الإنسان بطبيعته يسعى دائماً لاكتشاف أسباب ما يدور من حوله في الحياة، وبإمكانه تقبل أي ألم أو فشل في حياته مازال وراءه سبب.
كما أشار الكاتب هارولد كوشنر في كتابه الشهير "حين ينزل البلاء على الأشخاص الطيبين" إلى أن الجنود الذين لديهم إصابات خطيرة من جراء المعارك، عندهم القدرة للتماثل للشفاء في وقت قياسي بالنسبة إلى مدى خطورة الإصابة، بينما لا يتم الشفاء بالسرعة نفسها مع من لديهم الإصابات نفسها من الأشخاص العاديين من جراء الحوادث الأخرى، وذلك ببساطة لأن الجندي يمكنه على الأقل أن يواسي نفسه بالقول إن معاناته هذه هي تضحية من أجل هدف نبيل.
ويمر بعض من الآباء بحالة ضعف إيمان متسائلين "لمَ حدث لنا ذلك؟"، "ما ذنبنا ليصيبنا كل ذلك؟"، وتستولي عليهم حالة من خيبة الأمل التي تنسيهم التركيز على المستقبل وتقيّدهم في حاضر مر مليء بالحزن والأسف ولوم الذات. فبدلاً من سؤال "لمَ حدث لنا ذلك؟" غير المعروف الإجابة علميّاً سوى أنه القدر، نسأل أنفسنا "هذا ما قد حصل، ما الذي يجب عمله بعد ذلك؟".
السؤال الذي من شأنه فتح أبواب من الحلول المستقبلية.
في هذه المقالة، سأحاول طرح بعض الإرشادات العملية التي أعتقد أنها ستساعد أولئك الذين لديهم الإرادة على تخطي هذه المحنة مع طفلهم المصاب بالتوحد.
بعد أن يتم تشخيص الإصابة بالتوحد عند الطفل، على الوالدين محاولة توعية نفسيهما بما تعنيه حالة ابنهما من خلال تمييز خطورة الحالة، الاعتراف بوجودها، ومن ثم تقبل التشخيص. يجب الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بالحالة والالتحاق في الدورات التي تساعد على تأدية العناية المناسبة للطفل المصاب بالتوحد.
مهمة الوالدين معرفة خطورة حالة الطفل، وأسبابها إن توافرت بالمستقبل، والعناية المطلوبة، وكذلك البرامج المستقبلية لحياة الطفل.
من أهم عوامل تحسن الطفل مستقبلاً، تقبل الطفل بحالته من دون أسف أو إحراج وتقديم الحب، والرعاية اللازمة بلا تحفظ.
إن التوغل في التفكير بأن نمو الطفل سيكون طبيعيّاً لا يجدي نفعاً، كما أن عدم توقع استجابة طبيعية من الطفل يجب أن يكون أمراً مفروغاً منه.
كما يتوجب إعداد أهداف أولية قصيرة المدى للوالدين والطفل محتفلين بكل خطوة تقدم مهما كانت بسيطة. ويتوجب أيضاً اكتشاف نقاط القوة للطفل وللوالدين كذلك، ومن ثم تقييمها، وفي الوقت ذاته يتم معرفة نقاط الضعف وتقييمها. أما في المجالات التي لا يتوقع منها تقدماً كبيراً، على الوالدين أن يتقبلا ذات النتيجة المتوقعة.
كما لابدّ أن يكون الوالدان صادقين مع طفلهما، فلا يقال له مثلاً إن حالته على ما يرام، لأنه أكثر شخص يعرف مدى إصابته العقلانية، أو اللغوية، أو الاجتماعية، أو التطورات العاطفية، لكن يجب عليهما طمأنته بأن هناك من المؤكد حلاً لمشكلته، وأنهما جزء لا يتجزأ من ذلك الحل.
إليكم بعض القواعد الذهبية لتربية وتهذيب الطفل المصاب بالتوحد:
الصبر على تدريب الطفل وتعليمه أمر في غاية الأهمية.
تقدير أي إنجاز للطفل ولو كان بسيطاً وامتداحه من دون مبالغة.
امتداح وتعزيز السلوكيات المناسبة.
تجاهل السلوكيات غير المناسبة من دائرة التركيز وبالطبع عدم إهمال الطفل.
فهم أسباب السلوك العدواني وتلقين الطفل السلوك البديل المناسب لحصوله على احتياجاته النفسية.
تدوين نقاط التقدم من أجل الاستمرار في تطوير البرامج المناسبة.
الثقة بمن يحاولون تقديم المساعدة، وكذلك البحث عن آراء وخيارات أخرى للعلاج إن لم يتم تحقيق تقدم في حالته.
مع العلم أن المختص عندما يبلغ بقراره حول الحالة، سيترك للوالدين الحكم في "ما الذي يجب فعله بعد ذلك؟".
الاشتراك في جميعات أولياء الأمور المتعلقة بالتوحد لتلقي الدعم والمساعدة.
وأخيراً يجب أن نتذكر أن الوالدين هما المرجع المهم والوحيد لطفلهما. إذ لا مكان للاستسلام، حيث يجب التحلي بقوة الإيمان وعدم اليأس من صعوبة وطول الطريق من أجل منح الطفل المصاب بالتوحد مستقبلاً أجمل.
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام نورا1625294
|