمؤمنين- لتأمين الاسترخاء والراحة النفسية والاستقرار المناعي
والغدي إن أحسن تطبيقه.
ولاننسى كم اهتم ديننا بالجلسات الجماعية للذكر والصلاة( صلوات الجماعة، صلاة الجمعة ، الطواف ،…….)
سادساً: علم ANTHROPOSOPHIQUE
والاسم مشتق من مقطعين من أصل يوناني
إنساني ANTHROPOS
الحكمة SOPHIA
وهو علم يهتم بدراسة الإنسان ببعديه المادي والروحي ، وهو اختصاص طبي حديث.
هؤلاء الاختصاصيون لاينظرون إلى المريض كجسد فقط ، بل يهتمون بأبعاده الأخرى:
الانفعالات،المشاعر، الروح،الطباع،السوابق الشخصية والعائلية،الخواص الجسمية،
التربية،الوسط، العقائد،…………
ولاشك أن الدين الذي يهتم بصحة الجسد والروح والنفس ، والذي يتعامل مع الإنسان
بعنصريه الروحي والمادي ، قد أوجد الكثير من الحلول لمشاكل الإنسان بأشكالها المختلفة.
فالدين هو قانون الخالق لعيش رغيد وبناء لمن أراد الاتباع.
هذا غيض من فيض من الدراسات العلمية في شؤون الصلاة والدعاء والتربية الروحية. وكان دوري مقتصرا في هذا البحث على نقل المعلومات والتعليق عليها من وقت لآخر.
ولم أكن أتوقع أن تدخل أبحاث روحية كالصلاة والدعاء إلى مخابر الأبحاث العالمية، فأمثال هذه المواضيع صعب الدراسة لصعوبة فهم أسرار القوة المعنوية ، وما تؤدي إليه من نتائج مادية محسوسة قابلة للتقييم.
إن العلماء الغربيين لايقتنعون بتفسيرات الغيب وأقوال الوحي، بل يريدون مواد محسوسة توضع في أنابيب الاختبار، أو تحت عدسة المجهر،كي يصلوا إلى نتائج تطمئن إليها قلوبهم.
وهم لم يهتموا بأبحاث الصلاة والدعاء إلا لإدراكهم أن هناك نتائج إيجابية ملفتة للنظر لهذه
الممارسات على التطور المرضي لكثير من الأمراض.
وهاهم يبدؤون حيث انتهينا وتعلمنا منذ مئات السنين ، فنحن من قواعدنا في ديننا:
قول الله عز وجل( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ماجلس قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله
ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده )
قول الرسول صلى الله عليه وسلم( دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة
عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به:آمين،ولك بمثل )
ولنستعرض الآن بعضاً من الأبحاث العالمية في هذا المجال:
أولاً : الصلاة
اتفق الباحثون أن الصلاة لها تأثيرات إيجابية على الصحة، وأن هذه التأثيرات قابلة للقياس نسبياً،وإن كنا لا نعرف تماما آليات التأثير.
وقد أكدت الدراسات المختلفة هذه العلاقة الوثيقة بين الالتزام العملي الديني والصحة ، مما دعا إلى إطلاق اسم "EPIDEMIOLOGIE DE LA RELIGION "على الفرع من الطب الذي يدرس العلاقة بين الدين والصحة.
تخوض الأبحاث الغريبة في محاولة وضع عدة تعاريف لمصطلحات معنوية : الصلاة،الروحانية،التدين،التأمل ،…………
ويجب أن نعلم أن الدراسات المجراة في الغرب أجريت على عدة طوائف وأديان ،وبالتالي فإن أمثال تلك التعاريف ليست واضحة ذلك الوضوح الذي نتصوره نحن في ديننا.
وقد اتخذ التدين هو الأساس في الدراسات وعرف أنه الالتزام بالجانبين الاعتقادي والعملي لدين محدد. ومعظم الأبحاث تدرس العلاقة بين الصحة والالتزام العملي الديني ( عدد مرات الصلاة ، المشاركة في الشعائر العامة،….) لأن هذه الناحية من الدين هي أكثر قابلية للقياس من غيرها من النشاطات الروحية ، والدراسات المخبرية تحتاج إلى قيم تقبل القياس.
