بين مطرقة البيت وسندان العمل يقع على عاتق زوجة اليوم مسؤوليات متعددة، ومهام كثيرة تنسيها زوجها وصحتها، وزينتها وأحيانًا كثيرة نفسها، ومع الوقت وازدياد الضغوط، وكثرة السحب من..
بين مطرقة البيت وسندان العمل يقع على عاتق زوجة اليوم مسؤوليات متعددة، ومهام كثيرة تنسيها زوجها وصحتها، وزينتها وأحيانًا كثيرة نفسها، ومع الوقت وازدياد الضغوط، وكثرة السحب من رصيدها النفسي والجسماني.
تبدأ شكوى الأزواج: زوجتي دائمًا متوترة، لا أراها إلا بملابس المطبخ، أين الصبية الجميلة التي تزوجتها، لا أجد راحة ولا ابتسامة في البيت.
وبعضهم قد يتعدى مرحلة الشكوى، ويبدأ بالبحث عن عروس جديدة بعيدًا عن أم العيال.
قبل أن تصلي لهذه الحالة اقرأي هذا الموضوع.
محمود عبد الله – متزوج منذ 9 سنوات: في بداية زواجي، كنت أرى البيت جنة، أما الآن وبعد سنوات من الزواج أصبح البيت ميدانًا للمعارك، فزوجتي دائمة الشكوى، وكلما عاتبتها على تقصيرها تكيل لي الاتهامات، زوجة الآن فقدت أنثوتها، ولم تعد مثل أمهاتنا تنبض حنانًا للزوج والابن.
ط.م: أعذر زوجتي؛ فهي أم وزوجة وعاملة، ولكني لا أخفي أنني أتمنى زوجة مشرقة مبتسمة، مهتمة بنفسها مثل أيام الزواج الأولى، وأحاول مساعدتها، ولكنها اعتادت على إهمال نفسها لحساب البيت والأولاد.
ويرد أحمد إمام على من تقول: إن السبب في إهمالها لنفسها وصحتها هو الزوج، فيقول: هذه حجة البليد، فالكثيرات يعملن وأولادهن في أحسن حال، وأيضًا يحافظن على صحتهن ورشاقتهن، ولا ينسين أنهن زوجات.
عصبية ومتوترة
تقول هدى سيد: يصفني الكثير بالبشوشة، وهكذا حقًا كنت حتى سنوات من زواجي، ولكن مع الوقت، وازدياد المسؤوليات أصبحت كثيرة الشكوى، وعصبية، وأثور لأتفه الأسباب، وأرى أن مشكلة توتر المرأة نابعة من تخلي الرجل عن دوره ، وإلقائه بكل المسؤوليات على كاهل زوجته، ثم بعد ذلك يعاتبها على تقصيرها في زينتها أو يتساءل أين هدوءها وبسمتها؟
وتتفق معها منى عبد الله: إن تعاظم دور المرأة داخل البيت في مواجهة تقلص دور الرجل – أدى إلى تزايد الضغوط عليها، وبالتالي تقصيرها، لعدم وجود وقت أو فرصة لالتقاط الأنفاس، والعناية بنفسها بالقدر الكافي، ليس هذا فقط، بل تعدى ذلك إلى عدم وجود الرغبة في الهدوء والتجمل.
وأرى أن هذا يحتاج من الرجل، إلى أن يكون مساعدًا لزوجته، وليس مشاهدًا فقط، أو على أقل تقدير يكون محايدًا، أو يثني بكلمة شكر، ويكف آذاه، ويتوقف عن نعتها بالتقصير.
ليس رفاهية:
برغم كل مشاغلك لابد من تخصيص وقت محدد لنفسك، وضعي ذلك في أولوياتك، بهذا تنصح كريستين كارلسون – صاحبة كتاب «لا تهتم بصغائر الأمور» – وهي تخاطب المرأة، وتضيف: «كلما زادت مشاغلنا، أصبحت أولوياتنا غير منظمة، وننسى أنفسنا، وبعد فترة من الزمن نفقد حالة الهدوء والرضا النفسي.
وتخصيص وقت لنفسك ليس رفاهية ولا أنانية، ولكنها منحة ستساعدك على مضاعفة البذل والعطاء لمن حولك، ولا يهم كونك أمًا أو زوجة أو أختًا أو موظفة، أو كل ما سبق، فإذا لم تعتن بنفسك؛ فلن تكون لك القدرة على الحفاظ على ما تقومين به حاليًا، وسوف تواجهين إرهاقًا وتعبًا شديدين وستكتشفين أنك لن تكوني سيدة أبدًا.
جميعنا في حاجة إلى أوقات راحة عاجلاً أم آجلاً، وقتًا للإجازة والمرح، حتى يتحقق لنا التوازن الصحي والنفسي.
