الصبر أبرز الأخلاق الوارد ذكرها في القرآن حتى لقد زادت مواضع ذكره فيه عن مائة موضع، وما ذلك إلا لدوران كل الأخلاق عليه، وصدورها منه، فكلما قلبت خلقاً أو فضيلة وجدت أساسها وركيزتها الصبر، فالعفة: صبر عن شهوة الفرج والعين المحرمة، وشرف النفس: صبر عن شهوة البطن، وكتمان السر: صبر عن إظهار مالا يحسن إظهاره من الكلام، والزهد: صبر عن فضول العيش، والقناعة: صبر على القدر الكافي من الدنيا، والحلم: صبر عن إجابة داعي الغضب، والوقار: صبر عن إجابة داعي العجلة والطيش، والشجاعة: صبر عن داعي الفرار والهرب، والعفو: صبر عن إجابة داعي الانتقام، والجود: صبر عن إجابة داعي البخل، والكيس: صبر عن إجابة داعي العجز والكسل وهذا يدلك على ارتباط مقامات الدين كلها بالصبر، لكن اختلفت الأسماء واتحد المعنى، والذكي من ينظر إلى المعاني والحقائق أولاً ثم يجيل بصره إلى الأسامي فإن المعاني هي الأصول والألفاظ توابع، ومن طلب الأصول من التوابع زل. ومن هنا ندرك كيف علق القرآن الفلاح على الصبر وحده ((وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً)) ((أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، ويلقون فيها تحية وسلاماً)) ((سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار)).
إن الصَّبر هو السبيل إلى فهم أفضل لدورنا، بوصفنا مسلمين أتقياء، فهو يشكل طريقة سلوكنا ويحدِّدها، ويجب أن نعتمد الصبر أساساً في حياتنا، إذا أردنا أن نبلغ رحمة الله،إن المفهوم الإسلامي للصبر أكثر إيجابية وفعَّالية من المصطلح اللغوي، وللصبر معانٍ أو جوانب عديدة في الإسلام، فهو يعني السيطرة على مخاوفنا وأهوائنا ونقاط ضعفنا، ويعني أيضاً التروِّي والثبات والسيطرة والتصميم والعزم.
نحتاج هذه الفضيلة كي نقاوم هجمات الشيطان ونحصِّن إيماننا، والصَّابر لا يأبه للصّعوبات، لأنه قادر على تحويل المرارة إلى رضا، لذا علينا أن نطلب عون الله في الشدائد والملمات ونصبر، ويتم ذلك من خلال الصلاة التي تقوِّي مقدرتنا على الصبر والثبات، وتصدر قوة الصبر عن معجزة الصلاة، وبفضل الصبر نحصل …
بآآرك الله فيكي يالغلآآآآ
جزاج الله خير