تخطى إلى المحتوى

الجزء الثانى من يوسف الصديق 2024.

  • بواسطة
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخواتى
كنا قد وصلنا فى الجزء الاول الى اى مدى وصلت غيرة اشقاء سيدنا يوسف عليه السلام

ان شاء الله سنعرف ماذا سيفعلون به

في البئر :
الله سبحانه لم يترك يوسف وحيداً ، هو مع كل الناس الطييبين . . كان يوسف حزيناً و لكن كان صابراً يعرف إن ما حدث هو امتحان له . . لهذا كان ينظر الى السماء و يتمتم بكلمات الحمد .
رأى يوسف في عالم الرؤيا أحد عشر كوكباً و رأى الشمس و القمر رآهم يهبطون الى داخل البئر ، فامتلأ نوراً . . رآهم يبتسمون له و يسجدون احتراماً و اجلالاً . .
واستيقظ يوسف من غفوته . . و تطلّع الى السماء الزرقاء . . رأى سرباً من الطيور البيضاء المهاجرة . . فدمعت عيناه من أجل أبيه .
مرّت ثلاثة ايام و يوسف في داخل البئر . . مثل في أعماق البحر . . مثل في أعماق الظلمة لا أحد يعرف إنّ في هذه البئر ما خلق الله منها . . انها روح يوسف ذلك الفتى الطاهر الجميل . . لا أحد يعرف ذلك إلاّ الله سبحانه .
ثلاثة أيام و يوسف لا يأكل شيئاً . . كان يكتفي بشرب الماء . . يوسف تعوّد الصوم كان يصوم مع أبيه . . فتحمل آلام الجوع بصبر .
من أجل هذا كانت روحه شفافة طاهرة . . مثل اجنحة الطير البيضاء المهاجرة .
القافلة :
مرّت ثلاثة أيام على يوسف و هو في البئر لم يسمع خلالها سوى عواء الذئاب و هي تجوب الفلاة .
وفجأة سمع أصوات غريبة ! أرهف سمعه جيداً نعم انها قافلة تجارية . . عرف ذلك من وقع خطى الجمال و أصوات الرجال .
توقفت القافلة قريباً من البئر . . و أرسل التجار " الوارد " ليستقي من البئر . .
ألقى الرجل دلوه الى اعماق البئر كان يوسف ينتظر هذه اللحظة . . كان الحبل هو حبل نجاته و خلاصه من البئر ، تدفق نبع من الفرح في قلبه ! ان الله لا ينسى عباده فانقذه من هذه البئر المظلمة .
مثل تخرج من صدفة خرج يوسف من البئر . . مثل قمر يشق طريقه وسط الظلام سطع وجه يوسف و أضاء المكان . .
حتى " الوارد " لم يخف من المفاجأة . . صاح :
يا بشرى هذا غلام . . يا للفرحة . .
تجار القافلة ظنوا أن يوسف عبداً من العبيد الآبقين فرّ فسقط في هذه البئر . .
لهذا لم يسألوه عن قبيلته و أصله و قصّته . . جعلوه ضمن البضائع التي سيبيعونها في مصر .
مصر :
استأنفت القافلة طريقها الى مصر . . و بعد اثني عشر يوماً وصلت مصراً ، و هناك بدأ فصل جديد من قصّة يوسف .
يوسف هو الآن في مصر حيث يخترق نهر النيل تلك الأرض و يهبها الخصب .
يوسف ما يزال حتى الآن صغيراً ألقت به المقادير في تلك الأرض . . أصبح بضاعة يريد التجار بيعها في مصر .
يوسف تعلم الصمت . . و لكن قلبه ملئ بالحب . . بحب الله سبحانه الذي أحسن اليه .
التجار خافوا من سكوته . . خافوا إذا ما تكلم و قال انه ليس عبداً لهم لهذا أرادو بيعه و لو بمبلغ زهيد .
رأى يوسف نفسه في أرض جديدة ، ارض لم يرها من قبل ، رأى نهر النيل القادم من الجنوب . . و رأى فيه الزوارق تنساب فوق مياهه النيلية . . و رأى الفلاحين ينقلون المياه بالدلاء لري حقولهم و مزارعهم .
عرضت القافلة بضائعها من خشب و فضة ، و عرضت أيضاً يوسف ، كان هَمُّ التجار بيعه حتى لو بثمن زهيد . .
في ذلك اليوم جاء العزيز و هو المسؤول الأعلى عن أمن مصر ، و تفقد بنفسه القافلة . .
رجال الحرس يحفون بالعزيز و هو يستعرض البضائع و التجار و وقعت عيناه على يوسف . . تساءل عن ذلك الفتى البهي الوجه . .
قالوا له انه غلام للبيع . .
تساءل عن ثمنه فقالوا : نبيعة بعشرين درهماً فقط .
نقدهم العزيز الثمن و كانوا فرحين . . فباعوه و كانوا فيه من الزاهدين .

