يعتقد العض من الاباء أن شخصيات أبناءهم جبلت وفطرت على العناد واثارة المشاكل وانه
لم يعد شئ ينفع لاستردادهم من جديد ..فكثيرا ما يلاحظ الاباء العناد الحاصل بين الابناء أو
الغيرة الواضحة بين الأخوات البنات أو ربما تشاهد التعامل الجاف بين الأخوة في مقابل
التعامل اللين جدا مع الآخرين والاصدقاء في اشارة واضحة الى ان التربية واقصد تربية
الابوين لم تؤتي ثمارها بشكل يدفع الى التوافق والتعاون بين الاخوة.
وكل ما يصدر احيانا يكون ذا طبيعة جافة تجاه الأخ في مقابل مرعاة لمشاعر الاصدقاء
والآخرين…..عدم تقدير لاراء الأخ وافكاره في مقابل احترام وتقدير الآخرين ……..عدم
اعطاء الأخ اعتبار واهمية في مقابل الانتباه للآخرين.
هذه احدى الصور التي تلاحظها في بعض الأسر والتي انعكست من مجموعة من الاسباب
من اهمها الاسلوب الذي انتهجه الابوين في مسيرة تربيتهم لابنائهم ، ولذلك يأتي الاستغراب
الكبير من الابوين تجاه تصرفات ابناءهم المتسمة بالعناد والتكبر على بعضهم البعض ،
ولان الانسان غالبا ما يلقي اللوم على اسباب خارجة عن ذاته ، يرجع الابوين تصرفات
ابناءهم مع بعضهم البعض الى وجود صديق أو زوجة أو يرجعونها الى طبيعة ابناءهم
المختلفة عن الابناء الآخرين . وصحيح أن تلك الاسباب الخارجية قد تكون عاملا مساعدا
في اختلاف الاخوة مع بعضهم الا ان السبب الرئيسي يعود لاسلوب تنشئة الوالدين ، فلو
كان اسلوب التنشئة مناسبا لاختفى تأثير تلك الاسباب المساعدة حيث يعمل اسلوب التنشئة
على الوقاية من تأثير العوامل المساعدة لو وجدت فعلا .
ومن أكثر اساليب التنشئة الخاطئة التي يمكن ان تؤدي الى دوام اختلاف الابناء مع بعضهم
البعض هو التفريق والتميز بين الابناء في التعامل ، والذي يرجع الى اعتقاد الابوين انهما
يراعيان فيه خصائص ابناءهم فيفرقون في التعامل بناءا على ذلك .
فمثلا لو كان احد الابناء ضعيف ماديا ، يعمل الابوين على التركيز عليه اكثر من اخوته
ومساعدته دوما وبشكل واضح وامام اخوته بينما لا يجد الاخوة الآخرين تعاملا مماثلا ..
ولو تفحصنا مشكلة ضعف ذلك الابن لوجدنا السبب هو نفسه وكسله وعدم مبالاته او
انخراطه في عمل ولم يكن للابوين او الأخوة الآخرين سببا في هذا الضعف ، ولو اننا
قسناها بموازين العدل لكان العطاء والمكافأة تذهب للمجتهد والمصيب والذي نظم حياته
بشكل جيد وليس للبليد والكسول والمتعب لنفسه واهله ، ومع ذلك فان العدل بين الابناء
يقتضي عدم التميز بينهم مهما كانت صفاتهم لسبب بسيط وهو انهم كلهم في ميزان واحد
داخل الاسرة أي انهم ابناءنا جميعا وحقوقهم يجب أن تكون متساوية .
ومن الاسباب التي تدعوا الاباء والامهات للتفريق هو الابن الصغير أو ما يسمى باخر
العنقود حيث يحظى باهتمام اكثر من غيره مما يؤلب قلوب اخوته عليه وعلى تصرفات
اباءهم ولقد كان لنا في يوسف عليه السلام واخوته ايات للسائلين ، اذ كان تصرف يعقوب
عليه السلام من خوفه على يوسف واخيه الصغير مدعاة وبابا دخل منه الشر الى قلوب
اخوته فكادوا له ولابيه يعقوب لعله يرجه اليهم يعقوب وترجع لهم نظرة ابيهم وعطفه .
ورغم أن في يوسف صفات راءها يعقوب في ابنه يوسف عليهما السلام تستجلب الرعاية
والاهتمام الا أن الابناء لا ينظرون الى اخيهم الا مجرد واحد مثله مثلهم ، فالأبناء لا
ينظرون الا لشئ واحد يجب أن نركز عليه وهو تصرفات الأب وليس صفات الأبن ، والمعنى
أنه قد يكون في البيت أحد الأبناء صفاته جيده تختلف عن صفات الأخوة ومع ذلك فالأخوة لا
يعيرون هذه الصفات شيئا امام تصرفات ابيهم تجاههم جميعا بعدل وانصاف ودون تفريق أو
تميز . ومن هنا فعلى الاب أو الأم أن لا تدع بابا مفتوحا للشيطان فيدخل منه الى التفريق
بين الأخوة .
( ملاحظة : اخوة يوسف عليه السلام انباء عليهم السلام ولكن لانهم بشر اخطئوا
لاعتقادهم ان ابيهم يفرق بينهم وبين يوسف متناسين صغير يوسف في العمر ، ومع ذلك
لما عرفوا الحق رجعوا الى الله بالتوبة النصوح واعترفوا بخطئهم وشئ اخر مهم وهو
اعترافهم بأن الله اثار يوسف بصفات ومميزات تستحق التقدير وذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء، ومع هذا ادعوا الاباء الى عدم التفريق مهما كانت صفات الابن بين الأخوة )
ومن هنا على الاباء والامهات ان لا يميزوا احد من الابناء في عطاءا زائد أو حماية زائدة
لا لصغر سن أو لصفات متوافرة أو لجنس فالعدل والعدل هو مطية المؤمن.