وعندما تشعرين بالإرهاق وضغط الحياة، ولتفادي اتهام الرجال تنصحك كريستين ببعض الأمور، منها:
– قضاء عشر دقائق على الأقل في هدوء ليلاً أو في الصباح الباكر، اجلسي في وضع مريح، تناولي كوبًا من مشروب دافئ، وأغلقي عينيك، وانشغلي بالذكر أو التأمل، وتنفسي بعمق.
– خذي حمامًا دافئًا، ثم ضعي رأسك في ماء بارد، فهذه أبسط الطرق لاستعادة طاقتك مرة أخرى، فالتناقض بين الماء البارد الذي سكبته فوق رأسك والماء الدافئ الذي اغتسلت به – له عظيم الأثر في تنشيط دورتك الدموية، واستعدادك لاستقبال صعاب الحياة.
– مارسي أيَّ نوع من التمرين البدني كل يوم، وإذا لم تستطيعي؛ فعلى الأقل امشي لمدة نصف ساعة، ففائدة ذلك لا تتوقف عند الشعور بالانتعاش البدني فحسب، بل له تأثير على الصحة العقلية والصفاء الذهني بشكل كبير.
– أبحري مع نفسك في كتاب ممتع من وقت لآخر، حتى ولو كان ذلك لمجرد عشرين دقيقة قبل نومك، فالقراءة يمكن أن تكون متنفسًا للضغوط التي مررت بها طوال يومك.
– إذا كنت تجلسين أوقاتا طويلة أمام جهاز الكمبيوتر، أو على المكتب للقيام بأعمالك؛ فسوف تتأثر فقرات رقبتك، وعضلات ظهرك، وستصابين بالتعب والإجهاد، ولمقاومة تعب العضلات قفي كل ساعة، وانحني بظهرك إلى الأمام مع استقامة ساقيك، حتى تصلي إلى أصابع قدميك، ثم عودي إلى وضعك الأول بهدوء وبطء، وكرري ذلك عدة مرات.
– أكثري من تناول الفاكهة الطازجة والخضراوات والعصائر، ومن شرب اللبن والماء، وقللي من القهوة والشاي، والنشويات والدهون.
الصوت الهادئ حل
ومن أكثر الأشياء التي تُشْعِرُ من حولك بأنك عصبية ومتوترة: الصوت المرتفع، والصياح على أتفه الأسباب، وقد يكون هذا مبررًا، فأنت تحرصين على أداء مهام كثيرة، وتريدين أن يكون كل شيء في البيت على ما يرام، ولكن من حولك لا يستوعبون ذلك، فكل ما يصل إليهم الصوت المرتفع، والكلام السريع يشعرهم بأنك متوترة وعصبية؛ وهذا يشجعهم على أن يتصرفوا هم أيضًا بغضب وثورة فالشخص الذي يتكلم برقة وهدوء يشعرك بالراحة، وقد كنت أفترض أن الصوت الرقيق الهادئ طبيعة خلقية يولد بها الشخص.
وقد يكون هذا صحيحًا إلى حد ما، ولكنني اكتشفت في السنوات القليلة الماضية أن هدوء الصوت ميزة يمكن تنميتها، وأظنك تتفقين معي في أن فوائد شيء كهذا عظيمة النفع، وسيكون لها تأثير إيجابي على إشاعة الحب في البيت، وبين أفراد العائلة.
فحين تتكلمين بسرعة شديدة أو بصوت مرتفع، فإن الطاقة التي تصدرينها في العالم الخارجي، أو في البيت يمكن أن تكون عصبية أو ثائرة إلى حد ما، وبمعنى آخر فإن صوتك يغذي دائرة الطاقة العصبية، ويحمل قدرًا كبيرًا من القوة والسلطة، ويرسل رسالة إلى من حولك، فإذا كانت رسالتك تعبر عن نفاد الصبر والثورة؛ فإنها تنقص الشعور بالحب والهدوء والاحترام في البيت دون أن تدركي ذلك.
أما مع الصوت الهادئ، فستشعرين بأنك أهدأ، وأن ضغوطك أقل؛ حيث إن خفضك لصوتك سيريح بقية جسمك، وسيريح عقلك أيضًا، وستكتشف أيضًا أن هدوءك سيبعث السكينة في كل من حولك.
عدم التوازن
بعد يوم طويل من العمل خارج وداخل المنزل، تشعر غالبية النساء بالتعب والإرهاق، وهذا النوع من التعب يزول تلقائيًا صباح اليوم التالي بعد نوم مريح وعميق.
ولكن التعب الجسدي والفكري المزمن الذي يعاود المرأة من حين لآخر، يكتسب أهمية كبرى، ولا يجب تجاهله.
ويؤكد الدكتور «سبيرو فاخوري» أن القدرة اليومية على العمل والنشاط تتوقف على التوازن الدقيق بين الطاقة المدخرة والطاقة المستنزفة في الجسم، ومن العوامل التي تعزز الطاقة المدخرة في جسمك – الطعام الصحي، والنوم المريح، وممارسة الرياضة البدنية، والابتعاد عن الضغط والإرهاق، والتمتع بمباهج الحياة.