و هكذا انتقل يوسف الى قصر كبير تحوطه الحدائق ، فهو قصر عزيز مصر الرجل الثاني في الدولة .
دخل يوسف القصر و وقعت عيناه على سيدة حسناء عرف انها زوجة العزيز و صاحبة القصر المنيف .
قال العزيز لزوجته " أكرمي مثواه " انه فتى اتوسّم فيه الخير ربّما ينفعنا " أو نتخذه ولداً " نحن محرومون من الولد فلنتخذ من يوسف ليكون ولدنا .
نظرت " زليخا " الى يوسف . . كان فتى بهي الطلعة مشرق الوجه يشعّ من عينيه الصفا . . لكأنه ملاك هبط من السماء .
في ذلك اليوم اغتسل يوسف في الحمام و ارتدى حلّة جديدة حلّة مصنوعة من خيوط الكتّان كانت أرق من الحرير .
كان المصريون في ذلك الزمن يزرعون الكتان و ينسجون من خيوطه أنواع الثياب و الحلل .
كان يوسف يعيش سيداً في القصر ، و مع ذلك فقانون البلاد يعتبره عبداً للعزيز و زوجته لأنه مِلك لهما .
و هكذا عاش يوسف في واحد من أجمل و أكبر القصور المصرية .
و لكن هل كان يوسف سعيداً بحياته الجديدة ؟ كلاّ .
كان يحنّ الى أبيه و الى تلك البوادي . . هناك يعيش ناعم البال يعبد الله وحده و لا يشرك به شيئاً .
أما هنا فالناس يعبدون الأوثان و يعبدون الملك أيضاً .
ومع ذلك عاش يوسف صابراً مؤمناً بالله و بانبيائه إبراهيم و إسحاق و يعقوب .
عاش يوسف و كان قلبه يمتلأ كل يوم بالايمان ، و كان الصفاء يشّع من عينيه أكثر فأكثر .
كلُّ الناس أحبّوه . . أحبّوا فيه صفاءه و شهامته و أخلاقه ، و هو أيضاً كان يحبّ الناس يريد لهم الخير . . يساعد الفقير و البائس فاذا رأى فلاحاً متعباً ساعده أو رأى عاملاً عجوزاً هبّ الى إعانته .
هكذا عاش يوسف كان يكبر كل عام و كانت روحه تكبر كل يوم و قلبه يكبر و يكبر ، و يتدفق رحمة و طيبة .
وتمرّ الأعوام حتى إذا بلغ اشدّه و بلغ من العمر ثمانية عشر سنة أضاءت في قلبه الحقيقة . . أصبح يشعر بها أكثر فأكثر ، تضيئ مثل الشمس و النجوم .
كان يوسف مؤمناً بالله . . لا يحبّ أحداً مثل حبّه لله . . لا يخاف من أحد خوفه من الله . . و لا يهاب أحداً غير الله .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.