وقد تبين في دراسة إحصائية أمريكية أن:
%82 من الناس يعتقدون بالمزايا العلاجية للصلاة.
%73 من الناس يعتقدون أن الصلاة من أجل الآخرين (الدعاء) يمكن أن تملك مفعولا شافيا.
%64 من الناس يعتقدون أن الأطباء يجب أن يصلُوا من أجل المرضى الذين يطلبون منهم الدعاء.
%45 من الناس يلجؤون إلى الصلاة عند مواجهة صعوبات صحية وذلك في سنة2017 مقارنة مع %35 سنة 1997 ،ومع %25 سنة 1991.
%45 من الناس يقولون إن الدين يؤثر في قرارهم الطبي في الأمراض الخطيرة.
%49 من الناس يرون ضرورة أن يناقش الأطباء المعتقدات الدينية مع مرضاهم خاصة المصابين منهم بأمراض خطرة.
ولنذكر بعض الدراسات:
دراسة الدكتورLARRY DOSSEY: وهو من أشهر الباحثين في هذا الموضوع ،وقام بدراسته على أربعة آلاف شخص خلال فترة ست سنوات وكانت النتائج:
إن التدين له تأثير ممتاز على الصحة بشكل عام ، وعلى أمراض معينة بشكل خاص ( الأمراض القلبية، ارتفاع التوتر الشرياني، السرطانات ، الأمراض الهضمية،…)
دراسة HARRIS: على 990 مريضاً تم قبولهم في وحدة العناية الاكليلية في أحد المشافي الأمريكية . وقد طلب إلى مجموعة من الناس أن يصلوا من أجل نصف هؤلاء المرضى كل يوم خلال أربعة أسابيع وذلك ضمن الشرطين الآتيين:
الناس الذين يقومون بالدعاء والصلاة لايعرفون المرضى الذين يدعون لهم ، وقد أعطوا فقط اسمهم الأول.
المرضى لايعرفون إن كان يدعى لهم أم لا .
وأظهرت الدراسة أن القسم من المرضى الذي حصل على الدعاء كانت الاختلاطات التالية للعمل الجراحي لديهم أقل ﺒ %10 من القسم الآخر الذي لم يحصل على نصيب من الدعاء والصلاة.
دراسة أخرى : أجريت على393 مريضا في العناية المشددة وفي ظروف مماثلة لدراسة HARRISوتبين بالنتيجة أن المرضى الذين حصلوا على الدعاء بالغيب احتاجوا إلى دعم تنفسي وصادات "مضادات حيوية" ومدرات بنسبة أقل من الباقين ، وكذلك تعرضوا إلى نسبة أقل من الاختلاطات.
دراسة في مجلة PSYCHOMATIC MEDECIN: أجريت الدراسة على 78 مريضا أسود البشرة ، و77مريضا أبيض البشرة،أعمارهم تتراوح بين 25 إلى 45 سنة. وسبب اعتماد لون البشرة للاعتقاد أن الامريكيين السود يعطون أهمية أكثر للإيمان بالله وممارسة الصلاة من البيض.
خضع المرضى لمراقبة دورية للضغط إضافة إلى دراسة مفصلة للمعتقد الديني ومقدار الالتزام
بالشعائر الدينية خاصة الصلاة .
وقد وجد أن ممارسة الصلاة تؤدي إلى خفض الضغط الشرياني عند السود( والذين هم عادة معرضون أكثر من البيض للإصابة بهذه الآفة) بشكل واضح. أما عند البيض فلم تكن النتائج واضحة لقلة ممارسة الشعائر الدينية.
دراسة على موقع NATURAL PHARMACIST: أجريت الدراسة على أربعين مصابا بمرض الإيدز وفي مرحلة متقدمة منه، حيث قسم المرضى إلى قسمين كما في الدراسات السابقة ، وضمن نفس شروط الدعاء السابقة. فقد تم توقيت جلسات للدعاء والصلاة لقسم من المرضى بمعدل ستة أيام في الأسبوع خلال عشرة أسابيع ، وتمت مراقبة المرضى خلال ستة أشهر. وقد تبين بشكل واضح التحسن عند مجموعة الدعاء.
