تخطى إلى المحتوى

البعض نحبهم . 2024.

البعض نحبهم

البعض نحبهم
لكن لا نقترب منهم.. فهم في البعد أحلى..
وهم في البعد أرقى.. وهم في البعد أغلى

والبعض نحبهم
ونسعى كي نقترب منهم
ونتقاسم تفاصيل الحياة معهم
ويؤلمنا الابتعاد عنهم ويصعب
علينا تصور الحياة حين تخلو منهم ..

والبعض نحبهم
نعيش حكاية جميلة معهم ونتمنى
أن نلتقي بهم ونفتعل الصدف
ونختلق الأسباب كي نراهم ونعيش
في الخيال أكثر من الواقع معهم ..

والبعض نحبهم
لكن بيننا وبين أنفسنا فقط
فنصمت برغم ألم الصمت
فلا نجاهر بحبهم حتى لهم
لأن العوائق كثيرة والعواقب مخيفة
ومن الأفضل لنا ولهم أن تبقى الأبواب
بيننا وبينهم مغلقة ..

والبعض نحبهم
فنملأ الأرض بحبهم ونحدث الدنيا عنهم
ونثرثر بهم في كل الأوقات
ونحتاج إلى وجودهم..
كالماء.. والهواء..
ونختنق في غيابهم أو الابتعاد عنهم ..

والبعض نحبهم
لأننا لا نجد سواهم وحاجتنا إلى الحب
تدفعنا نحوهم.. فالأيام تمضي..
والعمر ينقضي.. والزمن لا يقف..
ويرعبنا بأن نبقى بلا رفيق ..

والبعض نحبهم
لأن مثلهم لا يستحق سوى الحب
ولا نملك أمامهم سوى أن نحب..
فنتعلم منهم أشياء جميلة
ونرمم معهم أشياء كثيرة..
ونعيد طلاء الحياة من جديد
ونسعى صادقين كي نمنحهم بعض السعادة ..

والبعض نحبهم
لكننا لا نجد صدى لهذا الحب في قلوبهم..
فننهار وننكسر ونتخبط في حكايات فاشلة..
فلا نكرهم.. ولا ننساهم.. ولا نحب سواهم..
نبكيهم بعد كل محاولة فاشلة ونعود ..؟

كل الموت فراق وبعض الفراق موت

هاهو قطار الفراق يعلن استقراره في محطة حكايتنا..

وها أنت ذا تحمل حقاب الأحلام والأيام وتتجه نحو الغياب..

وها أنا ذا أستعد للوقوف بظهر مكسور وهامة مجروحة..

لألوح لك بشموخ هاديء وهدوء شامخ..

وكأن الأمر لا يعنيني..

وكأن الألم ليس ألمي..

وكأن الجرح ليس جرحي..

وكأن الهزيمة ليست هزيمتي..

وكأن الحكاية الميتة لم تكن يوماً حكايتي..

أتساءل:

وحين تموت الحكايات ، أين يذهب الأبطال؟

وأين تذهب الأحاسيس؟

وماذا يكون مصير الأحلام؟

وإلى أين يلجأ أطفال الحكاية؟

فلمعظم حكايات الحب أطفال..أطفال نعجنهم بماء الخيال..

ونرسمهم على صفحة قلوبنا..نمنحهم ملامحنا..

وننتقي لهم أسماء مشتقة من أحلامنا..

ونحبهم جدا.. وننتظرهم بفارغ العشق والأمل..

ننتظرهم .. نعم

لكن انتظارنا لهم يطول ويطول ويطول..

فعلى الرغم من إحساسنا بهم..

وعلى الرغم من حبنا الصادق لهم..

وعلى الرغم من شعورنا بحركاتهم في أحشاء الحلم..

إلا أننا لانلدهم أبداً..

ربما لأننا حلمنا بهم خارج رحم الواقع..

نخزنهم في الدفاتر بعيداً عن فضول الواقع..

نسجلهم في ذاكرتنا كأي حدث من أحداث الحكاية..

فإذا ماعاشت الحكاية..كبر الصغار بها..

وإذا ماتت الحكاية وُئد بها الصغار..

واسألوا نساء الأرض العاشقات..

عن أطفالهن النائمين في دفاتر الخيال..
أو افتحوا دفاتر الحكايات الفاشلة..
وأحصوا عدد أطفال الدفاتر فيها..

وسؤال آخر:لماذا حين تنتهي الحكاية..

ونهمل كل أوراقها وطقوسها وذكرياتها..

لانفكر سوى في كيفية احتمال الألم الناتج عنها..

ونعلن الحداد..فلا نرى من الحياة سوى سوادها..

ولانتذكر من الحكاية سوى ركنها المظلم..

ونهيء أنفسنا للحزن والألم والندم والبكاء..

على الرغم من أن مرحلة مابعد الفراق..

قد تكون مرحلة أخرى أجمل وأصدق..

إذا نحن أردنا ذلك؟

ماذا يأتي بعد الفراق؟

أشياء كثيرة تاتي بعد الفراق..

يهاجمنا الفراغ كسماء بلا نهاية..

يحاصرنا الحنين كوحش مفترس..

تنغرس فينا البقايا كأسنة السيوف..

تمزقنا الذكريات كأنياب حيوان جائع..

ونرفض المكان ونهرب من الزمان..

ونطرق كل أبواب النسيان..

ونفشل..

نعم نفشل..

فتجربة النسيان لاتقل صعوبة عن تجارب الاختراعات العلمية

ولأن الإحساس الذي كان في داخلنا كان صادقا

ولأن الأحلام التي عاشت فينا كانت رائعة

ولأن أمانينا التي غرسناها في أرض الحكاية كانت نقية

ولأن الحكاية كانت وسيلة من وسائل اتصالنا بالوجود

ولأننا كنا الطرف الأكثر شفافية في الحكاية

فإننا نفشل.. وبجدارة

لكن …!!لو اعتبرنا الحكاية

مجرد مرحلة من مراحل العمر

وليست العمر كله

لوجدنا أمامنا متسعا من الوقت للوقوف من جديد

والزحف نحو مرحلة جديدة من مراحل العمر

لأن العمر هو المراحل

والحكاية مجرد مرحلة من هذه المراحل

فإذا ما انتهت تلتها مرحلة أخرى

نحن فقط القادرون على جعلها

أحلى.. ، أو… أمّّر

فإن كنت من أولئك الذين يتألمون

وتجد صعوبة في الخروج من سياج حكاية

فاشلة

فأحضر ورقة وقلماً

واكتب أحاسيسك المؤلمة عليها

وقم بترقيمها..، ولانحزن حتى لو جاوز عددها الألف

وعاهد نفسك على أن تتخلص منها بالترتيب

وحاول محاولات جادة وصادقة

واشطب كل احساس تتمكن من التخلص منه

وحين تصل إلى الرقم الأخير

ستجد أنك قد تخلصت من كل أحاسيسك المزعجة

وقبل أن يرعبنا المساء

بعض الحكايات تبدأ بكلمة..

وتنتهي بصمت

وبعضها يبدأ بتجربة

وينتهي بإنفجار

وبعضها الآخر يبدأ بلعبة

وينتهي بمأساة

وبعد أن أرعبنا المساء

من بين كل الحكايات

هناك حكاية واحدة فقط

هي حكاية العمر كله

إنها تلك الحكاية التي تمسح كل الحكايات

وتبقى هي فقط بطقوسها وشخوصها

وهي حكاية لاتموت فيك أبدا.

روعه تسلمي طرح مميز جدا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.