تخطى إلى المحتوى

التضحية رائعة 2024.

جلست هيفاء على المقعد الجلدي مضطربة في عيادة احمد جعفر استشاري الاورامتقوم تارة وتجلس أخرى تنظر إلى ساعتها تفتح حقيبتها تخرج السبحة تسبح وتحوقلالوقت يمر ببطء شديد الناس من حولها يخرجون من ذاك الباب ويدخلون من باب اخرمنهم من يبكي ومنهم من يبتسم ويشكر الله .وقع أقداما وصوت أجش .. الطيب بانتظارك تفضليدلفت من الباب وجلست أهلا دكتورأهلا مدام عمر ومد يده إلى ملف واخذ يقلب صفحاتهخير دكتور هل ظهرت النتيجة ؟لا أخفيك الأمر فزوجك مصاب بسرطان الدم وهو في حالة متقدمة يصعب العلاج معهاكاد أن يغمى عليها من هول الخبر الذي نزل عليها كالصاعقة التي احرقت الشجر والزهر .مدام عمر هل أنت بخير ؟اجل دكتوراعرف انك انسانة مؤمنة بالله وبمشيئته وكل نفس لها موعد وما أصابه لم يكن ليخطئهوما أخطأه لم يكن ليصيبه.. الأيام القادمة سوف تكون شاقة عليك أعانك الله وقوى عزيمتك .تركت العيادة وكل ما حولها مظلم لا ترى موطيء اقدامهااتجهت للمنزل مباشرة .. اعتكفت في غرفتها… رنين التلفون يقطع خلوتهاالو هيفاء .هلا عمر مشتاقة لك متى العودة ؟؟بعد غد .. أنجزت جميع إعمالي وسأتفرغ لك تماما وسأعوضك عن غيابي .أنا دائما في انتظارك .مرت الأيام وهاهو أمامها كما رأته أول مرة جميل حنون رائع بل أكثر من رائعرجل بكل ما في الكلمة من معنى كم هي محسودة عليه من المقربين والمعارفاحتضنته والدموع كشلال منهمر قبلته بكل الشوق واللهفة كل الذكريات الجميلة كانت تمر أمام عينيهاعانقته عناقا طويلا لا عناق العشاق بعد الفراق .. بل عناق الخائف من الوداع .جلسا ورائحة الورود تفوح من جنبات المنزل واشعة القمر تنساب من بين الستائر المخمليةتلقي بظلالها عليهما .. رائحة الطعام وصوت الضحكات واحضان و استعادة ذكرياتودموع واهات .. كلها في ذاك المجلس الحميم .أيام قضتها محاولة جاهدة ان تجعل منها اسعد أيام عمره .. تعوضه ما فات من اوقاتلم يكونا فيها معا .. ولم يتجاذبا فيها الغزل ..تريد ان تشعره كم هو غالي بالنسبة لها ..وتذبل كأوراق اشجار الخريف وتتبعثر وتضيع في ظلمة نفسها الحزينةكلما انقضى يوم من ايام عمره شاحبا وضعيفاقال بوهن وهو يتناول المسكن الذي وصفه الطبيب له قبل السفرهيفاء غدا إن شاء الله سوف اذهب للطبيب لأعرف نتيجة التحاليل .ردت بحنان وهى تجاهد رنة الخوف التي انتابتها من حديثه وغصة في حلقها تكاد ان تخنقهاعبرة كادت أن تقفز من عينها فتفضح امرهالا لا غدا سنذهب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة .حسنا الأمر كما تشائين .في الطريق إلى مكة جثم ضيق على قلبها انتابها خوف شديد … اخرجت السبحة وبدأت في الاستغفارحدسها كامرأة وزوجة محبة اعلمها أن هناك خطب ما وان شيئا ما سيحدث لكن ماهو ياترى .. ؟؟السكون يلف المكان إلا من أنفاسه المتحشرجة .. فهو يجر النفس بقوة تخاله يجاهد لإيصاله لرئتيهأخذت يده الباردة بين كفيها واحتضنتها بدفء العالم وحنانه وكأنها تقول: اشعر بك وبمعاناتكولكن ما باليد حيلة .