أعظم الزنا وأشده :
قال ابن القيم – رحمه الله تعالى – : وأعظم أنواع الزنا أن يزني بحليلة جاره ، فإن مفسدة الزنا تتضاعف بتضاعف ما ينتهكه من الحرمة ، فالزنا بالمرأة التي لها زوج أعظم إثما وعقوبة من التي لا زوج لها إذ فيه انتهاك حرمة الزوج وإفساد فراشه ، وتعليق نسب غيره عليه ، وغير ذلك من أنواع أذاه ، فهو أعظم إثما وجرما من الزنا بغير ذات البعل . فإن كان زوجها “- ص 42 -” جارا له ، انضاف إلى ذلك سوء الجوار أورد ذلك صاحب موارد الضمان: ج 5 وص 108 . .
وقد مر بك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما سئل : أي الذنب أعظم فذكر الشرك ثم القتل ثم الزنا بحليلة الجار ، وقد ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه قال : مسلم الإيمان (46) ، أحمد (2/373). لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه .
ولا بائقة أعظم من الزنا بامرأته فإن كان الجار أخا أو قريبا من أقاربه انضم إلى ذلك قطيعة الرحم فيتضاعف الإثم ، فإن كان الجار غائبا في طاعة الله كالصلاة وطلب العلم والجهاد تضاعف الإثم .
حتى إن الزاني بامرأة الغازي في سبيل الله يوقف له يوم القيامة ويقال خذ من حسناته ما شئت ، قال النبي – صلى الله عليه وسلم – : مسلم الإمارة (1897) ، النسائي الجهاد (3191) ، أبو داود الجهاد (2496) ، أحمد (5/355). ما ظنكم ؟ أن يترك له من حسنات قد “- ص 43 -” حكم في أن يأخذ منها ما شاء على شدة الحاجة إلى حسنة واحدة حيث لا يترك الأب لابنه ولا الصديق لصديقه حقا يجب عليه .
فإذا اتفق أن تكون المرأة حليلة جاره رحما منه انضم إلى ذلك قطيعة رحمها ، فإن اتفق أن يكون الزاني محصنا ، كان الإثم أعظم ، فإن كان شيخا كان أعظم إثما وهو أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم فإن اقترن وقوعه في شهر حرام ، أو بلد حرام أو وقت معظم عند الله كأوقات الصلوات وأوقات الإجابة تضاعف الإثم والعقوبة ، والله المستعان .
“- ص 44 -” جاء في تفسير روح البيان للبروسوي الاستنابولي : " وأشد الزنى الرجل يطلق امرأته وهو يقيم معها بالحرام ولا يقر عند الناس مخافة الفضيحة فكيف لا يخاف فضيحة الآخرة يوم تبلى السرائر يعني تظهر الأسرار ، فاحذر فضيحة ذلك اليوم واجتنب الزنا ولا تصر عليه فإنه لا طاقة لك على عذاب الله . وتب إلى الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده إن الله كان توابا رحيما تفسير روح البيان للبروسوي . [ النساء : 16 ] .
"يسعدني ان اكون اول من ينتفع برسائلك""