اصبر على الدنيا
كلمة الدنيا تحوي في داخلها من المعاني ما قد يستغرب منه القارئ،
ومن ذلك أنها تصغير لما فيها مع شدة إعجاب البعض بزخارفها،
وأنها قصيرة لما يوجد من أضعاف مضاعفة في الآخرة،
ومن كل ما لم يتخيله البشر. وأنها دار امتحان واختبار،
ومن ثم ينظر كيف يعمل المرء فيها :
هل تستهويه هذه الدنيا من متاع زائف، وزائل، أم يجعلها داراً للتزود من الخيرات
لتكون له رصيداً في الآخرة؟
انظروا هذا التشبيه والمقارنة بين أمرين، وعليكم تحكيم العقل واختيار ما يمليه عليكم
ضميركم، وضمير كل مسلم غريب، وعابر سبيل.
عن المستورد بن شداد ـ رضي الله عنه ـ قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما الدنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بما يرجع
(رواه مسلم).
فكل ما تراه من نعيم في هذه الدنيا وزخارفها من قصور أو سلاطين
وعروش وكل من تعلَّق بشيء يظن أنه لن يزول، ويتفاخر به أمام الغير،
أو يحتفظ به خوفاً عليه،
ما هذا كله إلا كنقطة أو نطفة من ماء إذا وضع أحدنا إصبعه في البحر يرجع بها،
ونراه ـ والله ـ لتشبيه عجيب وغريب لما فيه من خير مُدَّخر لكل عبد زَهِدَ في هذه الدنيا،
وصبر على البهرج الزائل، وذلك ليجني الخيرات في الآخرة إن شاء الله.
نسأل الله العزيز القدير أن نكون ممن يضعون الدنيا وزخرفهـا في أيديهم،
ولا تكون في قلوبهم، وأن نقنع بما لدينا، ولا نطمع فيما في أيدي الناس.
اللهم آمين