دخلا المسجد الحرام وطافا بالبيت وأخذا مكانا في الخلف صليا فيه ركعتي الطوافسلمت هي وهو أطال السجود لحظات من عمر الزمن كانت كابوس جاثم توقعات وأمال .ومات في موضعه ووضعه رحمه الله .. ظلمة واحزان .. فراغ سقطت فيه ليس له نهاية ..انتهت مراسيم الدفن وانقضت أيام الحداد وشبح الحزن يتسيد المكان وصورته لا تفارقها ثانيةفلمن ستعيش ؟ ولمن ستلبس اخر هداياه الفستان والحذاء.. من سيمدح لونها وطولها واشراقة وجهها .. ويكتب لها رسالة شوق ويضع بين طياتها وردة حمراءكيف لها ان تنساه .. وكل شيءيذكرها به الموقد والكرسي وجريدته وكتبه ومكتبته ..هنا كان يجلس وهناك كان يداعبها .. كم مرة حضر العشاء لها واضاء الشموع ..والاف المرات شربا من كأس السعادة في شرفة الدار ..قميصه الازرق .. ورداء الحمام .. ووسادته التي لازلت تحتفظ بعطره ..كل شيء جميل هنا يذكرها به وهي لم تنساهااااه كيف تكون الحياة بعدك يا عمر ؟لولا أن الانتحار حرام للحقت بك ولكن قدر الله وما شاء فعل وهذا هو اختبار لناوالحمد لله على كل حال .ظل أخوها مجد ملازما لها طوال الاشهر الماضية وهاهو يستعد للرحيل إلى بلدهأعطاها رسالة وقال : هذه أمانة أعطاني إياها زوجك بعد رجوعه من السفرة الأخيرة بيومينوطلب أن أوصلها لك في حين وافاه الأجل.صرخت هيفاء مجد أكان يعلم بحالته الصحية وبمرضه ؟لا اعلم كل ما في الامر انه اعطاني هذه الرسالةوطلب ان اوصلها لك .. لا شيء غير هذا .. تعرفين انه بحكم البعد لا نتداول الأحاديث الخاصةودعها ومضى .وبيد ترتجف وعينان دامعتان فتحت الظرف ونشرت الورقةبسم الله الرحمن الرحيم زوجتي العزيزة هيفاءاتمنى عندما تصلك رسالتي تكوني في صحة وبخير من اللهاعترف لك باني كنت مقصر في حقك مستفرد بحبك لي حرمتك الطفل الذي كنت تحلمين بهاعرف انك كنت راضية ولم اجبرك ولو كنت مكانك لتزوجت بغيرك لكني اناني في الحبطمعت بك وحرمتك أمنيتك بطريقتي ولم افكر الا في نفسي .حبيبتي اعترف أني عرفت بمرضي و خشيت أن أخبرك فأثقل عليك واحزن قلبك الطيبففضلت أن احتفظ لمرة واحدة بسري وأتألم بمفردي يكفي ألامك طول السنين وسهرك عليحبيبتي كل ما جنيته من أموال وهبتها لك فلا احد يستحقها سوك .حبيبتي أحببتك من كل قلبي وبادلتك إخلاصا بإخلاص كنت معي وفي قلبي في كل مكانأكون فيه .. إلا المكان الذي أنا راحل إليه فأعذريني لأنه ليس بيدي اصطحابك معي ..فالدعوة جدا خاصة .أتمنى لقاءك في جنات النعيمحبيبتي الحياة قصيرة فانهلي من السعادة ما تقدمه لك وأنت في حل من حبي متى ما شيئتياعذريني لسوء التعبير والاطالة ولكن كتبت كل ما جال في خاطري وما اشعر به حقيقةعلى عجالة .. خوفا من ان يدركني الموت وانا لازلت اكتبها

منقووووووووووووووووووول


لا حول ولا قوة الا بالله
ربنا يصبرها
مشكورة
:icon_evil:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.