الأيام دخل النسر وحط بجوار زوجة الرجل وفي منقاره عقداً جميلاً من اللؤلؤ والماس والياقوت، فرحت المرأة بالعقد فرحاً كبيراً، وهي التي طالما عانت من مرارة الفقر وشغف العيش، وكان الرجل المريض الذي كان في حالة إغماء في الغابة ينظر ويرقب ما حدث باهتمام كبير. وبعد أن تماثل الرجل للشفاء غادر المكان بسلام وأمان، وفي الطريق سمع هذا الرجل مناديا يقول: إن زوجة الملك قد فقدت عقداً لها، ومن يخبرنا عن مكانه فله مائة ليرة ذهبية، سمع الرجل النداء وقال في نفسه: مائة ليرة من الذهب!! وأنا رجل فقير لا أملك من حطام الدنيا شيئاً!! وذهب إلى قصر الملك فأخبره بأن العقد الذي تبحث عنه زوجته موجود في بيت الرجل الصياد، (وهو الصياد الذي إعتنى به وصنع معه معروفاً وآواه وعالجه وأكرمه). ذهب رجال شرطة الملك إلى بيت ذلك الصياد الطيب واعتقلوه، وإتهموه بالسرقة وأعادوا العقد إلى زوجة الملك، ثم حكموا عليه بقطع رأسه. عرف الثعبان الذي عالجه الصياد الطيب في بيته بالقصة كاملة، فأراد أن يقدم لصاحبه خدمة لا ينساها العمر كله مقابل ما خدمه وأحسن إليه عندما كان مريضاً في الغابة. ذهب الثعبان إلى قصر الملك، ووصل حجرة بنت الملك والتف حولها، وعندما رأت زوجة الملك هذا المشهد المرعب خافت على بنتها فأخذت تصرخ، وأسرعت لتخبر الملك ورجال القصر، ولكن لم يتمكن أحد من الإقتراب خشية على حياة بنت الملك. إحتار الجميع في الأمر، وكان كل واحد منهم يفكر ويبحث عن مخرج لهذه المصيبة التي حلت بالمملكة. قال الوزير للملك: أليس عندنا في السجن رجلاً متهماً بالسرقة ومحكوماً عليه بقطع الرأس؟!!. قال الملك: بلا. قال الوزير نحضره إلى هنا فندفعه لفم الثعبان فيموت من لدغ الثعبان ومن ثم ينجي بنت الملك من الثعبان لأنه في كل الأحوال محكوم عليه بالموت. أحضر الجنود الصياد، ووقف بين يدي الملك، فطلب منه الملك أن يدخل الغرفة ليفتدي إبنته من الثعبان. قال الصياد الطيب: أرأيت يا ملك الزمان إن فعلت ذلك، فبماذا تكافئني وماذا سيكون جزائي!! قال الملك: بالعفو وأمنحك العقد هدية لك. دخل الرجل غرفة بنت الملك، وعندما رآه الثعبان أقبل إليه بهدوء وتسلق إلى كتفيه، فحمل الرجل الثعبان وسار به إلى بيته والعقد في جيبه آمناً مطمئناً وقال: لقد حفظ الثعبان المعروف، وحفظ النسر المعروف، أما الإنسان فلم يحفظ المعروف، وهذا ما كان يقصده أبي عندما أوصاني وهو على فراش موته، بألاّ أصنع معروفاً مع إنسان، بمعنى ليس المعروف من أجل الإنسان، فإن الله الذي ينظر ويسمع ويعلم هو الذي خلق الإنسان، وأن عمل المعروف مع الإنسان هو من أجل الله رب العالمين وليس من أجل مخلوق. وكما قال نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: "إصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن لم تجد أهله فأنت أهله ".
يحكى ان رجل مرض بمرض خطير و الموت أصبح قريبا منه فأحضر إبنه ليعلمه ويعظه ، فطلب منه أن لا يصنع المعروف مع اي من البشر، وهو يعلم أن هذا مستحيل، فإن صنعت المعروف فلا تنتظر المقابل ، اراد منه ان يتعلم ان يصنع المعروف مع اهل المعروف،وقد طلب منه أمرا لا يقدر عليه، املاً منه بتشجيعه على فعل الخير. وبعد ان مات الرجل وبينما كان إبنه في رحلة صيد ممتطياً جواده وبجانبه سلاحه، رأى نسراً مجروحاً لا يتمكن من الطيران ، أشفق الرجل على النسر فحمله من أجل مداواته في بيته، وأصرّ على أن يطلقه بعد علاجه، وفي اليوم الثاني وأثناء رحلة صيد له أيضاً داخل الغابة رأى رجلاً فاقداً للوعي مكبلاً في جذع شجرة، فأشفق عليه ومسح وجهه بالماء وفك قيده، وبمجرد أن عاد إليه وعيه، حمله الرجل معه إلى بيته، وجهز له مكاناً خاصاً وإهتم به إهتماماً كبيراً، وقدم له كل ما يحتاجه من دواء وكساء وطعام وشراب وراحة. وفي اليوم الثالث خرج أيضاً للصيد وكان يوم شديد الحرارة وبعد البحث لساعات فى الصحراء عن فريسة جلس الصياد على الرمال ليستريح رأى ثعباناً مريضاً وقد أنهكه الحر الشديد ، فأشفق عليه وحمله إلى بيته لعلاجه، وبعد أن تماثل النسر للشفاء رفض أن يبتعد عن البيت، وفي يوم من