النتيجة:يجمع الباحثون في هذه المجالات أنه على الرغم من صعوبة الدراسات والاستنتاجات في المجالات الروحية ، فإن التدين والصلاة يعتبران من وسائل المحافظة على صحة طيبة تماما كالتغذية الجيدة وممارسة الرياضة.
وهم يؤكدون أن المواظبين على الصلاة والدعاء هم أقل عرضة للإصابات الجسمية والنفسية وكذلك هم أكثر تحملا للألم ،وأقل استعدادا للإصابة بالقلق والكآبة،وهم عادة بصحة جيدة،يتعافون بسرعة بعد العمليات الجراحية.
ومن التوصيات الحديثة ضرورة أن يطرح الطبيب أسئلة حول المعتقد الديني لمريضه وأن يأخذ ذلك في الحسبان عند تقييم الحالة المرضية.
ولا شك أن هناك أطباء ينتقدون أمثال هذه الدراسات ( وهذا ليس غريبا في عالم الطب)
ويعتبرون أن الشخص المتدين يكون عادة صاحب معنويات عالية،لذا فهو يشفى أسرع دون أن يكون للصلاة دورا معالجا بالمعنى الطبي الحرفي للكلمة ، وهناك من يعطي للصلاة دورا كالدواء الموهم( البلاسيبو) وذلك بتأثير موهم نفسي رافع للمعنويات ، ويجيبهم آخرون وماذا بشأن الدعاء في ظهر الغيب؟
الدكتور DALE MATTHEWS أجرى دراسات مشابهة لدراسات HARRISوختم نتائجه بقوله:
" إن التحسن الطارئ على المرضى الذين دعي لهم بالغيب لا يمكن تفسيره فقط بالعلم الطبي
التقليدي ، والحقيقة لا يوجد تفسير طبي لذلك . وإن تحسن هؤلاء المرضى لايمكن أن نفسره إلا بوجود قوة فوق طبيعيةSURNATURELLE، أو إلى نوع من الطاقة لا يمكن معرفة طبيعته حاليا.
التعليق: كما ترون – زملائي- فإنهم يحومون حول الحمى ، ولا يمنعهم من التصريح باسم الله
إلا هروبا من الاعتراف بحقيقة يهمهم تجاهلها. ونحن بفضل من الله نعيش هذه الأحاسيس التي يقف أمامها العلماء مذهولين لأنها فطرة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا.
الدعاء بظهر الغيب من أساسيات ديننا والناس اعتادت أن توصي بعضها بالدعاء، فهو أدعى للإجابة ولاينقص ذلك من أجور الداعي شيئاً.
ثانياً: علم النفس العصبي المناعي: وهو فرع جديد من الطب يدرس العلاقة بين النفس والجسم، والوسيط المهم في هذه العلاقة هو الحال المناعية للجسم.
إن السيطرة على الشدة STRESS وتأثيراتها النفسية يحسن الكثير من مناعة الجسم.
وقد بحث العلماء في هذا الفرع أيضا موضوع الدعاء في ظهر الغيب وتأثيراته، وقالوا إن هذا الأمر يثبت أن البشر مترابطون مع بعضهم، ومسؤولون عن بعضهم أكثر مما نعتقد( ما رأيكم بوصف الحديث الشريف للعلاقة بين المؤمنين بأنها كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).
ويتساءل العلماء عن مصدر هذه العلاقة المعنوية بين بني البشر: أهي الله،أم الضمير،أم مشاعر الحب،أم علاقات الكترونية، أم هي الطاقة ،أم مجموع ذلك؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وأمام حيرة ضعف الإيمان يجيبون ببرود: لنترك لأبحاث المستقبل تقرير الجواب.