أما تلك التي تستنزف الطاقة البشرية، فهي العادات السيئة، مثل: التدخين، وإدمان الكحول، والمخدرات، والضغط الفكري، والأعمال المرهقة، والمرض، والخسارات المادية. والتعب بشكل عام هو إشارة لحدوث عدم توازن بين الطاقة المدخرة والطاقة المستنزفة في جسدك.
ومن أهم عوامل مقاومة التعب – النوم العميق والمريح، فساعة واحدة من النوم العميق والمريح كافية لتعوضك ما قد بذلتيه من طاقة ونشاط في اليوم الفائت، أما الأرق وعدم أخذ القسط الوافر من النوم، فيسببان لك في اليوم التالي شعورًا بالتعب، وبطأً في التركيز والحركة، بعض النساء يحتجن إلى مدة 6 ساعات من النوم ليستعدن نشاطهن في اليوم التالي، وبعضهن الآخر لا يكتفين بأقل من 8 أو 9 ساعات من النوم المتواصل، بعض النساء بسبب ظروف أعمالهن ونشاطاتهن الاجتماعية، يخلدن إلى النوم يوميًا في ساعة متأخرة، وينهضن من الفراش في ساعة مبكرة، فيشعرن دومًا بحاجة إلى الراحة وأخذ قسط من النوم.
وقد تبين أن أخذ قيلولة بعض الظهر يساعد كثيرًا على إراحة أعصابك، وزيادة نشاطك، ورفع معنوياتك، وهذا أمر ضروري، وخاصة بالنسبة للأمهات الحوامل اللواتي يحتجن أكثر من غيرهن إلى ساعات إضافية من النوم يوميًا.
التغذية الصحية السليمة
تعد التغذية الصحية السليمة عاملاً مؤثرًا جدًا في عملية توليد الطاقة، وبالتالي النشاط والحركة، ويرتبط بعمليات النمو، وتغذية الدماغ، وتعويض الخلايا التالفة، وتنشيط الخلايا السليمة في حالات المرض والتعب، وحتى يكون الغذاء مصدرًا للصحة الجيدة، وعاملاً للوقاية من الأمراض والوهن والتعب، عليك باختيار الأطعمة المفيدة والصحية، وبالكميات المناسبة، وتجنب الأطعمة التي تسبب الاضطرابات والمتاعب الصحية والأرق، وعسر الهضم، ولنتذكر دائمًا «إننا نأكل لنعيش، ولا نعيش لنأكل».
ويحذر من الأسباب الطبية للتعب، وأهمها: فقر الدم الناجم عن نقص عنصر الحديد، الذي يدخل في تكوين الهيموجلوبين، وهو المادة الملونة في كرات الدم الحمراء التي تساعد على إمداد الجسم بالأكسجين، حتى يستطيع أن يقوم بجميع وظائفه على أكمل وجه، وتشعر المرأة المصابة بالأنيميا بالتعب والإجهاد السريع، وسرعة في النفس، وزيادة في ضربات القلب عند بذل أي جهد، وتبدو شاحبة الوجه والشفاه والأظافر.
ونقص الحديد شائع عند النساء نتيجة الدورة الشهرية والحمل والإنجاب والإرضاع، وحيث إن الوقاية أفضل من العلاج، على كل امرأة تبدو شاحبة وتشعر بالتعب أن تستشير الطبيب لإجراء فحص دم عام، وأن يتضمن غذاؤها العسل الأسود، والسبانخ، والجرجير، والخس، والملوخية، والكبد، والكلاوي، واللحم، والحبوب مثل: اللوبيا، والفاصوليا، والفول، والفواكه المجففة، مثل: الخوخ، والمشمش، والقمح المدعم بالحديد، والفيتامينات من نوع (ب).
مشاركة الزوج
ذكرت دراسة علمية حديثة قامت بها «سكوت كولتران» – عالم الاجتماع، جامعة ريفرسايد في كاليفورنيا – أن مساهمة الرجال في أعمال المنزل تشكل عاملاً مهمًا في تحسين جو الألفة مع زوجاتهم وحياتهم الجنسية، وتعطي المرأة سعادة أكبر، وتزيد من اهتمامها بأنثوتها، وقال سكوت: بصورة عامة كلما شارك الرجال أكثر في الأعمال المنزلية، كلما زادوا سعادة نسائهم وجعلوهم أكثر مرحًا وأقل عصبية.
ويزداد أيضًا شعور النساء بالعدل والرضا، وتقل الخلافات العائلية؛ مما يساعد في زيادة الشعور بالدفء بين الزوجين، فالنساء يقلن إنهن يشعرن بجاذبية أكبر، وبعاطفة أكثر تجاه أزواجهن إن شاركوهن في الأعمال المنزلية