أربعة تربك دماغك
كم مرة قررتَ الذهاب الى المطبخ، أو المجلس، أو أي غرفة في المنزل، وحين وصلت.. اكتشفت انك نسيت لماذا أتيت أصلا!؟
يحدث هذا معي كثيرا لدرجة خشيت أن تكون بداية شيخوخة مبكرة.. غير أنني قرأت مؤخرا دراسة هولندية ظهرت من جامعة نوتردام هدأت من مخاوفي قليلا.. فمن خلال تجاربهم على الذاكرة اكتشف العلماء أن المرور عبر الأبواب يربك أدمغتنا ويؤخر استجابتها.. فالعقل البشري يستعين بالمكان (وما يرتبط بالمكان) للاحتفاظ بتركيزه على شيء محدد.. وحين ينتقل عبر "الباب" الى مكان جديد وبيئة مختلفة يرتبك ويحتاج لوقت كي يستعيد تركيزه وفهم مهمته الجديدة..
وهذا الارتباك لا يحصل فقط بسبب انتقالنا الى موقع مختلف، بل لأن الأبواب ذاتها أصبحت ترتبط بفعل الانتقال ذاته وتوحي بحدوث ذلك فعلا .. فمنذ طفولتنا الأولى تتعلم أدمغتنا أن الأبواب تعني المرور إلى مكان مختلف، وهذا بحد ذاته يجعل مجرد المرور عبرها سببا في ارتباكنا ونسيان الهدف من انتقالنا للحظات.. وتزداد حدة المشكلة حين ننتقل الى مكتب أو منزل أو فندق جديد فنصاب بالارتباك وعدم الارتياح لفترة أطول (حتى نصل الى مرحلة التعود ونحفظ كروكي المكان)!!
● وهذه الدراسة الغريبة (التي تجعلني أتساءل عن مستوى تأَثر عقولنا بكثرة الأبواب في منازلنا) تذكرني بفرضية مماثلة ظهرت من معهد ماكس بلانك في ألمانيا.. فأدمغتنا البشرية تستعين بالمعالم الرئيسية لمعرفة اتجاهاتها ورسم خارطة للتفكير فيها.. فأنت تعرف طريقك – وتقود سيارتك – من خلال ملاحظة معالم ومبان ومنعطفات تقودك لوجهتك الرئيسية.. ومرة بعد أخرى يستوعب دماغك كروكي المكان فتذهب الى وجهتك المعتادة بطريقة آلية وغير واعية.. غير أن أدمغتنا ترتبك وتحتار بمجرد اختفاء (لمعالم المألوفة) كأن تنتقل الى مدينة جديدة أو تعود الى حيكم القديم بعد سنوات من مغادرته..
والحقيقة الأخيرة تفسر لماذا تعجز أدمغتنا أيضا عن التفكير بشكل سليم حين نتوه في الأماكن المفتوحة كالصحراء أو البحر.. فبدون معالم مألوفة ترتبك عقولنا ونبدأ السير في دوائر كبيرة (مهما اعتقدنا أننا نسير بشكل مستقيم) لأن أدمغتنا تفضل دائما العودة للنقطة التي انطلقت منها باعتبارها المرجع الوحيد لها!!
أما المعوق الثالث فيعيدنا الى جامعة نوتردام الهولندية – وتحديدا إلى الدراسة الأولى – التي أكدت أيضا أن الأصوات الاصطناعية (مثل أبواق السيارات) تربك جهازنا العصبي.. فأدمغتنا تفهم الأصوات الطبيعية وترتاح إليها وتدرك الهدف منها.. فحين تسمع صوت الرعد أو الموج أو كائن حي، تفهم هويته وطبيعة مصدره، والغرض منه.. ولكن حين تسمع صوت "بيييب" ترتبك وتتضايق ليس لأنه فقط حاد ومصطنع، بل لأن دماغك لا يفهم مغزاه ولا مصدره ولا الهدف من سماعه.. ولهذا السبب ننزعج كلنا من ضجيج الشوارع وأبواق السيارات (وإن سألتني عن أكثر ما أزعجني في الهند أو ضايقني في مصر سأجيبك بلا تردد: أبواق السيارات التي تنطلق بلا داع)!!
أما المعوق الرابع والأخير فيعتمد على خبر صحفي يؤكد أن البحرية البريطانية سمحت أخيرا للنساء بالعمل في الغواصات الحربية.. وإلى هذا الحد الخبر عادي جدا (فنساؤنا أيضا بدأن العمل ببيع الملابس الداخلية) ولكن الغريب هو السبب الذي منع البريطانيات سابقا من العمل داخلها.. فالغواصات بيئة مغلقة تعاني من سوء التهوية وتراكم ثاني أكسيد الكربون داخلها .. وثاني أكسيد الكربون بطبيعته يتسبب في تشتيت الذهن وإرباك التفكير (ولفهم قصدي جرب التنفس في كيس بلاستيكي لخمس دقائق فقط).. ورغم أنه يؤثر في الجنسين إلا أن تأثيره على النساء أقوى بسبب الصغر النسبي للرئتين وضعف الحجاب الحاجز لديهن مقارنة بالرجل.. ولهذا السبب منعت القوات البحرية النساء – في الماضي – من العمل داخل الغواصات، وسمحت لهن بذلك مؤخرا بفضل تمتع الغواصات الحديثة بتهوية أفضل!!
والله العظيم تذكرت المرأة السعودية غصباً عني..
فكأنه لا يكفيها كثرة الأبواب في المنزل، حتى تتنفس ثاني أكسيد الكربون تحت النقاب (ولفهم قصدي جرب التنفس تحت نقاب زوجتك لخمس دقائق فقط)!!
