* قال صلى الله عليه و سلم في الصحيحين: ( إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما وأربعين ليلة ، ثم يكون علقة مثله ، ثم يكون مضغة مثله ، ثم يبعث إليه الملك ، فيؤذن بأربع كلمات ، فيكتب : رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد ، ثم ينفخ فيه الروح ، فإن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار . وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار ، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذراع ، فيسبق عليه الكتاب ، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها ).
– وهذا الحديث فيه سؤال: كيف يعمل العامل بعمل أهل الجنة يصلي المصلي ، ويزكي المزكي ، ويصوم الصائم ، ويحج الحاج.
– فكيف يعمل العامل ويتقي المتقي ، ويجتهد المجتهد ، فإذا بلغت الروح الحلقوم ….. سبق عليه الكتاب وخسر عمله ؟
– وكيف يفجر الفاجر ،ويظلم الظالم وينتهك الأعراض ،ويلعب بالدمـاء ، ويضيّع الصلوات ، ويلعب بالمحرمات ، فإذا وصل إلى السكرة أُدخل الجنة ؟ أليـس هذا بإشــكال !؟
– لكن الله يقول { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ } ، { وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }
– والجواب أن يقال: معنى الحديث أنه يعمل بعمل أهل الجنة فيما يظهر للناس ، وإلا ففي باطنه حيّات وعقارب وظلم أسود.
– ويعمل بعمل أهل النـار فيما يظهر للناس ، وإلا ففي قلبه خير كثير وله خفيه من عمل صالح يكشفها الله في سكرة الموت.
– فالمعنى أن بعض الناس أظهر للناس جميلاً ولله أظهر الخبيث ، فلما حصحص الحق وأتت ساعة الصفر ظهر القبح.
– وآخر صالح ولكن ظن الناس أنه سئ لكنه تاب وعمل خيراً فالله لم يخذله والله يقول: { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ } ويقول سبحانه: { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ } قال أهل العلم كما روى ذلك الحافظ ابن كثير وغيره: أي وقت سكرات الموت.
– إذاً الخواتيم بيد الله سبحانه وتعالى ولا ندري بما يؤول إليه العبد.
– قال رجل لابن المبارك: رأيت رجلاً قتل رجلاً ظلماً فقلت في نفسي: أنا أفضل من هذا.
– فقال: أمنـُـك على نفسـك أشـد من ذنبـه.
– قال الطبري: لأنه لا يدري ما يؤول إليه الأمر ، فلعله يكون من الخاسرين.
– ولذلك تجد بعض الطائعين فيما يظهر للناس .. هم أحقر ربما عند الله من بعض العصاة وليس هذا تشجيعاً على المعصية حاشا وكلا ، لكن بعضهم إذا أعجبته نفسه وطاعته تجبر على الله ، فتجد نفسه كنفس نمرود وهو يصوم النهار ويقوم الليل.
– فإذا ذكرت له المعاصي ، قال: أعوذ بالله سلّمنا الله من فعلهم .. أعوذ بالله من هذه الأفعال الوخيمة.
– ثم يقول أحدهم: و الله إني منذ أن ولدتني أمي ما عصيت الله طرفة عين !
– ويقول الثاني: ما أظن أنني كذبت منذ أن بلغت !
– ويقول الثالث: منذ أن عقلت ما سقطت فيما سقط هؤلاء !
– وهكذا من كلمات التزكية والإعجاب واحتقار الآخرين.
– إذن الأعمال بالخواتيم بل قال بعضهم:
– بما أصر العبد على ذنب فمات عليه.
– وبعض الناس يصر على المعصية فتهدم مستقبله وعمره كله ، والله المســتعـان.
– فأسـأل الله الذي بيده مقاديــر الأمـور ، ومفاتيح القلــوب ، أن يتوب علينــا وعليكم ، وأن يلهمنا رشدنا ويقينا شر أنفسنا ، وأن يتغمدنا وإياكم برحمته.
منقول