الحمد لله وحدهـ والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاهـ..,
وبعد…
نسير في هذه الدنيا حيارى…
غافلين عن الأمانة التي حملناها…
نتهافت على الدنيا..
كأننا لأجلها خلقنا ..
وكأننا فيها مخلدون ..
عجباً لنا
ما أقسى قلوبنا..
وما أشد غفلتنا..
قال الحسن البصري:
" إنّما الدنيا حلم والآخرة يقظة والموت متوسط بينهما ونحن في أضغاث أحلام من حاسب
نفسه ربح ومن ومن غفل عنها خسر, ومن نظر في العواقب نجا, ومن اطاع هواه ضل,
ومن حلم غنم , ومن خاف سلم , ومن اعتبر ابصر ومن ابصر فهم , ومن فهم علم , ومن علم
عمل , فاذا ذللت فارجع, واذا ندمت فاقلع , واذا جهلت فاسأل , واذا غضبت فامسك ,
واعلم ان خير الاعمال ما اكرهت عليه النفوس.."
فما بالنا نتعلق بالفانية..
التي مهما بلغت فهي إلى زوال…
وإن طاب العيش فيها فهو منغص مكدر…
وتأمّل تفسير السعدي لقوله: {إنَّ الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنَّوا بها والذين هم عنْ آياتنا غافلون}
((لا يرجون لقاءنا))
_ أي الذين لا يطمعون بلقاء الله..
الذي هو أكبر ما يطمع إليه الطامعون..
وأعلى ما أمّلـه المؤمّلون..
بل أعرضوا عن ذلك .. وربما كـذّبوا به..
((ورضوا بالحياة الدنيــا))_ بدلاً عنْ الآخرة..
((واطمأنَّوا بها))_أي ركنوا إليها..وجعلوها غاية مرامهم ونهاية قصدهم..فسعوا لها..
وأكبّـوا على لذّاتها وشهواتها بأي طريق حصلتْ حصّلوها..
ومن أي وجه لاحت ابتدروها..
قد صرفوا إرادتهم ونيّاتهم وأفكارهم وأعمالهم إليها..
فكأنّـهم خُلقوا للبقاء فيها…
وكأنّها ليستْ دار ممرّ..!!
يتزود منها المسافرون إلى الدار الباقيةالتي إليها يرحل الأوّلون والآخرون..
وإلى نعيمها ولذّاتهـا…شمّـر الموفّقُـونْ..