السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الرجل …
هل تبغـض زوجتك ؟
إذاً … لا تطلـقـها
كثيراً ما يتشكي البعض من الرجال من بغضه لزوجته ، وأنه لا يستطيع أن يواصل معها حياته الزوجية لأسباب متعددة .
وقد يكون من أحد هذه الأسباب ، عدم وجود الميل القلبي والمحبة ، وهذا الأمر بلاشك لا يستطيع أن يملكه ، أو أن يتحكم فيه .
وما يروى عن " الشيخ أبو محمد بن أبي زيد " ، أنه كان من أهل العلم والدين ، وكانت له زوجة سيئة العشرة ،
وكانت تقصـّر في حقوقه ، وتؤذيه بلسانها ، فيقال له في أمرها ، وُيعذل بالصبر عليها !
فكان يقول :
" أنا رجل قد أكمل الله علي ّ النعمة ، في صحة بدني ومعرفتي وما ملكت يميني ، فلعلها ُبعثت عليّ عقوبة على ذنبي ،
فأخاف إن فارقتها ،أن تنزل عليّ عقوبة هي أشد منها "
يقول الله تبارك وتعالى :
[ وإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ] 19 النساء .
فما ظنك بربك وهو يعدك ويمنيك بالخير الكثير ، إن صبرت على أمر تكرهه ؟
أين ذلك من حسن الثقة ، وتمام الإيمان بالله ؟
يقول ابن الجوزي رحمه الله في تفسيره للآية :
" ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهية لها ، ونبهت على معنيين :
أحدهما : ان الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح ، فرب مكروه عاد محمداً ، ومحمود ٍ عاد مذموماً .
والثاني : أن الإنسان لا يكاد يجد إنساناً ليس فيه ما يكره ، فيصبر على ما يكره لما ُ يحب .
وأنشدوا في هذا المعنى :
ومن لم ُ يغمض عينه عن صديقه ××× وعن بعض ما فيه يَمُتْ وهو عاتِـبُ
ومـن يـتـتبع جـاهـداً كل عـثـرة ٍ ××× يجدهـا ، ولا يسلم له الدهـر صاحبُ
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم :
" لا يفرك مؤمن من مؤمنة ، إن كره منها ُخلقاً ، رضي منها آخر " أو قال غيره .
أي لا تبغضها بغضاً كلياً يحملك على فراقها .
بل إنه لا ينبغي لك ذلك ، بل عليك أن تغفر لها سيئتها لحسنتها ، وتتغاضى عما تكره لما تحب .
والفـِرك : هو بغض الزوج لزوجته .
والفارك هو المبغض لزوجته .
ومن هذا المعنى ، قول الرضي :
رمت المعـالي فامتنعـن ولم يزل ××× أبداً ، يمانـع عاشـقـاً معشـوق
فـصبرت.. حتى نلتهـنّ ولم أقـل ××× ضجـراً دواء الفـارك التطليق
فلا ينبغي للرجل أن يبغض زوجته إن رأى منها ما يكره .
لأنه إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر ، فيقابل هذا بذاك .
قال عمر بن الخطاب لرجلٍ طلق امرأته :
" لم َ طلقتها ؟ "
قال : " لا أحبها "
فقال :
" أوكل البيوت بني على الحـب ؟ فأين الرعاية والتذمـم ؟ "
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ إن المرأة ُخلقت من ضلع ، وإنك إن ُترد إقامة الضلع تكسرها ، فدارها ، تعش بها ]
رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 2/163) .
وقال عليه الصلاة والسلام :
إن المرأة خلقت من ضلع ، ولن تستقيم لك على طريقة ، فإن استمتعت بها ، استمتعت بها وبها عوج ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها ، وكسرها طلاقها ]
رواه مسلم .
ومعنى خلقت : أي أخرجت كما تخرج النخلة من النواة " من ضِلع "
أي أنك إذا أردت منها تسوية اعوجاجها ، أدى ذلك إلى فراقها ، فهو ضـْرب مثل للطلاق .
وينبغي للرجل أن يصبر على إعوجاج هذا الضلع ، والعجيب أن أعوج شيئ في الضلع ، هو أعلاه " لسانها "
فلذلك لن يتأتى للرجل الانتفاع بزوجته إلا أن يداريها ، ويلاطفها ، ويوفيها حقها .
وقد قال أحدهم :
هي الضلـع العـوجاء لست تقيمها ××× ألا أن تـقـويم الضلوع انكسارها
تجمع ضعـفاً واقتداراً على الفـتى ××× أليس عجيباً ضعفهـا واقتدارهـا ؟
ولكن ..
مما ينبغي الإشارة إليه في هذا الموضع ..
أن الرجل مطالب ألا يترك اعوجاج زوجته إذا تـعـدت ما ُطبعـت عليه من النقص ، إلى ارتكاب المعصية ، أو ترك واجب من واجبات دينها .
إنما يتركها على اعوجاجها في الأمـور المباحة .
وينبغي للزوج أن إذا لم يشعر بميل قلبي نحو زوجته ، أن يتكلف التحبب إليها بأكثر مما يجده لها في قلبه .
فإن التـطبع يصير طبعا ، وكما قالت أخت هارون الرشيد :
" تحبب ، فإن الحـب داعـيـة الحـب "
وتذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم :
[ إني أحّرج عليكم حق الضعيفين : اليتيم ، والمرأة ] صحيح الألباني 1015
وحسبك أن الله تعالى جعل المرأة ، من الله ، ومنته على الرجل ، وجعل المودة والرحمة والألفة عقدة صلة بينهما ، كما في قوله تعالى :
[ ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ] سورة الروم الآية 21
وبعد ..
فليعلم الرجل ، أنه لم يخلق من النساء على صفة الكمال ، إلا أربع .. وهـنّ
أسيا زوجة فرعون ، ومريم ابنة عمرآن ، وأم المؤمنين خديجة ، وفاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وسلم .
وبالتأكيد أن زوجتك ليست منهن .. فلا تطلق زوجتك .. وابق عليها .
وتذكر أن .. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
هي من كنوز الجنة … جعلني الله وإياك من أهلها