كم مرة قررتَ الذهاب الى المطبخ، أو المجلس، أو أي غرفة في المنزل، وحين وصلت.. اكتشفت انك نسيت لماذا أتيت أصلا!؟
يحدث هذا معي كثيرا لدرجة خشيت أن تكون بداية شيخوخة مبكرة.. غير أنني قرأت مؤخرا دراسة هولندية ظهرت من جامعة نوتردام هدأت من مخاوفي قليلا.. فمن خلال تجاربهم على الذاكرة اكتشف العلماء أن المرور عبر الأبواب يربك أدمغتنا ويؤخر استجابتها.. فالعقل البشري يستعين بالمكان (وما يرتبط بالمكان) للاحتفاظ بتركيزه على شيء محدد.. وحين ينتقل عبر "الباب" الى مكان جديد وبيئة مختلفة يرتبك ويحتاج لوقت كي يستعيد تركيزه وفهم مهمته الجديدة..
وهذا الارتباك لا يحصل فقط بسبب انتقالنا الى موقع مختلف، بل لأن الأبواب ذاتها أصبحت ترتبط بفعل الانتقال ذاته وتوحي بحدوث ذلك فعلا .. فمنذ طفولتنا الأولى تتعلم أدمغتنا أن الأبواب تعني المرور إلى مكان مختلف، وهذا بحد ذاته يجعل مجرد المرور عبرها سببا في ارتباكنا ونسيان الهدف من انتقالنا للحظات.. وتزداد حدة المشكلة حين ننتقل الى مكتب أو منزل أو فندق جديد فنصاب بالارتباك وعدم الارتياح لفترة أطول (حتى نصل الى مرحلة التعود ونحفظ كروكي المكان)!!
● وهذه الدراسة الغريبة (التي تجعلني أتساءل عن مستوى تأَثر عقولنا بكثرة الأبواب في منازلنا) تذكرني بفرضية مماثلة ظهرت من معهد ماكس بلانك في ألمانيا.. فأدمغتنا البشرية تستعين بالمعالم الرئيسية لمعرفة اتجاهاتها ورسم خارطة للتفكير فيها.. فأنت تعرف طريقك – وتقود سيارتك – من خلال ملاحظة معالم ومبان ومنعطفات تقودك لوجهتك الرئيسية.. ومرة بعد أخرى يستوعب دماغك كروكي المكان فتذهب الى وجهتك المعتادة بطريقة آلية وغير واعية.. غير أن أدمغتنا ترتبك وتحتار بمجرد اختفاء (لمعالم المألوفة) كأن تنتقل الى مدينة جديدة أو تعود الى حيكم القديم بعد سنوات من مغادرته..
والحقيقة الأخيرة تفسر لماذا تعجز أدمغتنا أيضا عن التفكير بشكل سليم حين نتوه في الأماكن المفتوحة كالصحراء أو البحر.. فبدون معالم مألوفة ترتبك عقولنا ونبدأ السير في دوائر كبيرة (مهما اعتقدنا أننا نسير بشكل مستقيم) لأن أدمغتنا تفضل دائما العودة للنقطة التي انطلقت منها باعتبارها المرجع الوحيد لها!!
أما المعوق الثالث فيعيدنا الى جامعة نوتردام الهولندية – وتحديدا إلى الدراسة الأولى – التي أكدت أيضا أن الأصوات الاصطناعية (مثل أبواق السيارات) تربك جهازنا العصبي.. فأدمغتنا تفهم الأصوات الطبيعية وترتاح إليها وتدرك الهدف منها.. فحين تسمع صوت الرعد أو الموج أو كائن حي، تفهم هويته وطبيعة مصدره، والغرض منه.. ولكن حين تسمع صوت "بيييب" ترتبك وتتضايق ليس لأنه فقط حاد ومصطنع، بل لأن دماغك لا يفهم مغزاه ولا مصدره ولا الهدف من سماعه.. ولهذا السبب ننزعج كلنا من ضجيج الشوارع وأبواق السيارات (وإن سألتني عن أكثر ما أزعجني في الهند أو ضايقني في مصر سأجيبك بلا تردد: أبواق السيارات التي تنطلق بلا داع)!!
أما المعوق الرابع والأخير فيعتمد على خبر صحفي يؤكد أن البحرية البريطانية سمحت أخيرا للنساء بالعمل في الغواصات الحربية.. وإلى هذا الحد الخبر عادي جدا (فنساؤنا أيضا بدأن العمل ببيع الملابس الداخلية) ولكن الغريب هو السبب الذي منع البريطانيات سابقا من العمل داخلها.. فالغواصات بيئة مغلقة تعاني من سوء التهوية وتراكم ثاني أكسيد الكربون داخلها .. وثاني أكسيد الكربون بطبيعته يتسبب في تشتيت الذهن وإرباك التفكير (ولفهم قصدي جرب التنفس في كيس بلاستيكي لخمس دقائق فقط).. ورغم أنه يؤثر في الجنسين إلا أن تأثيره على النساء أقوى بسبب الصغر النسبي للرئتين وضعف الحجاب الحاجز لديهن مقارنة بالرجل.. ولهذا السبب منعت القوات البحرية النساء – في الماضي – من العمل داخل الغواصات، وسمحت لهن بذلك مؤخرا بفضل تمتع الغواصات الحديثة بتهوية أفضل!!
والله العظيم تذكرت المرأة السعودية غصباً عني..
فكأنه لا يكفيها كثرة الأبواب في المنزل، حتى تتنفس ثاني أكسيد الكربون تحت النقاب (ولفهم قصدي جرب التنفس تحت نقاب زوجتك لخمس دقائق فقط)!!
فهد عامر الأحمدي