أما الواقع المعاش، فيحكي لنا قصصا مختلفة نضطر فيها للعودة بذاكرتنا إلى الوراء، وتحديدا إلى شهري فبراير ومارس الماضين، وهو تاريخ يبدو بعيدا في عالم يقوم أساسا على التغيير والإيقاع السريع.
إذا كنت نسيت بعض اقتراحاته للخريف والشتاء الحالين أو أصابتك المجلات البراقة بالتعب بسبب كمية الإعلانات التي تطغى عليها أو الإحباط بالنظر إلى عدد الصفحات، إليك بعض الأفكار التي ربما تذكرك بما مضى وتسلط الضوء على الأساسيات التي لا بد منها:
1 – الجينز، ومن الصعب تصور امرأة عصرية واحدة في العالم لا تمتلك قطعة من الجينز، في الغالب على شكل بنطلون بلون أزرق. وطبعا عندما تضع الموضة يدها على كنز، فإنها تستغله من كل الجوانب وبأشكال مختلفة. في هذا الموسم لا تقتصر الموضة على البنطلون، بل تتفن في طرح قطع أخرى مثل القميص والتنورة والفستان. المصممة البريطانية بيتي جاكسون، مثلا طرحته على شكل فستان منسدل، ودار «كلوي» كقميص، و«ديزل» كتنورة مستقيمة وهكذا. ورغم أن العديد من خبراء الأزياء يحاولون تسويق تنسيقه من الرأس إلى أخمص القدمين كما ظهر في عرض رالف لوران، إلا أنها إطلالة تحتاج إلى شجاعة ودراية وشخصية.
2 – بفضل السلسلة التلفزيونية الأميركية «ماد مين» تعرف موضة الستينات من القرن الماضي انتعاشا عززته مجموعات العديد من المصممين المؤثرين من أمثال النيويوركي مارك جايكوبس مصمم دار «لوي فيتون» والإيطالية ميوتشا برادا، وتجلى في الخصر النحيل والصدر النافر والتنورة المستديرة، لهذا عليك بفستان بخصر ضيق وتنورة مستديرة أو واسعة، أو الاستعانة بحزام لتحديد خصرك سواء كنت تلبسين كنزة صوفية أو قميص مع تنورة مستقيمة.
3 – المخمل، من الأقمشة التي تحضر وتغيب حسب المواسم، وفي الغالب لا تترك أثرا كبيرا في نفوسنا، خصوصا أنه قلما يتألق إلا إذا استثنينا أزياء مناسبات السهرة والمساء. هذا الموسم تختلف الصورة، وسيكون حاضرا بقوة أكبر من خلال فساتين «درابيه» تستحضر الحضارة الإغريقية وكذلك من خلال جاكيتات بألوان شهية للنهار. الجميل فيها أنها يمكن أن تأخذك من النهار إلى المساء بإضافة ماكياج مناسب وإكسسوارات لافتة.
الدانتيل بدوره من الأقمشة الصعبة، مما يفسر تواريه عن الأعين في المواسم الماضية، ربما خجلا من ماضيه المرتبط بالثمانينات وما قبل، لكن هناك فرق كبير بينه اليوم وبينه بالأمس. فقد أدخلت عليه تقنيات جديدة، كما أن التكنولوجيا جعلته أكثر جمالا وخفة، وأصبح بالإمكان الاستمتاع به ليس في فستان زفاف أو سهرة مسائية، بل حتى في النهار، على شرط أن يكون بجرعة خفيفة جدا، مثلا على شكل قميص أو «بوت» يظهر من بعيد وكأنه من الدانتيل لكنه من البلاستيك المنقوش، يضفي على المظهر أناقة وعلى القدمين دفئا وحماية من الثلج أو المطر. أما للمساء، فالدانتيل، مثل المخمل، أصبح عنوانا للأناقة الراقية سواء جاء على شكل فستان أو في حذاء أو حقيبة يد أو قطعة مجوهرات.