ومن الدراسات في مجال علم النفس العصبي المناعي:
دراسة على٤۲ شخصا لديهم أعراض قلبية اكليلية حادة. ولقد لوحظ أن الأشخاص السلبيين المتشائمين أو الذين تعرضوا حديثا لشدة شديدة يبدون تركيزا عاليا من وحيدات النوى والتي تتهم في إحداث اضطراب في الصفيحات الدموية مما يؤدي إلى اشتداد الاضطرابات الاكليلية. وكانت النتائج عكس ذلك عند أصحاب النفس المرتاحة.
دراسة على۱٤۲شخصا مصابين بمرض الايدز ، وقد لوحظ أن الأشخاص الذين خضعوا لجلسات جماعية من الدعم النفسي والروحي كانوا أكثر استقرارا من المجموعات الأخرى .
دراسة على عدد كبير من الطلاب خلال فترات الامتحانات . وقد لوحظ أن الطلاب الذين يتمتعون بقدرة على الاسترخاء والسمو الروحي هم أقل تعرضا من غيرهم لانخفاض المناعة الذي يحدث في هذه الأوقات.
ماهي تأثيرات الشدة في الجسم؟
إن التأثير الأساس للشدة يأتي عن طريق التدخل في إفراز عدة مواد ( هرمونات،بروتينات ،وسائط كيميائية) مما يؤثر على عدد كبير من وظائف الجسم.
مثال: إن الشدة والتفكير السلبي يحرضان على إفراز CYTOKINESوهي بروتينات تفرز من الكريات البيض وتكون مسؤولة عن تنظيم الارتكاس المناعي واتصالات الخلايا مع بعضها.
فإذا كانت الشدة حادة أو مزمنة يحدث مبالغة في إفراز هذه البروتينات مما يؤدي إلى تضخم التفاعل الالتهابي الأمر الذي يهيئ لعدد كبير من الأمراض( قلبية وعائية، ترقق العظام، التهاب مفاصل، سكري من النموذج 2، سرطانات، مرض الزهايمر، ضعف المناعة عند المسنين، أمراض اللثة، آفات استحالية)
الدراسات الحديثة بينت أن التربية الروحية وتمارين الاسترخاء لها تأثيرات إيجابية على النظام المناعي ، لأن الأفكار الإيجابية والمعتقدات الدينية تؤثر في النظام الغدي ( الدرق وجاراتها، الغدة النخامية، الكظر)الذي يقدم للجسم عدة هرمونات أساسية ،مما يجعله يتدخل في تنظيم عدة وظائف أساسية: حرارة الجسم،الجوع والعطش،النوم، النشاط الجنسي ، المشاعر…..
إن الهرمونات تلعب دور الوسيط بين الجهازين العصبي المركزي والمناعي.
ماهي الوسيلة التي يجب أن نلجأ إليها للتخفيف من تأثيرات الشدة النفسية؟
الغربيون- وحسب معتقداتهم- يقترحون عليك نماذج مختلفة من التمارين ( يوغا،أساليب معينة في الاسترخاء،تمارين من نوع تاجي كوان،…….) .
أما المؤمن الذي يتقن فن الاتصال مع الله فإنه- ودون أي شك- يصل إلى حال من الطمأنينة والشعور الداخلي بالسكينة أمام أية شدة تواجهه ، وبشكل أقوى وأدوم من الطرق السابقة، لأنه يسلك الطريق الذي يناسب الفطرة.
أما غير المؤمنين بالله فإنهم مضطرون للتسول هنا وهناك ، وفي تراث الشعوب الآسيوية خاصة للوصول إلى شعور مسكن يريحهم قليلا ، لتعودهم آلام الاغتراب عن الفطرة من جديد.
ثالثاً: الاسترخاء:هناك مجموعة من الدراسات بينت أن الصلاة تعطي شعورا بالاسترخاء مما ينبه الوظائف العصبية، والغدية،والمناعية،والقلبية الوعائية.
