المشكلات التي تحصل في الشرايين الصغيرة جدا للقلب، يمكنها ان تخلق تحديات لعمليات تشخيص آلام الصدر، ومعالجتها.
المقولة القديمة "بعيد عن العين، بعيد عن القلب" ربما تعبر عن الاستجابات الشائعة لحالة تبدو غامضة، وهي تكرار حدوث آلام في الصدر من دون رصد أي آثار لحالة سيئة من تدفق الدم نحو عضلة القلب، في ظل وجود شرايين تاجية "نقية".
وغالبا ما يقال للناس الذين تلاحظ لديهم هذه التركيبة المحاطة بالألغاز، بانهم في وضع صحي جيد رغم أن الاعراض، في كل اجزائها، حقيقية، ومؤذية، تماما مثل الاعراض المصاحبة لحالة شريان تاجي مسدود بالكوليسترول.
وبعض الناس يعانون من المشكلة لسنوات، فيما يتشكك الاطباء بهم، وتقودهم المشكلة الى الكآبة، والقلق، بل وحتى الى الوسواس.
ان الشرايين التاجية الكبيرة لا تحتكر لوحدها مرض القلب. فالباحثون يكتشفون ان المشكلات في الشرايين الصغيرة للقلب، يمكنها التسبب في ظهور الاعراض التقليدية لمرض القلب، مثل حدوث آلام الصدر، صعوبة التنفس، سوية مع اعراض غير معروفة كثيرا مثل الشعور بعدم الراحة في الصدر والانهاك غير الاعتيادي.
وتؤثر هذه الحالة التي تسمى مرض الاوعية الدموية الميكروية التاجية coronary microvascular disease ، على نحو ثلاثة ملايين امرأة اميركية وعلى عدد غير معروف، ولكن اقل، من الرجال.
تدقيق الاوعية الميكروية
آلام الصدر والاعراض الاخرى التي تشير الى ان عضلة القلب لا تحصل على كفايتها من الدم، ظلت تشير تقليديا الى وجود تضيق او انسداد في واحد من شرايين القلب الكبيرة، او اكثر.
والتقدم الحاصل في التكنولوجيا الذي سمح للاطباء ب" اختلاس النظر" الى اوعية القلب الصغيرة المسماة الاوعية الميكروية التاجية، قد وسعت من المفاهيم المتعلقة بامراض الشرايين التاجية للقلب.
لدى بعض الاشخاص- النساء اكثر من الرجال- تتصلب الاوعية الميكروية التاجية، ولا يمكنها الاسترخاء والتوسع.
"وعندما تفقد الاوعية الميكروية قدرتها على الاستجابة الى الاحتياجات المتغيرة للقلب من الدم المشبع بالاوكسجين، فان الام الصدر والاعراض الاخرى تبدأ بالظهور، مهما كانت نقاوة الشرايين التاجية الكبرى" حسبما تقول الدكتورة جين ايه.
ليوبولد، الاختصاصية في القلب التي ترأس المبادرة الصحية الدولية لطب القلب للنساء في مستشفى بريغهام والنساء التابعة لهارفارد.
رصد مرض الاوعية الميكروية
لا توجد حتى الآن طريقة بسيطة لكشف مرض الاوعية الميكروية التاجية وافضل اختبار حتى اليوم، يسمى احتياطي التدفق عبر الشريان التاجي coronary artery flow reserve او النشاط الارتكاسي للاوعية التاجية coronary vascular reactivity، يتطلب ادخال سلك رفيع جدا مزودا بمستشعرات في رأسه، في مناورة، الى الشريان التاجي.
وهو يفوم بقياس تدفق الدم والضغط قبل وبعد حقن ادوية في القلب تهدف الى توسيع الاوعية الميكروية.
وهذا الاختبار لا يجرى الا في عدد صغير من مراكز القلب في الولايات المتحدة.
ويستكشف الباحثون سبلا اخرى لطرق اختبار غير تدخلية لرصد مرض الاوعية الميكروية التاجية.
واحدى هذه السبل الممكنة هو التصوير بالمرنان المغناطيسي القلبي. وهي ترمي الى استخدام المرنان لمسح القلب قبل وبعد حقنه بادوية لتوسيع اصغر الشرايين التاجية.
وهناك اختبار آخر يسمى reactive hyperemia peripheral arterial tonometry الذي يستخدم فيه مستشعر بحيث يوضع على رأس الاصبع للكشف عن مرونة الاوعية الدموية.
"لست بصحة جيدة" ان مفهوم مرض الاوعية الميكروية التاجية، لا يزال لم يدخل بقوة الى قائمة الامراض الطبية المعروفة.
واحد اسباب بطء انتشاره يتمثل في "اننا لا نمتلك بعد الادوات الجيدة لتشخيص الاوعية الميكروية التاجية، كما اننا لا نعرف كيفية معالجة مرضها بشكل جيد". كما تقول الدكتورة نويل بيري-ميرز مديرة مركز القلب للنساء في مركز سيدار-سيتلي الطبي في لوس انجليس، الباحثة البارزة في هذا الميدان.
الا انها تنصح النساء بفحص القلب. الا ان ازدياد عدد المراكز الخاصة بالعناية بامراض القلب والاوعية الدموية للنساء اضافة الى تعمق الابحاث حول الاوعية الميكروية التاجية، سوف يعني ان اطباء القلب على المستوى المحلي سيتعرفون عليه خلال عدة سنوات.
كيف نعالج بشكل افضل مرض الاوعية الميكروية التاجية؟ هذه منطقة رمادية. الا ان تخفيف الاعراض مسالة مهمة.
فهو يساعد المرأة لان تشعر انها افضل حالا، واكثر نشاطا، وان تقضي شؤونها الحياتية. كما ان ذلك سيشير الى ان الشرايين الصغيرة اضحت مفتوحة وهو أمر جيد للقلب على المدى البعيد.
ويمكن للادوية القياسية لعلاج الذبحة الصدرية التي تجعل اوعية الدم اكثر استرخاء، مثل النتروغليسرين، المساعدة في تخفيف الاعراض.
كما تقوم بالمهمة حاصرات بيتا ومانعات قنوات الكالسيوم، الا ان الابحاث اللاحقة هي التي ستقرر افضلية احداهما على الأخرى.
ومنع حدوث النوبة القلبية هو احد اهداف العلاج. والاستراتيجيات الرئيسية هنا تشمل تناول الاسيرين من الجرعات المنخفضة، والضبط الصارم لضغط الدم، والكوليسترول ومستويات سكر الدم، اضافة الى التحكم بالتدخين وزيادة الوزن، والخمول، وعوامل الخطر الاخرى.
ورغم اننا نحتاج الى تعلم الكثير حول مرض الاوعية الميكروية التاجية، فان الوقت قد حان كي يستيقظ الاطباء ويعوا حقيقة ان النوبة القلبية لا تحدث بشكل مماثل لدى النساء والرجال.
والتشخيص يتطلب الاصغاء الجيد وكذلك الفحص الدقيق. وان كانت لديك آلام في الصدر تعاود الظهور ويقول لك طبيبك انك بحالة جيدة، مجرد لان لديك شرايين تاجية نقية، فعليك الحصول على رأي طبي ثان. وافضل الاطباء هو طبيب القلب في مركز طب القلب للنساء.