5 – من الخامات التي تت في كل خريف وشتاء الصوف بكل أشكاله وأنواعه. هذه المرة جاء أكثر عصرية وخفة من حيث الوزن كونه مخلوطا بالكشمير والانغورا عوض الموهير الذي ساد في العام الماضي. لكن هذه الخفة لم تنعكس على الشكل، في عرض «شانيل» جاء على شكل فساتين ناعمة ومعاطف شانيل» جاء على شكل فساتين ناعمة ومعاطف واسعة، وفي عرض «برادا» جاء على شكل تنورات بنفس لون الكنزات يكسر حدتهما حزام عريض. ورغم أن وظيفة الصوف كانت دائما عملية أكثر من أي شيء آخر، فإنه أصبح بالإمكان هذه الأيام أن يحلي سهراتك وأمسياتك بفضل الاقتراحات التي تطرحها بيوت الأزياء فيما يخص الإكسسوارات. دار «شانيل» مثلا قدمته بقلادات كبيرة ولافتة.
– «الكاب» ويأتي حاليا على شكل جاكيت أو معطف واسع يلف الجسم بدون فتحات سوى تلك المخصصة للأكما. وهو قطعة أساسية هذا الموسم، بفضل مصممات بريطانيات مثل حنا ماغيبون مصممة دار «كلوي» وفيبي فيلو مصممة دار «سيلين» حيث جاء في عرضيهما بوهيميا وفي عرض ستيلا مكارتني مفصلا بالإضافة إلى غيرهم من المصممين الذي أضافوا إليه لمسة عصرية حيوية جعلته يتغلب على المعطف العادي بأميال. اختاريه بلون طبيعي مثل البني بدرجاته.
6 – الألوان والأقمشة المعدنية ستغزو خزاناتك هذا الخريف بفضل «بالمان»، «ماكسمارا» وطبعا فكتوريا بيكام، التي استعملتها بسخاء في تشكيلة لقيت ترحيبا كبيرا ورسخت أقدامها كمصممة تعرف ما تريده . إذا كانت فكرة فستان طويل بلون الذهب أو الماس أو الفضة يدخل الرهبة على نفسك، كونك لست متعودة أو لست جريئة، يمكنك الاكتفاء بإكسسوارات جلدية، حذاء، حقيبة يد أو حزام، بالإضافة إلى المجوهرات.
7 – «البوت» أو الحذاء العالي الرقبة من الإكسسوارات المهمة. فالحذاء يمكن أن يضفي على أنوثة وإثارة، إلا أن «بوتا» من الجلد الطبيعي وبلون وتصميم لافتين يمكن أن يبدو أكثر جاذبية. ولحسن الحظ أن هناك أشكالا وأنواعا متنوعة مطروحة منه في الأسواق، منها ما هو مستوحى من عالم الفروسية، وهو متوفر لدى «هيرميس» و«روجيه فيفيه»، ومنها ما يغطي الكاحل وأكثر بقليل مثلما طرحت كل من «سيلين» «ديور»، «كلوي»، وغيرهم، ومنها ما هو مستوحى من راكبي الدراجات النارية وبرع فيه عز الدين علايا، كما هناك ما يغطي الركبة مثلما رأينا في عروض «بيربيري برورسم»، «غوتشي»، «ديور». المهم أن يكون من الجلد الطبيعي الجيد، وبلون جديد بعيد عن الكلاسيكية.
8 – النقوشات المستوحاة من عالم الحيوانات، خصوصا المرقطة مثل النمر أو المخطة مثل الحمار الوحشي، لا تزال قوية هذا الموسم، فيه تدخل الدفء على النفس وعلى المظهر، وقليل منها يكفي. صحيح أن كلا من الثنائي دولتشي اند غابانا والمخضرم روبرتو كافالي اسهبا فيها، لا سيما أنها بالنسبة لهذا الأخير ماركته المسجلة، إلا أنه ليس مفروضا عليك الغرف منها بنهم. اكتفي بقميص أو بحقيبة يد أو حزام لتطعيم إطلالتك بسخونة الأدغال وقوتها.