الطبيب HERBERT BENSONمن جامعة HARVARD أكد أن تكرار حركات ، أصوات، كلمات أو جمل ، يؤدي إلى مجموعة من الارتكاسات الاستقلابية والانفعالية ( تنبيه بعض المناطق من الدماغ ،تباطؤ في النظم القلبي ، انخفاض في التوتر الشرياني، هدوء عام،………) وقد سمى هذه الارتكاسات ( جواب الاسترخاء ) وذلك بالمقابل ﻠ ( جواب الشدة)
الذي يتميز ﺒ : تسرع في القلب ، زيادة في الأدرينالين ، زيادة في التوتر العضلي ………….
وهذا – حسب رأيه- مايشرح فائدة الصلاة للصحة.
إن جواب الاسترخاء يعمل على إعادة الجسم إلى حالته الاستقلابية الطبيعية بعد جهد بدني أو نفسي . إنها الحالة التي يجب أن يعود إليها الجسم لتتوفر له الوقاية من المعاناة المزمنة ،
ومايمكن أن تحمله من أمراض جسمية ونفسية.
هناك عدة طرق للاسترخاء ،وكلها تحاول إعادة الجسم إلى حال قريبة من الطبيعية. وقد لحظ الباحثون أن الكثير من الممارسات الدينية توصل ممارسيها إلى حال الاسترخاء المطلوبة.
ولاشك أن لقراءة القرآن ولمجالس الذكر وللدعاء وللسجود بين يدي الله تأثير واضح في الوصول إلى جواب الاسترخاء المطلوب.
رابعاً : دراسة في مجلة Archives of internal medicine
De l’ American medical association
سنة 2024
النقاط الرئيسية في هذه الدراسة:
يجب أن يعترف الطب بوجود قوة تقف وراء هذا الكون عندما نجري أبحاثا علمية على الصلاة.
هذه القوة التي لايمكن إدراكها يجب أن لاننشغل بإجراء دراسات عليها ، لذا يجب على العلم أن ينسحب من محاولة إجراء أبحاث على هذه القوة العظيمة.
يجب على العلم والطب أن يعترفا بأهمية الدين والتألق الروحي على الحياة الصحية ، وإن كانت الوسائل العلمية تجد صعوبة في دراسة أمثال هذه الأمور.
خامساً : الدعاء والخشوع: من النقاط الهامة في هذا الموضوع:
o عدد من الباحثين ومنهم PLACIDE GABOURY يؤكدون أنك حتى
تنتعش روحيا يفضل أن لايكون لك هدف محدد من دعائك. وقصده أن الدعاء المنعش للروح
هو ذاك الذي يخرج من قلبك بدافع الحب لله دون أن يكون بسبب حاجة طارئة ألزمتك رفع يديك إلى السماء.
طبعا نحن في ديننا يعتبر الدعاء وسيلة للعبادة بشكل أساسي، أي أننا نرفع أيدينا إلى السماء تذللا لله وشكرا على نعمه وطلبا لرحمته. فالدعاء هو بحد ذاته عبادة مجردة لأنه السبيل الأرقى
لإبقاء خط الاتصال مع السماء مفتوحا.
المؤمن يرفع يديه إلى السماء في كل آن وليس فقط في أوقات الشدائد والأزمات ، وقد قالت حكمة عطائية" لايكن طلبك تسببا إلى العطاء منه فيقل فهمك عنه.
وليكن طلبك لإظهار العبودية وقياما بحق الربوبية."
وقال أبو الحسن الشاذلي رحمه الله" لايكن حظك من الدعاء الفرح بقضاء حاجتك دون الفرح بمناجاة مولاك فتكون من المحجوبين"
o الخشوع والتألق الروحي نصل إليه عن طريق التحرر من الأفكار المؤذية
والمحدثة للشدة .
لاشك أن التفكير عملية أساسية للمسير في هذه الحياة ومتابعة شؤونها ، ولكنه يصبح أحيانا عملية إلحاحية تسيطر علينا سواءً أكان ذلك في محله أم لا .
هذه الأفكار الملحة تمنعنا من الاسترخاء ، وقد تحدث ارتكاسات سلبية في مشاعرنا( ذكريات قديمة سيئة، توقع لمصائب في المستقبل، أفكار تشاؤمية،…) الأمر الذي يحدث حالا من الشدة الداخلية ذات التأثيرات السلبية النفسية والجسمية.
o وللوصول إلى الخشوع إليك بعض النصائح التي يقدمها لك أصحاب الأبحاث:
أ- تدرب أن تركز انتباهك بشكل أن تمنع الأفكار من السيطرة عليك. ركز على شيئ مهم يمنعك من ملاحقة الأفكار المختلفة ، ومن المقترحات لذلك:
– صوت: كلمة مقدسة أو مقطع أو جملة لها تأثير إيجابي . حاول أن ترددها ذهنيا أو همسا أوبصوت عال .
( مارأيك مثلا بترديد" سبحان الله" أو " الحمد لله " …)
– صورة معينة تثير انطباعا جيدا لديك ،
( شروق الشمس أو غروبها ، غيوم تركض في السماء )
– صورة ذهنية إيجابية .
– ولاتنس التنفس بهدوء وعمق.
خلال هذه الجلسات اجعل الأفكار تسير عبر رأسك وتنطلق كالغيوم أو قطعان الخيل ، ولا تسمح لها بالاستقرار.
ب- هناك من الباحثين من ينصحك اتخاذ وضعيات معينة تحافظ عليها خلال تمارين الاسترخاء . فما رأيكم بوضعية الدعاء أو وضعية السجود.
ج- الجميع يؤكدون ضرورة المثابرة على هذه الجلسات الروحية للوصول
إلى الفوائد في حدها الأقصى.
إن الدعاء والخشوع والتربية الروحية تساعد في مجالين:
۱-فهي معالجة جيدة في : هجمات الهلع، القلق، الصدف،ادمان المخدرات،القرحات الهضمية،التهاب الكولون، سوء وظيفة الغدة التيمية، الآلام المزمنة .
۲-معالجة مساعدة في : ارتفاع التوتر الشرياني، الوقاية من تصلب الشرايين، الوقاية
من الهجمات القلبية، التهاب المفاصل، الآلام العضلية، السرطانات ، الأرق ، الشقيقة.
وقد لوحظت تأثيرات ممتازة عند الأطفال في القلق وفرط النشاط.
o وكذلك يؤكد الباحثون على أهمية الجلسات الجماعية في تقوية العوامل الروحية والنفسية. ونحن لن نتطرق إلى الطرق المقترحة للوصول إلى
ذلك لأننا لن نخوض في مبادئ الهندوسية والبوذية وتعاليم اليوغا وغيرها
،طالما لدينا نظام إلهي يعلم السر وأخفى ، وهو النظام الوحيدالمثالي – بالنسبة للمؤمنين- لتأمين الاسترخاء والراحة النفسية والاستقرار المناعي
والغدي إن أحسن تطبيقه.
ولاننسى كم اهتم ديننا بالجلسات الجماعية للذكر والصلاة( صلوات الجماعة، صلاة الجمعة ، الطواف ،…….)
سادساً: علم ANTHROPOSOPHIQUE
والاسم مشتق من مقطعين من أصل يوناني
إنساني ANTHROPOS
الحكمة SOPHIA
وهو علم يهتم بدراسة الإنسان ببعديه المادي والروحي ، وهو اختصاص طبي حديث.
هؤلاء الاختصاصيون لاينظرون إلى المريض كجسد فقط ، بل يهتمون بأبعاده الأخرى:
الانفعالات،المشاعر، الروح،الطباع،السوابق الشخصية والعائلية،الخواص الجسمية،
التربية،الوسط، العقائد،…………
ولاشك أن الدين الذي يهتم بصحة الجسد والروح والنفس ، والذي يتعامل مع الإنسان
بعنصريه الروحي والمادي ، قد أوجد الكثير من الحلول لمشاكل الإنسان بأشكالها المختلفة.
فالدين هو قانون الخالق لعيش رغيد وبناء لمن أراد الاتباع.
هذا غيض من فيض من الدراسات العلمية في شؤون الصلاة والدعاء والتربية الروحية. وكان دوري مقتصرا في هذا البحث على نقل المعلومات والتعليق عليها من وقت لآخر.
الموضوع أكثر من رائع تسلم ايدك حبيبتي
مشكورة يالغلا